المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وممن قتل في وقعة الحرة محمد بن أبي بن كعب، - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 8

-

- ‌فصل في ذكر شئ من سيرته الفاضلة ومواعظه وقضاياه الفاصلة وخطبه وَحِكَمِهِ

- ‌خِلَافَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌معاوية بن أبي سفيان وَمُلْكِهِ

- ‌سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌سَنَةُ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ

- ‌المغيرة بن شعبة ابن أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ أَبُو عِيسَى

- ‌سُنَّةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثنتين وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة خمس وخمسين فيها عزل معاوية عبد الله بْنِ غَيْلَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ

- ‌ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الأعيان في هذه السنة

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ

- ‌سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌سنة ثمان وخمسين

- ‌قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فيها

- ‌وممن توفي فيها:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وخمسين

- ‌قِصَّةُ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ مَعَ ابْنَيْ زِيَادٍ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبَّادٍ

- ‌تُوُفِّيَ الْحُطَيْئَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنة:

- ‌سنة ستين من الهجرة النَّبوِّية

- ‌ ترجمة معاوية وذكر شئ من أيامه وما ورد في مناقبه وفضائله

- ‌قِصَّةُ الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة وكيفية مقتله

- ‌صفة مخرج الحسين إلى العراق

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وستين

- ‌ صفة مقتله

- ‌فصل وَكَانَ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه يَوْمَ الجمعة

- ‌ قَبْرُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه

- ‌ رأس الحسين رضي الله عنه

- ‌فصل في شئ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أربع وستين

- ‌ تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

- ‌ذِكْرُ بَيْعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ

- ‌وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ وَمَقْتَلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وفيها توفي

- ‌ذِكْرُ هَدْمِ الْكَعْبةِ وَبِنَائِهَا فِي أَيَّامِ ابْنِ الزبير

- ‌ثم دخلت سنة خمس وستين

- ‌وقعة عين وردة

- ‌تَرْجَمَةُ مَرْوَانَ بن الحكم

- ‌خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ست وستين

- ‌فصل ثُمَّ شَرَعَ الْمُخْتَارُ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ مِنْ شَرِيفٍ وَوَضِيعٍ فَيَقْتُلُهُ

- ‌مَقْتَلِ شَمِرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَتَلَتْ حُسَيْنًا

- ‌مَقْتَلُ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ الَّذِي احْتَزَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بن أبي وقاص أمير الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ

- ‌ تَرْجَمَةُ ابْنِ زِيَادٍ

- ‌مَقْتَلُ الْمُخْتَارِ بْنِ أبي عبيد على يدي مصعب بن الزُّبير

- ‌ ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي

- ‌ اسْتَقَرَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبير بِالْكُوفَةِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثمان وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌وَفِيهَا توفِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ القرآن

- ‌فَصَلٌ تَوَلِّي ابْنِ عَبَّاسٍ إِمَامَةَ الْحَجِّ

- ‌صِفَةُ ابْنِ عبَّاس

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثم دخلت سنة تسع وستين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْأَشْدَقِ

- ‌وممن توفي فيها

- ‌ثُمَّ دخلت سنة سبعين من الهجرة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وسبعين

- ‌ مَقْتَلُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبير

- ‌ تَرْجَمَةُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبير

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين

- ‌وهذه ترجمة عبد الله بن خَازِمٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فيها

- ‌وممَّن توفي فيها

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين

- ‌ مَقْتَلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير

- ‌وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌ عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان ابن أُمَيَّةَ

- ‌عبد الله بن مطيع

- ‌أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

الفصل: وممن قتل في وقعة الحرة محمد بن أبي بن كعب،

وممن قتل في وقعة الحرة محمد بن أبي بن كعب، وعبد الرحمن بن أبي قتادة، وأبو حكيم معاذ بن الحارث الأنصاري الذي أقامه عمر يصلي بالناس، وقتل يومئذ ولدان لزينب بنت أم سلمة، وزيد بن محمد بن سلمة الأنصاري قتل يومئذ، وقتل معه سبعة من إخوته وغير هؤلاء رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.

