المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 4

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌خَبَرُ يهود بني قينقاع في الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ [إلى ذي القردة]

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الأشرف

- ‌غزوة أُحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحد مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ

- ‌سنة أربع من الهجرة

- ‌ سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الأسد أبي طليحة الأسدي

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك

- ‌قصة جمل جابر

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ وَهِيَ بَدْرٌ الْمَوْعِدُ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق أو الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فصل الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبي رافع اليهودي

- ‌مقتل خالد بن سفيان الْهُذَلِيِّ

- ‌قصة عمرو بن العاص مع النجاشي

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة

- ‌نزول الحجاب صبيحة عرس زينب

- ‌سنة ست من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بني المصطلق من خزاعة

- ‌ قِصَّةَ الْإِفْكِ

- ‌غزوة الحديبية

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ

- ‌ فصل

- ‌ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل وَأَمَّا مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون

- ‌قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ مَنِ اسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌فصل مروره صلى الله عليه وآله بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا إِلَى نَاحِيَةِ خَيْبَرَ

- ‌سرية بني حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء وَيُقَالُ القِصاص

- ‌قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فَصْلٌ [سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السَّلمي إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌فصل:

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كعب بن عمير إلى بني قضاعة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في من استشهد يوم مؤتة فَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الآفاق وكتبه إليهم

- ‌بعثه إلى كسرى ملك الفرس

- ‌بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبي عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌ سَرِيَّةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فصل

- ‌صِفَةُ دُخُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌ سَبَبِ إِسْلَامِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل فيما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌من استشهد يوم حنين وأوطاس

- ‌ما قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌مرجعه عليه السلام من الطائف وقسمة غنائم هوازن

- ‌قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى الرَّسُولِ

- ‌إِسْلَامُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى

- ‌الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة

كَمَا تَقَدَّمَ فَأَقَامُوا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحِصَارِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَمَاتَ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ بِقَلِيلٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ فَتْحَ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَصَدْرِ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ: وَوَلِيَ تِلْكَ الْحِجَّةَ الْمُشْرِكُونَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْثِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه: لَقَدْ سَجَمَتْ مِنْ دَمْعِ عَيْنِيَ عَبْرَةٌ * وَحُقَّ لِعَيْنِي أَنْ تَفِيضَ عَلَى سَعْدٍ قَتِيلٌ ثَوَى فِي مَعْرَكٍ فُجِعَتْ بِهِ * عُيُونٌ ذَوَارِي الدَّمْعِ دَائِمَةُ الْوَجْدِ (1) عَلَى مِلَّةِ الرَّحْمَنِ وَارِثِ جنَّة * مَعَ الشُّهَدَاءِ وفدها أكرم الوفد فإن تك قد وعدتنا وَتَرَكْتَنَا * وَأَمْسَيْتَ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةِ اللَّحْدِ فَأَنْتَ الَّذِي يَا سَعْدُ أُبْتَ بِمَشْهَدٍ * كَرِيمٍ وَأَثْوَابِ المكارم والمجد (2) بِحُكْمِكَ فِي حَيَّيْ قُرَيْظَةَ بِالَّذِي * قَضَى اللَّهُ فِيهِمْ مَا قَضَيْتَ عَلَى عَمْدِ فَوَافَقَ حُكْمَ اللَّهِ حُكْمُكَ فِيهِمُ * وَلَمْ تَعْفُ إِذْ ذُكِّرْتَ مَا كَانَ مِنْ عَهْدِ فَإِنْ كَانَ رَيْبُ الدَّهْرِ أَمْضَاكَ فِي الْأُلَى * شَرَوْا هَذِهِ الدُّنْيَا بِجَنَّاتِهَا الْخُلْدِ فَنِعْمَ مَصِيرُ الصَّادِقِينَ إِذَا دُعُوا * إلى الله يوما للوجاهة والقصد

‌فصل الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حجَّاج بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عازب قَالَ: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: اهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا

وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَخُو بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ (قُلْتُ: وَذَلِكَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ) : وَمُشْفِقَةٍ تَظُنُّ بِنَا الظُّنُونَا * وَقَدْ قُدْنَا عَرَنْدَسَةً طَحُونًا (3) كَأَنَّ زُهَاءَهَا أُحُدٌ إِذَا مَا * بَدَتْ أَرْكَانُهُ لِلنَّاظِرِينَا تَرَى الْأَبْدَانَ فِيهَا مُسْبِغَاتٍ * عَلَى الْأَبْطَالِ وَالْيَلَبِ الْحَصِينَا (2)

(1) ذواري الدمع: تسكبه وغزيرته.

(2)

في ابن هشام: والحمد بدل والمجد.

(3)

عرندسة: الشديدة القوة.

والعرندس: القوي، يريد الكتيبة.

(4)

اليلب: الترس أو الدروع من الجلد (*)

ص: 149

وَجُرْدًا كَالْقِدَاحِ مُسَوَّمَاتٍ * نَؤُمُّ بِهَا الغَواة الْخَاطِئِينَا كَأَنَّهُمُ إِذَا صَالُوا وصُلنا * بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ مُصَافِحُونَا أناسٌ لَا نَرَى فِيهِمْ رَشِيدًا * وَقَدْ قَالُوا أَلَسْنَا رَاشِدِينَا فَأَحْجَرْنَاهُمُ شَهْرًا كَرِيتًا * وَكُنَّا فَوْقَهُمْ كَالْقَاهِرِينَا (1) نُراوحهم وَنَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ * عَلَيْهِمْ فِي السِّلَاحِ مُدَجَّجِينَا بِأَيْدِينَا صَوَارِمُ مُرْهَفَاتٌ * نقدُّ بِهَا الْمَفَارِقَ وَالشُّئُونَا (2) كَأَنَّ وَمِيضَهُنَّ معرِّيات * إِذَا لَاحَتْ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا وميضُ عقيقةٍ لَمَعَتْ بليلٍ * تَرَى فِيهَا الْعَقَائِقَ مُسْتَبِينَا فَلَوْلَا خَنْدَقٌ كَانُوا لَدَيْهِ * لَدَمَّرْنَا عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَا وَلَكِنْ حَالَ دُونَهُمُ وَكَانُوا * بِهِ مِنْ خَوْفِنَا مُتَعَوِّذِينَا فَإِنْ نَرْحَلْ فَإِنَّا قَدْ تَرَكْنَا * لَدَى أَبْيَاتِكُمْ سَعْدًا رَهِينَا

إِذَا جن الظلام سمعت نوحاً * عَلَى سعدٍ يُرَجِّعْنَ الْحَنِينَا وَسَوْفَ نَزُورُكُمْ عَمَّا قريبٍ * كَمَا زُرْنَاكُمُ مُتَوَازِرِينَا بجمعٍ مِنْ كِنَانَةَ غَيْرِ عُزلٍ * كَأُسْدِ الْغَابِ إِذْ حمَت الْعَرِينَا قَالَ: فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: وسائلةٍ تُسَائِلُ مَا لَقِيَنَا * وَلَوْ شهدتُ رَأَتْنَا صَابِرِينَا صَبَرْنَا لَا نَرَى لِلَّهِ عِدْلًا * عَلَى مَا نَابَنَا مُتَوَكِّلِينَا وَكَانَ لَنَا النَّبِيُّ وَزِيرَ صدقٍ * بِهِ نَعْلُو الْبَرِيَّةَ أَجْمَعِينَا نقاتلُ مَعْشَرًا ظَلَمُوا وَعَقُّوا * وَكَانُوا بِالْعَدَاوَةِ مُرْصِدِينَا نُعَالِجُهُمْ إِذَا نَهَضُوا إِلَيْنَا * بِضَرْبٍ يُعْجِلُ الْمُتَسَرِّعِينَا تَرَانَا فِي فَضَافِضَ سابغاتٍ * كغُدران الْمَلَا مُتَسَرْبلينا (3) وَفِي أَيْمَانِنَا بِيضٌ خِفَافٌ * بِهَا نَشْفِي مِراح الشَّاغِبِينَا بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ كَأَنَّ أُسْدًا * شَوَابِكُهُنَّ يَحْمِينَ الْعَرِينَا فَوَارِسُنَا إِذَا بَكَرُوا وَرَاحُوا * عَلَى الْأَعْدَاءِ شُوسًا مُعْلِمِينَا (4) لِنَنْصُرَ أَحَمَدًا والله حتى * نكون عبادَ صدقٍ مخلصينا

