الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ عَامَ قَازَانَ فَمَاتَ بِهَا، وَكَانَ قَدْ أَقَامَ بِهَا مُدَّةً كَذَلِكَ، وَدَرَّسَ بالقليجية وَالدَّوْلَعِيَّةِ، وَنَابَ فِي الْخَطَابَةِ وَدَرَّسَ بِالْغَزَّالِيَّةِ نِيَابَةً عَنِ الشَّمْسِ الْأَيْكِيِّ، وَكَانَ قَلِيلَ الْكَلَامِ مَجْمُوعًا عَنِ النَّاسِ، وَهُوَ وَالِدُ الشَّمْسِ مُحَمَّدٍ الْمَنْسُوبِ إِلَى الزَّنْدَقَةِ وَالِانْحِلَالِ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ يُنْسَبُونَ إِلَى مَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، وَيَعْكُفُونَ عَلَى مَا كَانَ يَعْكُفُ عَلَيْهِ، وَقَدْ حَدَّثَ جَمَالُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ بجامع الأصول عن بعض أصحاب مصنفات ابْنِ الْأَثِيرِ، وَلَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ حَسَنٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِمِائَةٍ مِنَ الهجرة النَّبوِّية
اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ وَنُوَّابُ الْبِلَادِ وَالْحُكَّامِ بِهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، غَيْرَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ، وَلَمَّا كَانَ ثَالِثُ الْمُحَرَّمِ جَلَسَ الْمُسْتَخْرِجُ لاستخلاص أجرة أربعة أشهر عن جَمِيعِ أَمْلَاكِ النَّاسِ وَأَوْقَافِهِمْ بِدِمَشْقَ، فَهَرَبَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الْبَلَدِ، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ قَوِيَّةٌ وَشَقَّ ذلك على النَّاس جداً.
وفي مستهل صفر وردت أخبار بقصد التتر بِلَادَ الشَّامِ، وَأَنَّهُمْ عَازِمُونَ عَلَى دُخُولِ مِصْرَ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ وَازْدَادُوا ضَعْفًا عَلَى ضَعْفِهِمْ، وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ وَأَلْبَابُهُمْ، وَشَرَعَ النَّاسُ فِي الْهَرَبِ إِلَى بِلَادِ مِصْرَ وَالْكَرَكِ وَالشَّوْبَكِ وَالْحُصُونِ الْمَنِيعَةِ، فبلغت الحمارة إِلَى مِصْرَ خَمْسَمِائَةٍ وَبِيعَ الْجَمَلُ بِأَلِفٍ وَالْحِمَارُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَبِيعَتِ الْأَمْتِعَةُ وَالثِّيَابُ وَالْغَلَّاتُ بِأَرْخَصِ الْأَثْمَانِ، وجلس
الشيخ تقي الدين بن تَيْمِيَةَ فِي ثَانِي صَفَرٍ بِمَجْلِسِهِ فِي الْجَامِعِ وحرَّض النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ، وَسَاقَ لَهُمُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ، وَنَهَى عَنِ الْإِسْرَاعِ فِي الْفِرَارِ، وَرَغَّبَ فِي إِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ فِي الذَّبِّ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَبِلَادِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ مَا يُنْفَقَ فِي أُجْرَةِ الْهَرَبِ إِذَا أُنْفِقَ فِي سبيل الله كَانَ خَيْرًا، وَأَوْجَبَ جِهَادَ التَّتَرِ حَتْمًا فِي هَذِهِ الْكَرَّةِ، وَتَابَعَ الْمَجَالِسَ فِي ذَلِكَ، وَنُودِيَ في البلاد لَا يُسَافِرُ أَحَدٌ إِلَّا بِمَرْسُومٍ وَوَرَقَةٍ فَتَوَقَّفَ النَّاسُ عَنِ السَّيْرِ وَسَكَنَ جَأْشُهُمْ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ بخروج السلطان من القاهرة بالعساكر وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ لِخُرُوجِهِ، لَكِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ بُيُوتَاتِ دِمَشْقَ كَبَيْتِ ابْنِ صَصْرَى وَبَيْتِ ابْنِ فَضْلِ اللَّهِ وَابْنِ مُنَجَّا وَابْنُ سُوَيْدٍ وَابْنُ الزَّمَلْكَانِيِّ وَابْنِ جَمَاعَةَ.
