الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، سَأَلُوهُ أَنَّ يُسَيِّرَهُمْ (1) وَأَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ فَفَعَلَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ من ذينك الحصنين، فلمَّا سمع أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [يَسْأَلُونَهُ] أَنْ يُسَيِّرَهُمْ، وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُخَلُّوا لَهُ الْأَمْوَالَ فَفَعَلَ.
وَكَانَ مِمَّنْ مَشَى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ.
فَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ.
وعامل أهل فدك بمثل ذلك.
فصل فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا
قَالَ الْوَاقِدِيُّ لَمَّا تَحَوَّلَتِ الْيَهُودُ مِنْ حِصْنِ نَاعِمٍ وَحِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ إِلَى قَلْعَةِ الزُّبَيْرِ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقال لَهُ غزَّال (2) فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، تُؤمنني عَلَى أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَا تَسْتَرِيحُ بِهِ مِنْ أَهْلِ النَّطَاةِ وَتَخْرُجُ إِلَى أَهْلِ الشِّقِّ، فَإِنَّ أَهْلَ الشِّقِّ قَدْ هَلَكُوا
رُعْبًا مِنْكَ؟ قَالَ: فأمَّنه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّكَ لَوْ أَقَمْتَ شَهْرًا تُحَاصِرُهُمْ مَا بَالَوْا بِكَ، إِنَّ لَهُمْ تَحْتَ الْأَرْضِ دُبُولًا (3) يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَلْعَتِهِمْ.
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ دُبُولِهِمْ فَخَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ نَفَرٌ وَأُصِيبَ مِنَ الْيَهُودِ عَشَرَةٌ وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخِرَ حُصُونِ النَّطَاةِ.
وَتَحَوَّلَ إِلَى الشِّقِّ وَكَانَ بِهِ حُصُونٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ بَدَأَ بِهِ مِنْهَا حِصْنُ أُبَيٍّ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَلْعَةٍ يُقَالُ لَهَا سُمْوَانُ (4) فقاتل عليها أَشَدَّ الْقِتَالِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَزُولٌ (5) فَدَعَا إِلَى الْبَرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ نِصْفِ ذِرَاعِهِ وَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ الْيَهُودِيُّ رَاجِعًا فَاتَّبَعَهُ الْحُبَابُ فَقَطَعَ عُرْقُوبَهُ وَبَرَزَ مِنْهُمْ آخَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ الْيَهُودِيُّ فَنَهَضَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ وَأَحْجَمُوا عَنِ الْبَرَازِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ تَحَامَلُوا عَلَى الْحِصْنِ فَدَخَلُوهُ، وَأَمَامَهُمْ أَبُو دُجَانَةَ فَوَجَدُوا فِيهِ أَثَاثًا وَمَتَاعًا وَغَنَمًا وَطَعَامًا وَهَرَبَ من كان فيه
(1) يسيرهم: ينفيهم.
(2)
من مغازي الواقدي: وفي الاصل: عزال.
(3)
في الواقدي: ذيول.
والصواب ما أثبتناه، والدبول: جمع دبل وهو الجدول (القاموس) .
(4)
في مغازي الواقدي: سمران.
(5)
في الواقدي: غزال.
(*)
من المقاتلة، وتقحموا الجزر كأنهم الضباب (1) حتى صاروا إلى حصن البزاة (2) بِالشِّقِّ وَتَمَنَّعُوا أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، فَزَحَفَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فَتَرَامَوْا وَرَمَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الكريمة حتى أصاب نبلهم بنانه عليه الصلاة والسلام فَأَخَذَ عليه السلام كَفًّا مِنَ الْحَصَا فَرَمَى حِصْنَهُمْ بِهَا فَرَجَفَ بِهِمْ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ وَأَخَذَهُمُ الْمُسْلِمُونَ أَخْذًا بِالْيَدِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل الأخبية (3) والوطيح والسلالم حصني [ابن](4) أَبِي الْحُقَيْقِ وَتَحَصَّنُوا أَشَدَّ التَّحَصُّنِ، وَجَاءَ إِلَيْهِمْ كل من كان انهزم من النطاة إلى الشق فتحصنوا معهم في القموص وفي
الْكَتِيبَةِ وَكَانَ حِصْنًا مَنِيعًا، وَفِي الْوَطِيحِ وَالسُّلَالِمِ، وَجَعَلُوا لَا يَطْلُعُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ حَتَّى هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يَنْصِبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ وَقَدْ حَصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا نَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ فَصَالَحَهُ عَلَى حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَيُسَيِّرُهُمْ وَيُخَلُّونَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَالْأَمْوَالِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْكُرَاعِ وَالْحَلْقَةِ وَعَلَى الْبَزِّ، إِلَّا ما كان على ظهر إنسان - يَعْنِي لِبَاسَهُمْ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ كَتَمْتُمْ شَيْئًا فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ (5) .