(1) شهرا كريتا: أي شهرا كاملا.

(2)

الشؤون: جمع شأن: مجمع العظام في أعلى الرأس.

(3)

الفضافض: الدروع المتسعة.

والملا: المتسع من الارض، وقيل الصحراء.

(4)

الشوس: جمع أشوس، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه كبرا.

والمعلم: (فتح وكسر الللام) الذي يجعل لنفسه علامة في الحرب يعرف بها.

(*)

ص: 150

وَيَعْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ حِينَ سَارُوا * وَأَحْزَابٌ أَتَوْا مُتَحَزِّبِينَا بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ * وَأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَا

فَإِمَّا تَقْتُلُوا سَعْدًا سَفَاهًا * فإن الله خير القادرينا سيدخله جناتاً طيباتٍ * تَكُونُ مُقَامَةً لِلصَّالِحِينَا كَمَا قَدْ ردَّكم فَلًّا شَرِيدًا * بِغَيْظِكُمُ خَزَايَا خَائِبِينَا خَزَايَا لَمْ تَنَالُوا ثَمَّ خَيْرًا * وَكِدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا دَامِرِينَا بريحٍ عَاصِفٍ هبتْ عَلَيْكُمْ * فَكُنْتُمْ تَحْتَهَا متكمِّهينا (1) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ (قُلْتُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ) حيِّ الدِّيَارَ مَحَا معارفَ رَسْمِهَا * طولُ الْبِلَى وتراوحُ الْأَحْقَابِ فَكَأَنَّمَا كَتَبَ اليهودُ رُسُومَهَا * إِلَّا الْكَنِيفَ وَمَعْقِدَ الْأَطْنَابِ (2) قَفْرًا كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَلْهُو بِهَا * فِي نعمةٍ بِأَوَانِسٍ أَتْرَابِ فَاتْرُكْ تذكُّر مَا مَضَى مِنْ عيشةٍ * ومحلَّة خلقِ الْمُقَامِ يَبَابِ وَاذْكُرْ بَلَاءَ معاشرٍ واشكرهمُ * سَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ مَنِ الْأَنْصَابِ أَنْصَابِ مكةَ عَامِدِينَ لِيَثْرِبَ * فِي ذِي غياطلَ جحفلٍ جبجاب (3) يدع الحرُون مَنَاهِجًا مَعْلُومَةً * فِي كُلِّ نشْزٍ ظاهرٍ وشِعاب فيها الجيادُ شوازبٌ مجنوبةٌ * قُبَّ البطون واحقُ الْأَقْرَابِ (4) مِنْ كُلِّ سلهبةٍ وأجردَ سَلْهَبٍ * كالسيدِ بَادَرَ غفلةَ الرُّقَّابِ جيشُ عيينةُ قَاصِدٌ بِلِوَائِهِ * فِيهِ وصخرُ قَائِدُ الْأَحْزَابِ قَرْمَانِ كَالْبَدْرَيْنِ أَصْبَحَ فِيهِمَا * غَيْثُ الْفَقِيرِ ومعقلُ الْهُرَّابِ حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَدَوْا * لِلْمَوْتِ كُلَّ مجرَّب قضَّاب شَهْرًا وَعَشْرًا قَاهِرِينَ مُحَمَّدًا * وصحابُهُ فِي الْحَرْبِ خيرُ صِحَابِ نَادَوْا بِرِحْلَتِهِمْ صبيحةَ قُلْتُمُ * كِدْنَا نَكُونُ بِهَا مَعَ الخيَّاب لَوْلَا الخنادقُ غَادَرُوا مِنْ جَمْعِهِمْ * قَتْلَى لطيرٍ سُغّب وَذِئَابِ

قَالَ فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه فَقَالَ: هَلْ رَسْمُ دَارِسَةِ الْمُقَامِ يَبَابِ * مُتَكَلِّمٌ لمحاور بجواب

(1) المتكمه: الاعمى الذي لا يبصر.

