المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والدماء، فو الله مَا بَالَغْتُ فِي عُقُوبَةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع]

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أربع وسبعين

- ‌ذكر من توفي فيها مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌أبو سعيد الخدريّ

- ‌عبد الله بن عمر

- ‌عبيد بن عمير

- ‌أَبُو جُحَيْفَةَ

- ‌سلمة بن الأكوع

- ‌مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ

- ‌أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ

- ‌أَبُو مُعْرِضٍ الْأَسَدِيُّ

- ‌بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خمس وسبعين

- ‌وكان ممن توفى فيها

- ‌الْعِرْبَاضُ بن سارية

- ‌ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ

- ‌الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ

- ‌حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ الْقُضَاعِيُّ

- ‌صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ

- ‌زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ

- ‌الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ

- ‌ثم دخلت سنة سبع وسبعين

- ‌ذِكْرُ مَقْتَلِ شَبِيبٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ الْكَلْبِيِّ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ

- ‌مُحَمَّدُ بْنِ مُوسَى

- ‌عياض بن غنم الْأَشْعَرِيُّ

- ‌مُطَرِّفُ بن عبد الله

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثمان وسبعين

- ‌وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌جَابِرُ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ

- ‌شريح بن الحارث

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ

- ‌جنادة بن أُمَيَّةَ الْأَزْدِيُّ

- ‌الْعَلَاءُ بن زياد البصري

- ‌سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْأَزْدِيُّ

- ‌النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

- ‌جبير بن نفير

- ‌عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ

- ‌مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الْقَدَرِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وثمانين

- ‌فِتْنَةُ ابْنِ الْأَشْعَثِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌بجير بن ورقاء الصريمى

- ‌سُوِيدُ بْنُ غَفْلَةَ بْنِ عَوْسَجَةَ بْنِ عَامِرٍ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ

- ‌ وَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ

- ‌[ممن توفى في هذه السنة]

- ‌أسماء بن خارجة الفزاري الكوفي

- ‌الْمُغِيرَةُ بن المهلب

- ‌الحارث بن عبد الله

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بن أبى طلحة بن أبى الْأَسْوَدِ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌عفان بْنُ وَهْبٍ

- ‌جميل بن عبد الله

- ‌عمر بن عبيد الله

- ‌كُمَيْلُ بْنُ زِيَادِ

- ‌ذاذان أَبُو عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ

- ‌أُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين

- ‌بِنَاءُ وَاسِطٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جحيرة

- ‌طَارِقُ بْنُ شهاب

- ‌عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عدي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ

- ‌وَفِيهَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ أيضا جماعة من أَصْحَابِ ابْنِ الْأَشْعَثِ

- ‌مِنْهُمْ: أَيُّوبُ بْنُ الْقِرِّيَّةِ

- ‌رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ

- ‌أيوب بن الْقِرِّيَّةِ

- ‌روح بن زنباع

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خمس وثمانين

- ‌ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌ذِكْرُ بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِوَلَدِهِ الْوَلِيدِ- ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِأَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وثمانين

- ‌[وممن توفى في هذه السنة]

- ‌عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَالِدُ الْخُلَفَاءِ الْأُمَوِيِّينَ

- ‌ أرطاة بن زفر

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ

- ‌خلافة الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بَانِي جَامِعِ دِمَشْقَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وثمانين

- ‌وفيها تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ

- ‌المقدام بن معديكرب

- ‌أَبُو أُمَامَةُ الْبَاهِلِيُّ

- ‌قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

- ‌يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ

- ‌شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْقَاضِي

- ‌ ثم دخلت سنة ثمان وثمانين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرِ بْنِ أَبِي بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى

- ‌وفيها توفى هشام بن إسماعيل

- ‌عمير بن حكيم

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ

- ‌ثم دخلت سنة تسعين من الهجرة

- ‌وفيها توفى من الأعيان:

- ‌يتاذوق الطَّبِيبُ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ

- ‌ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

- ‌عبد الله بن الزبير

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وتسعين

- ‌وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ بن سعد بْنِ ثُمَامَةَ

- ‌سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين

- ‌وَتُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌مَالِكُ بْنُ أَوْسِ

- ‌طُوَيْسٌ الْمُغَنِّي

- ‌الْأَخْطَلُ

- ‌ثُمَّ دخلت سنة ثلاث وتسعين

- ‌فَتْحُ سَمَرْقَنْدَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌أنس بن مالك

- ‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ربيعة

- ‌[بلال بن أبى الدرداء

- ‌بشر بن سعيد

- ‌زرارة بن أوفى

- ‌خبيب بن عبد الله

- ‌حفص بن عاصم

- ‌سعيد بن عبد الرحمن

- ‌فروة بن مجاهد

- ‌أبو الشعثاء جابر بن زيد

- ‌ثم دخلت سنة أربع وتسعين

- ‌مَقْتَلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْأَسَدِيُّ الْوَالِبِيُّ

- ‌سعيد بن المسيب

- ‌طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَنَزِيُّ

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ

- ‌على بن الحسين

- ‌أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌ثم دخلت سنة خمس وتسعين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ وَذِكْرُ وفاته

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ

- ‌الحسن بن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ

- ‌حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ

- ‌ثُمَّ دخلت سنة ست وتسعين

- ‌فَصْلٌ

- ‌الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِرَأْسِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليهما السلام

- ‌ ذِكْرُ السَّاعَاتِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ

- ‌ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ السُّبْعِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بَانِي جَامِعِ دِمَشْقَ وَذِكْرُ وَفَاتِهِ فِي هَذَا الْعَامِ

- ‌عبد الله بن عمر بْنِ عُثْمَانَ

- ‌خِلَافَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ مَقْتَلِ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ رحمه الله

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع وتسعين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ رحمه الله

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الأعيان:

- ‌عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وتسعين

- ‌وهذه خلافة عمر بن عبد العزيز أشجّ بنى مروان رضى الله عنه وأكرمه

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌الْحَسَنُ بْنُ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزِ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ عبيد

- ‌ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدِ بْنِ عُقْبَةَ

- ‌نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ

- ‌كُرَيْبُ بْنُ مُسْلِمٍ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ

- ‌مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ

- ‌حَنَشُ بْنُ عمرو الصنعائى

- ‌خارجة بن زيد

- ‌سَنَةُ مِائَةٍ مِنَ الهجرة النبويّة

- ‌وفيها كَانَ بُدُوُّ دَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ الْأَشْجَعِيُّ

- ‌أبو أمامة سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ

- ‌أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ الْحِمْصِيُّ

- ‌ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى ومائة

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُمَوِيِّ الامام المعروف الْمَشْهُورِ رحمه الله وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلُ

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ وَفَاتِهِ رحمه الله

- ‌[فصل

- ‌خِلَافَةُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين ومائة

- ‌وِلَايَةُ مَسْلَمَةَ عَلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ

- ‌ذِكْرُ وَقْعَةٍ جَرَتْ بَيْنَ التُّرْكِ وَالْمُسْلِمِينَ

- ‌‌‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِوَالسَّادَةِ:

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ الْهِلَالِيُّ

- ‌أبو المتوكل الناجي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ ومائة

- ‌يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ

- ‌مجاهد بن جبير الْمَكِّيُّ

- ‌[فصل

- ‌مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

- ‌ثم دخلت سنة أربع ومائة

- ‌وفيها توفى من الأعيان:

- ‌خالد بن سعدان الكلاعي

- ‌عامر بن سعد بن أبى وقاص الليثي

- ‌عامر بن شراحيل الشعبي

- ‌أبو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ

- ‌أَبُو قلابة الجرمي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَمِائَةٍ

- ‌خِلَافَةُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بن عفان

- ‌ثم دخلت سنة ست وَمِائَةٍ

- ‌وَمِمَّنْ تَوَفِّيَ فِيهَا

- ‌سَالِمُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

- ‌وَطَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة سبع ومائة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌سُلَيْمَانُ بْنُ يسار أحد التابعين

- ‌ عكرمة مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

- ‌ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

- ‌وفيها توفى كثير عَزَّةَ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ

- ‌وفيها توفى من الأعيان

- ‌بكر بن عبد الله المزني البصري

- ‌راشد بن سعد المقرئي الحمصي

- ‌محمد بن كعب القرظي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَمِائَةٍ

- ‌سَنَةُ عَشْرٍ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌جَرِيرٌ الشَّاعِرُ

- ‌وأما الفرزدق

- ‌فَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ أبى الحسن

- ‌وَأَمَّا ابْنُ سِيرِينَ

- ‌فصل

- ‌أما الحسن

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ

- ‌وهب بن منبه اليماني

- ‌فصل

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌سُلَيْمَانُ بْنُ سعد

- ‌أم الهذيل

- ‌عائشة بنت طلحة بن عبد الله التميمي

- ‌عبد الله بن سعيد بن جبير

- ‌عبد الرحمن بن أبان

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ الْكِنْدِيُّ

- ‌شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ الْأَشْعَرِيُّ الْحِمْصِيُّ

- ‌ ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثلاث عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌فِيهَا كَانَ مَهْلِكُ

- ‌الْأَمِيرِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ

- ‌مَكْحُولٌ الشَّامِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ

- ‌[فصل

- ‌ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ

- ‌[فصل

- ‌ثم دخلت سنة ست عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ

- ‌[فصل

- ‌[نافع مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ

- ‌ذو الرمة الشاعر

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

- ‌وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ:

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وعشرين ومائة

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌مسلمة بن عبد الملك

- ‌نمير بن قيس

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وعشرين ومائة

- ‌عَبْدُ اللَّهِ أَبُو يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِالْبَطَّالِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:

- ‌إِيَاسٌ الذَّكِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وَمِائَةٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ:

- ‌الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ [1]

- ‌الزُّهْرِيُّ

- ‌[فصل

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ

- ‌بِلَالُ بْنُ سعد

- ‌ترجمة الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ

- ‌ذِكْرُ وَفَاتِهِ وَتَرْجَمَتِهِ رحمه الله

الفصل: والدماء، فو الله مَا بَالَغْتُ فِي عُقُوبَةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا

والدماء، فو الله مَا بَالَغْتُ فِي عُقُوبَةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا قَضَيْتُ حَقَّ أَهْلِ الطَّاعَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَرَفًا فَلْيُحِدَّ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَدًّا أَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلَا أَتَجَاوَزُهُ، وَكَتَبَ فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ:

إِذَا أَنَا لَمْ أَطْلُبْ رِضَاكَ وَأَتَّقِي

أَذَاكَ فَيَوْمِي لَا تَوَارَتْ كَوَاكِبُهْ

إِذَا قَارَفَ الْحَجَّاجُ فِيكَ خَطِيئَةً

فَقَامَتْ عَلَيْهِ فِي الصَّبَاحِ نَوَادِبُهْ

أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتَ مِنْ ذِي هَوَادَةٍ

وَمَنْ لا تُسَالِمْهُ فَإِنِّي مُحَارِبُهْ

إِذَا أَنَا لَمْ أُدْنِ الشَّفِيقَ لِنُصْحِهِ

وَأُقْصِ الَّذِي تَسْرِي إِلَيَّ عَقَارِبُهْ

فَمَنْ يَتَّقِي يَوْمِي وَيَرْجُو إذًا غَدِي

عَلَى مَا أَرَى وَالدَّهْرُ جَمٌّ عَجَائِبُهْ

وَعَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِلْغَازِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنْ يَسْأَلَ الْحَجَّاجَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ:

هَلْ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا أصاب من الدنيا شَيْئًا؟ فَسَأَلَهُ كَمَا أَمَرَهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أحب أن لي لبنان أو سبير ذَهَبًا أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَكَانَ مَا أبلانى الله من الطاعة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

‌فصل

فيما روى عنه من الكلمات النافعة وَالْجَرَاءَةِ الْبَالِغَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:

اتَّقَوْا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَخَرَجُوا مِنْ بَابٍ آخَرَ لَحَلَّتْ لِي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ لَكَانَ ذَلِكَ لِي مِنَ اللَّهِ حَلَالًا، وَمَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّ قُرْآنَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَذِيرِي مِنْ هَذِهِ الْحَمْرَاءِ، يَزْعُمُ أحدهم يرمى بالحجر فيقول لي إن تقع الحجر حدث أمر، فو الله لَأَدَعَنَّهُمْ كَالْأَمْسِ الدَّابِرِ. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِلْأَعْمَشِ فَقَالَ: وأنا والله سمعته منه. ورواه أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ وَالْأَعْمَشِ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْحَجَّاجَ قَبَّحَهُ اللَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَفِيهِ وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فَخَرَجْتُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَحَلَّتْ لِي دِمَاؤُكُمْ، وَلَا أَجِدُ أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَلَأَحُكَّنَّهَا من المصحف ولو بضلع خنزير.

ورواه غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِنَحْوِهِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْتُ عبد هذيل لأضربن عُنُقَهُ. وَهَذَا مِنْ جَرَاءَةِ الْحَجَّاجِ قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَإِقْدَامِهِ عَلَى الْكَلَامِ السَّيِّئِ، وَالدِّمَاءِ الْحَرَامِ.

وَإِنَّمَا نَقَمَ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لِكَوْنِهِ خَالَفَ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عُثْمَانَ وَمُوَافِقِيهِ والله أعلم.