وَفِي أَوَّلِ ربيع الآخر قوي الأرجاف بأمر التتر، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ وَصَلُوا إِلَى الْبِيرَةِ ونودي في البلد أن تخرج العامة من الْعَسْكَرِ، وَجَاءَ مَرْسُومُ النَّائِبُ مِنَ الْمَرْجِ بِذَلِكَ، فاستعرضوا في أثناء الشهر فعرض نحو خَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْعَامَّةِ بِالْعُدَّةِ وَالْأَسْلِحَةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ، وَقَنَتَ الْخَطِيبُ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، وَاتَّبَعَهُ أَئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ، وَأَشَاعَ الْمُرْجِفُونَ بأن التتر قَدْ وَصَلُوا إِلَى حَلَبَ وَأَنَّ نَائِبَ حَلَبَ تَقَهْقُرَ إِلَى حَمَاةَ، وَنُودِيَ فِي الْبَلَدِ بِتَطْيِيبِ قُلُوبِ النَّاسِ وَإِقْبَالِهِمْ عَلَى مَعَايِشِهِمْ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ وَالْعَسَاكِرَ وَاصِلَةٌ، وَأُبْطِلَ دِيوَانُ الْمُسْتَخْرَجِ وَأُقِيمُوا، وَلَكِنْ كَانُوا قَدِ اسْتَخْرَجُوا أَكْثَرَ مِمَّا
أمروا به وبقيت بواقي عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ قَدِ اخْتَفَوْا فَعُفِيَ عَمَّا بَقِيَ، وَلَمْ يُرَدَّ مَا سَلَفَ، لَا جَرَمَ أَنَّ عَوَاقِبَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ خُسْرٌ وَنُكْرٌ، وَأَنَّ أَصْحَابَهَا لَا يُفْلِحُونَ، ثُمَّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ سُلْطَانَ مِصْرَ رَجَعَ عَائِدًا إِلَى مِصْرَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا قَاصِدًا الشَّامَ (1) ، فَكَثُرَ الْخَوْفُ وَاشْتَدَّ الْحَالُ، وَكَثُرَتِ الْأَمْطَارُ جِدًّا، وَصَارَ بِالطُّرُقَاتِ مِنَ الْأَوْحَالِ وَالسُّيُولِ مَا يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُهُ مِنَ الِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ وَالذَّهَابِ فِيهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَخَرَجَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ خِفَافًا وَثِقَالًا يَتَحَمَّلُونَ بأهليهم وَأَوْلَادِهِمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَجَعَلُوا يَحْمِلُونَ الصِّغَارَ فِي الْوَحْلِ الشَّدِيدِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالرِّقَابِ، وَقَدْ ضَعُفَتِ الدَّوَابُّ مِنْ قِلَّةِ الْعَلَفِ مَعَ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَالزَّلَقِ وَالْبَرْدِ الشديد والجوع وقلة الشئ فلا حول ولا قوة
إلا بالله.