قُلْتُ: وَلِهَذَا لَمَّا كَتَمُوا وَكَذَبُوا وَأَخْفَوْا ذَلِكَ الْمَسْكَ (6) الَّذِي كَانَ فِيهِ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ تَبَيَّنَ أنه لا عهد لهم فقتل ابني أَبِي الْحُقَيْقِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِهِ بِسَبَبِ نَقْضِ الْعُهُودِ مِنْهُمْ وَالْمَوَاثِيقِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنِي أبو الحسن علي بن محمد المقريّ الإسفرايني، حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حدَّثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا يَحْسَبُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء [والحلقة] وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ، وَلَا عَهْدَ فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَكَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينئذ [لِعَمِّ حُيَيٍّ] : مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِيرِ؟ فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ: الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الزبير
(1) في الواقدي: تقحموا الجدر كأنهم الظباء.
(2)
في الواقدي: النزار.
(3)
في المغازي: إلى الكتيبة.
(4)
من الواقدي.
(5)
مغازي الواقدي 2 / 669 - 671.
(6)
في الواقدي: مسك الجمل: وهو الجلد (كما في الصحاح) .
وفي حله: أسورة الذهب، ودمالج الذهب، وخلاخل الذهب وقرطة ونظم من جوهر وزمرد وخواتم وفتح (خاتم كبير) .
(*)
فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرِبَةٍ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا، فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرِبَةِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وقسَّم أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا، وَأَرَادَ إِجْلَاءَهُمْ منهما، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ [غِلْمَانٌ](1) يَقُومُونَ عَلَيْهَا، وَكَانُوا لَا يَفْرُغُونَ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشطر من كل زرع ونخيل وشئ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا (2) عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ، فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِي السُّحْتَ، وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ.
فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ.
قَالَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً فَقَالَ: يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضْرَةُ؟ فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي، وَقَالَ: تَتَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ.
قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ قَتَل زَوْجِي وَأَبِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكِ ألَّب عليَّ العرب، وفعل ما فعل حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ وَأَلْقَوْا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ.
فَقَالَ رَئِيسُهُمْ لَا تُخْرِجْنَا دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر.
فقال عمر: أتراني سقط عليَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ بك إذا وقصت بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا.
وَقَسَمَهَا عُمَرُ
بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سلمة.
قال البيهقي: وعلقه الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (3) .
قُلْتُ: وَلَمْ أَرَهُ فِي الْأَطْرَافِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيثي، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ نقرهم عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ التَّمْرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ، وَيَأْخُذُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) مَنْ البيهقي، وفي الاصل غلال وهو تحريف.
(2)
من البيهقي: وفي الاصل فيخرجها.
(3)
الحديث بتمامه في دلائل البيهقي ج 4 / 228 - 231، وما بين معكوفين في الحديث زيادة من الدلائل.
وأخرج شطره الاول أبو داود في كتاب الخراج والامارة.
باب ما جاء في حكم أرض خيبر (ح: 3006) والبخاري في 54 كتاب الشروط (14) إذا اشترط في المزارعة.
(*)
الْخُمُسَ، وَكَانَ أَطْعَمَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْخُمُسِ مِائَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ.
فَلَمَّا أَرَادَ عُمَرُ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُنَّ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُنَّ أن أقسم لها مِائَةَ وَسْقٍ فَيَكُونُ لَهَا أَصْلُهَا وَأَرْضُهَا وَمَاؤُهَا وَمِنَ الزَّرْعِ مَزْرَعَةً عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَلْنَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ نَعْزِلَ الَّذِي لَهَا فِي الْخُمُسِ كَمَا هُوَ فَعَلْنَا.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ: مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُمْ إِذَا شَاءَ فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ.
فَأَخْرَجَهُمْ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شئ وَاحِدٌ.
قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا.
تَفَرَّدَ بِهِ
دُونَ مُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ وبني عبد المطلب شئ وَاحِدٌ، إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ (1) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ دَخَلُوا مَعَهُمْ فِي الشِّعْبِ وَنَاصَرُوهُمْ فِي إِسْلَامِهِمْ وَجَاهِلِيَّتِهِمْ.
قُلْتُ وَقَدْ ذَمَّ أبو طالب بني عبد شمس ونوفلا حَيْثُ يَقُولُ: جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا * عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجلِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بن ثابت، ثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا.
قَالَ فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ (2) .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أنَّه سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا (3) لَيْسَ لهم شئ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ.
وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بِهِ.
وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ خَيْبَرَ بِكَمَالِهَا قُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال:
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي 38 غزوة خيبر.
وأبو داود في الخراج عن القواريري، وابن ماجة في الجهاد عن يونس بن عبد الا على.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر.