‌وفيها توفي

الأخنس بن شريق، شهد فتح مكة وكان مع علي يوم صفين.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ - جَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ وَفِتَنٌ مُنْتَشِرَةٌ بِبِلَادِ الْمَشْرِقِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بِلَادِ خُرَاسَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ، وَقَهَرَ عُمَّالَهَا وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدَ وَابْنِهِ مُعَاوِيَةَ، قبل أن يستقر مالك ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى تِلْكَ النَّوَاحِي، وَجَرَتْ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ هَذَا وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ مَرْثَدٍ حُرُوبٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَتَفْصِيلُهَا، اكْتَفَيْنَا بذكرها إجمالاً إذ لا يتعلق بذكرها كَبِيرُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ حُرُوبُ فِتْنَةٍ وَقِتَالُ بُغَاةٍ بعضهم في بعض، والله الْمُسْتَعَانِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بَايَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَأَحَبُّوهُ حَتَّى إِنَّهُمْ سَمَّوْا بِاسْمِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ غُلَامٍ مَوْلُودٍ، ثُمَّ نَكَثُوا وَاخْتَلَفُوا فَخَرَجَ عَنْهُمْ سَلْمٌ وَتَرَكَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ.

وَفِيهَا اجْتَمَعَ مَلَأُ الشِّيعَةِ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ بِالْكُوفَةِ، وَتَوَاعَدُوا النَّخِيلَةَ لِيَأْخُذُوا بثأر الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَا زَالُوا فِي ذَلِكَ مُجِدِّينَ، وَعَلَيْهِ عَازِمِينَ، من مقتل الحسين بكربلاء من يوم عاشوراء عشرة الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ بَعْثِهِمْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أتاهم خَذَلُوهُ وَتَخَلَّوْا عَنْهُ وَلَمْ يَنْصُرُوهُ * فَجَادَتْ بِوَصْلٍ حِينَ لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ * فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَهُوَ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، وَكَانَ رؤس الْقَائِمِينَ فِي ذَلِكَ خَمْسَةً، سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ الصَّحَابِيَّ، وَالْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ الْفَزَارِيَّ أَحَدَ كِبَارِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ

الْأَزْدِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ والٍ التَّيْمِيَّ، وَرِفَاعَةَ بْنَ شَدَّادٍ الْبَجَلِيَّ.

وَكُلُّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ خُطَبٍ وَمَوَاعِظَ عَلَى تَأْمِيرِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عليهم، فتعاهدوا وتعاقدوا وتواعدوا النخيلة، وأن يَجْتَمِعَ مَنْ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ جَمَعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا وَأَعَدُّوهُ لِذَلِكَ.

وقام المسيب بن نجية خطيباً فيهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فقد ابتلينا بطول العمر وكثرة الفتن، وقد ابتلانا الله فوجدنا كاذبين في نصرة ابْنُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَعْدَ أن كتبنا إليه وراسلناه، فأتانا طمعاً في نصرتنا إياه، فخذلناه وأخلفناه، وأتينا به إلى من قتله وقتل أولاده وذريته وقراباته الأخيار، فما نصرناهم بأيدينا، ولا خذلنا (1) عنهم بألسنتنا، ولا قويناهم بأموالنا، فالويل لنا جميعاً ويلاً متصلاً أبداً لا

(1) في الطبري 7 / 48 والكامل 4 / 159: ولا جادلنا، وفي ابن الاعثم 6 / 49: ولا دفعنا.

(*)

ص: 271

يفتر ولا يبيد دون أن نقتل قاتله والممالئين عليه، أو نُقتل دون ذلك وتذهب أموالنا وتخرب ديارنا، أيها الناس قوموا في ذلك قومة رجل واحد، وتوبوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ.

وذكر كلاماً طويلاً.

ثم كتبوا إلى جميع إخوانهم أن يجتمعوا بالنخيلة في السنة الآتية (1) .

وَكَتَبَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ إِلَى سَعْدِ بْنِ حذيفة بن اليمان وهو أمير على المدائن يَدْعُوهُ إِلَى ذَلِكَ فَاسْتَجَابَ لَهُ وَدَعَا إِلَيْهِ سَعْدٌ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ، فَبَادَرُوا إليه بالاستجابة والقبول، وتمالأوا عَلَيْهِ وَتَوَاعَدُوا النُّخَيْلَةَ فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ.

وَكَتَبَ سعد بن حذيفة إلى سليمان بن صرد بِذَلِكَ فَفَرِحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْمَدَائِنِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَتَنَشَّطُوا لِأَمْرِهِمُ الَّذِي تمالأوا عَلَيْهِ.

فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُهُ معاوية بعد قليل، طَمِعُوا فِي الْأَمْرِ، وَاعْتَقَدْوا أنَّ أَهْلَ الشَّام قَدْ ضَعُفُوا، وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يُقِيمُ لَهُمْ أمراً، فاستشاروا سليمان فِي الظُّهُورِ وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى النُّخَيْلَةِ قَبْلَ الميقات، فنهاهم عن ذلك وقال: لا! حتى يأتي الأجل الذي واعدنا إخواننا فِيهِ، ثُمَّ هُمْ فِي الْبَاطِنِ يُعِدُّونَ السِّلَاحَ وَالْقُوَّةَ وَلَا يَشْعُرُ بِهِمْ جُمْهُورُ النَّاسِ، وحينئذٍ عَمَدَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ نَائِبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى الْكُوفَةِ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْقَصْرِ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ

مَسْعُودِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْمُلَقَّبُ دُحْرُوجَةَ (2) ، فَبَايَعَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَهُوَ يَسُدُّ الْأُمُورَ حَتَّى تَأْتِيَ نُوَّابُ ابْنِ الزُّبير.

فلمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ - قَدِمَ أَمِيرَانِ إِلَى الْكُوفَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَحَدُهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، عَلَى الْحَرْبِ وَالثَّغْرِ، وَالْآخَرُ ابْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (3) التَّيْمِيُّ، على الخراج والأموال.

وقد كان قدم قبلهما بِجُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ لِلنِّصْفِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الْمُخْتَارِ بن أبي عبيد - وهو المختار بن أبي عبيد الثَّقَفِيُّ الْكَذَّابُ - فَوَجَدَ الشِّيعَةَ قَدِ الْتَفَتَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَعَظَّمُوهُ تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَهُمْ معدون للحرب.

فلما استقر المختار عندهم بالكوفة دعا إلى إمامة المهدي محمد بن علي بن أبي طالب، وهو محمد بن الحنفية في الباطن، ولقبه المهدي، فاتبعه على ذلك كَثِيرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَفَارَقُوا سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ، وَصَارَتِ الشِّيعَةُ فِرْقَتَيْنِ، الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ مَعَ سُلَيْمَانَ يريدون الخروج على الناس ليأخذوا بثأر الحسين، وفرقة أخرى مع الْمُخْتَارِ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ لِلدَّعْوَةِ إِلَى إِمَامَةِ مُحَمَّدِ بن الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ عَنْ غَيْرِ أَمْرِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَرِضَاهُ، وَإِنَّمَا يَتَقَوَّلُونَ عَلَيْهِ لِيُرَوِّجُوا عَلَى النَّاسِ بِهِ، وَلِيَتَوَصَّلُوا إِلَى أَغْرَاضِهِمُ الْفَاسِدَةِ، وَجَاءَتِ الْعَيْنُ (4) الصَّافِيَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ نَائِبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ فِرْقَتَا الشِّيعَةِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ والدعوة إلى ما يريدون، وأشار من

(1) في ابن الاعثم 6 / 52 والطبري 7 / 50: غرة ربيع الآخر سنة 65 هـ.

(2)

في ابن الاعثم 6 / 53 والطبري 7 / 52: دحروجة الجعل.

(3)

في ابن الاعثم: عبد الله.

(4)

في الطبري 7 / 55 وابن الاعثم 6 / 57: يزيد بن الحارث بن رويم وهو من شيعة بني أمية.

(*)

ص: 272

أَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُبَادِرَ إِلَيْهِمْ وَيَحْتَاطَ عَلَيْهِمْ وَيَبْعَثَ الشَّرَطَ وَالْمُقَاتِلَةَ فَيَقْمَعُهُمْ عَمَّا هُمْ مُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ إِرَادَةِ الشَّرِّ وَالْفِتْنَةِ.

فَقَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ وَذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ مَا بَلَغَهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ بِثَأْرِ الحسين، ولقد علموا أنني لَسْتُ مِمَّنْ قَتَلَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَمِمَّنْ أُصِيبَ بقتله وكره قتله، فرحمه اللَّهُ وَلَعَنَ قَاتِلَهُ، وَإِنِّي لَا أَتَعَرَّضُ لِأَحَدٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَنِي

بِالشَّرِّ، وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ يريدون الأخذ بثأر الحسين فليعمدوا إلى ابن زِيَادٍ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنَ وَخِيَارَ أهله فليأخذوا منه بالثأر، ولا يخرجوا بسلاحهم عَلَى أَهْلِ بَلَدِهِمْ، فَيَكُونُ فِيهِ حَتْفُهُمْ وَاسْتِئْصَالُهُمْ.

فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الْأَمِيرُ الْآخَرُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ كَلَامُ هَذَا الْمُدَاهِنِ، إِنَّا وَاللَّهِ قَدِ استيقنا من أنفسنا أَنَّ قَوْمًا يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ عَلَيْنَا، وَلَنَأْخُذَنَّ الْوَالِدَ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدَ بِالْوَالِدِ، وَالْحَمِيمَ بِالْحَمِيمِ، وَالْعَرِيفَ بِمَا في عرافته، حتى تدينوا بالحق وتذلوا لِلطَّاعَةِ.

فَوَثَبَ إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ فقطع كلامه فقال: يا بن النَّاكِثِينَ أَتُهَدِّدُنَا بِسَيْفِكَ وَغَشْمِكَ؟ أَنْتَ وَاللَّهِ أَذَلُّ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّا لَا نَلُومُكَ عَلَى بُغْضِنَا وقد قتلنا أباك وجدك، وإنا لنرجوا أَنَّ نُلْحِقَكَ بِهِمَا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ هذا القصر.

وساعد المسيب بن نجية من أصحاب إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ العمال، وجرت فتنه وشئ كبير فِي الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الخطمي عن المنبر وحاولوا أن يوفقوا بَيْنَ الْأَمِيرَيْنِ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَتِ الشِّيعَةُ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ بِالسِّلَاحِ، وَأَظْهَرُوا مَا كَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ، وَرَكِبُوا مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ فقصدوا نحو الجزيرة، وكان من أمرهما ما سنذكره.

وأما المختار بن عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الْكَذَّابُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ بَغِيضًا إلى الشيعة من يوم طعن الحسين وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى الشَّامِ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَلَجَأَ إِلَى الْمَدَائِنِ، فَأَشَارَ الْمُخْتَارُ عَلَى عَمِّهِ وَهُوَ نائب المدائن بأن يقبض على الحسين وَيَبْعَثَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَيَتَّخِذُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ الْيَدَ البيضاء، فامتنع عمر المختار مِنْ ذَلِكَ، فَأَبْغَضَتْهُ الشِّيعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فلمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ مَا كَانَ وَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ، كَانَ الْمُخْتَارُ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ فَبَلَغَ ابْنَ زِيَادٍ أَنَّهُ يَقُولُ: لَأَقُومَنَّ بِنَصْرَةِ مُسْلِمٍ وَلَآخُذُنَّ بِثَأْرِهِ، فَأَحْضَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَضَرَبَ عَيْنَهُ بِقَضِيبٍ كَانَ بِيَدِهِ فَشَتَرَهَا، وَأَمَرَ بِسِجْنِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ أُخْتَهُ سَجْنُهُ بَكَتْ وَجَزِعَتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَشْفَعُ عِنْدَهُ فِي إِخْرَاجِ الْمُخْتَارِ مِنَ السِّجْنِ، فَبَعَثَ يَزِيدُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ: أَنَّ سَاعَةَ وُقُوفِكَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ تُخْرِجُ المختار بن عُبَيْدٍ مِنَ السِّجْنِ، فَلَمْ يُمْكِنِ ابْنَ زِيَادٍ غَيْرُ ذَلِكَ، فَأَخْرَجَهُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ وَجَدْتُكَ بعد ثلاثة أيام بالكوفة ضَرَبْتُ عُنُقَكَ.

فَخَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْحِجَازِ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ

لَأَقْطَعَنَّ أَنَامِلَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زياد، ولأقتلن بالحسين بن علي على عدد من قتل بدم يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا.

فَلَمَّا اسْتَفْحَلَ أَمْرُ عَبْدِ الله بن الزبير بايعه المختار بن عُبَيْدٍ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ عِنْدَهُ، وَلَمَّا حاصره الحصين بن نمير مع أهل الشام قاتل المختار دون ابن الزبير أَشَدَّ الْقِتَالِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ

ص: 273

مُعَاوِيَةَ وَاضْطِرَابُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، نَقَمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ (1) وَخَرَجَ مِنَ الْحِجَازِ فقصد الكوفة فدخلها في يوم الجمعة وَالنَّاسُ يَتَهَيَّئُونَ لِلصَّلَاةِ، فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِمَلَأٍ إلا سلَّم عليه وقال: أبشروا بالنصر.

وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ هُنَالِكَ حَتَّى أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ وَعَظَّمُوهُ، وَجَعَلَ يَدْعُو إلى إمامة المهدي محمد بن الحنفية، ويظهر الانتصار لأهل البيت، وأنه ما جاء إلا بِصَدَدِ أَنْ يُقِيمَ شِعَارَهُمْ، وَيُظْهِرَ مَنَارَهُمْ، وَيَسْتَوْفِيَ ثأرهم، ويقول للناس الذين اجْتَمَعُوا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ - وَقَدْ خَشِيَ أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى الْخُرُوجِ مَعَ سُلَيْمَانَ - فَجَعَلَ يُخَذِّلُهُمْ وَيَسْتَمِيلُهُمْ إِلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ، ومعدن الفضل، ووصي الرضى (2) ، وَالْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ، بِأَمْرٍ فِيهِ الشِّفَاءُ، وَكَشْفُ الْغِطَاءِ، وَقَتْلُ الْأَعْدَاءِ، وَتَمَامُ النَّعْمَاءِ، وَأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ صرد يرحمنا الله وإياه إنما هو غشمة من الغشم، وَشَنٌّ بَالٍ لَيْسَ بِذِي تَجْرِبَةٍ لِلْأُمُورِ، وَلَا لَهُ عِلْمٌ بِالْحُرُوبِ، إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ فَيَقْتُلَ نَفْسَهُ وَيَقْتُلَكُمْ، وَإِنِّي إِنَّمَا أَعْمَلُ عَلَى مثل مُثل لِي، وَأَمَرٍ قَدْ بُينّ لِي، فِيهِ عِزُّ وَلِيِّكُمْ، وَقَتْلُ عَدُوِّكُمْ، وَشِفَاءُ صُدُورِكُمْ، فَاسْمَعُوا مِنِّي وَأَطِيعُوا أَمْرِي، ثُمَّ أَبْشِرُوا وَتَبَاشَرُوا، فَإِنِّي لَكُمْ بِكُلِّ مَا تَأْمَلُونَ وَتُحِبُّونَ كَفِيلٌ.

فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ مِنْهُمْ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، فَلَمَّا خَرَجُوا مَعَ سُلَيْمَانَ إِلَى النُّخَيْلَةِ (3) قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَغَيْرِهِمَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ (4) نَائِبِ الْكُوفَةِ: إِنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ أَشَدُّ عَلَيْكَمْ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ فأحاطوا بداره فأخذ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ مُقَيَّدًا، وَقِيلَ بِغَيْرِ قَيْدٍ، فَأَقَامَ بِهِ مُدَّةً وَمَرِضَ فِيهِ.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عِيسَى أنَّه قَالَ: دَخَلْتُ إِلَيْهِ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ نَعُودُهُ وَنَتَعَاهَدُهُ.

فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَمَا وَرَبِّ

الْبِحَارِ، وَالنَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، وَالْمَهَامِهِ وَالْقِفَارِ، وَالْمَلَائِكَةِ الأبرار، والمصلين (5) الأخيار، لأقتلن كل جبار، بكل لدن جثَّار خطار، ومهند بتار، بجند من الأخيار، وجموع من الأنصار، ليسوا بميل الأغمار، وَلَا بِعُزَّلٍ أَشْرَارٍ، حَتَّى إِذَا أَقَمْتُ عَمُودَ الدِّينِ، وَجَبَرْتُ صَدْعَ الْمُسْلِمِينَ، وَشَفَيْتُ غَلِيلَ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَدْرَكْتُ ثَأْرَ أَوْلَادِ النَّبِيِّينَ، لَمْ أَبْكِ عَلَى زَوَالِ الدُّنْيَا، وَلَمْ أَحْفِلْ بِالْمَوْتِ إِذَا دَنَا.

قَالَ: وَكَانَ كُلَّمَا أَتَيْنَاهُ وَهُوَ فِي السِّجْنِ يُرَدِّدُ عَلَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ حَتَّى خَرَجَ.

(1) في تاريخ الطبري 7 / 63: نقم المختار على ابن الزبير لانه أقام معه خمسة أشهر لا يستعمله وقال فيه ابن الزبير: والله لهو أحذر من ذئب قد أطافت به السباع.

فنقم عليه المختار وخرج إلى الكوفة.

(الكامل لابن الاثير 4 / 171) وفي رواية لابن الاثير أن خروج المختار إلى الكوفة كان بالاتفاق مع ابن الزبير لاقناع شيعة الكوفة بالقتال إلى جانبه ضد أهل الشَّام.

(2)

في الطبري: الوصي.

(3)

في الطبري 7 / 65 والكامل 4 / 172: الجزيرة.

(4)

من الطبري والكامل، وفي الاصل زياد تحريف، والمراد عبد الله بن يزيد نائب ابن الزبير على الكوفة.

(5)

في الطبري والكامل: والمصطفين.

(*)

ص: 274