(2)

الكنيف: الحظيرة، الزريبة للابل.

والاطناب: الحبال التي تشد بها الخيام والاخبية.

(3)

الغياطل: الجيوش كثيرة الاصوات.

والجبجاب: الكثير.

(4)

الشوازب: الضوامر.

المجنونة: المقودة، التي تقاد.

قب: ضامرة.

الاقراب: جمع قرب، وهي الخاصرة.

(*)

ص: 151

قَفْرٌ عَفَا رهمُ السَّحَابِ رسومَه * وَهُبُوبُ كُلِّ مطلةٍ مِرْبَابِ (1) وَلَقَدْ رأيتُ بِهَا الْحُلُولَ يزينُهم * بيض الوجوه ثواقبُ الأحساب فدع الديارَ وَذِكْرَ كُلِّ خريدةٍ * بيضاءَ أنسةِ الْحَدِيثِ كَعاب واشكُ الْهُمُومَ إِلَى الْإِلَهِ وَمَا تَرَى * من معشرٍ ظلموا الرسول غضاب ساروا بأجمعهم إِلَيْهِ وألَّبوا * أَهْلَ الْقُرَى وبواديَ الْأَعْرَابِ جيشٌ عيينةُ وَابْنُ حربٍ فِيهِمُ * مُتَخَمِّطُونَ بحلبةِ الْأَحْزَابِ (2) حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَجَوْا * قَتْلَ الرَّسُولِ وَمَغْنَمَ الْأَسْلَابِ وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بِأَيْدِهِمْ * رُدوا بِغَيْظِهِمُ عَلَى الْأَعْقَابِ بهبوبِ معصفةٍ تُفرِّق جَمْعَهُمْ * وجنودُ رَبِّكَ سَيِّدِ الْأَرْبَابِ فَكَفَى الْإِلَهُ المؤمنينَ قِتَالَهُمْ * وَأَثَابَهُمْ فِي الْأَجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ففرَّق جَمْعَهُمْ * تَنْزِيلُ نَصْرِ مَلِيكِنَا الْوَهَّابِ وَأَقَرَّ عَيْنَ محمدٍ وَصِحَابِهِ * وَأَذَلَّ كُلَّ مكذِّب مُرْتَابِ عَاتِي الْفُؤَادِ موقعٌ ذِي رِيبَةٍ * فِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِطَاهِرِ الْأَثْوَابِ عِلَق الشقاءُ بِقَلْبِهِ فَفُؤَادُهُ * فِي الْكُفْرِ آخِرَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ قَالَ وَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَيْضًا فَقَالَ:

أَبْقَى لَنَا حدثُ الْحُرُوبِ بَقِيَّةً * مِنْ خَيْرِ نحلةِ رَبِّنَا الْوَهَّابِ بيضاءَ مُشْرِفَةِ الذُرى وَمَعَاطِنًا * حُمَّ الْجُذُوعِ غَزِيرَةَ الْأَحْلَابِ (3) كَاللُّوبِ يُبذل جمُّها وَحَفِيلُهَا * لِلْجَارِ وَابْنِ العمِّ والمنتاب (4) ونزائعاً مثل السراج نَمَى بِهَا * علفُ الشَّعِيرِ وجزَّة الْمِقْضَابِ (5) عرَّى الشَّوى مِنْهَا وَأَرْدَفَ نَحْضَهَا * جردُ الْمُتُونِ وَسَائِرِ الأراب (6) قَوْداً تُراح إلى الصباح إذا غدت * فعلَ الضِّراء تُراحُ للكلاب (7)

(1) رهم: جمع رهمة.

