المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وممن توفي في هذه السنة - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 8

-

- ‌فصل في ذكر شئ من سيرته الفاضلة ومواعظه وقضاياه الفاصلة وخطبه وَحِكَمِهِ

- ‌خِلَافَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌معاوية بن أبي سفيان وَمُلْكِهِ

- ‌سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌سَنَةُ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ

- ‌المغيرة بن شعبة ابن أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ أَبُو عِيسَى

- ‌سُنَّةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثنتين وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة خمس وخمسين فيها عزل معاوية عبد الله بْنِ غَيْلَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ

- ‌ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الأعيان في هذه السنة

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ

- ‌سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌سنة ثمان وخمسين

- ‌قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فيها

- ‌وممن توفي فيها:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وخمسين

- ‌قِصَّةُ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ مَعَ ابْنَيْ زِيَادٍ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبَّادٍ

- ‌تُوُفِّيَ الْحُطَيْئَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنة:

- ‌سنة ستين من الهجرة النَّبوِّية

- ‌ ترجمة معاوية وذكر شئ من أيامه وما ورد في مناقبه وفضائله

- ‌قِصَّةُ الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة وكيفية مقتله

- ‌صفة مخرج الحسين إلى العراق

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وستين

- ‌ صفة مقتله

- ‌فصل وَكَانَ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه يَوْمَ الجمعة

- ‌ قَبْرُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه

- ‌ رأس الحسين رضي الله عنه

- ‌فصل في شئ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أربع وستين

- ‌ تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

- ‌ذِكْرُ بَيْعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ

- ‌وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ وَمَقْتَلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وفيها توفي

- ‌ذِكْرُ هَدْمِ الْكَعْبةِ وَبِنَائِهَا فِي أَيَّامِ ابْنِ الزبير

- ‌ثم دخلت سنة خمس وستين

- ‌وقعة عين وردة

- ‌تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بن الحكم

- ‌خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ست وستين

- ‌فصل ثُمَّ شَرَعَ الْمُخْتَارُ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ مِنْ شَرِيفٍ وَوَضِيعٍ فَيَقْتُلُهُ

- ‌مَقْتَلِ شَمِرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَتَلَتْ حُسَيْنًا

- ‌مَقْتَلُ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ الَّذِي احْتَزَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بن أبي وقاص أمير الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ

- ‌ تَرْجَمَةُ ابْنِ زِيَادٍ

- ‌مَقْتَلُ الْمُخْتَارِ بْنِ أبي عبيد على يدي مصعب بن الزُّبير

- ‌ ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي

- ‌ اسْتَقَرَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبير بِالْكُوفَةِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثمان وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ القرآن

- ‌فَصَلٌ تَوَلِّي ابْنِ عَبَّاسٍ إِمَامَةَ الْحَجِّ

- ‌صِفَةُ ابْنِ عبَّاس

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثم دخلت سنة تسع وستين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْأَشْدَقِ

- ‌وممن توفي فيها

- ‌ثُمَّ دخلت سنة سبعين من الهجرة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وسبعين

- ‌ مَقْتَلُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبير

- ‌ تَرْجَمَةُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبير

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين

- ‌وهذه ترجمة عبد الله بن خَازِمٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فيها

- ‌وممَّن توفي فيها

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين

- ‌ مَقْتَلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير

- ‌وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان ابن أُمَيَّةَ

- ‌عبد الله بن مطيع

- ‌أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

الفصل: ‌وممن توفي في هذه السنة

أَسْلَمَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَكَ أَجْرُ ذَلِكَ إِذْ مَنَّ الله عليكم بِالْإِسْلَامِ ".

وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا أَحْيَى المؤودة أَنَّهُ ذَهَبَ فِي طَلَبِ نَاقَتَيْنِ شَرَدَتَا لَهُ، قال: فبينما أنا في الليل أسير، إذ أنا بنار تضئ مَرَّةً وَتَخْبُو أُخْرَى.