ص: 128

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ عَنْ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ عَلَى مِنْبَرِ وَاسِطٍ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ، لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَأَسْقَيْتُ الْأَرْضَ مِنْ دَمِهِ. قَالَ وَسَمِعْتُهُ عَلَى مِنْبَرِ وَاسِطٍ وَتَلَا هذه الآية هَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي 38: 35 قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ لَحَسُودًا. وَهَذِهِ جَرَاءَةٌ عَظِيمَةٌ تُفْضِي بِهِ إِلَى الْكُفْرِ: قَبَّحَهُ الله وأخزاه، وأبعده وأقصاه.

[قال أبو نعيم: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فقال: إني جئتك من عند رجل يملى المصاحف عن ظهر قلب، ففزع عمرو غضب وقال: ويحك، انظر ما تقول. قال: ما جئتك إلا بالحق، قال: من هو؟ قال: عبد الله بن مسعود. قال: ما أعلم أحدا أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك. «إنا سهرنا ليلة في بيت عند أبى بكر في بعض ما يكون من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرجنا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي بيني وبين أبى بكر، فلما انتهينا إلى المسجد إذا رجل يقرأ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليه، فقلت: يا رسول الله أعتمت، فغمزني بيده- يعنى اسكت- قال: فقرأ وركع وسجد وجلس يدعو ويستغفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سلّ نفطه [1] ثم قال: من سرّه أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد، فعلمت أنا وصاحبي أنه عبد الله بن مسعود، فلما أصبحت غدوت إليه لأبشره فقال: سبقك بها أبو بكر، وما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه» وهذا الحديث قد روى من طرق، فرواه حبيب بن حسان عن زيد بن وهب عن عمر مثله، ورواه شعبة وزهير وخديج عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عبد الله، ورواه عاصم عن عبد الله، ورواه الثوري وزائدة عن الأعمش نحوه. وقال أبو داود: حدثنا عمر بن ثابت عن أبى إسحاق عن حمير بن مالك قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: «أخذت مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لصبي مع الصبيان، فأنا لا أدع ما أخذت مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . وَقَدْ رواه الثوري وإسرافيل عن أبى إسحاق به. وفي رواية ذكرها الطبراني عنه قال: «لقد تلقيت مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت، وله ذؤابة يلعب مع الغلمان» . وقد روى أبو داود عنه وذكر قصة رعيه الغنم لعقبة بن أبى معيط، وأنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنك غلام معلم، قال: فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً مَا يُنَازِعُنِي فيها أحد» . ورواه أبو أيوب الإفريقي وأبو عوانة عن عاصم عن زر عنه نحوه. وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إذنك أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك» . وقد روى هذا عنه من طرق.

وروى الطبراني عن عبد الله بن شداد بن الهاد أن عبد الله كان صاحب الوساد والسواد والسواك

[1] هذا الخبر في الإستيعاب لابن عبد البر، لكنه اختصر هذا الموضع منه.

ص: 129

والنعلين. وروى غيره عن علقمة قال: قدمت الشام فجلست إلى أبى الدرداء فقال لي: ممن أنت؟

فقلت: من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب الوساد والسواك؟ وقال الحارث بن أبى أسامة:

حدثنا عبد العزيز بن أبان حدثنا قطر بن خليفة حدثنا أبو وائل قال سمعت حذيفة يقول، وابن مسعود قائم: لقد عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، من أقربهم وسيلة يوم القيامة. وقد روى هذا عن حذيفة من طرق، فرواه شعبة عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حذيفة ورواه عن أبى وائل فاضل الأحدب وجامع بن أبى راشد، وعبيدة، وأبو سنان الشيباني، وحكيم بن جبير، ورواه عبد الرحمن بن يزيد عن حذيفة.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أبى إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد يقول: قلنا لحذيفة أخبرنا برجل قريب الهدى والسمت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى نلزمه، فقال:

ما أعلم أحدا أقرب هديا وسمتا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى يواريه جدار بيته من ابن أم عبد، ولقد علم المحفوظون مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ أَقْرَبُهُمْ إِلَى اللَّهِ وسيلة. قلت: فهذا حذيفة بن اليمان صاحب سِرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا قوله في عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. فكذب الحجاج وفجر، ولقم النار والحجر فيما يقوله فيه، وفي رميه له بالنفاق، وفي قوله عن قراءته: إنها شعر من شعر هذيل، وإنه لا بد أن يحكّها من المصحف ولو بضلع خنزير، وأنه لو أدركه لضرب عنقه، فحصل على إثم ذلك كله بنيته الخبيثة. وقال عفان: حدثنا حماد حدثنا عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من أراك، فكانت الريح تكفوه، وكان في ساقه دقة، فضحك القوم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا يضحككم؟ قالوا: من دقة ساقيه، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أحد» . ورواه جرير وعلى بن عاصم عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أُمِّ مُوسَى عَنْ عَلِيٍّ بن أبى طالب. وروى سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تمسكوا بعهد عبد الله بن أم مسعود» ورواه الترمذي والطبراني. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أبى إسحاق. قال: سمعت أبا الأحوص قال: شهدت أبا موسى وأبا مسعود حين توفى ابن مسعود وأحدهما يقول لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله. قال: إن قلت ذاك إنه كان ليؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا. وقال الأعمش: يعنى عبد الله بن مسعود. وقال أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وهب. قال: أقبل عبد الله بن مسعود ذات يوم وعمر جالس فقال: كيف مليء فقها. وقال عمر بن حفص: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أبى حصين عن أبى عطية أن أبا موسى الأشعري قال: لا تسألونا عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهرنا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يعنى ابن مسعود- وروى جرير عن الأعمش

ص: 130

عن عمرو بن عروة عن أبى البختري قال: قالوا لعلى: حدثنا عن أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: عن أيهم؟ قالوا: حدثنا عن ابن مسعود. قال: علم القرآن والسنة ثم انتهى، وكفى بذلك علما. وفي رواية عن على قال: علم القرآن ثم وقف عنده وكفى به. فهداتنا الصحابة العالمون به، العارفون بما كان عليه، فهم أولى بالاتباع وأصدق أقوالا من أصحاب الأهواء الحائدين عن الحق، بل أقوال الحجاج وغيره من أهل الأهواء: هذيانات وكذب وافتراء، وبعضها كفر وزندقة، فان الحجاج كان عثمانيا أمويا، يميل إليهم ميلا عظيما. ويرى أن خلافهم كفر. ويستحل بذلك الدماء، ولا تأخذه في ذلك لومة لائم] [1] .