وَاسْتَهَلَّ جُمَادَى الْأُولَى وَالنَّاسُ عَلَى خُطَّةٍ صَعْبَةٍ من الخوف، وتأخر السلطان واقرب العدو، وخرج الشيخ تقي الدين بن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُسْتَهَلِّ هَذَا الشَّهْرِ وَكَانَ يَوْمُ السَّبْتِ إِلَى نَائِبِ الشَّامِ في المرج فَثَبَّتَهُمْ وَقَوَّى جَأْشَهُمْ وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ وَوَعَدَهُمُ النَّصْرَ والظفر على الأعداء، وتلا قوله تعالى (وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [الحج: 60] وَبَاتَ عِنْدَ الْعَسْكَرِ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ سَأَلَهُ النَّائِبُ والأمراء أن يركب على البزيد؟ إلى مصر يستحث السلطان على المجئ فَسَاقَ وَرَاءَ السُّلْطَانِ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ وَصَلَ إلى الساحل فلم يدركه إلا وقد دخل الْقَاهِرَةِ وَتَفَارَطَ الْحَالُ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحَثَّهُمْ عَلَى تَجْهِيزِ الْعَسَاكِرِ إِلَى الشَّامِ إِنْ كَانَ لَهُمْ بِهِ حَاجَةٌ، وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ أَعْرَضْتُمْ عَنِ الشَّامِ وَحِمَايَتِهِ أَقَمْنَا لَهُ سُلْطَانًا يُحَوِّطُهُ وَيَحْمِيهِ وَيَسْتَغِلُّهُ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى جُرِّدَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: لَوْ قُدِّرَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ حُكَّامَ الشَّامِ وَلَا مُلُوكَهُ وَاسْتَنْصَرَكُمْ أَهْلُهُ وَجَبَ عَلَيْكُمُ النَّصْرُ، فَكَيْفَ وَأَنْتُمْ حُكَّامُهُ وَسَلَاطِينُهُ وَهُمْ رعاياكم وأنتم مسؤولون عَنْهُمْ، وَقَوَّى جَأْشَهُمْ وَضَمِنَ لَهُمُ النَّصْرَ هَذِهِ الْكَرَّةَ، فَخَرَجُوا إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا تَوَاصَلَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى الشَّامِ فَرِحَ النَّاسُ فَرَحًا شَدِيدًا بَعْدَ أَنْ كَانُوا قَدْ يَئِسُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وأموالهم، ثم قويت الأراجيف بوصول التتر، وتحقق عَوْدَ السُّلْطَانِ إِلَى مِصْرَ، وَنَادَى ابْنُ النَّحَّاسِ متولي البلد فِي النَّاسِ مَنْ قَدَرَ عَلَى السَّفَرِ فَلَا يَقْعُدْ بِدِمَشْقَ، فَتَصَايَحَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ، وَرَهِقَ النَّاسَ ذِلَّةٌ عَظِيمَةٌ وَخَمْدَةٌ، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا، وَغُلِّقَتِ الأسواق وتيقنوا أَنْ لَا نَاصِرَ لَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَأَنَّ نَائِبَ الشَّامِ لَمَّا كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ مَعَ السُّلْطَانِ عَامَ أَوَّلَ لَمْ يَقْوَ على التقاء جيش التتر فَكَيْفَ بِهِ الْآنَ وَقَدْ عَزَمَ عَلَى الْهَرَبِ؟ ويقولون: ما بقي أهل دمشق إلا
(1) جاء في بدائع الزهور 1 / 1 / 409: قيل في سبب رجوعه - (من غزة - إلى مصر) - أن العسكر تقلب عليه هنالك، وطلبوا منه نفقة ثانية لان التبن والشعير كان لا يوجد أصلا.
(انظر السلوك 1 / 908 ومختصر أبي الفداء 4 / 45) .
طعمة العدو، ودخل كثير من الناس إلى البراري والقفار والمغر بِأَهَالِيهِمْ مِنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَنُودِيَ فِي النَّاس من كانت نيته الجهاد فليلتحق بالجيش فقد اقترب وصول التتر، وَلَمْ يَبْقَ بِدِمَشْقَ مِنْ أَكَابِرِهَا إِلَّا الْقَلِيلُ، وسافر ابن جماعة والحريري وابن صصرى وابن منجا، وقد سبقهم بيوتهم إلى مصر، وجاءت الأخبار بوصول التتر إلى سرقين وَخَرَجَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ وَالشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الرقي وابن قوام وشرف الدين بن تَيْمِيَةَ وَابْنُ خَبَارَةَ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ الْأَفْرَمِ فَقَوَّوْا عَزْمَهُ عَلَى مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ، وَاجْتَمَعُوا بِمُهَنَّا أمير العرب فحضروه عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأَجَابَهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَقَوِيَتْ نِيَّاتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَخَرَجَ طُلْبُ سَلَّارَ مِنْ دمشق إلى ناحية المرج، وَاسْتَعَدُّوا لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ.
