الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن يَحْيَى ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابُوا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَفُّوا وَتَأَثَّمُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أيمانكم) وَهَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَزَادَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَبَا عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيَّ وَهُوَ ثِقَةٌ
وَكَانَ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلف بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ حَيْثُ بِيعَتْ ثُمَّ خُيِّرَتْ فِي فَسْخِ نكاحها أو إبقاءه، فلو كان بيعها طلاقها لَهَا لَمَا خُيِّرَتْ، وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلف عَلَى إِبَاحَةِ الْأَمَةِ الْمُشْرِكَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ وَقَالُوا هَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَلَعَلَّهُنَّ أَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَمَوْضِعُ تَقْرِيرِ ذَلِكَ فِي الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى.
من استشهد يوم حنين وأوطاس
أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَيْمَنُ بْنُ عبيد، وزيد (1) بن زمعة بن الأسود ابن الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْجَنَاحُ فَمَاتَ، وَسُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ أَمِيرُ سَرِيَّةِ أَوْطَاسٍ، فهؤلاء أربعة رضي الله عنهم.
ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بُجَيْرِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى: لَوْلَا الْإِلَهُ وَعَبْدُهُ وَلَّيْتُمُ * حِينَ اسْتَخَفَّ الرعب كل جبان (2) بالجزع يوم حبالنا أَقْرَانُنَا * وَسَوَابِحُ يَكْبُونَ لِلْأَذْقَانِ (3) مِنْ بَيْنِ سَاعٍ ثَوْبُهُ فِي كَفِّهِ * وَمُقَطَّرٍ بِسَنَابِكَ وَلَبَانِ (4) وَاللَّهُ أَكْرَمَنَا وَأَظْهَرَ دِينَنَا * وَأَعَزَّنَا بِعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ وَاللَّهُ أهلكهم وفرق جمعهم * وأذلهم بعبادة الشيطان
(1) في ابن هشام: يزيد، والواقدي وابن سعد لم يذكراه بل ذكرا: رقيم بن ثعلبة بن زيد بن لوذان (انظر ابن حزم ومغازي الواقدي 3 / 922 - طبقات ابن سعد 2 / 152) .
(2)
جيان، وتروى جنان، والجنان: القلب.
(3)
الجزع: ما انعطف من الوادي.
(4)
مقطر: مرمي على قطره، وهو جنبه، والسنابك: جمع سنبك وهو طرف مقدم الحافر.
واللبان: الصدر (*)