وَمِنِ الطَّامَّاتِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ ثَنَا جَرِيرٌ. وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ بَزِيعِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَخْطُبُ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: رَسُولُ أَحَدِكُمْ فِي حَاجَتِهِ أَكْرَمُ عَلَيْهِ أَمْ خَلِيفَتُهُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: للَّه عَلَيَّ أَنْ لَا أُصَلِّيَ خَلْفَكَ صَلَاةً أَبَدًا، وَإِنْ وَجَدْتُ قَوْمًا يُجَاهِدُونَكَ لَأُجَاهِدَنَّكَ مَعَهُمْ. زَادَ إِسْحَاقُ فَقَاتَلَ فِي الْجَمَاجِمِ حَتَّى قُتِلَ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ فَظَاهِرُهُ كُفْرٌ إِنْ أَرَادَ تَفْضِيلَ مَنْصِبَ الْخِلَافَةِ عَلَى الرِّسَالَةِ، أَوْ أَرَادَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَفْضَلُ مِنَ الرَّسُولِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ثَنَا أَبُو حَفْصٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا فَأَقْبَلَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْحَجَّاجَ كَافِرٌ، ثُمَّ أَطْرَقَ فَقَالَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ كَافِرٌ، ثُمَّ أَطْرَقَ فَأَقْبَلَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْحَجَّاجَ كَافِرٌ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، ثُمَّ قال: كافريا أَهْلَ الْعِرَاقِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى. وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثَنَا ضَمْرَةُ ثَنَا ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَيْنَمَا الْحَجَّاجُ يَخْطُبُنَا يَوْمًا إِذْ قَالَ: الْحَجَّاجُ كَافِرٌ، قُلْنَا: مَا لَهُ؟ أَيُّ شَيْءٍ يُرِيدُ؟

قَالَ: الْحَجَّاجُ كَافِرٌ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَالْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمًا للحجاج:

مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ عَيْبَ نفسه، فصف عَيْبَ نَفْسِكَ، فَقَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَبَى، فَقَالَ: أَنَا لَجُوجٌ حَقُودٌ حَسُودٌ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا فِي الشَّيْطَانِ شَرٌّ مِمَّا ذَكَرْتَ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ:

إذًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ إِبْلِيسَ نَسَبٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ نِقْمَةً عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ بِمَا سَلَفَ لَهُمْ من الذنوب والخروج على الأئمة، وخذ لانهم لَهُمْ، وَعِصْيَانِهِمْ، وَمُخَالَفَتِهِمْ، وَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ شريح بن عبيد عمن حدثه قال: جاء رجل إلى عمر ابن الخطاب فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ حَصَبُوا أَمِيرَهُمْ فَخَرَجَ غَضْبَانَ، فَصَلَّى لَنَا صَلَاةً فَسَهَا فِيهَا، حَتَّى جَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ؟

[1] سقط من نسخة طوب قبو بالأستانة.

ص: 131

فَقَامَ رَجُلٌ ثُمَّ قَامَ آخَرُ ثُمَّ قُمْتُ أَنَا ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْتَعِدُّوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ بَاضَ فِيهِمْ وَفَرَّخَ، اللَّهمّ إِنَّهُمْ قَدْ لَبِسُوا عَلَيْهِمْ فَأَلْبِسْ عَلَيْهِمْ وَعَجِّلْ عَلَيْهِمْ بِالْغُلَامِ الثَّقَفِيِّ، يَحْكُمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَلَا يَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَقَدْ رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَذْبَةَ الْحِمَّصِيِّ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ. وقال عبد الرزاق: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: اللَّهمّ كَمَا ائْتَمَنْتُهُمْ فَخَانُونِي، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَغَشُّونِي فَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ فَتَى ثَقِيفٍ الذَّيَّالَ الْمَيَّالَ، يَأْكُلُ خَضِرَتَهَا، وَيَلْبَسُ فَرْوَتَهَا، وَيَحْكُمُ فِيهَا بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ يَقُولُ الْحَسَنُ: وَمَا خُلِقَ الْحَجَّاجُ يَوْمَئِذٍ. وَرَوَاهُ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: الشَّابُّ الذَّيَّالُ أَمِيرُ الْمِصْرَيْنِ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا وَيَأْكُلُ خَضِرَتَهَا، وَيَقْتُلُ أَشْرَافَ أَهْلِهَا، يَشْتَدُّ مِنْهُ الْفَرَقُ، وَيَكْثُرُ مِنْهُ الْأَرَقُ، وَيُسَلِّطُهُ اللَّهُ عَلَى شِيعَتِهِ. وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ. قَالَ قَالَ عَلِيٌّ لِرَجُلٍ: لَا مِتَّ حتى تدرك فتى ثقيف، قال: وَمَا فَتَى ثَقِيفٍ؟ قَالَ: لَيُقَالَنَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اكْفِنَا زَاوِيَةً مِنْ زَوَايَا جَهَنَّمَ، رَجُلٌ يَمْلِكُ عِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، لَا يَدْعُ للَّه مَعْصِيَةً إِلَّا ارْتَكَبَهَا، حَتَّى لَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَعْصِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلِقٌ لَكَسَرَهُ حَتَّى يَرْتَكِبَهَا، يَقْتُلُ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زكريا ثنا إسماعيل بن موسى السدوسي ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ سِنَانٍ الْجَدَلِيَّةِ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَلِيٍّ فَرَدَّهُ قُنْبُرٌ فَأَدْمَى أَنْفَهُ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهُ يَا أَشْعَثُ، أما والله لو بعبد ثقيف تحرشت لَاقْشَعَرَّتْ شُعَيْرَاتُ اسْتِكَ، قِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ عَبْدُ ثَقِيفٍ؟

قَالَ: غُلَامٌ يَلِيهِمْ لَا يُبْقِي أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا أَلْبَسَهُمْ ذُلًّا، قِيلَ كَمْ يَمْلِكُ؟ قَالَ عِشْرِينَ إن بلغ. وقال البيهقي أنبأنا الحاكم أنبأ الحسن بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ ثنا ابن يحيى الغاني. قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ تخابثت الأمم فجاءت كُلُّ أُمَّةٍ بِخَبِيثِهَا، وَجِئْنَا بِالْحَجَّاجِ لَغَلَبْنَاهُمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ أَنَّهُ قَالَ:

مَا بَقِيَتْ للَّه عز وجل حُرْمَةٌ إِلَّا وَقَدِ ارْتَكَبَهَا الْحَجَّاجُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ «إِنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا ومبيرا» وكان المختار هو الْكَذَّابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ كَانَ يُظْهِرُ الرَّفْضَ أَوَّلًا وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ الْمَحْضَ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَهُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ هَذَا، وَقَدْ كَانَ نَاصِبِيًّا يُبْغِضُ عَلِيًّا وَشِيعَتَهُ فِي هَوَى آلِ مَرْوَانَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا، مِقْدَامًا عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ بِأَدْنَى شُبْهَةٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَلْفَاظٌ بَشِعَةٌ شَنِيعَةٌ ظَاهِرُهَا الْكُفْرُ كَمَا قَدَّمْنَا. فَإِنْ كَانَ

ص: 132

قَدْ تَابَ مِنْهَا وَأَقْلَعَ عَنْهَا، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ فِي عُهْدَتِهَا، وَلَكِنْ قَدْ يُخْشَى أَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْهُ بِنَوْعٍ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الشِّيعَةَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ جِدًّا لِوُجُوهٍ، وَرُبَّمَا حَرَّفُوا عَلَيْهِ بَعْضَ الْكَلِمِ. وَزَادُوا فِيمَا يَحْكُونَهُ عَنْهُ بَشَاعَاتٍ وَشَنَاعَاتٍ.