وهو المطر الضعيف.

مرباب: دائمة.

(2)

متخمطون: مختلطون.

ويقال: المتخمط: الشديد الغضب والمتكبر.

قاله أبو ذر في شرح السيرة.

(3)

المعاطن: منابت النخل عند الماء، شبهها بمعاطن الابل وهي مباركها عند الماء (الروض 2 / 204) .

حم الجذوع: السواد، وصفها بالحمة لانها تضرب إلى السواد من الخضرة والنعمة (السهيلي 2 / 204) .

(4)

اللوب: جمع لوبة، وهي الحرة: أرض ذات حجارة سوداء.

واللوب أيضا: النحل، ويحتمل تشبيهه بالنحل لكثرتها.

(5)

النزائع: الخيل العربية التي حملت من أرضها إلى أرض أخرى.

(6)

الشوى: القوائم.

النخص: اللحم.

جرد المتون: ملس الظهور.

والاراب: جمع إربة وهي المفاصل.

(7)

القود: الطوال الاعناق.

الكلاب: جمع كالب، الصائد صاحب الكلاب.

(*)

ص: 152

وتحوط سائمة الديار وتارةً * تُردي العدى وتئوبُ بِالْأَسْلَابِ حوشُ الْوُحُوشِ مُطَارَةً عِنْدَ الْوَغَى * عبسُ اللِّقَاءِ مُبِينَةَ الْإِنْجَابِ (1) عُلفت عَلَى دَعَةٍ فَصَارَتْ بُدناً * دُخْسُ الْبَضِيعِ خَفِيفَةَ الْأَقْصَابِ يَغْدُونَ بِالزَّغْفِ الْمُضَاعَفِ شكَّه * وبمترصاتٍ فِي الثَّقاف صِيَابِ (2) وصوارمٍ نزعَ الصياقلُ عُلبها * وَبِكُلِّ أروعَ ماجدِ الْأَنْسَابِ يصلُ الْيَمِينَ بمارنٍ مُتَقَارِبٍ * وُكِلَتْ وَقِيعَتُهُ إِلَى خَباب (3)

وَأَغَرَّ أَزْرَقَ فِي الْقَنَاةِ كَأَنَّهُ * فِي طُخْيَةِ الظَّلْمَاءِ ضوءُ شِهَابِ وكتيبةٍ يَنْفِي الْقِرَانَ قتيرُها * وتردُّ حَدَّ قواحِزِ النُّشَّابِ (4) جَأْوَى ململمةً كأن رماحها * في كل مجمعةٍ صريمة غَابِ (5) تَأْوِي إِلَى ظِلِّ اللِّوَاءِ كَأَنَّهُ * فِي صعدة الخطي فئ عُقاب أَعْيَتْ أَبَا كربٍ وَأَعْيَتْ تُبَّعًا * وَأَبَتْ بَسَالَتُهَا عَلَى الْأَعْرَابِ ومواعظٍ مِنْ رَبِّنَا نُهْدَى بِهَا * بِلِسَانِ أَزْهَرَ طَيِّبِ الْأَثْوَابِ عُرِضَتْ عَلَيْنَا قاشتهينا ذِكْرَهَا * مِنْ بَعْدِ مَا عُرِضَتْ عَلَى الْأَحْزَابِ خكما يَرَاهَا الْمُجْرِمُونَ بِزَعْمِهِمْ * حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ جَاءَتْ سخينةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا * فَلَيُغْلَبَنَّ مغالبُ الْغَلَّابِ (7) قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ: لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا.

قُلْتُ وَمُرَادُهُ بِسَخِينَةَ قُرَيْشٌ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمُ الطَّعَامَ السُّخْنَ الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ لِغَيْرِهِمْ غَالِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي (8) فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا: مَنْ سرَّه ضربٌ يُمَعْمِعُ بعضه * بعضاً كمعمعة الاباء المحرق (9)

(1) حوش: الوحشية.

