المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أبو الأزهر، حدثنا موسى (1) بن اسمعيل، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 4

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌خَبَرُ يهود بني قينقاع في الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ [إلى ذي القردة]

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الأشرف

- ‌غزوة أُحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحد مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ

- ‌سنة أربع من الهجرة

- ‌ سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الأسد أبي طليحة الأسدي

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك

- ‌قصة جمل جابر

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ وَهِيَ بَدْرٌ الْمَوْعِدُ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق أو الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فصل الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبي رافع اليهودي

- ‌مقتل خالد بن سفيان الْهُذَلِيِّ

- ‌قصة عمرو بن العاص مع النجاشي

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة

- ‌نزول الحجاب صبيحة عرس زينب

- ‌سنة ست من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بني المصطلق من خزاعة

- ‌ قِصَّةَ الْإِفْكِ

- ‌غزوة الحديبية

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ

- ‌ فصل

- ‌ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل وَأَمَّا مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون

- ‌قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ مَنِ اسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌فصل مروره صلى الله عليه وآله بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ خَيْبَرَ

- ‌سرية بني حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء وَيُقَالُ القِصاص

- ‌قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فَصْلٌ [سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السَّلمي إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌فصل:

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كعب بن عمير إلى بني قضاعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في من استشهد يوم مؤتة فَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الآفاق وكتبه إليهم

- ‌بعثه إلى كسرى ملك الفرس

- ‌بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبي عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌ سَرِيَّةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فصل

- ‌صِفَةُ دُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌ سَبَبِ إِسْلَامِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل فيما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌من استشهد يوم حنين وأوطاس

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن

- ‌قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى الرَّسُولِ

- ‌إِسْلَامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى

- ‌الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: أبو الأزهر، حدثنا موسى (1) بن اسمعيل، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا

أبو الأزهر، حدثنا موسى (1) بن اسمعيل، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أسود اللون قبيح الوجه لَا مَالَ لِي فَإِنْ قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ حَتَّى

أُقْتَلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَقْتُولٌ فَقَالَ: لَقَدْ حسن الله وجهك وطيب روحك وَكَثَّرَ مَالَكَ وَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الحور العين يتنازعان جبته عليه يَدْخُلَانِ فِيمَا بَيْنَ جِلْدِهِ وَجُبَّتِهِ.

ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، فَقَالَ: أُهاجر مَعَكَ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ خَيْبَرَ غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَسَمَهُ، وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [فأخذه فجاء به النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذَا يا محمد؟ قال: قسم قسمته لك](2) فَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ.

ثُمَّ نَهَضُوا إِلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحْمَلُ وَقَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ.

وَكَفَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قدمه‌

‌ فصل

ى عليه وكان مِمَّا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خرج مهاجراً في سبيلك قتل شهيداً وأنا عَلَيْهِ شَهِيدٌ (3) .

وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عن ابن جريج به نحوه.

فصل

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وتدَّنى (4) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَمْوَالَ يَأْخُذُهَا مَالًا مَالًا وَيَفْتَتِحُهَا حِصْنًا حِصْنًا، وَكَانَ أَوَّلَ حُصُونِهِمْ فُتِحَ حصن ناعم، وعنده قتل محمود بن مسلمة، ألقيت عليه رحى منه فقتله، ثُمَّ الْقَمُوصُ حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ.

وَأَصَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمُ سَبَايَا مِنْهُنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَكَانَتْ عِنْدَ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الحقيق وبنتي عَمٍّ لَهَا، فَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَدْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ فَلَمَّا اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ أَعْطَاهُ ابْنَتَيْ عَمِّهَا.

قَالَ: وَفَشَتِ السَّبَايَا مِنْ خَيْبَرَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَأَكَلَ النَّاسُ لُحُومَ الْحُمُرِ، فَذَكَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُمْ عَنْ أَكْلِهَا (5) .

وَقَدِ اعْتَنَى الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْفَصْلِ فَأَوْرَدَ النَّهْيَ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ جَيِّدَةٍ وَتَحْرِيمُهَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا وَهُوَ مذهب الأئمة الأربعة.

وقد ذهب بعض

(1) في البيهقي: مؤمل.

(2)

من البيهقي.

(3)

الاخبار رواها البيهقي في الدلائل ج 4 / 220 - 222.

(4)

تدنى: أي أخذ الادنى فالادنى.

(5)

سيرة ابن هشام 3 / 345.