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَدَيَّنُ بِتَرْكِ الْمُسْكِرِ، وَكَانَ يُكْثِرُ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ، وَيَتَجَنَّبُ الْمَحَارِمَ، وَلَمْ يَشْتَهِرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ التَّلَطُّخِ بِالْفُرُوجِ، وَإِنْ كَانَ مُتَسَرِّعًا فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ فاللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَحَقَائِقِ الْأُمُورِ وساترها، وخفيات الصدور وضمائرها:

[قلت: الحجاج أعظم ما نقم عليه وصح من أفعاله سفك الدماء، وكفى به عقوبة عند الله عز وجل، وقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد، وكان فيه سماحة بإعطاء المال لأهل القرآن، فكان يعطى على القرآن كثيرا، ولما مات لم يترك فيما قيل إلا ثلاثمائة درهم. والله أعلم.][1] .

وَقَالَ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجُرَيْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طرار الْبَغْدَادِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ ثَنَا أَبِي ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ثَنَا هِشَامُ أبو مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ثَنَا عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ الْكَلْبِيُّ. قَالَ:

دَخَلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يديه قال لَهُ إِيهٍ إِيهٍ يَا أُنَيْسُ، يَوْمٌ لَكَ مَعَ عَلِيٍّ، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ، وَاللَّهِ لَأَسْتَأْصِلَنَّكَ كما تستأصل الشاة، وَلَأَدْمَغَنَّكَ كَمَا تُدْمَغُ الصَّمْغَةُ. فَقَالَ أَنَسٌ: إِيَّايَ يعنى الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك أعنى صك اللَّهُ سَمْعَكَ. قَالَ أَنَسٌ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاللَّهِ لَوْلَا الصِّبْيَةُ الصِّغَارُ مَا بَالَيْتُ أَيَّ قِتْلَةٍ قُتِلْتُ، وَلَا أَيَّ مِيتَةٍ مِتُّ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْحَجَّاجِ فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِمَا قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ، فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ كتاب أنس استشاط غضبا، وشفق عَجَبًا، وَتَعَاظَمَ ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ، وَكَانَ كِتَابُ أنس إلى عبد الملك:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لِي هُجْرًا، وَأَسْمَعَنِي نُكْرًا، وَلَمْ أَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلًا، فَخُذْ لِي عَلَى يَدَيْهِ، فَإِنِّي أَمُتُّ بِخِدْمَتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَبَعَثَ عبد الملك إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر- وَكَانَ مُصَادِقًا لِلْحَجَّاجِ- فَقَالَ لَهُ: دُونَكَ كِتَابَيَّ هَذَيْنِ فَخُذْهُمَا وَارْكَبِ الْبَرِيدَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَابْدَأْ بِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فارفع كِتَابِي إِلَيْهِ وَأَبْلِغْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ قَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ الْمَلْعُونِ كِتَابًا إِذَا قَرَأَهُ كَانَ أَطْوَعَ لَكَ مِنْ أَمَتِكَ، وَكَانَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ! مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

[1] زيادة من المصرية.

ص: 133

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ شِكَايَتِكَ الْحَجَّاجَ، وَمَا سَلَّطْتُهُ عَلَيْكَ وَلَا أَمَرْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ إِلَيْكَ، فَإِنْ عَادَ لِمِثْلِهَا اكْتُبْ إِلَيَّ بِذَلِكَ أُنْزِلْ بِهِ عُقُوبَتِي، وَتَحْسُنْ لك معونتى. والسلام.

فلما قرأ أنس كتاب أمير المؤمنين وَأُخْبِرَ بِرِسَالَتِهِ قَالَ: جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِّي خَيْرًا، وَعَافَاهُ وَكَفَاهُ وَكَافَأَهُ بِالْجَنَّةِ، فَهَذَا كَانَ ظَنِّي بِهِ وَالرَّجَاءَ مِنْهُ. فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّ الْحَجَّاجَ عَامِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ بِكَ عَنْهُ غِنًى، وَلَا بِأَهْلِ بَيْتِكَ، وَلَوْ جُعِلَ لك في جامعة ثم دفع إليك، فَقَارِبْهُ وَدَارِهِ تَعِشْ مَعَهُ بِخَيْرٍ وَسَلَامٍ. فَقَالَ أَنَسٌ: أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ خَرَجَ إسماعيل من عند أنس فدخل على الحجاج، فقال الحجاج: مرحبا برجل أحبه وكنت أحب لقاه، فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ:

أَنَا وَاللَّهِ كُنْتُ أُحِبُّ لِقَاءَكَ فِي غَيْرِ مَا أَتَيْتُكَ بِهِ، فَتَغَيَّرَ لَوْنُ الحجاج وخاف وَقَالَ: مَا أَتَيْتَنِي بِهِ؟ قَالَ:

فَارَقْتُ أَمِيرَ المؤمنين وهو أشد الناس غضبا عليك، وَمِنْكَ بُعْدًا، قَالَ: فَاسْتَوَى الْحَجَّاجُ جَالِسًا مَرْعُوبًا، فَرَمَى إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بِالطُّومَارِ فَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يَنْظُرُ فِيهِ مَرَّةً وَيَعْرَقُ، وَيَنْظُرُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ أُخْرَى، فلما فضه قَالَ: قُمْ بِنَا إِلَى أَبِي حَمْزَةَ نَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَنَتَرَضَّاهُ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: لَا تَعْجَلْ! فَقَالَ:

