الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: كَانَتْ وَفَاةُ الْبَطَّالِ وَمَقْتَلُهُ بِأَرْضِ الرُّومِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وعشرين ومائة، وقال ابن حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ: قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ومائة، قيل وَقَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ قُتِلَ هُوَ وَالْأَمِيرُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فاللَّه أَعْلَمُ، وَلَكِنَّ ابْنَ جَرِيرٍ لَمْ يُؤَرِّخْ وَفَاتَهُ إِلَّا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فاللَّه أَعْلَمُ.
قُلْتُ: فَهَذَا ملخص ابن عساكر في ترجمة البطال مع تفصيله لِلْأَخْبَارِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ الْعَامَّةُ عَنِ الْبَطَّالِ مِنَ السِّيرَةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى دَلْهَمَةَ وَالْبَطَّالِ وَالْأَمِيرِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْقَاضِي عُقَبَةَ، فَكَذِبٌ وافتراء ووضع بارد، وجهل وتخبط فَاحِشٌ، لَا يَرُوجُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى غَبِيٍّ أَوْ جَاهِلٍ رَدِيٍّ. كَمَا يَرُوجُ عَلَيْهِمْ سِيرَةُ عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيِّ الْمَكْذُوبَةُ، وَكَذَلِكَ سِيرَةُ الْبَكْرِيِّ وَالدَّنَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْكَذِبُ الْمُفْتَعَلُ فِي سِيرَةِ الْبَكْرِيِّ أَشَدُّ إِثْمًا وَأَعْظَمُ جُرْمًا مِنْ غَيْرِهَا، لِأَنَّ وَاضِعَهَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
إِيَاسٌ الذَّكِيُّ
وَهُوَ إِيَاسُ بن معاوية بن مرة بن إياس بن هلال بن رباب بن عبيد بن دريد بن أوس بن سواه ابن عَمْرِو بْنِ سَارِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَوْسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بن عَدْنَانَ، هَكَذَا نَسَبَهُ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِهِ، وَهُوَ أَبُو وَاثِلَةَ الْمُزَنِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِذَكَائِهِ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ مَرْفُوعًا فِي الْحَيَاءِ عَنْ أَنَسٍ وسعيد بن جبير وسعيد بن المسبب وَنَافِعٍ وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَشُعْبَةُ وَالْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ لَفَهِمٌ إِنَّهُ لَفَهِمٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَالْعِجْلِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. زَادَ ابْنُ سَعْدٍ وَكَانَ عَاقِلًا مِنَ الرِّجَالِ فَطِنًا، وَزَادَ العجليّ وكان فقيها عفيفا. وقدم دِمَشْقَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَرَّةً أُخْرَى حِينَ عَزَلَهُ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: تَحَاكَمَ إِيَاسٌ وَهُوَ صَبِيٌّ شَابٌّ وَشَيْخٌ إِلَى قَاضِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِدِمَشْقَ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: إِنَّهُ شَيْخٌ وَأَنْتَ شَابٌّ فَلَا تُسَاوِهِ فِي الْكَلَامِ، فَقَالَ إِيَاسٌ: إِنْ كَانَ كَبِيرًا فَالْحَقُّ أَكْبَرُ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: اسْكُتْ، فَقَالَ:
وَمَنْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِي إِذَا سَكَتُّ؟ فَقَالَ الْقَاضِي: مَا أَحْسَبُكَ تَنْطِقُ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِي هَذَا حَتَّى تَقُومَ، فَقَالَ إِيَاسٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، زَادَ غَيْرُهُ فَقَالَ الْقَاضِي: مَا أَظُنُّكَ إِلَّا ظَالِمًا لَهُ، فَقَالَ: مَا عَلَى ظَنِّ الْقَاضِي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي، فَقَامَ الْقَاضِي فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ فَقَالَ: اقْضِ حَاجَتَهُ وَأَخْرِجْهُ السَّاعَةَ مِنْ دِمَشْقَ لَا يُفْسِدُ عَلَيَّ النَّاسَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا عَزَلَهُ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ فَرَّ مِنْهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز فوجده