(*)

ص: 218

السَّلَفِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى إِبَاحَتِهَا وَتَنَوَّعَتْ أَجْوِبَتُهُمْ عَنِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهَا فَقِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ ظَهْرًا يَسْتَعِينُونَ بِهَا فِي الْحَمُولَةِ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ خُمِّسَتْ بَعْدُ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ يَعْنِي جَلَّالَةً.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نُهِيَ عَنْهَا لِذَاتِهَا فَإِنَّ فِي الْأَثَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ فَأَكْفَئُوهَا وَالْقُدُورُ تَفُورُ بِهَا.

وَمَوْضِعُ تَقْرِيرِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي سَلَّامُ بْنُ كِرْكِرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَشْهَدْ جَابِرٌ خَيْبَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَهَى النَّاسَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ، أَذِنَ لَهُمْ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ ورخَّص فِي الْخَيْلِ.

لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مَكْحُولٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُمْ يَوْمَئِذٍ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ إِتْيَانِ الْحَبَالَى مِنَ النِّسَاءِ، وَعَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ.

وَهَذَا مُرْسَلٌ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ عن حسن الصَّنْعَانِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَغْرِبَ، فَافْتَتَحَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْمَغْرِبِ يقال لها جربة (1)، فقام فيها خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَا أَقُولُ فِيكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ، قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أن يسقي ماء زَرْعَ غَيْرِهِ، يَعْنِي إِتْيَانَ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ، لَا

يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصِيبَ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرْكَبَ دابة من فئ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يلبس يوما من فئ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ (2) .

وَهَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.

ورواه الترمذي عن حفص بن عمرو الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أيوب عن ربيعة بن سليم عن بشر بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ مُخْتَصَرًا.

وَقَالَ حَسَنٌ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ أَكْلِ الثُّومِ.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ عَلِيٍّ وَشَرِيكِ بْنِ الْحَنْبَلِ أَنَّهُمَا ذَهَبَا إِلَى تَحْرِيمِ الْبَصَلِ والثوم النئ.

والذي نقله الترمذي عنهما الكراهة فالله فأعلم.

وَقَدْ تكلَّم النَّاس فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خيبر، وعن

(1) جربة: بالكسر: جزيرة بالمغرب من ناحية قابس (معجم البلدان) .

(2)

الخبر في سيرة ابن هشام 3 / 346.

(*)

ص: 219

لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ.

هَذَا لَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ يَقْتَضِي تَقْيِيدَ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ بِيَوْمِ خَيْبَرَ وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نِسَاءٌ يَتَمَتَّعُونَ بِهِنَّ إِذْ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ الِاسْتِغْنَاءُ بِالسِّبَاءِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مسلم عن الربيع بن سبرة عن مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَهُمْ فِي الْمُتْعَةِ زَمَنَ الْفَتْحِ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى نَهَى عَنْهَا وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ نَهَى عَنْهَا ثُمَّ أَذِنَ فِيهَا ثُمَّ حُرِّمَتْ فَيَلْزَمُ النَّسْخُ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَمَعَ هَذَا فَقَدَ نصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا أُبِيحَ ثُمَّ حُرِّمَ ثُمَّ أُبِيحُ ثُمَّ حُرِّمَ غَيْرَ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَمَا حَدَاهُ عَلَى هَذَا رحمه الله إِلَّا اعْتِمَادُهُ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (1)

وَقَدْ حَكَى السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهَا أُبِيحَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَحُرِّمَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ آخَرُونَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاخْتَلَفُوا أَيُّ وَقْتٍ أَوَّلُ مَا حُرِّمَتْ فَقِيلَ فِي خَيْبَرَ وَقِيلَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَقِيلَ في عام الفتح وهذا يَظْهَرُ وَقِيلَ فِي أَوْطَاسٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقِيلَ فِي تَبُوكَ وَقِيلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِمَا - وَكَانَ حَسَنٌ أَرْضَاهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا - أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِابْنِ عبَّاس: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الحمر الأهلية زمن خيبر.

قالوا فاعتقدنا الرَّاوِي أَنَّ قَوْلَهُ خَيْبَرَ ظَرْفٌ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ ظَرْفٌ لِلنَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَأَمَّا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ظَرْفًا وَإِنَّمَا جَمَعَهُ مَعَهُ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَجَمَعَ لَهُ النَّهْيَ لِيَرْجِعَ عَمَّا كَانَ يَعْتَقِدُهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِبَاحَةِ.