كَيْفَ لَا أَعْجَلُ وَقَدْ أَتَيْتَنِي بِآبِدَةٍ؟ وكان في الطومار:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، 1: 1 من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ عَبْدٌ طَمَتْ بِكَ الْأُمُورُ، فَسَمَوْتَ فِيهَا وَعَدَوْتَ طَوْرَكَ، وَجَاوَزْتَ قَدْرَكَ، وَرَكِبْتَ دَاهِيَةً إِدًّا، وَأَرَدْتَ أن تبدو لي فَإِنْ سَوَّغْتُكَهَا مَضَيْتَ قُدُمًا، وَإِنْ لَمْ أُسَوِّغْهَا رجعت القهقرى، فلعنك الله من عبد أَخْفَشَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْقُوصَ الْجَاعِرَتَيْنِ. أَنَسِيتَ مَكَاسِبَ آبَائِكَ بِالطَّائِفِ، وَحَفْرَهُمُ الْآبَارَ، وَنَقْلَهُمُ الصُّخُورَ عَلَى ظُهُورِهِمْ فِي الْمَنَاهِلِ، يَا ابْنَ الْمُسْتَفْرِمَةِ بِعُجْمِ الزَّبِيبِ، والله لأغمرنك غمر اللَّيْثِ الثَّعْلَبَ، وَالصَّقْرَ الْأَرْنَبَ. وَثَبْتَ عَلَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَلَمْ تَقْبَلْ لَهُ إِحْسَانَهُ، ولم تتجاوز له عن إِسَاءَتَهُ، جُرْأَةً مِنْكَ عَلَى الرَّبِّ عز وجل، وَاسْتِخْفَافًا مِنْكَ بِالْعَهْدِ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْيَهُودَ والنصارى رأت رجلا خدم عزير بن عزرى، وعيسى بن مريم، لعظمته وشرفته وأكرمته وأحبته، بل لو رأوا من خدم حمار العزير أو خدم حواري المسيح لعظموه وأكرموه، فَكَيْفَ وَهَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَ سِنِينَ، يُطْلِعُهُ عَلَى سِرِّهِ، وَيُشَاوِرُهُ فِي أَمْرِهِ، ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا أَصْحَابِهِ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَكُنْ أَطْوَعَ لَهُ مِنْ خُفِّهِ وَنَعْلِهِ، وَإِلَّا أَتَاكَ مِنِّي سَهْمٌ بكل حتف قَاضٍ، وَلِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. وَقَدْ تكلم ابن طرار عَلَى مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْغَرِيبِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزبير- يعنى ابن عدي- قال:

أتينا أنس بن مالك [نشكو إليه مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عليكم عام أو زمان

ص: 134

أَوْ يَوْمٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ عز وجل، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم» وَهَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ» الْحَدِيثَ. قُلْتُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ بِالْمَعْنَى فَيَقُولُ:

كُلُّ عَامٍ تَرْذُلُونَ. وَهَذَا اللَّفْظُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَعْنَى هَذَا الحديث، والله أعلم.

قلت: قد مر بى مرة من كلام عائشة مرفوعا وموقوفا: كل يوم ترذلون. ورأيت للإمام أحمد كلاما قال فيه: وروى في الحديث كل يوم ترذلون نسما خبيثا. فيحتمل هذا أنه وقع للإمام أحمد مرفوعا، ومثل أحمد لا يقول هذا إلا عن أصل، وقد روى عن الحسن مثل ذلك، والله أعلم. فدل على أن له أصلا إما مرفوعا وإما من كلام السلف، لم يزل يتناوله الناس قرنا بعد قرن، وجيلا بعد جيل، حتى وصل إلى هذه الأزمان، وهو موجود في كل يوم، بل في كل ساعة تفوح رائحته، ولا سيما من بعد فتنة تمرلنك، وإلى الآن نجد الرذالة في كل شيء، وهذا ظاهر لمن تأمله، والله سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ. قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُصَلُّونَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ. قَالَ قَالَ الشَّعْبِيُّ:

وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُمْ لَتَمَنَّوُنَّ الْحَجَّاجَ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّكَ تَقُولُ: الْآخِرُ شَرٌّ مِنَ الْأَوَّلِ، وَهَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ الْحَجَّاجِ. فَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيسَاتٍ.

وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْحَسَنِ وَقَدْ هَمَّ بِهِ، فَلَمَّا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: يَا حَجَّاجُ كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ آدَمَ مِنْ أَبٍ؟ قَالَ: كَثِيرٌ، قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: مَاتُوا. قَالَ: فَنَكَّسَ الْحَجَّاجُ رَأْسَهُ وَخَرَجَ الْحَسَنُ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ قَتْلَ الْحَسَنِ مِرَارًا فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ مَعَهُ مُنَاظَرَاتٍ، عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَنْهَى أَصْحَابَ ابْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مَعَهُمْ مُكْرَهًا كَمَا قَدَّمْنَا، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ نِقْمَةٌ فَلَا تُقَابَلُ نِقْمَةُ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَالسَّكِينَةِ وَالتَّضَرُّعِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الحضر عَنِ ابْنِ عَائِشَةَ. قَالَ: أُتِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عبد الملك رجل مِنَ الْخَوَارِجِ فَقِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟

فَأَثْنَى خَيْرًا، قَالَ فَعُثْمَانَ؟ فأثنى خيرا، قيل له: فما تقول في على؟ فأثنى خيرا، فذكر له الخلفاء واحدا بعد واحد، فيثنى على كل بما يناسبه، حَتَّى قِيلَ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ؟ فَقَالَ:

الْآنَ جَاءَتِ الْمَسْأَلَةُ، مَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ الْحَجَّاجُ خَطِيئَةٌ مِنْ بعض خَطَايَاهُ؟.] [1] وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ فَجَعَلَ يُكَلِّمُهَا وَهِيَ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا تَرُدُّ عَلَيْهِ كَلَامًا، فَقَالَ لَهَا بَعْضُ الشُّرَطِ: يكلمك الأمير وأنت معرضة عنه؟

[1] زيادة من المصرية.

ص: 135

فَقَالَتْ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ كَيْفِيَّةَ مَقْتَلِ الْحَجَّاجِ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَا دَارَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْكَلَامِ وَالْمُرَاجَعَةِ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا أَبُو ظَفَرٍ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ بِسْطَامَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: خَرَجْتَ عَلَى الْحَجَّاجِ؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَرَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ بَعْدَهُ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا اسْمُهُ مَاهَانُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ قَبْلَهُ خَلْقًا كَثِيرًا، أَكْثَرُهُمْ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ. وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: ثَنَا أَبُو داود سليمان بن مسلم الْبَلْخِيُّ ثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَحْصَوْا مَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ صَبْرًا فَبَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا قَالَ الأصمعي:

ثنا أبو صم عن عباد بن كثير عن قحدم قَالَ: أَطْلَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي غداة واحدة أحدا وثمانين ألف أسير كانوا في سجن الحجاج، وقيل إنه لبث في سجنه ثمانون ألفا منهم ثلاثون ألف امرأة وَعُرِضَتِ السُّجُونُ بَعْدَ الْحَجَّاجِ فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا، لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ قطع ولا صلب، وكان فيمن حُبِسَ أَعْرَابِيٌّ وُجِدَ يَبُولُ فِي أَصْلِ رَبَضِ مدينة واسط، وكان فيمن أُطْلِقُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

