المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فيما قيل من الأشعار في الخندق وبني قريظة] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٦

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[مَوْقِفُ الْأَحْزَابِ بَعْدَ فَرَاغِ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْخَنْدَقِ]

- ‌[دُعَائُهُ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي قُرَيْظَةَ]

- ‌[وَفَاةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ]

- ‌[فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي رَافِعٍ]

- ‌[مَقْتَلُ خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ ابْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[تَزْوِيجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ حَبِيبَةَ]

- ‌[تَزْوِيجُهُ عليه السلام بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ]

- ‌[قِصَّةُ زَيْنَبَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[نُزُولُ آيَةِ الْحِجَابِ]

- ‌[سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ ذِي قَرَدَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ]

- ‌[الْإِقْرَاعُ بَيْنَ نِسَاءِ الرَّسُولِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ]

- ‌[قِصَّةُ الْإِفْكِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[عُمْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[سِيَاقُ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[السَّرَايَا وَالْبُعُوثُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فَى السَّنَةِ السَّادِسَةِ]

- ‌[سَنَةُ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ خَيْبَرَ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[فَتْحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُصُونَ خَيْبَرَ]

- ‌[قِصَّةُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ]

- ‌[حِصَارُ رَسُولِ اللَّهِ أَهْلَ خَيْبَرَ]

- ‌[فَتْحُ حُصُونِ خَيْبَرَ]

- ‌[مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ]

- ‌[ذِكْرُ قُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]

- ‌[قِصَّةُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ]

- ‌[قِصَّةُ مِدْعَمٍ وَنَوْمِ بِلَالٍ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ]

- ‌[مَنِ اسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[خَبَرُ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ الْبَهْزِيِّ]

- ‌[مُرُورُهُ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْقُرَى وَمُحَاصَرَتُهُ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ]

- ‌[مُعَامَلَةُ النَّبِيِّ يَهُودَ خَيْبَرَ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ]

- ‌[سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تُرْبَةٍ مِنْ أَرْضِ هَوَازِنَ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ]

- ‌[السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ عَامِرَ بْنَ الْأَضْبَطِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ]

- ‌[عُمْرَةُ الْقَضَاءِ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[قِصَّةُ تَزْوِيجِهِ عليه الصلاة والسلام بِمَيْمُونَةَ]

- ‌[خُرُوجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ]

- ‌[سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[رَدُّ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ]

- ‌[رَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ]

- ‌[سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[إِسْلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ]

- ‌[طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ]

- ‌[سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ]

- ‌[سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ مُؤْتَةَ]

- ‌[وَقْتُهَا]

- ‌[إِخْبَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاسْتِشْهَادِ جَعْفَرٍ وَصَاحِبَيْهِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ رَسُولِ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ]

- ‌[فَضْلُ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم]

- ‌[مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ]

- ‌[فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ]

- ‌[كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ]

- ‌[وَقْتُ إِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ]

- ‌[إِرْسَالُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَلِكِ الْعَرَبِ مِنَ النَّصَارَى بِالشَّامِ]

- ‌[بَعْثُهُ إِلَى كِسْرَى مِلْكِ الْفُرْسِ]

- ‌[بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُقَوْقِسِ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ]

- ‌[سَرِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ]

- ‌[دُخُولُ النَّبِيِّ مَكَّةَ]

- ‌[قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ]

- ‌[مِيقَاتُ خُرُوجِ النَّبِيِّ]

- ‌[إِسْلَامُ الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌[نُزُولُ النَّبِيِّ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ]

- ‌[صِفَةُ دُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ]

- ‌[مَا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ يَوْمَ الْفَتْحِ]

- ‌[بَعْثَةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ]

- ‌[بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى]

- ‌[مُدَّةُ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ]

- ‌[فِيمَا حَكَمَ بِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ]

- ‌[مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ]

الفصل: ‌[فيما قيل من الأشعار في الخندق وبني قريظة]

[فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ]

فَصْلٌ (فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ)

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: «اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ» .