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيَرْوِي فِيهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ: إِذْ قَامَ عَمُّ نَبِيِّكُمْ وَوَلِيُّهُ * يَدْعُونَ: يَا لَكَتِيبَةِ الْإِيمَانِ أَيْنَ الَّذِينَ هُمُ أَجَابُوا رَبَّهُمْ * يَوْمَ الْعُرَيْضِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ (1) وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ: فَإِنِّي وَالسَّوَابِحُ يَوْمَ جَمْعٍ * وَمَا يَتْلُو الرَّسُولُ مِنَ الْكِتَابِ لَقَدْ أَحْبَبْتُ مَا لَقِيَتْ ثَقِيفٌ * بِجَنْبِ الشِّعِبِ أَمْسِ مِنَ الْعَذَابِ هُمُ رَأْسُ الْعَدُوِّ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ * فَقَتْلُهُمُ أَلَذُّ مِنَ الشَّرَابِ هَزَمْنَا الْجَمْعَ جَمْعَ بَنِي قسي * وحلت بَرْكَهَا بِبَنِي رِئَابِ وَصِرْمًا مِنْ هِلَالٍ غَادَرَتْهُمْ * بِأَوْطَاسٍ تُعَفَّرُ بِالتُّرَابِ وَلَوْ لَاقَيْنَ جَمْعَ بَنِي كِلَابٍ * لَقَامَ نِسَاؤُهُمْ وَالنَّقْعُ كَابِي رَكَضْنَا الْخَيْلَ فيهم بين بس * إلى الأورال تنحط بالتهاب (2) بِذِي لَجَبٍ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِمْ * كَتِيبَتُهُ تَعَرَّضُ لِلضِّرَابِ وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا: يَا خَاتَمَ النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ * بِالْحَقِّ كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا إِنَّ الْإِلَهَ بَنَى عَلَيْكَ مَحَبَّةً * فِي خَلْقِهِ وَمُحَمَّدًا سَمَّاكَا ثُمَّ الَّذِينَ وَفَوْا بِمَا عَاهَدْتَهُمْ * جُنْدٌ بَعَثْتَ عَلَيْهِمُ الضَّحَّاكَا رَجُلًا بِهِ ذَرَبُ (3) السِّلَاحِ كَأَنَّهُ * لَمَّا تَكَنَّفَهُ الْعَدُوُّ يَرَاكَا يَغْشَى ذَوِي النَّسَبِ الْقَرِيبِ وَإِنَّمَا * يَبْغِي رضا الرحمن ثم رضاكا أنبئك أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَكَرَّهُ * تَحْتَ الْعَجَاجَةِ يَدْمَغُ الْإِشْرَاكَا
طَوْرًا يُعَانِقُ بِالْيَدَيْنِ وَتَارَةً * يَفْرِي الْجَمَاجِمَ صارماً فتاكا (4) وَبَنُو سُلَيْمٍ مُعْنِقُونَ أَمَامَهُ * ضَرْبًا وَطَعْنًا فِي الْعَدُوِّ دِرَاكًا يَمْشُونَ تَحْتَ لِوَائِهِ وَكَأَنَّهُمْ * أُسْدُ الْعَرِينِ أَرَدْنَ ثَمَّ عِرَاكَا مَا يَرْتَجُونَ مِنَ القريب قرابة * إلا لطاعة ربهم وهواكا
(1) العريض: واد بالمدينة.
(2)
بس: موضع في أرض بني جشم، والاورال: أجيل ثلاثة سود، وفي نسخ البداية المطبوعة أوراد وهو تحريف.
(3)
ذرب السلاح: حدته ومضاؤه، وفي نسخ البداية المطبوعة درب بالدال وهو تحريف.
(4)
بعده في ابن هشام: يَغْشَى بِهِ هَامَ الْكَمَاةِ وَلَوْ تَرَى * مِنْهُ الذي عاينت كان شفاكا (*)
