الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ مِنْ ذَلِكَ مَرَسْتَانُ بِصَفَدَ، وجامع بنابلس وعجلون، وجامع بدمشق، ودار الحديث بِالْقُدْسِ وَدِمَشْقَ، وَمَدْرَسَةٌ وَخَانَقَاهْ بِالْقُدْسِ، وَرِبَاطٌ وَسُوقٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَفَتَحَ شُبَّاكًا فِي المسجد.
انتهى والله تعالى أعلم.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ
أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَاكِمِ بأمر الله بن الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ أبي بكر بن علي ابن أمير المؤمنين المسترشد بالله العباسي، البغدادي الأصل والمولد، مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَرَأَ وَاشْتَغَلَ قَلِيلًا، وَعَهِدَ إِلَيْهِ أَبُوهُ بِالْأَمْرِ وَخُطِبَ لَهُ عِنْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِمِائَةٍ، وَفَوَّضَ جَمِيعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ إِلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ لناصر، وَسَارَ إِلَى غَزْوِ التَّتَرِ فَشَهِدَ مَصَافَّ شَقْحَبَ، وَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ وَهُوَ رَاكِبٌ مَعَ السُّلْطَانِ، وَجَمِيعُ كُبَرَاءِ الْجَيْشِ مُشَاةٌ، وَلَمَّا أَعْرَضَ السُّلْطَانُ عَنِ الْأَمْرِ وَانْعَزَلَ بِالْكَرَكِ؟ الْتَمَسَ الْأُمَرَاءُ مِنَ الْمُسْتَكْفِي أَنْ يُسَلْطِنَ مَنْ يَنْهَضُ بِالْمُلْكِ، فَقَلَّدَ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ رُكْنَ الدِّينِ بِيبَرْسَ الْجَاشْنَكِيرَ وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ وَأَلْبَسُهُ خِلْعَةَ السَّلْطَنَةِ، ثُمَّ عَادَ النَّاصِرُ إِلَى مِصْرَ وعذر الْخَلِيفَةَ فِي فِعْلِهِ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ وَسَيَّرَهُ إلى قوص فتوفي في هذه السنة في قوص فِي مُسْتَهَلِّ شَعْبَانَ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وأربعين وسبعمائة
استهلت يوم الأربعاء وسلطان المسلمين الملك الناصر محمد بن قلاوون بن الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ، وَقُضَاتُهُ بِمِصْرَ هَمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَيْسَ فِي دِمَشْقَ نَائِبُ سَلْطَنَةٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَسُدُّ الْأُمُورَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طَشْتَمُرُ الْمُلَقَّبُ بِالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ، الَّذِي جَاءَ بِالْقَبْضِ عَلَى الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ، ثُمَّ جاء الْمَرْسُومُ بِالرُّجُوعِ إِلَى صَفَدَ فَرَكِبَ مِنْ آخِرِ النهار وتوجه إلى بلده، وحواصل الأمير تَنْكِزَ تَحْتَ الْحَوْطَةِ كَمَا هِيَ.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ السَّبْتِ رَابِعِ الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ خَمْسَةُ أُمَرَاءٍ الْأَمِيرُ سيف الدين بشتك الناصري ومعه برصبغا الحاجب (1) ، وطاشار الدويدار (2) وبنعرا (3)
(1) وهو سيف الدين برسبغا بن عبد الله الحاجب توفي سنة 742 هـ (الدرر الكامنة 1 / 474) .
_________
(2)
وهو سيف الدين طاجار بن عبد الله الناصري الدوادار توفي سنة 742 (النجوم الزاهرة 10 / 75 الدرر 2 / 213) .
_________
(3)
وقيل بيغرا، وهو سي ف الدين بيغرا الناصري وفاته سنة 754 (الدرر 1 / 514) .
وبطا (1) ، فنزل بشتاك بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ وَالْمَيَادِينِ، وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ مَمَالِيكِهِ إلا القليل، وإنما جاء لتجديد البيعة إلى السلطان لَمَّا تَوَهَّمُوا مِنْ مُمَالَأَةِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ لِنَائِبِ الشَّامِ الْمُنْفَصِلِ، وَلِلْحَوْطَةِ عَلَى حَوَاصِلِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ الْمُنْفَصِلِ عَنْ نِيَابَةِ الشَّامِ وَتَجْهِيزِهَا لِلدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَادِسِهِ دَخَلَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أُلْطُنْبُغَا إِلَى دِمَشْقَ نائباً، وتلقاه النَّاسُ وَبَشْتَكُ وَالْأُمَرَاءُ الْمِصْرِيُّونَ، وَنَزَلُوا إِلَى عَتَبَتِهِ فَقَبَّلُوا الْعَتَبَةَ الشَّرِيفَةَ، وَرَجَعُوا مَعَهُ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَهُ مُسِكَ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْمُقَدَّمَيْنِ أَمِيرَانِ كَبِيرَانِ الجي بغا العادلي، وطنبغا الحجي، وَرُفِعَا إِلَى الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ وَاحْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِهِمَا.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ تَحَمَّلُوا بَيْتَ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ وَأَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ إِلَى الدِّيَارِ المصرية.
