الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخر الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ، أَمِيرُ عَلَمَ، وَقَاضِيهِ شِهَابُ الدِّينِ الظَّاهِرِيُّ.
وَمِمَّنْ حَجَّ فِيهِ شِهَابُ الدِّينِ بن جهبل وأبو النسر وَابْنُ جُمْلَةَ وَالْفَخْرُ الْمِصْرِيُّ وَالصَّدْرُ الْمَالِكِيُّ وَشَرَفُ الدين الكفوي الحنفي، والبهاء ابن إِمَامِ الْمَشْهَدِ وَجَلَالُ الدِّينِ
الْأَعْيَالِيُّ نَاظِرُ الْأَيْتَامِ، وَشَمْسُ الدِّينِ الْكُرْدِيُّ، وَفَخْرُ الدِّينِ الْبَعْلَبَكِّيُّ، وَمَجْدُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْمَجْدِ، وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ قيم الجوزية، وشمس الدين ابن خطيب بيرة، وَشَرَفُ الدِّينِ قَاسِمٌ الْعَجْلُونِيُّ، وَتَاجُ الدِّينِ بْنُ الفاكهاني والشيخ عمر السلاوي وَكَاتِبُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، وَآخَرُونَ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ، حَتَّى كَانَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ يَقُولُ: اجتمع في ركابنا هَذَا أَرْبَعُمِائَةِ فَقِيهٍ وَأَرْبَعُ مَدَارِسَ وَخَانِقَاهْ، وَدَارُ حديث، وقد كان معنا من المفتيين ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفْسًا، وَكَانَ فِي الْمِصْرِيِّينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ قَاضِي الْمَالِكِيَّةِ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَخْنَائِيُّ، وَفَخْرُ الدِّينِ النُّوَيْرِيُّ، وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ الحارثي، ومجد الدين الأقصرائي، وشيخ الشيوخ الشيخ محمد المرشدي.
وفي ركب العراق الشيخ أحمد السروجي أشد وَكَانَ مِنَ الْمَشَاهِيرِ.
وَفِي الشَّامِيِّينَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الواسطي صحبة ابن المرجاني، وَأَمِيرُ الْمِصْرِيِّينَ مُغْلَطَايْ الْجَمَّالِيُّ الَّذِي كَانَ وَزِيرًا فِي وَقْتٍ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ مَرِيضًا، وَمَرَرْنَا بِعَيْنِ تَبُوكَ وَقَدْ أُصْلِحَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وصينت إمن دَوْسِ الْجِمَالِ وَالْجَمَّالِينَ، وَصَارَ مَاؤُهَا فِي غَايَةِ الحسن والصفاء والطيب، وكانت وقفة الْجُمُعَةِ وَمُطِرْنَا بِالطَّوَافِ، وَكَانَتْ سَنَةً مُرْخَصَةً آمِنَةً.
وَفِي نِصْفِ ذِي الْحِجَّةِ رَجَعَ تَنْكِزُ مِنْ نَاحِيَةِ قَلْعَةِ جَعْبَرٍ، وَكَانَ فِي خِدْمَتِهِ أَكْثَرُ الجيش الشامي، وَأَظْهَرَ أُبَّهَةً عَظِيمَةً فِي تِلْكَ النَّوَاحِي.
وَفِي سادس عشر ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَ تَوْقِيعُ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ بِجَمِيعِ جِهَاتِ أَخِيهِ جَمَالِ الدِّينِ بِحُكْمِ وَفَاتِهِ مُضَافًا إِلَى جِهَاتِهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْمَنَاصِبِ الْكِبَارِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ مِنَ الرُّؤَسَاءِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، فَمِنْ ذَلِكَ: وَكَالَةُ بَيْتِ الْمَالِ، وَقَضَاءُ الْعَسْكَرِ وَكِتَابَةُ الدَّسْتِ، ووكالة ملك الأمراء، ونظر البمارستان، وَنَظَرُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَظَرُ دِيوَانِ السَّعِيدِ، وَتَدْرِيسُ الْأَمِينِيَّةِ (1) والظاهرية (2) والعصرونية (3) وغير ذلك انتهى.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: قَاضِي الْقُضَاةِ عز الدين المقدسي عز الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أحمد بن عمر
(1) المدرسة الامينية: أول مدرسة للشافعية بدمشق أنشأها إتابك العساكر بدمشق ابن الدولة كمشتكين بن عبد الله
الطغتكيني المتوفى سنة 541 (الدارس في تاريخ المدارس 1 / 178) .