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: «اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ» وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ، أَخُو بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ - قُلْتُ: وَذَلِكَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ -:

وَمُشْفِقَةٍ تَظُنُّ بِنَا الظُّنُونَا

وَقَدْ قُدْنَا عَرَنْدَسَةً طَحُونًا

ص: 111

كَأَنَّ زُهَاءَهَا أُحُدٌ إِذَا مَا بَدَتْ أَرْكَانُهُ لِلنَّاظِرِينَا

تَرَى الْأَبْدَانَ فِيهَا مُسْبِغَاتٍ

عَلَى الْأَبْطَالِ وَالْيَلَبِ الْحَصِينَا

وَجُرْدًا كَالْقِدَاحِ مُسَوَّمَاتٍ

نَؤُمُّ بِهَا الْغُوَاةَ الْخَاطِئِينَا

كَأَنَّهُمُ إِذَا صَالُوا وَصُلْنَا

بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ مُصَافِحُونَا

أُنَاسٌ لَا نَرَى فِيهِمْ رَشِيدًا

وَقَدْ قَالُوا أَلَسْنَا رَاشِدِينَا

فَأَحْجَرْنَاهُمُ شَهْرًا كَرِيتًا

وَكُنَّا فَوْقَهُمْ كَالْقَاهِرِينَا

نُرَاوِحُهُمْ وَنَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ

عَلَيْهِمْ فِي السِّلَاحِ مُدَجَّجِينَا

بِأَيْدِينَا صَوَارِمُ مُرْهَفَاتٌ

نَقُدُّ بِهَا الْمَفَارِقَ وَالشُّئُونَا

كَأَنَّ وَمِيضَهُنَّ مُعَرَّيَاتٍ

إِذَا لَاحَتْ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا

وَمِيضُ عَقِيقَةٍ لَمَعَتْ بِلَيْلٍ

تَرَى فِيهَا الْعَقَائِقَ مُسْتَبِينَا

ص: 112

فَلَوْلَا خَنْدَقٌ كَانُوا لَدَيْهِ

لَدَمَّرْنَا عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَا

وَلَكِنْ حَالَ دُونَهُمُ وَكَانُوا

بِهِ مِنْ خَوْفِنَا مُتَعَوِّذِينَا

فَإِنْ نَرْحَلْ فَإِنَّا قَدْ تَرَكْنَا

لَدَى أَبْيَاتِكُمْ سَعْدًا رَهِينَا

إِذَا جَنَّ الظَّلَامُ سَمِعْتَ نَوْحَى

عَلَى سَعْدٍ يُرَجِّعْنَ الْحَنِينَا

وَسَوْفَ نَزُورُكُمْ عَمَّا قَرِيبٍ

كَمَا زُرْنَاكُمُ مُتَوَازِرِينَا

بِجَمْعٍ مِنْ كِنَانَةَ غَيْرِ عُزْلٍ

كَأُسْدِ الْغَابِ إِذْ حَمَتِ الْعَرِينَا

قَالَ: فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، رضي الله عنه، فَقَالَ:

وَسَائِلَةٍ تُسَائِلُ مَا لَقِيَنَا

وَلَوْ شَهِدَتْ رَأَتْنَا صَابِرِينَا

صَبَرْنَا لَا نَرَى لِلَّهِ عِدْلًا

عَلَى مَا نَابَنَا مُتَوَكِّلِينَا

وَكَانَ لَنَا النَّبِيُّ وَزِيرَ صِدْقٍ

بِهِ نَعْلُو الْبَرِيَّةَ أَجْمَعِينَا

نُقَاتِلُ مَعْشَرًا ظَلَمُوا وَعَقُّوا

وَكَانُوا بِالْعَدَاوَةِ مُرْصِدِينَا

ص: 113

نُعَالِجُهُمْ إِذَا نَهَضُوا إِلَيْنَا

بِضَرْبٍ يُعْجِلُ الْمُتَسَرِّعِينَا

تَرَانَا فِي فَضَافِضَ سَابِغَاتٍ

كَغُدْرَانِ الْمَلَا مُتَسَرْبِلِينَا

وَفِي أَيْمَانِنَا بِيضٌ خِفَافٌ

بِهَا نَشْفِي مِرَاحَ الشَّاغِبِينَا

بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ كَأَنَّ أُسْدًا

شَوَابِكُهُنَّ يَحْمِينَ الْعَرِينَا

فَوَارِسُنَا إِذَا بَكَرُوا وَرَاحُوا

عَلَى الْأَعْدَاءِ شُوسًا مُعْلِمِينَا

لِنَنْصُرَ أَحَمَدًا وَاللَّهَ حَتَّى

نَكُونَ عِبَادَ صِدْقٍ مُخْلِصِينَا

وَيَعْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ حِينَ سَارُوا

وَأَحْزَابٌ أَتَوْا مُتَحَزِّبِينَا

بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ

وَأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَا

فَإِمَّا تَقْتُلُوا سَعْدًا سَفَاهًا

فَإِنَّ اللَّهَ خَيْرُ الْقَادِرِينَا

سَيُدْخِلُهُ جِنَانًا طَيِّبَاتٍ

تَكُونُ مُقَامَةً لِلصَّالِحِينَا

كَمَا قَدْ رَدَّكُمْ فَلًّا شَرِيدًا

بِغَيْظِكُمُ خَزَايَا خَائِبِينَا

خَزَايَا لَمْ تَنَالُوا ثَمَّ خَيْرًا

وَكِدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا دَامِرِينَا

ص: 114

بِرِيحٍ عَاصِفٍ هَبَّتْ عَلَيْكُمْ

فَكُنْتُمْ تَحْتَهَا مُتَكَمِّهِينَا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ قُلْتُ - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ -:

حَيِّ الدِّيَارَ مَحَا مَعَارِفَ رَسْمِهَا

طُولُ الْبِلَى وَتَرَاوُحُ الْأَحْقَابِ

فَكَأَنَّمَا كَتَبَ الْيَهُودُ رُسُومَهَا

إِلَّا الْكَنِيفَ وَمَعْقِدَ الْأَطْنَابِ

قَفْرًا كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَلْهُو بِهَا

فِي نِعْمَةٍ بِأَوَانِسٍ أَتْرَابِ

فَاتْرُكْ تَذَكُّرَ مَا مَضَى مِنْ عِيشَةٍ

وَمَحَلَّةٍ خَلَقِ الْمُقَامِ يَبَابِ

وَاذْكُرْ بَلَاءَ مَعَاشِرٍ وَاشْكُرْهُمُ

سَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ مَنِ الْأَنْصَابِ

أَنْصَابِ مَكَّةَ عَامِدِينَ لِيَثْرِبَ

فِي ذِي غَيَاطِلَ جَحْفَلٍ جَبْجَابِ

يَدَعُ الْحُزُونَ مَنَاهِجًا مَعْلُومَةً

فِي كُلِّ نَشْزٍ ظَاهِرٍ وَشِعَابِ

فِيهَا الْجِيَادُ شَوَازِبٌ مَجْنُوبَةٌ

قُبُّ الْبُطُونِ لَوَاحِقُ الْأَقْرَابِ

ص: 115

مِنْ كُلِّ سَلْهَبَةٍ وَأَجْرَدَ سَلْهَبٍ

كَالسِّيدِ بَادَرَ غَفْلَةَ الرُّقَّابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ قَاصِدٌ بِلِوَائِهِ

فِيهِ وَصَخْرٌ قَائِدُ الْأَحْزَابِ

قَرْمَانِ كَالْبَدْرَيْنِ أَصْبَحَ فِيهِمَا

غَيْثُ الْفَقِيرِ وَمَعْقِلُ الْهُرَّابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَدَوْا

لِلْمَوْتِ كُلَّ مُجَرَّبٍ قَضَّابِ

شَهْرًا وَعَشْرًا قَاهِرِينَ مُحَمَّدًا

وَصِحَابَهُ فِي الْحَرْبِ خَيْرُ صِحَابِ

نَادَوْا بِرِحْلَتِهِمْ صَبِيحَةَ قُلْتُمُ

كِدْنَا نَكُونُ بِهَا مَعَ الْخُيَّابِ

لَوْلَا الْخَنَادِقُ غَادَرُوا مِنْ جَمْعِهِمْ

قَتْلَى لِطَيْرٍ سُغَّبٍ وَذِئَابِ

قَالَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، رضي الله عنه، فَقَالَ:

هَلْ رَسْمُ دَارِسَةِ الْمُقَامِ يَبَابِ

مُتَكَلِّمٌ لِمُحَاوِرٍ بِجَوَابِ

قَفْرٌ عَفَا رِهَمُ السَّحَابِ رُسُومَهُ

وَهُبُوبُ كُلِّ مُطِلَّةٍ مِرْبَابِ

وَلَقَدْ رَأَيْتُ بِهَا الْحُلُولَ يُزِينُهُمْ

بِيضُ الْوُجُوهِ ثَوَاقِبُ الْأَحْسَابِ

فَدَعِي الدِّيَارَ وَذِكْرَ كُلِّ خَرِيدَةٍ

بَيْضَاءَ آنِسَةِ الْحَدِيثِ كَعَابِ

ص: 116

وَاشْكُ الْهُمُومَ إِلَى الْإِلَهِ وَمَا تَرَى

مِنْ مَعْشَرٍ ظَلَمُوا الرَّسُولَ غِضَابِ

سَارُوا بِجَمْعِهِمُ إِلَيْهِ وَأَلَّبُوا

أَهْلَ الْقُرَى وَبِوَادِيَ الْأَعْرَابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ وَابْنُ حَرْبٍ فِيهِمُ

مُتَخَمِّطُونَ بِحَلْبَةِ الْأَحْزَابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَجَوْا

قَتْلَ الرَّسُولِ وَمَغْنَمَ الْأَسْلَابِ

وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بِأَيْدِهِمْ

رُدُّوا بِغَيْظِهِمُ عَلَى الْأَعْقَابِ

بِهُبُوبِ مُعْصِفَةٍ تُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ

وَجُنُودِ رَبِّكَ سَيِّدِ الْأَرْبَابِ

فَكَفَى الْإِلَهُ الْمُؤْمِنِينَ قِتَالَهُمْ

وَأَثَابَهُمْ فِي الْأَجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ

مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا فَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ

تَنْزِيلُ نَصْرِ مَلِيكِنَا الْوَهَّابِ

وَأَقَرَّ عَيْنَ مُحَمَّدٍ وَصِحَابِهِ

وَأَذَلَّ كُلَّ مُكَذِّبٍ مُرْتَابِ

عَاتِي الْفُؤَادِ مُوَقَّعٍ ذِي رِيبَةٍ

فِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِطَاهِرِ الْأَثْوَابِ

عَلِقَ الشَّقَاءُ بِقَلْبِهِ فَفُؤَادُهُ

فِي الْكُفْرِ آخِرَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ

قَالَ: وَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه، أَيْضًا فَقَالَ:

أَبْقَى لَنَا حَدَثُ الْحُرُوبِ بَقِيَّةً

مِنْ خَيْرِ نِحْلَةِ رَبِّنَا الْوَهَّابِ

ص: 117

.. بَيْضَاءَ مُشْرِفَةِ الذُّرَى وَمَعَاطِنًا

حُمَّ الْجُذُوعِ غَزِيرَةَ الْأَحْلَابِ

كَاللُّوبِ يُبْذَلُ جَمُّهَا وَحَفِيلُهَا

لِلْجَارِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْمُنْتَابِ

وَنَزَائِعًا مِثْلَ السِّرَاحِ نَمَى بِهَا

عَلَفُ الشَّعِيرِ وَجَزَّةُ الْمِقْضَابِ

عَرِيَ الشَّوَى مِنْهَا وَأَرْدَفَ نَحْضَهَا

جُرْدَ الْمُتُونِ وَسَائِرِ الْآرَابِ

قَوْدًا تَرَاحُ إِلَى الصِّيَاحِ إِذَا غَدَتْ

فِعْلَ الضِّرَاءِ تَرَاحُ لِلْكَلَّابِ

وَتَحُوطُ سَائِمَةَ الدِّيَارِ وَتَارَةً

تُرْدِي الْعِدَا وَتَئُوبُ بِالْأَسْلَابِ

حُوشَ الْوُحُوشِ مُطَارَةً عِنْدَ الْوَغَى

عُبْسَ اللِّقَاءِ مُبِينَةَ الْإِنْجَابِ

عُلِفَتْ عَلَى دَعَةٍ فَصَارَتْ بُدَّنًا

دُخْسَ الْبَضِيعِ خَفِيفَةَ الْأَقْصَابِ

ص: 118

.. يَغْدُونَ بِالزَّغْفِ الْمُضَاعَفِ شَكُّهُ

وَبِمُتْرَصَاتٍ فِي الثِّقَافِ صِيَابِ

وَصَوَارِمٍ نَزَعَ الصَّيَاقِلُ عَلْبَهَا

وَبِكُلِّ أَرْوَعَ مَاجِدِ الْأَنْسَابِ

يَصِلُ الْيَمِينَ بِمَارِنٍ مُتَقَارِبٍ

وُكِلَتْ وَقِيعَتُهُ إِلَى خَبَّابِ

وَأَغَرَّ أَزْرَقَ فِي الْقَنَاةِ كَأَنَّهُ

فِي طُخْيَةِ الظَّلْمَاءِ ضَوْءُ شِهَابِ

وَكَتِيبَةٍ يَنْفِي الْقِرَانَ قَتِيرُهَا

وَتَرُدُّ حَدَّ قَوَاحِزِ النُّشَّابِ

جَأْوَى مُلَمْلِمَةٍ كَأَنَّ رِمَاحَهَا

فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ ضَرِيمَةُ غَابِ

تَأْوِي إِلَى ظِلِّ اللِّوَاءِ كَأَنَّهُ

فِي صَعْدَةِ الْخَطِّيِّ فَيْءُ عُقَابِ

أَعْيَتْ أَبَا كَرْبٍ وَأَعْيَتْ تُبَّعًا

وَأَبَتْ بَسَالَتُهَا عَلَى الْأَعْرَابِ

ص: 119

.. وَمَوَاعِظٌ مِنْ رَبِّنَا نُهْدَى بِهَا

بِلِسَانِ أَزْهَرَ طَيِّبِ الْأَثْوَابِ

عُرِضَتْ عَلَيْنَا فَاشْتَهَيْنَا ذِكْرَهَا

مِنْ بَعْدِ مَا عُرِضَتْ عَلَى الْأَحْزَابِ

حِكَمًا يَرَاهَا الْمُجْرِمُونَ بِزَعْمِهِمْ

حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ

جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا

. فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ:«لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا» .

قُلْتُ: وَمُرَادُهُ بِسَخِينَةَ قُرَيْشٌ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمُ الطَّعَامَ السُّخْنَ، الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ لِغَيْرِهِمْ غَالِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:

مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُمَعْمِعُ بَعْضُهُ

بَعْضًا كَمَعْمَعَةِ الْأَبَاءِ الْمُحْرَقِ

فَلْيَأْتِ مَأْسَدَةً تَسُنُّ سُيُوفَهَا

بَيْنَ الْمَذَادِ وَبَيْنَ جِزْعِ الْخَنْدَقِ

ص: 120

دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا

مُهَجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لِرَبِّ الْمَشْرِقِ

فِي عُصْبَةٍ نَصَرَ الْإِلَهُ نَبِيَّهُ

بِهَمُ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفَقِ

فِي كُلِّ سَابِغَةٍ يَحُطُّ فُضُولُهَا

كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ

بَيْضَاءَ مُحْكَمَةً كَأَنَّ قَتِيرَهَا

حَدَقُ الْجَنَادِبِ ذَاتَ شَكٍّ مُوثَقِ

جَدْلَاءَ يَحْفِزُهَا نِجَادُ مُهَنَّدٍ

صَافِي الْحَدِيدَةِ صَارِمٍ ذِي رَوْنَقِ

تِلْكُمْ مَعَ التَّقْوَى تَكُونُ لِبَاسَنَا

يَوْمَ الْهِيَاجِ وَكُلَّ سَاعَةِ مَصْدَقِ

نَصِلُ السُّيُوفَ إِذَا قَصَرْنَ بِخَطْوِنَا

قُدُمًا وَنُلْحِقُهَا إِذَا لَمْ تَلْحَقِ

فَتَرَى الْجَمَاجِمَ ضَاحِيًا هَامَاتُهَا

بَلْهَ الْأَكُفَّ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَقِ

نَلْقَى الْعَدُوَّ بِفَخْمَةٍ مَلْمُومَةٍ

تَنْفِي الْجُمُوعَ كَقَصْدِ رَأَسِ الْمُشْرِقِ

ص: 121

.. وَنُعِدُّ لِلْأَعْدَاءِ كُلَّ مُقَلَّصٍ

وَرْدٍ وَمَحْجُولِ الْقَوَائِمِ أَبْلَقِ

تَرْدِي بِفُرْسَانٍ كَأَنَّ كُمَاتَهُمْ

عِنْدَ الْهِيَاجِ أُسُودُ طَلٍّ مُلْثِقِ

صُدُقٍ يُعَاطُونَ الْكُمَاةَ حُتُوفَهُمْ

تَحْتَ الْعَمَايَةِ بِالْوَشِيجِ الْمُزْهِقِ

أَمَرَ الْإِلَهُ بِرَبْطِهَا لِعَدُوِّهِ

فِي الْحَرْبِ إِنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوَفِّقِ

لِتَكُونَ غَيْظًا لِلْعَدُوِّ وَحُيَّطًا

لِلدَّارِ إِنْ دَلَفَتْ خُيُولُ النُّزَّقِ

وَيُعِينُنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ بِقُوَّةٍ

مِنْهُ وَصِدْقِ الصَّبْرِ سَاعَةَ نَلْتَقِي

وَنُطِيعُ أَمْرَ نَبِيِّنَا وَنُجِيبُهُ

وَإِذَا دَعَا لِكَرِيهَةٍ لَمْ نُسْبَقِ

وَمَتَى يُنَادِ إِلَى الشَّدَائِدِ نَأْتِهَا

وَمَتَى نَرَى الْحَوْمَاتِ فِيهَا نُعْنِقِ

مَنْ يَتَّبِعْ قَوْلَ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ

فَينَا مُطَاعُ الْأَمْرِ حَقُّ مُصَدَّقِ

فَبِذَاكَ يَنْصُرُنَا وَيُظْهِرُ عِزَّنَا

وَيُصِيبُنَا مِنْ نَيْلِ ذَاكَ بِمِرْفَقِ.

إِنَّ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا

كَفَرُوا وَضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ الْمُتَّقِي

ص: 122

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:

لَقَدْ عَلِمَ الْأَحْزَابُ حِينَ تَأَلَّبُوا

عَلَيْنَا وَرَامُوا دِينَنَا مَا نُوَادِعُ

أَضَامِيمُ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ أَصْفَقَتْ

وَخِنْدِفَ لَمْ يَدْرُوا بِمَا هُوَ وَاقِعُ

يَذُودُونَنَا عَنْ دِينِنَا وَنَذُودُهُمْ

عَنِ الْكُفْرِ وَالرَّحْمَنُ رَاءٍ وَسَامِعُ

إِذَا غَايَظُونَا فِي مَقَامٍ أَعَانَنَا

عَلَى غَيْظِهِمْ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَاسِعُ

وَذَلِكَ حِفْظُ اللَّهِ فِينَا وَفَضْلُهُ

عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهُ ضَائِعُ

هَدَانَا لِدِينِ الْحَقِّ وَاخْتَارَهُ لَنَا

وَلِلَّهِ فَوْقَ الصَّانِعِينَ صَنَائِعُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. يَعْنِي طَوِيلَةً.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي مَقْتَلِ بَنِي قُرَيْظَةَ:

لَقَدْ لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ مَا سَآهَا

وَمَا وَجَدَتْ لِذُلٍّ مِنْ نَصِيرِ

أَصَابَهُمُ بَلَاءٌ كَانَ فِيهِ

سِوَى مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النَّضِيرِ

ص: 123

غَدَاةَ أَتَاهُمُ يَهْوِي إِلَيْهِمْ

رَسُولُ اللَّهِ كَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ

لَهُ خَيْلٌ مُجَنَّبَةٌ تَعَادَى

بِفُرْسَانٍ عَلَيْهَا كَالصُّقُورِ

تَرَكْنَاهُمْ وَمَا ظَفِرُوا بِشَيْءٍ

دِمَاؤُهُمُ عَلَيْهَا كَالْعَبِيرِ

فَهُمْ صَرْعَى تَحُومُ الطَّيْرُ فِيهِمُ

كَذَاكَ يُدَانُ ذُو الْعِنْدِ الْفَجُورِ

فَأَنْذِرْ مِثْلَهَا نُصْحًا قُرَيْشًا

مِنَ الرَّحْمَنِ إِنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي

قَالَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ:

تَفَاقَدَ مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا

وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ

هُمُ أُوتُوا الْكِتَابَ فَضَيَّعُوهُ

وَهُمْ عُمْيٌ مِنَ التَّوْرَاةِ بُورُ

كَفَرْتُمْ بِالْقُرَانِ وَقَدْ أُتِيتُمْ

بِتَصْدِيقِ الَّذِي قَالَ النَّذِيرُ

فَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ

حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ:

أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ

وَحَرَّقَ فِي طَوَائِفِهَا السَّعِيرُ

سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ

وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ

ص: 124

فَلَوْ كَانَ النَّخِيلُ بِهَا رِكَابًا

لَقَالُوا لَا مُقَامَ لَكُمْ فَسِيرُوا

قُلْتُ: وَهَذَا قَالَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " بَعْضُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ جَوَابَ حَسَّانَ فِي ذَلِكَ لِجَبَلِ بْنِ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيِّ، تَرَكْنَاهُ قَصْدًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَبْكِي سَعْدًا وَجَمَاعَةً مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ:

أَلَا يَا لَقَوْمِي هَلْ لِمَا حُمَّ دَافِعُ

وَهَلْ مَا مَضَى مِنْ صَالِحِ الْعَيْشِ رَاجِعُ

تَذَكَّرْتُ عَصْرًا قَدْ مَضَى فَتَهَافَتَتْ

بَنَاتُ الْحَشَا وَانْهَلَّ مِنِّي الْمَدَامِعُ

صَبَابَةُ وَجْدٍ ذَكَّرَتْنِيَ إِخْوَةً

وَقَتْلَى مَضَى فِيهَا طُفَيْلٌ وَرَافِعُ

وَسَعْدٌ فَأَضْحَوْا فِي الْجِنَانِ وَأَوْحَشَتْ

مَنَازِلُهُمْ فَالْأَرْضُ مِنْهُمْ بَلَاقِعُ

وَفَوْا يَوْمَ بَدْرٍ لِلرَّسُولِ وَفَوْقَهُمْ

ظِلَالُ الْمَنَايَا وَالسُّيُوفُ اللَّوَامِعُ

دَعَا فَأَجَابُوهُ بِحَقٍّ وَكُلُّهُمْ

مُطِيعٌ لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَسَامِعُ

فَمَا نَكَلُوا حَتَّى تَوَالَوْا جَمَاعَةً

وَلَا يَقْطَعُ الْآجَالَ إِلَّا الْمَصَارِعُ

ص: 125

لِأَنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْهُ شَفَاعَةً

إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا النَّبِيُّونَ شَافِعُ

فَذَلِكَ يَا خَيْرَ الْعِبَادِ بَلَاؤُنَا

إِجَابَتُنَا لِلَّهِ وَالْمَوْتُ نَاقِعُ

لَنَا الْقَدَمُ الْأُولَى إِلَيْكَ وَخَلْفُنَا

لِأَوَّلِنَا فِي مِلَّةِ اللَّهِ تَابِعُ

وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ وَحْدَهُ

وَأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا بُدَّ وَاقِعُ

ص: 126