وفي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسَ عَشَرَهُ رَكِبَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الأمير علاء الدين طنبغا ومعه الأمير سيف الدين بشتك الناصري والحاجة رقطية وَسَيْفُ الدِّينِ قُطْلُوبُغَا الْفَخْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ المقدمين واجتموا بِسُوقِ الْخَيْلِ وَاسْتَدْعَوْا بِمَمْلُوكَيِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تنكز وهما بغاي وَطَغَايُ.
فَأُمِرَ بِتَوْسِيطِهِمَا فَوُسِّطَا وَعُلِّقَا عَلَى الْخَشَبِ ونودي عليهما: هذا جزاء من تجاسر عَلَى السُّلْطَانِ النَّاصِرِ.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ (2) مِنْ هَذَا الشَّهْرِ كَانَتْ وَفَاةُ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ نَائِبِ الشَّامِ بِقَلْعَةِ إِسْكَنْدَرِيَّةَ، قيمخنوقا وَقِيلَ مَسْمُومًا (3) وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ كَثِيرًا، وَطَالَ حُزْنُهُمْ عَلَيْهِ، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ يَتَذَكَّرُونَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْهَيْبَةِ وَالصِّيَانَةِ وَالْغَيْرَةِ عَلَى حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ ومحارم الإسلام، ومن إقامته على ذوي الحاجات وَغَيْرِهِمْ، وَيَشْتَدُّ تَأَسُّفُهُمْ عَلَيْهِ رحمه الله.
وَقَدْ أَخْبَرَ الْقَاضِي أَمِينُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيُّ رحمه الله شَيْخَنَا الْحَافِظَ الْعَلَّامَةَ عِمَادَ الدِّينِ بْنَ كَثِيرٍ رحمه الله أَنَّ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ تَنْكِزَ مُسِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَدَخَلَ مِصْرَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَدَخَلَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَتِهَا فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ بِالْقُرْبِ مِنْ قَبْرِ الْقَبَّارِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ جَيِّدَةٌ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ شَهْرِ صَفَرٍ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طَشْتَمُرُ الَّذِي مَسَكَ تَنْكِزَ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلَ بِوَطْأَةِ بُرْزَةَ بِجَيْشِهِ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى حَلَبَ الْمَحْرُوسَةِ نَائِبًا بِهَا عِوَضًا عَنْ أُلْطُنْبُغَا
الْمُنْفَصِلِ عَنْهَا.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ نُودِيَ فِي البلد بجنازة الشيخ الصالح العابد
(1) بطا أو بكا، وهو سيف الدين بكا بن عبد الله الخضري الناصري كانت وفاته سنة 743 هـ (النجوم الزاهرة 10 / 104 والدرر 1 / 480) .
_________
(2)
انظر حاشية 3 صفحة 218.
_________
(3)
في بدائع الزهور 1 / 1 / 479: بعد سجنه أربعين يوما وهو مقيد، رسم السلطان بخنقه، فأرسل إليه الحاج ابراهيم بن صابر، مقدم الدولة، فخنقه وهو بالسجن.
النَّاسِكِ الْقُدْوَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ تَمَّامٍ تُوُفِّيَ بِالصَّالِحِيَّةِ، فَذَهَبَ النَّاسُ إِلَى جَنَازَتِهِ إِلَى الْجَامِعِ المظفري، واجتمع الناس على صلاة الظُّهْرِ فَضَاقَ الْجَامِعُ الْمَذْكُورُ عَنْ أَنْ يَسَعَهُمْ، وصلّى بالناس فِي الطُّرُقَاتِ وَأَرْجَاءِ الصَّالِحِيَّةِ، وَكَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا جِدًّا لَمْ يَشْهَدِ النَّاسُ جِنَازَةً بَعْدَ جِنَازَةِ الشيخ تقي الدين بن تَيْمِيَةَ مِثْلَهَا، لِكَثْرَةِ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ النَّاسِ رِجَالًا وَنِسَاءً، وَفِيهِمُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ وَالْأُمَرَاءُ وَجُمْهُورُ النَّاسِ يُقَارِبُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَانْتَظَرَ النَّاسُ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ فَاشْتَغَلَ بِكِتَابٍ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الدِّيَارِ المصرية، فصلّى عليه الشَّيْخِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَخِيهِ فِي تُرْبَةٍ بَيْنَ تُرْبَةِ الْمُوَفَّقِ وَبَيْنَ تُرْبَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ رحمهم الله وَإِيَّانَا.
