المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سرية أخرى مع بشير بن سعد - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 4

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌خَبَرُ يهود بني قينقاع في الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ [إلى ذي القردة]

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الأشرف

- ‌غزوة أُحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحد مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ

- ‌سنة أربع من الهجرة

- ‌ سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الأسد أبي طليحة الأسدي

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك

- ‌قصة جمل جابر

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ وَهِيَ بَدْرٌ الْمَوْعِدُ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق أو الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فصل الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبي رافع اليهودي

- ‌مقتل خالد بن سفيان الْهُذَلِيِّ

- ‌قصة عمرو بن العاص مع النجاشي

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة

- ‌نزول الحجاب صبيحة عرس زينب

- ‌سنة ست من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بني المصطلق من خزاعة

- ‌ قِصَّةَ الْإِفْكِ

- ‌غزوة الحديبية

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ

- ‌ فصل

- ‌ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل وَأَمَّا مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون

- ‌قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ مَنِ اسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌فصل مروره صلى الله عليه وآله بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ خَيْبَرَ

- ‌سرية بني حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء وَيُقَالُ القِصاص

- ‌قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فَصْلٌ [سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السَّلمي إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌فصل:

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كعب بن عمير إلى بني قضاعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في من استشهد يوم مؤتة فَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الآفاق وكتبه إليهم

- ‌بعثه إلى كسرى ملك الفرس

- ‌بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبي عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌ سَرِيَّةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فصل

- ‌صِفَةُ دُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌ سَبَبِ إِسْلَامِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل فيما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌من استشهد يوم حنين وأوطاس

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن

- ‌قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى الرَّسُولِ

- ‌إِسْلَامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى

- ‌الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌سرية أخرى مع بشير بن سعد

إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ حَتَّى أَتَوْهُ بِخَيْبَرَ، وَبَلَغَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَجْمَعُ غَطَفَانَ لِيَغْزُوَهُ بِهِمْ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

لِيَسْتَعْمِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى تَبِعَهُمْ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَدِيفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا بلغوا قرقرة نيار (1) وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ نَدِمَ يُسَيْرُ بْنُ رِزَامٍ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى سَيْفِ عبد الله بن رواحة، ففطن له عبد الله بن رواحة فَزَجَرَ بِعَيْرَهُ ثُمَّ اقْتَحَمَ يَسُوقُ بِالْقَوْمِ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْ يُسَيْرٍ ضَرَبَ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا، وَاقْتَحَمَ يسير وفي يده مخراش (2) مِنْ شَوْحَطٍ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَ عَبْدِ اللَّهِ بن رواحة فَشَجَّهُ شَجَّةً مَأْمُومَةً.

وَانْكَفَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَدِيفِهِ فَقَتَلَهُ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الْيَهُودِ أَعْجَزَهُمْ شَدًّا وَلَمْ يُصَبْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ، وَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَجَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رواحة (3) فلم تقيح وَلَمْ تُؤْذِهِ حَتَّى مَاتَ.

‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعث بشير بن سعد في ثلاين راكباً إلى بني مرة من أَرْضِ فَدَكَ فَاسْتَاقَ نَعَمَهُمْ، فَقَاتَلُوهُ وَقَتَلُوا عَامَّةَ مَنْ مَعَهُ وَصَبَرَ هُوَ يَوْمَئِذٍ صَبْرًا عَظِيمًا، وَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ لَجَأَ إِلَى فَدَكَ فَبَاتَ (4) بِهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَ مِنْهُمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ، وَكَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ثم ذكر مقتل أسامة ابن زيد لمرداس بن نهيك حليق بَنِي مُرَّةَ وَقَوْلُهُ حِينَ عَلَاهُ بِالسَّيْفِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ

لَامُوهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سُقِطَ فِي يَدِهِ وَنَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ (5) وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ إِلَى أَرْضِ بَنِي مُرَّةَ فَأَصَابَ مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ حليفاً لهم من الحرقة فَقَتَلَهُ أُسَامَةُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - يَعْنِي مِرْدَاسَ بن نهيك - فلما شهرنا عليه السيف قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ.

فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخبرناه فقال: " يا أسامة من

(1) في البيهقي ومعجم البلدان: ثبار.

(2)

في البيهقي: مخرش وهو عصا معوجة الرأس.

(3)

رواية موسى بن عقبة في دلائل البيهقي ج 4 / 294: وفيه: عبد الله بن أنيس الذي أصيب وليس ابن رواحة وهو كذلك في سيرة ابن هشام ج 4 / 266.

(4)

في الواقدي: أقام عند يهودي بفدك أياما حتى ارتفع من الجراح.

(5)

مغازي الواقدي 2 / 724 ورواها عنه البيهقي في الدلائل ج 2 / 295 (*)

ص: 252

لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ، قَالَ: " فَمَنْ لَكَ يَا أُسَامَةُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا زَالَ يُرَدِّدُهَا عليَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ مَا مَضَى مِنْ إِسْلَامِي لَمْ يَكُنْ، وَأَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ أَقْتُلْهُ.

فَقُلْتُ: إِنِّي أُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لَا أَقْتُلُ رَجُلًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَبَدًا، فَقَالَ:" بَعْدِي يَا أُسَامَةُ " فَقُلْتُ بَعَدَكَ (1) .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، أَنْبَأَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، قَالَ فَصَبَّحْنَاهُمْ وَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِذَا أَقْبَلَ الْقَوْمُ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْنَا، وَإِذَا أَدْبَرُوا كَانَ حَامِيَتَهُمْ، قَالَ: فَغَشَيْتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا تُغَشَّيْنَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ وَقَتَلْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ " يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بعدما قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّما كَانَ مُتَعَوِّذًا مِنَ الْقَتْلِ، قَالَ فَكَرَّرَهَا عليَّ حَتَّى

تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ (2) .

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ بِهِ نَحْوَهُ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ ابن مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: بُعث رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ - كَلْبَ لَيْثٍ إِلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ وَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ، فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَدِيدِ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسْلِمَ، فَقَالَ لَهُ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ لتسلم فلا يضيرك رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ، قَالَ فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَخَلَّفَ عَلَيْهِ رُوَيْجِلًا أَسْوَدَ كَانَ مَعَنَا وَقَالَ: امْكُثْ مَعَهُ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ.

وَمَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَطْنَ الْكَدِيدِ فَنَزَلْنَا عَشِيَّةً بَعْدِ الْعَصْرِ، فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي إِلَيْهِ، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ (3) فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ.

فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ، إني لارى سوادا عى هَذَا التَّلِّ مَا رَأَيْتُهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَانْظُرِي لَا تَكُونُ الْكِلَابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ؟ فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ فَنَاوِلِينِي قَوْسِي وَسَهْمَيْنِ مِنْ نَبْلِي فَنَاوَلَتْهُ فرماني بسهم في جنبي أو قال في جبيني فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِالْآخَرِ فَوَضَعَهُ فِي رَأْسِ مَنْكِبِي فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سهماي ولو كان ريبة لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا لَا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلَابُ، قَالَ فَأَمْهَلْنَا حَتَّى إِذَا رَاحَتْ رَوَايِحُهُمْ وَحَتَّى احْتَلَبُوا وَعَطَّنُوا وَسَكَنُوا وَذَهَبَتْ عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ وَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ بِهِ وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ بِقُرْبِنَا، قَالَ وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ وصاحبه، فانطلقنا به معنا

(1) سيرة ابن هشام 4 / 271، ودلائل البيهقي 4 / 297.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الايمان عن يعقوب الدورقي، والبخاري في المغازي.

فتح الباري 7 / 517.

(3)

الحاضر: الجماعة من الناس النازلون على الماء.

(*)

ص: 253