هَذِي مَشَاهِدُنَا الَّتِي كَانَتْ لَنَا * مَعْرُوفَةً وَوَلِيُّنَا مَوْلَاكَا وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا (1) : عَفَا مجدل من أهله فمتالع * فمطلاً أَرِيكٍ قَدْ خَلَا فَالْمَصَانِعُ (2) دِيَارٌ لَنَا يَا جُمْلُ إِذْ جُلُّ عَيْشِنَا * رَخِيٌّ وَصَرْفُ الدَّهْرِ لِلْحَيِّ جَامِعُ حُبَيِّبَةٌ أَلْوَتْ بِهَا غُرْبَةُ النَّوَى * لِبَيْنٍ فَهَلْ مَاضٍ مِنَ الْعَيْشِ رَاجِعُ فإنْ تَبْتَغِي الكَفَار غَيْرَ مَلُومَةٍ * فَإِنِّي وَزِيرٌ لِلنَّبِيِّ وتابع دعانا إليه خير وفد علمتهم * خُزَيْمَةُ وَالْمَرَّارُ مِنْهُمْ وَوَاسِعُ فَجِئْنَا بِأَلْفٍ مِنْ سُلَيْمٍ عَلَيْهِمُ * لَبُوسٌ لَهُمْ مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ رَائِعُ نُبَايِعُهُ بِالْأَخْشَبَيْنِ وَإِنَّمَا * يَدُ اللَّهِ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ نُبَايِعُ فَجُسْنَا مَعَ الْمَهْدِيِّ مَكَّةَ عَنْوَةً * بِأَسْيَافِنَا وَالنَّقْعُ كَابٍ وَسَاطِعُ عَلَانِيَةً وَالْخَيْلُ يَغْشَى مُتُونَهَا * حَمِيمٌ وَآنٍ مِنْ دَمِ الْجَوْفِ نَاقِعُ وَيْوَمَ حُنَيْنٍ حِينَ سَارَتْ هَوَازِنُ * إِلَيْنَا وَضَاقَتْ بِالنُّفُوسِ الْأَضَالِعُ
صَبَرْنَا مَعَ الضَّحَّاكِ لَا يَسْتَفِزُّنَا * قِرَاعُ الْأَعَادِي مِنْهُمُ وَالْوَقَائِعُ أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ يَخْفِقُ فَوْقَنَا * لِوَاءٌ كَخُذْرُوفِ (3) السَّحَابَةِ لَامَعُ عَشِيَّةَ ضَحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ مُعْتَصٍ * بِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ وَالْمَوْتُ كَانِعُ (4) نَذُودُ أَخَانَا عَنْ أَخِينَا وَلَوْ ترى (5) * مَصَالًا لَكُنَّا الْأَقْرَبِينَ نُتَابِعُ وَلَكِنَّ دِينَ اللَّهِ، دِينَ مُحَمَّدٍ * رَضِينَا بِهِ فِيهِ الْهُدَى وَالشَّرَائِعُ أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ أَمْرَنَا * وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ دَافِعُ وَقَالَ عَبَّاسٌ أَيْضًا: تَقَطَّعَ بَاقِي وَصْلِ أُمِّ مُؤَمَّلِ * بِعَاقِبَةٍ وَاسْتَبْدَلَتْ نِيَّةً خُلْفَا (6) وَقَدْ حَلَفَتْ بِاللَّهِ لَا تَقْطَعُ الْقُوَى * فما صدقت فيه ولا برت الحلفا
(1) هذه القصائد من هنا إلى آخرها سقطت من نسخة التيمورية.
(2)
مجدل ومتالع وأربك: اسماء مواضع.
(3)
خذروف السحابة: طرفها، يريد به: سرعة تحرك هذا اللواء واضطرابه.
(4)
معتص: ضارب، وكانع: قريب.
(5)
يريد أنه من بني سُليم.
وسليم من قيس: كما أن هوازن من قيس.
(6)
النية: ما ينويه الانسان من وجه ويقصده.
وقال السهيلي: النية من النوى: البعد.
(*)