وَفِي أَوَّلِ شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى تُوُفِّيَتِ الشَّيْخَةُ الْعَابِدَةُ الصَّالِحَةُ الْعَالِمَةُ قَارِئَةُ الْقُرْآنِ أُمُّ فَاطِمَةَ عَائِشَةُ بِنْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صِدِّيقٍ زَوْجَةُ شَيْخِنَا الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ عَشِيَّةَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ مُسْتَهَلِّ هَذَا الشَّهْرِ وَصُلِّيَ عَلَيْهَا بِالْجَامِعِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَدُفِنَتْ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ غَرْبِيِّ قبر الشيخ تقي الدين بن تَيْمِيَةَ رحمهم الله.
كَانَتْ عَدِيمَةَ النَّظِيرِ فِي نِسَاءِ زَمَانِهَا لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهَا وَتِلَاوَتِهَا وَإِقْرَائِهَا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ بِفَصَاحَةٍ وَبَلَاغَةٍ وَأَدَاءٍ صَحِيحٍ، يَعْجِزُ كَثِيرٌ مِنَ الرِّجَالِ عَنْ تَجْوِيدِهِ، وَخَتَّمَتْ نِسَاءً كَثِيرًا، وَقَرَأَ عَلَيْهَا مِنَ النِّسَاءِ خَلْقٌ وَانْتَفَعْنَ بِهَا وَبِصَلَاحِهَا وَدِينِهَا وَزُهْدِهَا فِي الدُّنْيَا، وَتُقَلُّلِهَا مِنْهَا، مَعَ طُولِ الْعُمُرِ بَلَغَتْ ثَمَانِينَ سَنَةً أَنْفَقَتْهَا في طاعة الله صَلَاةً وَتِلَاوَةً، وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْسِنًا إِلَيْهَا
مُطِيعًا، لَا يَكَادُ يُخَالِفُهَا لِحُبِّهِ لَهَا طَبْعًا وَشَرْعًا فَرَحِمَهَا اللَّهُ وَقَدَّسَ رُوحَهَا، وَنَوَّرَ مَضْجَعَهَا بِالرَّحْمَةِ آمِينَ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ دَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، فِي التَّدْرِيسِ الْبَكْتَمُرِيِّ عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي بُرْهَانِ الدِّينِ الزُّرَعِيِّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْمَقَادِسَةُ وَكِبَارُ الْحَنَابِلَةِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْحُضُورِ لِكَثْرَةِ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ يومئذ.
وتكامل عمارة المنارة الشرقية في الجامع الْأُمَوِيِّ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاسْتَحْسَنَ النَّاسُ بِنَاءَهَا وَإِتْقَانَهَا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُبْنَ فِي الْإِسْلَامِ مَنَارَةٌ مِثْلَهَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَوَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي غَالِبِ ظُنُونِهِمْ أَنَّهَا الْمَنَارَةُ الْبَيْضَاءُ الشَّرقية الَّتِي ذُكِرَتْ فِي حَدِيثِ النَّواس بْنِ سَمْعَانَ فِي نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ فِي شَرْقِيِّ دِمَشْقَ، فَلَعَلَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ انْقَلَبَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَهَذِهِ الْمَنَارَةُ مَشْهُورَةٌ بِالشَّرْقِيَّةِ لِمُقَابَلَتِهَا أُخْتَهَا الْغَرْبِيَّةَ، وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَلْخَ شَهْرِ شَوَّالٍ عُقِدَ مَجْلِسٌ فِي دَارِ الْعَدْلِ بِدَارِ السَّعَادَةِ وَحَضَرْتُهُ يَوْمَئِذٍ وَاجْتَمَعَ الْقُضَاةُ والأعيان على العادة وأحضر يومئذ عثمان الدكاكي قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَادُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَظَائِمَ مِنَ الْقَوْلِ لَمْ يُؤْثَرْ مِثْلُهَا عَنِ الْحَلَّاجِ وَلَا عن ابن أبي الغدافر السلقماني، وقامت عليه البينة دعوى؟ الْإِلَهِيَّةِ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَأَشْيَاءَ أُخَرَ مِنَ التَّنْقِيصِ بالأنبياء ومخالطته أرباب الريب من الباجريقية