إِذَا نَحْنُ جَاوَزْنَا مَدِينَةَ وَاسِطٍ

خَرَيْنَا وَصَلَّيْنَا بِغَيْرِ حِسَابِ

وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ مَعَ هَذَا الْعُنْفِ الشَّدِيدِ لَا يَسْتَخْرِجُ مِنْ خَرَاجِ الْعِرَاقِ كَبِيرَ أَمْرٍ، قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أبى سنح ثَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ تخابثت الأمم فجاءت كل امة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم، وما كان الحجاج يَصْلُحُ لِدُنْيَا وَلَا لِآخِرَةٍ لَقَدْ وَلِيَ الْعِرَاقَ وَهُوَ أَوْفَرُ مَا يَكُونُ فِي الْعِمَارَةِ، فَأَخَسَّ به إلى أن صَيَّرَهُ إِلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَقَدْ أُدِّيَ إليّ عمالى في عامي هذا ثمانين أَلْفَ أَلْفٍ، وَإِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ رَجَوْتُ أَنْ يُؤَدَّى إِلَيَّ مَا أُدِّيَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِائَةُ أَلْفِ أَلْفٍ وَعَشَرَةُ آلَافِ ألف. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِيِّ: ثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا أَبِي سَمِعْتُ جَدِّي قَالَ. كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَسْتَنُّ بِسَنَنِ الْحَجَّاجِ فَلَا تَسْتَنَّ بِسَنَنِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا، وَيَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهَا وَكَانَ لِمَا سِوَى ذَلِكَ أَضْيَعَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدٍ ثَنَا ضَمْرَةُ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ مُسْلِمٍ. قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بآل بيت أَبِي عَقِيلٍ- أَهْلِ بَيْتِ الْحَجَّاجِ- إِلَى صَاحِبِ الْيَمَنِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ بِآلِ أَبِي عَقِيلٍ وَهُمْ شَرُّ بَيْتٍ في العمل، فَفَرِّقْهُمْ فِي الْعَمَلِ عَلَى قَدْرِ هَوَانِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْنَا، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. وَإِنَّمَا نَفَاهُمْ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ يَقُولُ: كَانَ الْحَجَّاجُ يَنْقُضُ عُرَى الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ حِكَايَةً. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ: لَمْ يُبْقِ للَّه حُرْمَةً إِلَّا ارْتَكَبَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ: اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَّاجِ فَسَأَلُوا مُجَاهِدًا فَقَالَ: تسألون عَنِ الشَّيْخِ الْكَافِرِ.

ص: 136

وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْحَجَّاجُ مُؤْمِنٌ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، كَافِرٌ باللَّه الْعَظِيمِ.

كَذَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ معمر عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَجَبًا لِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ الْحَجَّاجَ مُؤْمِنًا؟! وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابن عوف: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُسْأَلُ عَنِ الْحَجَّاجِ أَتَشْهَدُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ أَتَأْمُرُونِي أَنْ أَشْهَدَ عَلَى [1] اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ منصور:

سألت إبراهيم عن الْحَجَّاجِ أَوْ بَعْضِ الْجَبَابِرَةِ فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ يقول أَلا لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ 11: 18 وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَفَى بِالرَّجُلِ عَمًى أَنْ يَعْمَى عَنْ أَمْرِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ سَلَامُ بْنُ أبى مطيع لأنا بالحجاج أَرْجَى مِنِّي لِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، لَأَنَّ الْحَجَّاجَ قَتَلَ النَّاسَ عَلَى الدُّنْيَا، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ أحدث للناس بدعة شنعاء، قتل الناس بعضهم بعضا، وقال الزبير: سَبَبْتُ الْحَجَّاجَ يَوْمًا عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ فَقَالَ:

لَا تَسُبُّهُ لَعَلَّهُ قَالَ يَوْمًا اللَّهمّ ارْحَمْنِي فَيَرْحَمُهُ، إِيَّاكَ وَمُجَالَسَةَ مَنْ يَقُولُ أَرَأَيْتَ أَرَأَيْتَ. وَقَالَ عَوْفٌ:

ذُكِرَ الْحَجَّاجُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: مِسْكِينٌ أَبُو مُحَمَّدٍ، إِنْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عز وجل فَبِذَنْبِهِ، وَإِنْ يَغْفِرْ لَهُ فَهَنِيئًا لَهُ، وَإِنْ يَلْقَ اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فهو خير منا، وقد أَصَابَ الذُّنُوبَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.

فَقِيلَ له ما القلب السليم؟ قال: أن يعلم الله تعالى منه الحياء والايمان، وأن يعلم أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ حَقٌّ قَائِمَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

وَقَالَ أَبُو قَاسِمٍ الْبَغَوِيُّ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: أتشهد على الحجاج وعلى أبى مسلم الخراساني أنهما في النار؟ قال: لا! إن أَقَرَّا بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ الرِّيَاشِيُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْأَزْرَقُ عَنِ السِّرِّيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ الْحَجَّاجُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَسَمِعَ اسْتِغَاثَةً فَقَالَ: مَا هذا؟

فقيل أَهْلُ السُّجُونِ يَقُولُونَ قَتَلَنَا الْحَرُّ، فَقَالَ: قُولُوا لَهُمْ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ. قَالَ: فَمَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَقَلَّ مِنْ جُمُعَةٍ حتى قصمه الله قاصم كل جبار. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ وَقَدْ كَادَ يَهْلِكُ مِنَ الْعِلَّةِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَمَّا مَرِضَ الْحَجَّاجُ أَرْجَفَ النَّاسُ بِمَوْتِهِ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنْ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: مَاتَ الْحَجَّاجُ، وَمَاتَ الحجاج فمه؟! فهل يَرْجُو الْحَجَّاجُ الْخَيْرَ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ؟ وَاللَّهُ مَا يَسُرُّنِي أَنْ لَا أَمُوتَ وَأَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَمَا رَأَيْتُ اللَّهَ رَضِيَ التَّخْلِيدَ إِلَّا لِأَهْوَنِ خَلْقِهِ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ، قَالَ الله له إِنَّكَ من الْمُنْظَرِينَ 7: 15 فَأَنْظَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَلَقَدْ دَعَا اللَّهُ العبد الصالح فقال هَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي 38: 35 فأعطاه الله ذلك إلا البقاء، ولقد طلب العبد الصالح الموت بعد أن تم له أمره، فقال تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ 12: 101 فَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، كَأَنِّي وَاللَّهِ بِكُلِّ حَيٍّ مِنْكُمْ مَيِّتًا، وَبِكُلِّ رَطْبٍ يَابِسًا، ثُمَّ نُقِلَ فِي أثياب أكفانه ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ طُولًا فِي ذِرَاعٍ عَرْضًا، فَأَكَلَتِ الأرض لحمه، ومصت صديده،

[1] كذا بالأصول.