وَإِلَى هَذَا التَّقْرِيرِ كَانَ مَيْلُ شَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي الحجَّاج المزِّي تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ.

وَمَعَ هَذَا مَا رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَمَّا كَانَ يَذْهَبُ [إِلَيْهِ] مِنْ [إِبَاحَةِ] الْحُمُرِ وَالْمُتْعَةِ، أَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْحُمُرِ فَتَأَوَّلَهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَتَهُمْ، وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَإِنَّمَا كَانَ يُبِيحُهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي الْأَسْفَارِ، وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ وَالْوِجْدَانِ وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَشْهُورًا عَنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ إِلَى زَمَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَبَعْدَهُ.

وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةٌ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَحَاوَلَ بَعْضُ من صنف في الحلال نقل رواية عن الإمام بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَوْضِعُ تَحْرِيرِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَبِاللَّهِ المستعان.

(1) بياض بالاصول بمقدار سطر.

(*)

ص: 220

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَدَنَّى الْحُصُونَ وَالْأَمْوَالَ، فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ: أَنَّ بَنِي سَهْمٍ مِنْ أَسْلَمَ أَتَوْا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جُهِدْنَا وَمَا بِأَيْدِينَا شئ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا يُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنك قد عرفت حالهم وإن ليست لهم قوة وإن ليس بيدي شئ أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غنى، وَأَكْثَرَهَا طَعَامًا وَوَدَكًا.

فَغَدَا النَّاسُ، فَفُتِحَ عَلَيْهِمْ حِصْنُ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَا بِخَيْبَرَ حِصْنٌ كَانَ أَكْثَرَ طَعَامًا وَوَدَكًا مِنْهُ (1) .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُصُونِهِمْ مَا افْتَتَحَ وَحَازَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا حَازَ، انْتَهَوْا إِلَى حِصْنِهِمُ الْوَطِيحِ وَالسُّلَالِمِ وَكَانَ آخِرَ حُصُونِ خَيْبَرَ افْتِتَاحًا فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعَ عشر لَيْلَةً.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ شِعَارُهُمْ يَوْمَ خَيْبَرَ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ (2) .

قَالَ ابْنُ إسحاق: وحدثني بريدة بن سفيان الأسدي الْأَسْلَمِيُّ عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي سَلِمَةَ عَنْ أبي اليسر كعب بن عمرو قال: إني لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ إِذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلٍ مِنْ يَهُودَ تُرِيدُ حِصْنَهُمْ، وَنَحْنُ مُحَاصِرُوهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ رَجُلٌ يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ؟ قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَافْعَلْ.

قَالَ فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ مِثْلَ الظَّلِيمِ (3) فَلَمَّا نظر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا قَالَ: اللَّهُمَّ أَمْتِعْنَا بِهِ قَالَ: فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَتْ أَوَّلُهَا الْحِصْنَ (4) ، فَأَخَذْتُ شَاتَيْنِ مِنْ أُخْرَاهَا، فَاحْتَضَنْتُهُمَا تَحْتَ يَدِي، ثُمَّ جئت بهما أشتد كأنه ليس معي شئ حَتَّى أَلْقَيْتُهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَبَحُوهُمَا فَأَكَلُوهُمَا، فَكَانَ أَبُو الْيَسَرِ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم موتاً وكان إذا حدث الْحَدِيثَ بَكَى، ثمَّ قَالَ: أُمْتِعُوا بِي لَعَمْرِي حتى كنت من آخرهم (5) .

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدَيِّ أَوْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَدِمَ وَالثَّمَرَةُ خَضِرَةٌ قَالَ فأسرع الناس إليها، فَحُمُّوا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَرِّسُوا الماء في الشنان (6) ثم يجرونه عليهم إذا أتى الفجر، ويذكرون اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا نُشِطُوا من عقل.

قال البيهقي ورويناه عن

(1) في مغازي الواقدي: حصن النطاة، وكان فيه خمسمائة مقاتل.

وفيه: الطعام والودك والماشية والمتاع (والودك: دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه) .

(2)

الخبران في ابن هشام 3 / 347.

(3)

الظليم: ذكر النعام.

(4)

في الواقدي، كان ذلك خلال حصارهم حصن الصعب بن معاذ.

(5)

الخبر في سيرة ابن هشام 3 / 350 ومغازي الواقدي: 2 / 660.

(6)

يقرسوا: يبردوا.

الشنان: الاسقية الخلقة، وهي أشد تبريدا للماء من الجدد.

(*)

ص: 221