وَرَجَعَ الشَّيْخُ تقي الدين بن تَيْمِيَةَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ من جمادى الأولى على البريد، وأقام بقلعة مصر ثمانية أيام يحثهم على الجهاد والخروج إلى العدو، وقد اجتمع بالسلطان والوزير وأعيان الدولة فأجابوه إلى الخروج، وقد غلت الأسعار بدمشق جداً، حتى بيع خاروفان بخمسمائة درهم، واشتد الحال، ثُمَّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مَلِكَ التَّتَارِ قَدْ خَاضَ الْفُرَاتَ رَاجِعًا عَامَهُ ذَلِكَ لِضَعْفِ جَيْشِهِ وقلة عددهم، فطابت النفوس لذلك وَسَكَنَ النَّاسُ، وَعَادُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ مُنْشَرِحِينَ آمِنِينَ مستبشرين.
وَلَمَّا جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِعَدَمِ وُصُولِ التَّتَارِ إِلَى الشَّام فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ تَرَاجَعَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ وَعَادَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ مُخَيِّمًا فِي الْمَرْجِ مِنْ مُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ متتابعة، وهو مِنْ أَعْظَمِ الرِّبَاطِ، وَتَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى أَوْطَانِهِمْ: وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ قَدْ دَرَّسَ بِالنَّاصِرِيَّةِ لِغَيْبَةِ مُدَرِّسِهَا كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الشَّرِيشِيِّ بِالْكَرَكِ هَارِبًا، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا فِي رَمَضَانَ، وَفِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ دَرَّسَ ابْنُ الزَّكِيِّ بِالدَّوْلَعِيَّةِ عوضاً عن جَمَالِ الدِّينِ الزُّرَعِيِّ لِغَيْبَتِهِ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قرئت شروط الذمة على أهل الذمة وألزم بِهَا وَاتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ عَلَى عَزْلِهِمْ عَنِ الْجِهَاتِ، وَأُخِذُوا بِالصِّغَارِ، وَنُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْبَلَدِ وَأُلْزِمَ النَّصَارَى بِالْعَمَائِمِ الزُّرْقِ، وَالْيَهُودِ بِالصُّفْرِ، وَالسَّامِرَةُ (1) بِالْحُمْرِ، فحصل بذلك خَيْرٌ كَثِيرٌ وَتَمَيَّزُوا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي عَاشِرِ رَمَضَانَ جَاءَ الْمَرْسُومُ بِالْمُشَارَكَةِ بَيْنَ أَرْجُوَاشَ وَالْأَمِيرِ سيف الدين أقبجا فِي نِيَابَةِ الْقَلْعَةِ، وَأَنْ يَرْكَبَ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا، وَيَكُونُ الْآخَرُ بِالْقَلْعَةِ يَوْمًا، فَامْتَنَعَ أَرْجُوَاشُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِي شَوَّالٍ دَرَّسَ بِالْإِقْبَالِيَّةِ الشَّيخ شِهَابُ الدِّين بْنُ الْمُجِدِّ عِوَضًا عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ الْقُونَوِيِّ بِحُكْمِ إِقَامَتِهِ بِالْقَاهِرَةِ، وَفِي يوم الجمعة الثالث عشر مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ عُزِلَ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْحَرِيرِيِّ عَنْ قَضَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِالْقَاضِي جَلَالِ الدِّينِ بْنِ حُسَامِ الدِّينِ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَقَاعِدَةِ أَبِيهِ، وذلك باتفاق من الوزير شمس الدين سنقر الأعسر ونائب السلطان الأفرم.
وفيها وصلت رسل ملك
(1) السامرة أو السمرة طائفة من اليهود، وهم أتباع السامري الذي أخبر الله تعالى عنه بقوله:(واضلهم السامري) انظر صبح الاعشى 13 / 268 المواعظ والاعتبار 2 / 472.