مطارة: مستخفة.

(2)

دخس: كثيرة اللحم.

(3)

المترصات: الشديدات.

الزغف: الدروع اللينة الواسعة.

(4)

وقيعته: صنعه وصقله.

خباب: اسم قين.

(5)

القتير: مسامير حلق الدرع.

قواحز: النبال التي تصيب الافخاذ، وفي ابن هشام: قواحذ.

(6)

جأوى يخالط سوادها حمرة.

والصريمة: اللهب المتوقد، وفي ابن هشام: الضريمة.

(7)

سخينة: لقب قريش في الجاهلية.

(8)

قال السهيلي: كان العرب إذا أسنتوا أكلوا العلهز، وهو الوبر والدم، وتأكل قريش الخزيرة، فنفست عليهم ذلك.

فلقبوهم سخينة.

(9)

الاباء: من ابن هشام، وفي الاصل الاناء.

والاباء القصب واحدته: إباءة.

(*)

ص: 153

فيأت مأسدة تس سيوفها * بين المذاد وبين جذع الْخَنْدَقِ (1) دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا * مُهَجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لربِّ الْمَشْرِقِ فِي عُصبةٍ نصرَ الْإِلَهُ نبيَّه * بهمُ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفَقِ فِي كُلِّ سابغةٍ تخطّ فُضُولها * كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ (2) بيضاءَ محكمةٍ كأن قتيرها * حدق الجنادب ذا سك (نسك) مُوثَقِ جَدْلَاءَ يَحْفِزُهَا نِجَادُ مهندٍ * صَافِي الْحَدِيدَةِ صارمٍ ذِي رَوْنَقِ (3) تِلْكُمْ مَعَ التَّقْوَى تَكُونُ لباسَنا * يَوْمَ الْهِيَاجِ وَكُلَّ سَاعَةِ مَصْدَقِ نصلُ السُّيُوفَ إِذَا قَصَرْنَ بِخَطْوِنَا * قُدُمًا وَنُلْحِقُهَا إِذَا لم تلحق.

فترق الْجَمَاجِمَ ضَاحِيًا هَامَاتُهَا * بُله الْأَكُفَّ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَقِ (4) نَلْقَى الْعَدُوَّ بفخمةٍ ملمومةٍ * تَنْفِي الْجُمُوعَ كَقَصْدِ رَأَسِ الْمُشْرِقِ (5) ونعدُّ لِلْأَعْدَاءِ كُلَّ مُقَلَّصٍ * وَرْدٍ وَمَحْجُولِ الْقَوَائِمِ أَبْلَقِ تَرْدِي بِفُرْسَانٍ كَأَنَّ كُمَاتَهُمْ * عِنْدَ الْهِيَاجِ أسودُ طَلٍّ مُلْثِقِ (6) صُدقٍ يعاطون الكماة حتوفهم * تحت العماية بالوشيح الْمُزْهِقِ أَمَرَ الْإِلَهُ بِرَبْطِهَا لِعَدُوِّهِ * فِي الْحَرْبِ إِنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوَفِّقِ لِتَكُونَ غَيْظًا لِلْعَدُوِّ وحيِّطاً * لِلدَّارِ إِنْ دَلَفَتْ خُيُولُ النُّزَّقِ وَيُعِينُنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ بِقُوَّةٍ * مِنْهُ وَصِدْقِ الصَّبْرِ سَاعَةَ نَلْتَقِي وَنُطِيعُ أَمْرَ نَبِيِّنَا وَنُجِيبُهُ * وَإِذَا دَعَا لكريهة لم نسبق ومتى ينادى للشدائد نَأْتِهَا * وَمَتَى نَرَى الْحَوْمَاتِ فِيهَا نُعْنِقِ

مَنْ يَتَّبِعْ قَوْلَ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ * فَينَا مُطَاعُ الْأَمْرِ حَقُّ مُصَدَّقِ فَبِذَاكَ يَنْصُرُنَا وَيُظْهِرُ عِزَّنَا * وَيُصِيبُنَا مِنْ نَيْلِ ذَاكَ بِمِرْفَقِ إِنَّ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا * كَفَرُوا وَضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ الْمُتَّقِي قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا: لَقَدْ عَلِمَ الْأَحْزَابُ حِينَ تَأَلَّبُوا * عَلَيْنَا وَرَامُوا ديننا ما نوادع

(1) المذاد: موضع بالمدينة حيث حفر الخندق.