خُفَافِيَّةٌ بَطْنُ الْعَقِيقِ مَصِيفُهَا * وَتَحْتَلُّ فِي الْبَادِينَ وَجْرَةَ فَالْعُرْفَا (1) فَإِنْ تَتَبَعِ الْكُفَّارَ أُمُّ مُؤَمَّلٍ * فَقَدْ زَوَّدَتْ قَلْبِي عَلَى نَأْيِهَا شَغْفًا وَسَوْفَ يُنَبِّئُهَا الْخَبِيرُ بِأَنَّنَا * أَبَيْنَا وَلَمْ نَطْلُبْ سِوَى رَبِّنَا حِلْفًا وَأَنَّا مَعَ الْهَادِي النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ * وَفِينَا وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا مَعْشَرٌ أَلْفَا بِفِتْيَانِ صِدْقٍ مِنْ سُلَيْمٍ أَعِزَّةٍ * أَطَاعُوا فَمَا يَعْصُونَ مِنْ أَمْرِهِ حَرْفًا خُفَافٌ وَذَكْوَانٌ وَعَوْفٌ تَخَالُهُمْ * مَصَاعِبَ زافت في طروقتها كلفا
كأن نسيج الشُّهْبَ وَالْبِيضَ مُلْبَسٌ * أُسُودًا تَلَاقَتْ فِي مَرَاصِدِهَا غُضْفَا بِنَا عَزَّ دِينُ اللَّهِ غَيْرَ تَنَحُّلٍ * وَزِدْنَا عَلَى الْحَيِّ الَّذِي مَعَهُ ضِعْفَا بِمَكَّةَ إِذْ جِئْنَا كَأَنَّ لِوَاءَنَا * عُقَابٌ أَرَادَتْ بَعْدَ تَحْلِيقِهَا خَطْفَا عَلَى شُخَّصِ الْأَبْصَارِ تَحْسِبُ بَيْنَهَا * إذا هي جالت في مراودها عزقا (2) غَدَاةَ وَطِئْنَا الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ نَجِدْ * لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ عَدْلًا وَلَا صَرْفَا بِمُعْتَرَكٍ لَا يَسْمَعُ القوم وسطه * لنا زحمة إِلَّا التَّذَامُرَ وَالنَّقْفَا بِبِيضٍ تُطِيرُ الْهَامَ عَنْ مستقرها * وتقطف أَعْنَاقَ الْكَمَاةِ بِهَا قَطْفَا فَكَائِنْ تَرَكْنَا مِنْ قَتِيلٍ مُلَحَّبٍ * وَأَرْمَلَةٍ تَدْعُو عَلَى بَعْلِهَا لَهْفَا رِضَا اللَّهِ نَنْوِي لَا رِضَا النَّاسِ نَبْتَغِي * وَلِلَّهِ مَا يَبْدُو جَمِيعًا وَمَا يَخْفَى وَقَالَ عباس أيضاً رضي الله عنه: مَا بَالُ عَيْنِكَ فِيهَا عَائِرٌ سَهِرُ * مِثْلُ الْحَمَاطَةِ أَغْضَى فَوْقَهَا الشُّفُر (3) عَيْنٌ تأوَّبها مِنْ شَجْوِهَا أَرَقٌ * فَالْمَاءُ يَغْمُرُهَا طَوْرًا وَيَنْحَدِرُ كَأَنَّهُ نَظْمُ دُرٍّ عِنْدَ نَاظِمِهِ * تَقَطَّعَ السِّلْكُ مِنْهُ فَهْوَ مُنْتَثِرُ يَا بُعْدَ مَنْزِلِ مَنْ تَرْجُو مَوَدَّتَهُ * وَمَنْ أَتَى دُونَهُ الصَّمَّانُ فَالْحَفَرُ (4) دَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَابِ فَقَدْ * وَلَّى الشَّبَابُ وَزَارَ الشَّيْبُ وَالزَّعَرُ (5) وَاذْكُرْ بَلَاءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا * وَفِي سُلَيْمٍ لِأَهْلِ الِفَخْرِ مُفْتَخَرُ قوم هموا نَصَرُوا الرَّحْمَنَ وَاتَّبَعُوا * دِينَ الرَّسُولِ وَأَمْرُ النَّاسِ مُشْتَجَرُ لَا يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النَّخْلِ وَسْطَهُمُ * وَلَا تخاور في مشتاهم البقر
(1) العقيق ووجرة والعرف: اسماء مواضع.
(2)
مراود: جمع مرود وهو الوتد، قال السهيلي: يجوز أن يكون جمع مراد، وهو حيث ترود الخيل.
(3)
العائر: كل ما أعل العين من رمد أو قذى.
والحماطة: تبن الذرة.
والشغر: أصل منبت الشعر في الجفن (4) الصمان والحفر: موضعان.
(5)
الزعر: قلة الشعر.
(*)