فَجَعَلْتُ لَا أَهْتَدِي إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: اللَّهم لَكَ عَلَيَّ إِنْ أَوْصَلْتَنِي إِلَيْهَا أَنْ أَدْفَعَ عَنْ أَهْلِهَا ضَيْمًا إِنْ وَجَدْتُهُ بِهِمْ، قَالَ فَوَصَلْتُ إِلَيْهَا وَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ يُوقِدُ نَارًا وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مُجْتَمِعَاتٌ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: إِنَّ هَذِهِ امْرَأَةٌ قَدْ حَبَسَتْنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ، تَطْلَقُ وَلَمْ تَخْلُصْ، فَقَالَ الشَّيْخُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: وَمَا خَبَرُكَ؟ فَقُلْتُ: إِنِّي فِي طلب ناقتين ندّتا لِي، فَقَالَ: قَدْ وَجَدْتُهُمَا، إِنَّهُمَا لَفِي إِبِلِنَا، قَالَ فَنَزَلْتُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ نَزَلْتُ إِذْ قُلْنَ: وَضَعَتْ، فَقَالَ الشَّيْخُ: إِنْ كَانَ ذَكَرًا فَارْتَحِلُوا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا تُسْمِعْنَنِي صَوْتَهَا، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَقْتُلُ وَلَدَكَ وَرِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِهَا، فَقُلْتُ: أَنَا أَفْتَدِيهَا مِنْكَ وَأَتْرُكُهَا عِنْدَكَ حَتَّى تَبِينَ عَنْكَ

أَوْ تَمُوتَ.

قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ.

بِإِحْدَى نَاقَتَيَّ، قَالَ: لَا! قُلْتُ فَبِهِمَا، قَالَ: لَا: إِلَّا أَنَّ تَزِيدَنِي بَعِيرَكَ هَذَا فَإِنِّي أَرَاهُ شَابًّا حَسَنَ اللَّوْنِ، قُلْتُ: نَعَمْ عَلَى أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى أَهْلِي، قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ رَأَيْتُ أَنَّ الَّذِي صَنَعْتُهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ مِنْ بِهَا عَلَيَّ هَدَانِي إِلَيْهَا، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَوْءُودَةً إِلَّا افْتَدَيْتُهَا كَمَا افْتَدَيْتُ هَذِهِ، قَالَ: فَمَا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَتَّى أَحْيَيْتُ مِائَةَ مَوْءُودَةٍ إِلَّا أَرْبَعًا (1) ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

مِنَ الْمَشَاهِيرِ الْمَذْكُورِينَ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيُّ مَلِكُ نَصَارَى الْعَرَبِ وَهُوَ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، وَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ ابْنُ مَارِيَةَ ذَاتِ الْقُرْطَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بن جفنة، واسمه كعب أبو عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَمَارِيَةُ بِنْتُ أَرْقَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جفنة، ويقال غير ذلك في نسبه، وكنيته جَبَلَةَ أَبُو الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ الْجَفْنِيُّ، وَكَانَ مَلِكُ غَسَّانَ، وَهُمْ نَصَارَى الْعَرَبِ أَيَّامَ هِرَقْلَ، وَغَسَّانُ أَوْلَادُ عَمِّ الْأَنْصَارِ أَوْسِهَا وَخَزْرَجِهَا، وَكَانَ جَبَلَةُ آخِرَ مُلُوكِ غَسَّانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كتاب مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ بِإِسْلَامِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن عساكر: إِنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ قَطُّ، وَهَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الواحدي وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ الْيَرْمُوكَ مَعَ الرُّومِ أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، فاتفق أنه وطئ رداء رجل من مزينة بدمشق فلطمه ذلك المزني، فدفعه أَصْحَابُ جَبَلَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالُوا: هَذَا لطم جبلة، قال أبو عبيدة: فيلطمه جبلة: فقالوا: أو ما يقتل؟ قال

(1) في الاصل: أربعة، وهو خطأ.

(*)

ص: 69

لَا! قَالُوا: فَمَا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ قَالَ لَا، إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِالْقَوَدِ، فَقَالَ جَبَلَةُ: أَتَرَوْنَ أني جاعل وجهي (1) بدلاً لوجه مازني جَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ؟ بِئْسَ الدِّينُ هَذَا، ثُمَّ ارْتَدَّ نَصْرَانِيًّا وَتَرَحَّلَ بِأَهْلِهِ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ الرُّومِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ لِحَسَّانَ: إِنَّ صَدِيقَكَ جَبَلَةَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ،

فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ قَالَ: ولمَ؟ قَالَ لَطَمَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ فَقَالَ: وَحُقَّ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بالدرة فضربه.

وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَاقَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا بَلَغَهُ إِسْلَامُ جَبَلَةَ فَرِحَ بِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ بَعَثَ يَسْتَدْعِيهِ لِيَرَاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ بَلِ اسْتَأْذَنَهُ جَبَلَةُ فِي الْقُدُومِ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَرَكِبَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، قِيلَ مِائَةٌ وخمسين رَاكِبًا، وَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ، وَتَلَقَّتْهُ هَدَايَا عُمَرَ وَنُزُلُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِمَرَاحِلَ، وَكَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا دَخَلَهَا وَقَدْ أَلْبَسَ خيوله قلائد الذهب والفضة، ولبس تاجاً على رأسه مرصعا باللآلي وَالْجَوَاهِرِ، وَفِيهِ قُرْطَا مَارِيَةَ جَدَّتِهِ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَى عُمَرَ رَحَّبَ بِهِ عُمَرُ وَأَدْنَى مَجْلِسَهُ، وَشَهِدَ الْحَجَّ مَعَ عُمَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذْ وَطِئَ إِزَارَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فَانْحَلَّ، فَرَفَعَ جَبَلَةُ يَدَهُ فَهَشَّمَ أَنْفَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ قَلَعَ عَيْنَهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ الفزاري إلى عُمَرَ وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، فَاسْتَحْضَرَهُ عُمَرُ فَاعْتَرَفَ جَبَلَةُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أقدته منك.

فقال: كَيْفَ وَأَنَا مَلِكٌ وَهُوَ سُوقَةٌ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ جَمَعَكَ وَإِيَّاهُ فَلَسْتَ تَفْضُلُهُ إِلَّا بِالتَّقْوَى، فَقَالَ جَبَلَةُ: قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ أَكُونَ فِي الْإِسْلَامِ أَعَزَّ مِنِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْ ذَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ ترضِ الرجل أقدته منك، فقال إذاً أَتَنَصَّرَ، فَقَالَ إِنْ تَنَصَّرْتَ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ، فَلَمَّا رأى الحد: قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ، فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَلَمَّا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ رَكِبَ فِي قَوْمِهِ وَمَنْ أَطَاعَهُ فَسَارَ إِلَى الشَّامِ ثُمَّ دَخَلَ بِلَادَ الرُّومِ وَدَخَلَ عَلَى هِرَقْلَ فِي مَدِينَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَرَحَّبَ بِهِ هِرَقْلُ وَأَقْطَعَهُ بِلَادًا كَثِيرَةً، وَأَجْرَى عَلَيْهِ أَرْزَاقًا جَزِيلَةً، وَأَهْدَى إِلَيْهِ هَدَايَا جَمِيلَةً، وَجَعَلَهُ مِنْ سُمَّارِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ دَهْرًا.

ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى هِرَقْلَ مَعَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ جَثَّامَةُ بْنُ مُسَاحِقٍ الْكِنَانِيُّ، فَلَمَّا بَلَغَ هِرَقْلَ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ لَهُ هِرَقْلُ: هَلْ لَقِيتَ ابْنَ عَمِّكَ جَبَلَةَ؟ قَالَ: لَا! قَالَ فَالْقَهُ، فَذَكَرَ اجْتِمَاعَهُ بِهِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالسُّرُورِ وَالْحُبُورِ الدُّنْيَوِيِّ، فِي لِبَاسِهِ وَفَرْشِهِ وَمَجْلِسِهِ وَطِيبِهِ وَجَوَارِيهِ، حَوَالَيْهِ الْحِسَانِ مِنَ الخدم والقيان، ومطعمه وشرابه وسروره وَدَارِهِ الَّتِي تَعَوَّضَ بِهَا عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ

أَنَّهُ دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْعَوْدِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: أَبْعَدَ مَا كَانَ مِنِّي مِنَ الِارْتِدَادِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ! إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ ارتد وقاتلهم بالسيوف، ثم لما رجع إلى الحق قبله مِنْهُ وَزَوَّجَهُ الصِّدِّيقُ بِأُخْتِهِ أُمِّ فَرْوَةَ، قَالَ: فَالْتَهَى عَنْهُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْخَمْرَ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَشَرِبَ جَبَلَةُ مِنَ الْخَمْرِ شَيْئًا كثيراً حتى سكر ثم أمر جواريه المغنيات فَغَنَّيْنَهُ بِالْعِيدَانِ مِنْ قَوْلِ حَسَّانَ يَمْدَحُ بَنِي عمه

(1) في ابن سعد 1 / 265: أني جاعل وجهي ندا لوجه جدي جاء من عمق.

