الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَطَفَانَ فَتَقَارَبَ النَّاسُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ، وَقَدْ خَافَ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ صلاة الخوف، [ثم انصرف الناس] (1) وَقَدْ أَسْنَدَ ابْنُ هِشَامٍ حَدِيثَ صَلَاةِ الْخَوْفِ ههنا: عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الطُّرُقِ غَزْوَةَ نَجْدٍ وَلَا ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلَمْ يتعرض لزمان ولا ومكان وَفِي كَوْنِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقاع الَّتِي كَانَتْ بِنَجْدٍ لِقِتَالِ بَنِي مُحَارِبٍ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ غَطَفَانَ قَبْلَ الْخَنْدَقِ نَظَرٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ خَيْبَرَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ شَهِدَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدُومُهُ إِنَّمَا كَانَ لَيَالِيَ خَيْبَرَ صُحْبَةَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وممَّا يدلُّ عَلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِتَالِ أَوَّلَ مَا أَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ نَجْدٍ فَذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَقَوْلُ الْوَاقِدِيِّ: إِنَّهُ عليه السلام خَرَجَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَيُقَالُ سَبْعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ لَا يَحْصُلُ بِهِ نَجَاةٌ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ الْخَنْدَقِ لِأَنَّ الْخَنْدَقَ كان في شوال سنة خمس على المشهود، وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَتَحَصَّلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَخْلَصٌ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ فُلَا.
قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ بَنِي مُحَارِبٍ، يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثٌ (2)، قَالَ لِقَوْمِهِ مِنْ غَطَفَانَ وَمُحَارِبٍ: أَلَا أَقْتُلَ لَكُمْ مُحَمَّدًا؟ قَالُوا: بَلَى وَكَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: أَفْتِكُ بِهِ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ، وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ.
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْظُرُ إِلَى سيفك هذا؟ قال: نعم، فأخذه ثم جعل يهزه ويهم، فكبته اللَّهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا تَخَافُنِي؟ قال: لا، ما أَخَافُ مِنْكَ؟ قَالَ: أَمَا تَخَافُنِي وَفِي يَدِي السَّيْفُ.
قَالَ: لَا، يَمْنَعُنِي اللَّهُ مِنْكَ.
ثُمَّ عَمَدَ إِلَى سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فرده عليه فأنزل الله عزوجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[المائدة 5: 11] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وحدثني يزيد بن رومان: أنهم إنما أنزلت فِي عَمْرِو بْنِ جَحَّاشٍ، أَخِي بَنِي النَّضِيرِ وَمَا همَّ بِهِ (3) .
هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ غَوْرَثٍ هَذَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ القدري رأس الفرقة
(1) من ابن هشام، قال ابن سعد والواقدي:: وقد غاب خمس عشرة ليلة.
(2)
قال الخطابي: غويرث، وحكى الخطيب فيه: كورث (شرح المواهب)(3) سيرة ابن هشام ج 3 / 216.
(*)
الضَّالَّةِ؟ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ بتعمُّد الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْهُ لِبِدْعَتِهِ وَدُعَائِهِ إِلَيْهَا.
وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحيحين مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
فَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ (1) هَاهُنَا طُرُقًا لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ (2) فَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ (3) فَعَلِقَ بِهَا سَيْفُهُ.
قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ.
فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله.
مشام (4) السَّيْفَ وَجَلَسَ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بذات الرقاع، وكنا إذا أتينا على الشجرة ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فأخذ سيف رسول الله فَاخْتَرَطَهُ وَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَافُنِي؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مني؟ قال: الله يمنعني منك، قال: فهدده أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ.
قَالَ: وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.
وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ عَنْ أَبَانٍ بِهِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ: إِنَّ اسْمَ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ.
وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم محارب وغطفان (5) بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرة، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ، وَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّهُ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السيف.
وَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقَالَ كُنْ خَيْرَ آخِذٍ.
قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: لَا.
وَلَكِنْ أُعَاهِدُكَ عَلَى أَنْ لا أقاتلك، ولا أكون
(1) تناول البيهقي قصة غورث في دلائل النبوة في باب عصمة الله عزوجل رسوله صلى الله عليه وسلم عما هم بن غورث بن الحارث من قتله وكيفية صلاته في الخوف ج 3 / 373.
(2)
العضاه: شجر عظيم الشوك، شوكه كالطلح، والعوسج.
(3)
في البيهقي: سمرة.
(4)
شام: كلمة من الاضداد تعني إذا سل سيفه وإذا أغمده، والمراد هنا: أغمده.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي 31 باب غزوة ذات الرِّقاع فتح الباري 7 / 426 ورواه مسلم في 43
كتاب الفضائل (4) باب ح 13 وح 14.
(5)
في البيهقي: محارب خصفه بنخل.
(*)