إِلَّا سَوَابِحَ كَالْعِقْبَانِ مَقْرُبَةً * فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الْأَخْطَارُ وَالْعَكَرُ (1) تُدْعَى خُفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا * وَحَيُّ ذَكْوَانَ لَا مَيْلٌ وَلَا ضُجُرُ (2) الضَّارِبُونَ جُنُودَ الشِّرْكِ ضَاحِيَةً * بِبَطْنِ مَكَّةَ وَالْأَرْوَاحُ تُبْتَدَرُ حتى رفعنا وَقَتْلَاهُمْ كَأَنَّهُمُ * نَخْلٌ بِظَاهِرَةِ الْبَطْحَاءِ مُنْقَعِرُ وَنَحْنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ مَشْهَدُنَا * لِلدِّينِ عِزًّا وَعِنْدَ اللَّهِ مُدَّخَرُ إِذْ نَرْكَبُ الْمَوْتَ مُخْضَرًّا بَطَائِنُهُ * وَالْخَيْلُ يَنْجَابُ عَنْهَا سَاطِعٌ كَدِرُ تَحْتَ اللِّوَاءِ مَعَ الضَّحَّاكِ يَقْدُمُنَا * كَمَا مَشَى اللَّيْثُ فِي غَابَاتِهِ الْخَدِرُ فِي مَأْزَقٍ مِنْ مَجَرِّ الْحَرْبِ كلكلُها * تَكَادُ تَأْفُلُ مِنْهُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَقَدْ صَبَرْنَا بِأَوْطَاسٍ أَسِنَّتَنَا * لِلَّهِ نَنْصُرُ مَنْ شِئْنَا وَنَنْتَصِرُ حَتَّى تَأَوَّبَ أَقْوَامٌ مَنَازِلَهُمْ * لَوْلَا الْمَلِيكُ وَلَوْلَا نَحْنُ مَا صَدَرُوا فَمَا تَرَى مَعْشَرًا قلوا ولا كثروا * إلا وقد أَصْبَحَ مِنَّا فِيهِمُ أَثَرُ وَقَالَ عَبَّاسٌ أَيْضًا رضي الله عنه: يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الَّذِي تَهْوِي بِهِ * وَجْنَاءُ مُجْمَرَةُ الْمَنَاسِمِ عِرْمِسُ (3) إِمَّا أَتَيْتَ عَلَى النَّبِيِّ فَقُلْ لَهُ * حَقًّا عَلَيْكَ إِذَا اطْمَأَنَّ الْمَجْلِسُ ياخير مَنْ رَكِبَ الْمَطِيَّ وَمَنْ مَشَى * فَوْقَ التُّرَابِ إِذَا تُعَدُّ الْأَنْفُسُ إِنَّا وَفَيْنَا بِالَّذِي عَاهَدْتَنَا * وَالْخَيْلُ تُقْدَعُ بِالْكُمَاةِ وَتُضْرَسُ إِذْ سَالَ مِنْ أَفْنَاءِ بُهْثَةَ كُلِّهَا * جَمْعٌ تَظَلُّ بِهِ الْمَخَارِمُ تَرْجُسُ (4) حَتَّى صَبَحْنَا أَهْلَ مَكَّةَ فَيْلَقًا * شَهْبَاءَ يَقْدُمُهَا الْهُمَامُ الْأَشْوَسُ مِنْ كُلِّ أَغْلَبَ مِنْ سُلَيْمٍ فَوْقَهُ * بَيْضَاءُ مُحْكَمَةُ الدِّخَالِ وَقَوْنَسُ يَرْوِي القناة إذا تجاسر في الوغى * ونخاله أَسَدًا إِذَا مَا يَعْبِسُ
يَغْشَى الْكَتِيبَةَ مُعْلِمًا وَبِكَفِّهِ * عَضْبٌ يَقُدُّ بِهِ وَلَدْنٌ مِدْعَسُ (5) وَعَلَى حُنَيْنٍ قَدْ وَفَى مِنْ جَمْعِنَا * أَلْفٌ أُمِدَّ به الرسول عرندس
(1) في نسخ البداية المطبوعة: مغرية أثبتنا مقربة من ابن هشام، والعكر: الابل الكثيرة.
والاخطار: الجماعات من الابل.
(2)
خفاف وعوف وذكوان: قبائل.
(3)
الوجناء: الناقة الضخمة الوجنات، والمناسم: جمع منسم وهو مقدم طرف خف البعير.
العرمس الشديدة القوية.
(4)
بهثة: حي من سليم.
والمخارم: الطرق في الجبال.
(5)
مدعس: السريع الطعن، وغصب: السيف القاطع.