(*)

ص: 70

مِنْ غَسَّانَ وَالشِّعْرُ فِي وَالِدِ جَبَلَةَ هَذَا الْحَيَوَانِ: لِلَّهِ دَرُّ عصابةٍ نَادَمْتُهُمْ * يَوْمًا بِجِلَّقَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ أَوْلَادِ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهُمُ * قَبْرِ ابْنِ مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفْضِلِ يَسْقُونَ من ورد البريص عليهم * بردى يصفّق بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ بِيضِ الْوُجُوهِ كريمةٌ أَحْسَابُهُمْ * شُمِّ الْأُنُوفِ مِنَ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلَابُهُمْ * لَا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ قَالَ: فَأَعْجَبَهُ قَوْلُهُنَّ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا شِعْرُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ فِينَا وَفِي ملكنا، ثم قال لي: كيف حاله؟ قلت: تَرَكْتُهُ ضَرِيرًا شَيْخًا كَبِيرًا، ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: أطربنني فاندفعن يغنين لحسان أيضاً: لمن الديار أوحشت بمغان * بين أعلا اليرموك فالصمان فالقريات من بلامس فداري * افكساء لقصور الدواني (1) فقفا جاسمٍ فأودية الص * - فر مَغْنَى قبائلٍ وَهِجَانِ تِلْكَ دَارُ الْعَزِيزِ بَعْدَ أنيسٍ * وحلوكٍ عَظِيمَةِ الْأَرْكَانِ صَلَوَاتُ الْمَسِيحِ فِي ذَلِكَ الدَّيْ * - ر دعاء القسيس والرهبان ذاك مغنى لآهل جَفْنَةَ فِي الدَّهْ * - رِ مَحَاهُ تَعَاقُبُ الْأَزْمَانِ (2) قد أراني هُنَاكَ حَقَّ مكينٍ * عِنْدَ ذِي التَّاجِ مَجْلِسِي وَمَكَانِي

ثَكِلَتْ أُمُّهُمْ وَقَدْ ثَكِلَتْهُمْ * يَوْمَ حَلُّوًا بحارث الحولاني وقددنا الْفِصْحُ فَالْوَلَائِدُ يَنْظِمْ * - نَ سِرَاعًا أَكِلَّةَ الْمَرْجَانِ ثم قَالَ: هَذَا لِابْنِ الْفُرَيْعَةِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِينَا وَفِي مُلْكِنَا وَفِي مَنَازِلِنَا بِأَكْنَافِ غُوطَةِ دِمَشْقَ، قَالَ: ثمَّ سَكَتَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ لهن: بكينني، فوضعن عيدانهن ونكسن رؤوسهن وَقُلْنَ: تَنَصَّرَتِ الْأَشْرَافُ مِنْ عَارِ لطمةٍ * وَمَا كَانَ فِيهَا لَوْ صَبَرْتُ لَهَا ضَرَرْ تَكَنَّفَنِي فيها اللجاج ونخوةٌ * وَبِعْتُ بِهَا الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ بِالْعَوَرْ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي وَلَيْتَنِي * رَجَعْتُ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ عُمَرْ وَيَا لَيْتَنِي أَرْعَى الْمَخَاضَ بقفرةٍ * وَكُنْتُ أَسِيرًا فِي رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ وَيَا لَيْتَ لِي بِالشَّامِ أَدْنَى معيشةٍ * أُجَالِسُ قَوْمِي ذَاهِبَ السَّمْعِ وَالْبَصَرْ أَدِينُ بِمَا دَانُوا بِهِ مِنْ شريعةٍ * وَقَدْ يَصْبِرُ الْعَوْدُ الكبير على الدبر

(1) في الديوان: والاعرج خير الآنام.

(2)

في مروج الذهب 2 / 118

الدهر وحقا تصرف الازمان.

(*)

ص: 71