(2)

النهي: الغدير.

(3)

جدلاء: الدرع المحكمة النسج.

نجاد: حمائل السيف.

(4)

بله: اسم فعل بمعنى اترك ودع (5) المشرق: جبل بين الصريف والعصيم من أرض ضبة (معجم البلدان) .

(6)

ملثق: ما يكون عن الطل من زلق وطين.

والاسد أجوع ما تكون وأجرأ في ذلك الحين.

(*)

ص: 154

أضاميمُ من قيس بن غيلان أصفقت * وخندق لَمْ يَدْرُوا بِمَا هُوَ وَاقِعُ (1) يَذُودُونَنَا عَنْ ديننا ونذودهم * عن الكفر والرحمن رادٌ وَسَامِعُ إِذَا غَايَظُونَا فِي مَقَامٍ أَعَانَنَا * عَلَى غَيْظِهِمْ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَاسِعُ وَذَلِكَ حِفْظُ اللَّهِ فِينَا وَفَضْلُهُ * عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهُ ضَائِعُ هَدَانَا لِدِينِ الْحَقِّ وَاخْتَارَهُ لَنَا * ولله فوق الصانعين صانع (2) قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ - يَعْنِي طَوِيلَةً - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي مَقْتَلِ بَنِي قُرَيْظَةَ: لقد لقيت قريظة ما ساءها * وَمَا وَجَدَتْ لِذُلٍّ مِنْ نَصِيرِ أَصَابَهُمُ بَلَاءٌ كَانَ فِيهِ * سِوَى مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النَّضِيرِ غَدَاةَ أَتَاهُمُ يَهْوِي إِلَيْهِمْ * رَسُولُ اللَّهِ كالقمر المنير

له خيل مجنبةٌ تغادي * بفرسان عليها كالصقور (3) تركناهم وما ظفروا بشئ * دِمَاؤُهُمُ عَلَيْهَا كَالْعَبِيرِ فَهُمْ صَرْعَى تَحُومُ الطَّيْرُ فِيهِمُ * كَذَاكَ يُدَانُ ذُو الْعِنْدِ الْفَجُورِ فَأَنْذِرْ مِثْلَهَا نُصْحًا قُرَيْشًا * مِنَ الرَّحْمَنِ إِنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي قَالَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا في بني قريظة: تعاقد مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا * وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ هم أوتوا الكتاب فضيعوه * وهم غمي مِنَ التَّوْرَاةِ بُورُ كَفَرْتُمْ بِالْقُرَانِ وَقَدْ أُتِيتُمْ * بِتَصْدِيقِ الَّذِي قَالَ النَّذِيرُ فَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ * حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ (4) فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ * وَحَرَّقَ فِي طَوَائِفِهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ * وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ فَلَوْ كَانَ النَّخِيلُ بِهَا رِكَابًا * لَقَالُوا لَا مُقَامَ لَكُمْ فَسِيرُوا قُلْتُ: وهذا ما قَالَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَعْضُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ جَوَابَ حَسَّانَ فِي ذَلِكَ لِجَبَلِ بْنِ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيِّ تَرَكْنَاهُ قصدا.

(1) أضاميم: واحدتها أضمامة وهو كل شئ مجتمع.

وتروى أصاميم بالصاد: الخالصون في أنسابهم.

(2)

في ابن هشام: صنائع.

(3)

خيل مجنبة: هي التي تقاد ولا تركب.

(4)

سراة القوم: إشرافهم، والبويرة: موضع بني قريظة.

(*)

ص: 155