الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ بِذَلِكَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْقَنَادِيلِ قِنْدِيلَانِ مِنْ ذَهَبٍ زِنَتُهُمَا أَلْفُ دِينَارٍ، فَبَاعَ ذَلِكَ وَشَرَعَ فِي بِنَائِهَا وَوَلِيَ سِرَاجُ الدِّينِ عُمَرُ قَضَاءَهَا مَعَ الْخَطَابَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الرَّوَافِضِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَانِي عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ وصل البريد من مصر بتولية القضاء لشمس الدين محمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ الْأَذْرَعِيِّ الْحَنَفِيِّ قَضَاءَ الحنفية عوضاً عن شمس الدين بن الحسيني معزولاً وبتولية الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الفزاري خطابة دمشق عوضاً عن عمه الشيخ شرف الدين توفي إلى رحمة الله، فخلع عليهما بذلك وباشرا في يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عَشَرَ الشَّهْرِ وَخَطَبَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ خُطْبَةً حَسَنَةً حَضَرَهَا النَّاسُ وَالْأَعْيَانُ، ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنِ الخطابة وآثر بقاءه على تدريس البدرائية حين بلغه أنها طلبت لتأخذ منه، فبقي منصب
الخطابة شاغرا بقاءه على تدريس الْبَادَرَائِيَّةِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهَا طُلِبَتْ لِتُؤْخَذَ مِنْهُ، فَبَقِيَ مَنْصِبُ الْخَطَابَةِ شَاغِرًا وَنَائِبُ الْخَطِيبِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيَخْطُبُ، وَدَخَلَ عِيدُ الْأَضْحَى وَلَيْسَ لِلنَّاسِ خطيب، وقد كاتب نائب السلطنة في ذلك فَجَاءَ الْمَرْسُومُ بِإِلْزَامِهِ بِذَلِكَ، وَفِيهِ: لِعِلْمِنَا بِأَهْلِيَّتِهِ وَكِفَايَتِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ تَدْرِيسِ البادرائية، فباشرها القيسي جمال الدين بن الرحبي، سَعَى فِي الْبَادَرَائِيَّةِ فَأَخَذَهَا وَبَاشَرَهَا فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْآتِيَةِ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، فَعَزَلَ الْفَزَارِيُّ نفسه عن الْخَطَابَةِ وَلَزِمَ بَيْتَهُ، فَرَاسَلَهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِذَلِكَ، فَصَمَّمَ عَلَى الْعَزْلِ وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا أبداً، وذكر أنه عجز عنها، فلما تحقق نائب السلطنة ذلك أَعَادَ إِلَيْهِ مَدْرَسَتَهُ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا تَوْقِيعًا بالعشر الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَخَلَعَ عَلَى شَمْسِ الدين الخطيري بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ.
وَحَجَّ بالناس الأمير شرف الدين حسن بن حيدر.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِيسَى بن الشَّيخ سيف الدين الرحبي ابن سابق بن الشيخ يونس القيسي ودفن بزاويتهم التي بالشرق الشَّمَالِيِّ بِدِمَشْقَ غَرْبِيَّ الْوِرَاقَةِ وَالْعِزِّيَّةِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سابع المحرم.
الملك الأوحد ابن الملك تقي الدين شادي بْنُ الْمَلِكِ الزَّاهِرِ مُجِيرِ الدِّينِ دَاوُدَ بْنِ الْمَلِكُ الْمُجَاهِدُ أَسَدُ الدِّينِ شِيرْكُوهْ بْنُ نَاصِرِ الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي، تُوُفِّيَ بِجَبَلِ الْجُرْدِ فِي آخِرِ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي صَفَرٍ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً فَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِمْ بِالسَّفْحِ، وَكَانَ مِنْ خيار الملوك والدولة مُعَظَّمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِعُلُومٍ، وَلَدَيْهِ فَضَائِلُ.
الصَّدْرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مَعَالِي الْأَنْصَارِيُّ الْحَرَّانِيُّ الْحَاسِبُ، يعرف بابن الزريز، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا فِي
صِنَاعَةِ الْحِسَابِ انْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، تُوُفِّيَ في آخر هَذِهِ السَّنَةِ فَجْأَةً وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ، وَقَدْ أَخَذْتُ
الْحِسَابَ عَنِ الْحَاضِرِيِّ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ الطُّيُورِيِّ عَنْهُ.
الْخَطِيبُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سِبَاعِ بْنِ ضِيَاءٍ الْفَزَارِيُّ، الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَخُو الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ تَاجِ الدِّين عَبْدِ الرَّحمن، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَانْتَفَعَ عَلَى الْمَشَايِخِ فِي ذلك العصر كابن الصلاح وابن السخاوي وَغَيْرِهِمَا، وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَبَرَعَ وَسَادَ أَقْرَانَهُ، وَكَانَ أُسْتَاذًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَالْقِرَاءَاتِ وَإِيرَادِ الأحاديث النبوية، والتردد إِلَى الْمَشَايِخِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فَصِيحَ الْعِبَارَةِ حُلْوَ الْمُحَاضِرَةِ، لَا تُمَلُّ مُجَالَسَتُهُ، وَقَدْ دَرَّسَ بالطبية، وَبِالرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ تحوَّل عَنْهُ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ جِرَاحٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ دِمَشْقَ بَعْدَ الْفَارِقِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ عَشِيَّةَ التَّاسِعِ مِنْ شَوَّالٍ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ عَلَى بَابِ الْخَطَابَةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ وَأَخِيهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ رحمهم الله، وَوَلِيَ الْخَطَابَةَ ابْنُ أَخِيهِ.
شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الدِّمْيَاطِيُّ وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خلف ابن أَبِي الْحَسَنِ بْنِ شَرَفِ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ مُوسَى الدِّمْيَاطِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ هَذَا الْفَنِّ - أَعْنِي صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ وَعِلْمَ اللُّغَةِ - فِي زَمَانِهِ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ وَالْقَدْرِ، وَعُلُوِّ الْإِسْنَادِ وَكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وجودة الدراية، وحسن التآليف وانتشار التصانيف، وتردد الطلبة إليه من سائر الآفاق، ومولده فِي آخِرِ سِنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ عَلَى الْمَشَايِخِ وَرَحَلَ وَطَافَ وَحَصَّلَ وَجَمَعَ فَأَوْعَى، وَلَكِنْ مَا مَنَعَ وَلَا بخل، بل بذل وصنّف وَنَشَرَ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْمَنَاصِبَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرًا، وَجَمَعَ مُعْجَمًا لِمَشَايِخِهِ الَّذِينَ لقيهم بالشام والحجاز وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَدِيَارِ مِصْرَ يَزِيدُونَ عَلَى أَلْفٍ وثلثمائة شَيْخٍ، وَهُوَ مُجَلَّدَانِ، وَلَهُ؟ الْأَرْبَعُونَ الْمُتَبَايِنَةُ الْإِسْنَادِ وغيرها وله كتاب في الصلاة والوسطى مُفِيدٌ جِدًّا، وَمُصَنَّفٌ فِي صِيَامِ سِتَّةِ؟ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ أَفَادَ فِيهِ وَأَجَادَ، وَجَمَعَ مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، وَلَهُ كِتَابُ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ عقيب
الصلوات، وكتاب التسلي في الاغتباط بثواب من يقدم مِنَ الْأَفْرَاطِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ الْحِسَانِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ أَدْرَكَتْهُ وَفَاتُهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ غُشِيَ عَلَيْهِ فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَمَاتَ مِنْ ساعته يوم الأحد عاشر ذِي الْقَعْدَةِ بِالْقَاهِرَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِمَقَابِرِ بَابِ النَّصْرِ وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.