ص: 137

وانصرف الخبيث من ولده يقسم الخبيث مِنْ مَالِهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ يَعْقِلُونَ مَا أَقُولُ، ثُمَّ نَزَلَ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ:

مَا حَسَدْتُ الْحَجَّاجَ عَدُوَّ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ حَسَدِي إِيَّاهُ عَلَى حُبِّهِ الْقُرْآنَ وَإِعْطَائِهِ أَهْلَهُ عليه، وَقَوْلِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: اللَّهمّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ:

كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُبْغِضُ الْحَجَّاجَ فَنَفَسَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةٍ قَالَهَا عند الموت: اللَّهمّ اغفر لي فإنهم يزعمون أَنَّكَ لَا تَفْعَلُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ قِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ عند الموت كذا وكذا، قال: قالها؟ قالوا: نعم! قال فما عسى. وقال أبو العباس المري عَنِ الرِّيَاشِيِّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَجَّاجَ الْوَفَاةُ أَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الْأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا

بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ

أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ وَيْحَهُمُ

مَا عِلْمُهُمْ بِعَظِيمِ الْعَفْوِ غَفَّارِ

قَالَ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ الْحَسَنُ فقال: باللَّه إن نجا لينجون بهما. وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ: -

إِنَّ الْمَوَالِيَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدُهُمْ

فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارِ

وَأَنْتَ يَا خَالِقِي أَوْلَى بِذَا كَرَمًا

قَدْ شِبْتُ فِي الرِّقِّ فَاعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ لَمْ يعلم أحد بِمَوْتِهِ حَتَّى أَشْرَفَتْ جَارِيَةٌ فَبَكَتْ فَقَالَتْ: أَلَا إن مطعم الطعام، وميتم الأيتام، ومرمل النساء، وَمُفَلِّقَ الْهَامِ، وَسَيِّدَ أَهْلِ الشَّامِ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ: -

الْيَوْمَ يَرْحَمُنَا مَنْ كَانَ يبغضنا

وَالْيَوْمَ يَأْمَنُنَا مَنْ كَانَ يَخْشَانَا

وَرَوَى عَبْدُ الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ مِرَارًا فَلَمَّا تَحَقَّقَ وَفَاتَهُ قَالَ: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للَّه رب العالمين) وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحَسَنَ لَمَّا بُشِّرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ سَجَدَ شُكْرًا للَّه تَعَالَى، وَكَانَ مُخْتَفِيًا فَظَهَرَ، وَقَالَ اللَّهمّ أَمَتَّهُ فَأَذْهِبْ عَنَّا سُنَّتَهُ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: لَمَّا أَخْبَرْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ بَكَى مِنَ الْفَرَحِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ ثَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ بن الحارث لِأَهْلِ السِّجْنِ يَمُوتُ الْحَجَّاجُ فِي مَرَضِهِ هَذَا فِي لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَمْ يَنَمْ أَهْلُ السِّجْنِ فَرَحًا، جَلَسُوا ينظرون حتى يسمعوا الناعية، وَذَلِكَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، لِأَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ عَامَ الْجَمَاعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ بعدها بسنة، وقيل قبلها بسنة، مات بواسط

ص: 138

وَعُفِيَ قَبْرُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِكَيْلَا يُنْبَشَ وَيُحْرَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَا كَانَ أعجب حال الْحَجَّاجَ، مَا تَرَكَ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله بن فرق: ثنا عمى قال: زعموا أن الحجاج لما مات لم يَتْرُكْ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمُصْحَفًا وَسَيْفًا وَسَرْجًا وَرَحْلًا وَمِائَةَ دِرْعٍ مَوْقُوفَةٍ. وَقَالَ شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنِي عَمِّي يَزِيدُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فَقَالَ: حَدِّثْنِي بوصية الحجاج ابن يوسف، فقال: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي بِهَا، فَقُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِلَّا طَاعَةَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الملك، عليها يحيى، وَعَلَيْهَا يَمُوتُ، وَعَلَيْهَا يُبْعَثُ، وَأَوْصَى بِتِسْعِمِائَةِ دِرْعٍ حَدِيدٍ، سِتِّمِائَةٍ مِنْهَا لِمُنَافِقِي أَهْلِ الْعِرَاقِ يَغْزُونَ بِهَا، وَثَلَاثِمِائَةٍ لِلتُّرْكِ. قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْسَهُ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ الطُّوسِيِّ- وَكَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ- فَقَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ الشِّيعَةُ لَا شِيعَتُكُمْ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: قَتَلَنِي بِكُلِّ قَتْلَةٍ قَتَلْتُ بِهَا إنسانا، قال: ثم رأيته بعد الحول ففلت: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: يَا مَاصَّ بَظْرِ أُمِّهِ أَمَا سَأَلْتَ عَنْ هَذَا عَامَ أَوَّلَ؟ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ: كُنْتُ عِنْدَ الرَّشِيدِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ، قَالَ: فِي أَيِّ زِيٍّ رَأَيْتَهُ؟ قال: في زي قبيح.

فقلت: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا مَاصَّ بَظْرِ أُمِّهِ! فَقَالَ هَارُونُ: صدق وَاللَّهِ، أَنْتَ رَأَيْتَ الْحَجَّاجَ حَقًّا، مَا كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ لِيَدَعَ صَرَامَتَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثنا ضمرة بن أبى شوذب عن أشعث الخراز. قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي الْمَنَامِ فِي حَالَةٍ سَيِّئَةٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلْتُ أَحَدًا قِتْلَةً إلا قتلني بها. قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ، قُلْتُ ثُمَّ مَهْ، قَالَ ثُمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أَهْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَيُخْلِفَنَّ اللَّهُ رَجَاءَهُ فِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ:

سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ يَقُولُ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا إِلَّا ذَكَرَ فِيهِ الْحَجَّاجَ فَدَعَا عَلَيْهِ، قَالَ: فَرَآهُ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الْحَجَّاجُ؟ قَالَ: أَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ:

قُتِلْتُ بِكُلِّ قَتِيلٍ قَتَلْتُهُ ثُمَّ عُزِلْتُ مَعَ الْمُوَحِّدِينَ. قَالَ: فَأَمْسَكَ الْحَسَنُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَتْمِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عثمان أنبأ ابن المبارك أنبأنا سفيان. قال: قدم الحجاج على عبد الملك بن مروان وافدا ومعه معاوية بن قرة، فسأل عبد الملك معاوية عن الحجاج فقال: إن صدقنا كم قتلتمونا، وإن كذبناكم خشينا الله عز وجل، فنظر إليه الحجاج فقال له عبد الملك: لا تعرض له، فنفاه إلى السند فكان له بها مواقف][1] .

[1] سقط من نسخة الأستانة.

ص: 139