_________
(2)
هي الظاهرية الجوانية التي أنشأها الملك الظاهر بيبرس وكانت للحنفية والشافعية، قيل أن أول من درس بها زكي الدين أبو إسحاق من المالكية (الدارس 1 / 348 كرد علي: خطط الشام 6 / 82) .
_________
(3)
العصرونية بدمشق أنشأها فقيه الشام عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونَ المتوفى سنة 585 (الدارس 1 / 391) .
ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَاشْتَغَلَ عَلَى وَالِدِهِ وَاسْتَنَابَهُ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ، فَلَمَّا ولي ابن مسلم (1) لزم بيته يحصر دَرْسَ الْجَوْزِيَّةِ وَدَارَ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةَ بِالْجَبَلِ وَيَأْوِي إِلَى بَيْتِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ مُسَلَّمٍ وَلِيَ قَضَاءَ الْحَنَابِلَةِ بَعْدَهُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَانَ فِيهِ تَوَاضُعٌ وَتَوَدُّدٌ وَقَضَاءٌ لِحَوَائِجِ النَّاسِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ تَاسِعَ صَفَرٍ، وَكَانَ يَوْمًا مَطِيرًا، وَمَعَ هَذَا شَهِدَ النَّاسُ جَنَازَتَهُ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ رحمهم الله، وَوَلِيَ بَعْدَهُ نَائِبُهُ شرف الدين ابن الْحَافِظِ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ.
وَفِي نِصْفِ صَفَرٍ توفي: الأمير سيف الدين قجليس سيف النعمة، وَقَدْ كَانَ سَمَّعَ عَلَى الْحَجَّارِ وَوَزِيرَةَ بِالْقُدْسِ الشريف.
وفي منتصف صفر (2) توفي الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أُرْغُونُ بْنُ عَبْدِ الله الدويدار النَّاصِرِيُّ، وَقَدْ عَمِلَ عَلَى نِيَابَةِ مِصْرَ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فَأَرْسَلَهُ إِلَى نِيَابَةِ حَلَبَ، فَمَكَثَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ تُوُفِّيَ بها في سابع رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةٍ اشْتَرَاهَا بِحَلَبَ، وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ فَهْمٌ وَفِقْهٌ، وَفِيهِ دِيَانَةٌ وَاتِّبَاعٌ لِلشَّرِيعَةِ، وَقَدْ سَمَّعَ الْبُخَارِيَّ عَلَى الْحَجَّارِ وَكَتَبَهُ جَمِيعَهُ بِخَطِّهِ، وَأَذِنَ لَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِفْتَاءِ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بن تَيْمِيَةَ وَهُوَ بِمِصْرَ، تُوُفِّيَ وَلَمْ يُكْمِلِ الْخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَكْرَهُ اللَّهْوَ رحمه الله.
وَلَمَّا خَرَجَ يَلْتَقِي نَهْرَ السَّاجُورِ خَرَجَ فِي ذُلٍّ وَمَسْكَنَةٍ، وَخَرَجَ مَعَهُ الْأُمَرَاءُ كَذَلِكَ مُشَاةً فِي تكبير وتهليل وتحميد، ومنع المغاني ومنت اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فِي ذَلِكَ رحمه الله.
الْقَاضِي ضِيَاءُ الدِّينِ
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَلِيمِ بن ربيع (3) بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَذْرَعِيُّ (4) الشَّافِعِيُّ، تَنَقَّلَ فِي وِلَايَةِ الْأَقْضِيَةِ بِمَدَارِسَ كَثِيرَةٍ، مُدَّةَ سِتِّينَ سَنَةً، وَحَكَمَ بطرابلس وعجلون وَزُرَعَ وَغَيْرِهَا، وَحَكَمَ بِدِمَشْقَ نِيَابَةً عَنِ الْقُونَوِيِّ نَحْوًا مِنْ شَهْرٍ، وَكَانَ عِنْدَهُ فَضِيلَةٌ وَلَهُ نَظْمٌ كَثِيرٌ.