(*)
كَانُوا أَمَامَ الْمُؤْمِنِينَ دَرِيئَةً * وَالشَّمْسُ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِمْ أشمس (1) نمصي وَيَحْرُسُنَا الْإِلَهُ بِحِفْظِهِ * وَاللَّهُ لَيْسَ بِضَائِعٍ مَنْ يَحْرُسُ وَلَقَدْ حُبِسْنَا بِالْمَنَاقِبِ مَحْبِسًا * رَضِيَ الْإِلَهُ بِهِ فَنِعْمَ الْمَحْبِسُ وَغَدَاةَ أَوْطَاسٍ شَدَدْنَا شَدَّةً * كَفَتِ الْعَدُوَّ وَقِيلَ مِنْهَا يَا احْبِسُوا تَدْعُو هوازن بالأخوة بَيْنَنَا * ثَدْيٌ تَمُدُّ بِهِ هَوَازِنُ أَيْبَسُ حَتَّى تَرَكْنَا جَمْعَهُمْ وَكَأَنَّهُ * عَيْرٌ تَعَاقَبُهُ السِّبَاعُ مُفَرَّسُ وقال أيضاً رضي الله عنه: من مُبْلِغُ الْأَقْوَامِ أَنَّ مُحَمَّدًا * رَسُولَ الْإِلَهِ رَاشِدٌ حَيْثُ يَمَّمَا دَعَا رَبَّهُ وَاسْتَنْصَرَ اللَّهَ وَحْدَهُ * فَأَصْبَحَ قَدْ وَفَّى إِلَيْهِ وَأَنْعَمَا سَرَيْنَا وَوَاعَدْنَا قَدَيْدًا مُحَمَّدًا * يَؤُمُّ بِنَا أَمْرًا مِنَ اللَّهِ مُحْكَمَا تَمَارَوْا بِنَا فِي الْفَجْرِ حَتَّى تَبَيَّنُوا * مَعَ الْفَجْرِ فِتْيَانًا وَغَابًا مُقَوَّمَا (2) عَلَى الْخَيْلِ مَشْدُودًا عَلَيْنَا دُرُوعُنَا * وَرَجْلًا كَدُفَّاعِ الْأَتِيِّ عَرَمْرَمَا
فَإِنَّ سَرَاةَ الْحَيِّ إِنْ كُنْتَ سَائِلًا * سُلَيْمٌ وَفِيهِمْ مِنْهُمُ مَنْ تَسَلَّمَا وَجُنْدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا يَخْذُلُونَهُ * أَطَاعُوا فَمَا يَعْصُونَهُ مَا تَكَلَّمَا فَإِنْ تَكُ قَدْ أَمَّرْتَ فِي الْقَوْمِ خَالِدًا * وَقَدَّمْتَهُ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَا بِجُنْدٍ هَدَاهُ اللَّهُ أَنْتَ أَمِيرُهُ * تُصِيبُ بِهِ فِي الْحَقِّ مَنْ كَانَ أَظْلَمَا حَلَفْتُ يَمِينًا بَرَّةً لِمُحَمَّدٍ * فَأَكْمَلْتُهَا أَلْفًا مِنَ الْخَيْلِ مُلْجَمَا وَقَالَ نَبِيُّ الْمُؤْمِنِينَ تَقَدَّمُوا * وَحُبَّ إِلَيْنَا أَنْ نَكُونَ الْمُقَدَّمَا وَبِتْنَا بِنَهِيِ الْمُسْتَدِيرِ وَلَمْ يَكُنْ * بِنَا الْخَوْفُ إِلَّا رَغْبَةً وَتَحَزُّمَا أَطَعْنَاكَ حَتَّى أَسْلَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ * وَحَتَّى صَبَحْنَا الْجَمْعَ أَهْلَ يَلَمْلَمَا (3) يَضِلُّ الْحِصَانُ الْأَبْلَقُ الْوَرْدُ وَسْطَهُ * وَلَا يَطْمَئِنُّ الشَّيْخُ حَتَّى يُسَوَّمَا سَمَوْنَا لَهُمْ وِرْدَ الْقَطَا زَفَّهُ ضُحًى * وكلٌ تَرَاهُ عَنْ أَخِيهِ قَدَ احْجَمَا لَدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى تَرَكْنَا عَشِيَّةً * حُنَيْنًا وَقَدْ سَالَتْ دوامعه دَمَا إِذَا شِئْتَ مِنْ كُلٍّ رَأَيْتَ طِمِرَّةً * وَفَارِسَهَا يَهْوِي وَرُمْحًا مُحَطَّمَا وَقَدْ أَحْرَزَتْ مِنَّا هَوَازِنُ سَرْبَهَا * وَحُبَّ إِلَيْهَا أَنْ نَخِيبَ وَنُحْرَمَا
(1) دريئة: الكتيبة المدافعة.
(2)
الغاب: هنا الرماح.
(3)
يلملم: ميقات الحاج القادم من جهة اليمن، وهو جبل على مرحلتين من مكة (*) .