وأخرجه البيهقي في الدلائل من طريق سليم بن أخضر ج 4 / 238، وبإسناد البيهقي أخرجه مسلم في كتاب الجهاد.
باب كيفية قسمة الغنيمة (ح.
57) وأخرجه الترمذي في السير وقال: حسن صحيح.
(3)
ببانا: أي على وتيرة واحدة، وهي كلمة غير عربية.
(*)
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله افتتح خيبر عنوة بعد القتال وترك من ترك مِنْ أَهْلِهَا [عَلَى الْجَلَاءِ] بَعْدَ الْقِتَالِ، وَبِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ ثُمَّ قسَّم سَائِرَهَا عَلَى مَنْ شَهِدَهَا.
وَفِيمَا
قَالَهُ الزُّهْرِيُّ نَظَرٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ خَيْبَرَ جَمِيعَهَا لَمْ تُقْسَمْ وَإِنَّمَا قسم نصفها بين الناس كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ إِنْ شَاءَ قسَّمها وَإِنْ شَاءَ أَرْصَدَهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ شَاءَ قسَّم بَعْضَهَا وَأَرْصَدَ بَعْضَهَا لِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحَاجَاتِ وَالْمَصَالِحِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ (1) : حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لنوائبه، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قسَّمها بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا.
تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا فَعَيَّنَ نِصْفَ النَّوَائِبِ الْوَطِيحَ وَالْكَتِيبَةَ وَالسُّلَالِمَ وَمَا حِيزَ مَعَهَا، وَنِصْفَ الْمُسْلِمِينَ الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ وَمَا حِيزَ مَعَهُمَا وَسَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا حِيزَ مَعَهُمَا (2) .
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ فَقَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كَلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الثَّانِي لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالْأُمُورِ وَنَوَائِبِ النَّاس.
تفرَّد بِهِ أَبُو دَاوُدَ (3) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حدثنا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ سَمِعْتُ أَبِي يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعٍ يَقُولُ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ عن عمه مجمع بن حارثة الأنصاري - وكان أحد القراء الذين قرأوا الْقُرْآنَ - قَالَ قُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وخمسمائة فيهم ثلثمائة فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا (4) .
تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ بَعْضَ خيبر عنوة.
ورواه أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ وَهْبٍ: حدَّثني مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنْ خَيْبَرَ بَعْضُهَا كَانَ عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا وَالْكَتِيبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً وَفِيهَا صُلْحٌ، قُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا الْكَتِيبَةُ؟ قَالَ: أَرْضُ خَيْبَرَ وَهِيَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ
عَذْقٍ (5) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالْعَذْقُ النَّخْلَةُ.
وَالْعِذْقُ الْعُرْجُونُ.
وَلِهَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: حدثنا محمد بن
(1) سنن أبي داود كتاب الخراج حديث 3010 ج 3 / 159.
(2)
سنن أبي داود - كتاب الخراج ح 3013.
(3)
المصدر السابق حديث 3012.
(4)
سنن أبي داود - كتاب الخراج - حديث 3015.
(5)
سنن أبي داود كتاب الخراج حديث 3017.
(*)
بَشَّارٍ ثَنَا حَرَمِيٌّ، ثَنَا شُعْبَةُ ثَنَا عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الْآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا شَبِعْنَا - يَعْنِي مِنَ التَّمر - حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتِ الشَّقُّ وَالنَّطَاةُ فِي سُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ الشَّقُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَنَطَاةُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ قَسَمَ الْجَمِيعَ عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ سَهْمٍ وَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَنْ حَضَرَ خَيْبَرَ وَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَلَمْ يَغِبْ عَنْ خَيْبَرٍ مِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ إِلَّا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ (1) ، قَالَ وَكَانَ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَكَانَ مَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ فَصُرِفَ إِلَى كُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَزِيدَ الْمِائَتَا فَارِسٍ أَرْبَعَمِائَةِ سَهْمٍ لِخُيُولِهِمْ (2) .
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ معهما مائتا فَرَسٍ (3) .
قُلْتُ: وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ بِسَهْمٍ وَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ من سهمان الشق مع عاصم ابن عَدِيٍّ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتِ الْكَتِيبَةُ خُمُسًا لله تعالى وسهم للنبي صلى الله عليه وسلم وَسَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَطُعْمَةَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطُعْمَةَ أَقْوَامٍ مَشَوْا فِي صُلْحِ أَهْلِ فَدَكَ، مِنْهُمْ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ وَكَانَ وَادِيَاهَا اللَّذَانِ قُسِّمَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُمَا: وَادِي السُّرَيْرِ وَوَادِي خَاصٍ (4) .
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ
تَفَاصِيلَ الْإِقْطَاعَاتِ مِنْهَا فَأَجَادَ وَأَفَادَ رحمه الله.