نَظَمَ التَّنْبِيهَ فِي نَحْوِ سِتَّةَ عشر (5) ألف بيت، وتصحيحها في ألف وثلثمائة بَيْتٍ، وَلَهُ مَدَائِحُ وَمُوَالِيَا وَأَزْجَالٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالرَّمْلَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً رحمه
(1) وهو محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع بن جعفر الصالحي الحنبلي المتوفى سنة 729 هـ.
_________
(2)
كذا بالاصل وهو تصحيف، وسيرد بعد قليل وفاته في ربيع الأول
_________
(3)
في تذكرة النبيه 2 / 212 وشذرات الذهب 6 / 96 والدرر 3 / 123: ربيعة.
_________
(4)
في البداية المطبوعة: الازرعي وهتحريف، والاذرعي نسبة إلى أذرعات: وهي بلد في أطراف الشام يجاور البلقاء وعمان.
(معجم البلدان) .
_________
(5)
في الاصل ست عشرة.
اللَّهُ، وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أحد الفضلاءة، وَهُوَ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ عِلْمَيِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّبِيعَةِ.
أَبُو دَبُّوسٍ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَغْرِبِيُّ تَمَلَّكَ فِي وَقْتٍ بِلَادَ قَابِسَ ثُمَّ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ جماعة فاتنزعوها مِنْهُ فَقَصَدَ مِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا وَأُقْطِعَ إِقْطَاعًا، وَكَانَ يَرْكَبُ مَعَ الْجُنْدِ فِي زِيِّ الْمَغَارِبَةِ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، وَكَانَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ يُوَاظِبُ عَلَى الْخِدْمَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى.
الإمام العلامة ضياالدين أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ قُطْبِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي الشافعي، مدرس لحسامية وَنَائِبُ الْحُكْمِ بِمِصْرَ، وَأَعَادَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَتَوَلَّى الْحُسَامِيَّةَ بَعْدَهُ نَاصِرُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ.
الصَّدْرُ الكبير تاج الدين الكارمي المعروف بان الرهايلي، كان أكبر تجار دمشق الكارمية وبمصر، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، يُقَالُ إِنَّهُ خَلَفَ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ غَيْرَ الْبَضَائِعِ وَالْأَثَاثِ وَالْأَمْلَاكِ.
الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ فَخْرُ الدِّينِ عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن مصطفى بن سليمان بن المارداني التركماني الحنفي شرخ فخر الدين هذا الجامع (1) وَأَلْقَاهُ دُرُوسًا فِي مِائَةِ كَرَّاسٍ، تُوُفِّيَ فِي رجب وله إحدى وسبعون سنة، كان شجاعاً عالماً فاضلاً، وقوراً فَصِيحًا حَسَنَ الْمُفَاكَهَةِ، وَلَهُ نَظْمٌ حَسَنٌ.
وَوَلِيَ بَعْدَهُ الْمَنْصُورِيَّةَ (2)(*) وَلَدُهُ تَاجُ الدِّينِ.
تَقِيُّ الدِّينِ عمر ابن الوزير شمس الدين محمد بن عثمان بن السَّلْعُوسِ، كَانَ صَغِيرًا لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ تَحْتَ العقوبة، ثم نشأ في الخدم ثم
(1) وهو كتاب " الجامع الكبير في الفروع " للإمام محمد بن الحسن الشيباني المتوفي سنة 187 هـ (كشف الظنون 1 / 569) .
_________
(2)
المدرسة المنصورية بالقاهرة، أنشأها الملك منصور قلاوون الصالحي، وهي داخل باب المارستان المنصوري الكبير (انظر المواعظ والاعتبار للمقريزي 2 / 379) .