قَالَ وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قِسْمَتَهَا وَحِسَابَهَا جَبَّارُ بْنُ صَخْرِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنهما.
قُلْتُ: وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى خَرْصِ نَخِيلِ خَيْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي فِي يَوْمِ مُؤْتَةَ وَلِي بَعْدَهُ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ (5) رضي الله عنه وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فجاء بتمر جنيب، فقال رسول صلَّى الله عليه وآله " أكل تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا
(1) قال الواقدي: تخلف عنها: مرى بن سنان، وأيمن بن عبيد، وسباع بن عرفطة - خلفه على المدينة - وجابر بن عبد الله ومات منهم رجلان فأسهم رسول الله لمن تخلف منهم ومن مات.
واسهم لثلاثة مرضى لم يحضروا القتال: سويد بن النعمان وعبد الله بن سعد بن خيثمة ورجل من بني خطامة.
واسهم للذين قتلوا من المسلمين.
(2)
سيرة ابن هشام ج 3 / 363 ونقله البيهقي عنه في الدلائل 4 / 237.
(3)
دلائل البيهقي 4 / 238.
(4)
خاص: في الاصل وفي معجم البلدان.
وقال السهيلي خاص تحريف وصوابه خلص.
(5)
في الواقدي: أبا الهيثم بن التيهان بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ابن رواحة يخرص عليهم.
(*)
بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ " لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا ".
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ وأمَّره عَلَيْهَا، وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ.
قُلْتُ: كَانَ سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَصَابَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا قَسَمَ بِخَيْبَرَ وَفَدَكَ بِكَمَالِهَا وَهِيَ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ نَزَلُوا مِنْ شِدَّةِ رُعْبِهِمْ مِنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَصَالَحُوهُ.
وَأَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا رِكَابٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لِرَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً وَكَانَ يَعْزِلُ مِنْهَا نَفَقَةَ أَهْلِهِ لِسَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ يَصْرِفُهُ فِي الْكُرَاعِ والسِّلاح وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ اعْتَقَدَتْ فَاطِمَةُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَكْثَرَهُنَّ - أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ تَكُونُ مَوْرُوثَةً عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُنَّ مَا ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " نَحْنُ مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ " وَلَمَّا طَلَبَتْ فَاطِمَةُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْعَبَّاسُ نَصِيبَهُمْ مِنْ ذلك وسألوا الصديق أن يسلمه إليهم، وذكر لَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لَا نورث ما تركنا صَدَقَةٌ " وَقَالَ: أَنَا أَعُولُ مَنْ كَانَ يَعُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ لَقَرَابَةُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَصَدَقَ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ فَإِنَّهُ الْبَارُّ الرَّاشِدُ فِي ذَلِكَ التَّابِعُ لِلْحَقِّ، وَطَلَبَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ عَلَى لِسَانِ فَاطِمَةَ إِذْ قَدْ فَاتَهُمُ الْمِيرَاثُ أَنْ يَنْظُرَا فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَأَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِي الْمَصَارِفِ الَّتِي كَانَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُهَا فِيهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمُ الصِّدِّيقُ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ فِيمَا كَانَ يَقُومُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ مَسْلَكِهِ وَلَا عَنْ سُنَنِهِ.
فَتَغَضَّبَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَوَجَدَتْ فِي نَفْسِهَا بَعْضَ الْمَوْجِدَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ.
وَالصِّدِّيقُ مَنْ قَدْ عَرَفَتْ هِيَ وَالْمُسْلِمُونَ مَحِلَّهُ وَمَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيَامَهُ فِي نُصْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا، وَتُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَدَّدَ عَلِيٌّ الْبَيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فلمَّا كَانَ أَيَّامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَأَلُوهُ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إِلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ وَثَقَّلُوا عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ فَفَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ وَاتِّسَاعِ مَمْلَكَتِهِ وَامْتِدَادِ رَعِيَّتِهِ، فَتَغَلَّبُ عَلَى عَلِيٍّ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ فِيهَا ثُمَّ تَسَاوَقَا يَخْتَصِمَانِ إِلَى عُمَرَ، وَقَدَّمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَسَأَلَا مِنْهُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا فَيَنْظُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْآخَرُ فَامْتَنَعَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ وَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِسْمَةُ تُشْبِهُ قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ، وَقَالَ: انْظُرَا فِيهَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، وَالَّذِي تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غير هذا.
فاستمرا فيها ومن بعدهما إلى وَلَدِهِمَا إِلَى أَيَّامِ بَنِي الْعَبَّاسِ تُصْرَفُ فِي الْمَصَارِفِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَصْرِفُهَا فِيهَا، أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ وَفَدَكَ وَسَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ خيبر.
(*)