المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب قتال أهل البغي - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٨

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب قتال أهل البغي

‌باب قتال أهل البغي

البغي مصدر بغى عليه، بفتح الغين المعجمة، بغيًا بفتح الباء وسكون المعجمة: علا وظلم وعدل عن الحق، وله معان كثيرة، وفي الاصطلاح: هو الخروج عن طاعة الإمام وترك الانقياد، أو منع حق إليه، أو منعه من قبض ما استحق قبضه أو من إقامة ما أمره إليه، مع محاربته أو العزم عليها، وله تأويل في ذلك.

990 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا". متفق عليه (1).

قوله: "حمل علينا". جاء عند مسلم (2) من حديث سلمة بن الأكوع: "من سل علينا السيف". والمراد حمله لقتال المسلمين بغير حق، يكنى به عن المقاتلة أو القتل اللازم لحمل السيف في الأغلب، ويحتمل بقاؤه على معناه الحقيقي، أي: حمله لإرادة القتال به؛ لقرينةِ قوله: "علينا".

وقوله: "فليس ما". أي على طريقتنا، أو: ليس متبعًا لطريقتنا؛ لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله، ونظيره:"من غشنا فليس منا"(3). و: "ليس منا

(1) البخاري، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا

} 12/ 192 ح 6874، ومسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من حمل علينا السلاح فليس منا" 1/ 98 ح 98.

(2)

مسلم 1/ 98 ح 99.

(3)

تقدم ح 652.

ص: 477

من ضرب الخدود وشق الجيوب" (1). وهذا في حق من لا يستحل ذلك، وأما من يستحله، فإنه يكفُر باستحلال المحرم بشرطه، لا بمجرد حمل السلاح، وقد ذهب كثير من السلف إلى إطلاق لفظ الخبر من غير تعرُّضٍ لتأويله، ليكونَ أبلغَ في (أ) الزجرِ، وكان سفيان بن عيينة ينكر على من يصرفه عن ظاهره، ويرى أن الإمساك على تأويله أولى بما ذكرناه.

والحديث فيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه، وخروج من قاتل البغاة من أهل الحق بدليل خاص، فيحمل الحديث على البغاة، وعلى من بدأ بالقتال ظالمًا. والله أعلم.

991 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ومات، فمِيتته جاهلية". أخرجه مسلم (2).

قولي: "خرج عن الطاعة". أي: طاعة الخليفة الذي وقع الاجتماع عليه.

وقولى: "وفارق الجماعة". المراد بمفارقة الجماعة هو الخروج عن طاعة الإمام الذي قد اتفقت الكلمة عليه وانتظم شمل المسلمين بحياطته.

وقولى: "فمِيتَته جماهلية". بكسر الميم، مصدر نوعي مراد بها نوع من الميتات، وهو كونها تشبه موت من مات وهو في الجاهلية، والشبه به

(أ) في جـ: من.

_________

(1)

تقدم 4/ 251.

(2)

مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين 3/ 1476 ح 1848.

ص: 478

محذوف؛ أي [ميتة](أ) جاهلية منسوبة إلى الجاهل، والمراد بها من مات على الكفر قبل الإسلام، ووجه التشبيه أنه لا لم يكن تحت حكمة الإمام وخرج عن طاعته أشبه الجاهلية من حيث هم فوضى لا إمام لهم.

992 -

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقتل عمارًا الفئة الباغية". رواه مسلم (1).

تمام الحديث: "يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"(2).

وهو حديث مشهور من حديث أبي قتادة (3) وأبي سعيد الخدري وأم سلمة، وأخرجه البخاري (4) من حديث أبي سعيد بلفظ:"ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".

وقد أخرجه الترمذي (5) من حديث خزيمة بن ثابت، والطبراني من حديث عمر (5) وعثمان (6) وحذيفة (7) وأبي أيوب (8) وزياد (ب)(9) وعمرو بن

(أ) في الأصل: ميتته.

(ب) في جـ: زيادة. وينظر الإصابة 2/ 586.

_________

(1)

مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة 4/ 2236 ح 2916.

(2)

البخاري 1/ 541 ح 447 من حديث ابن عباس.

(3)

أحمد 5/ 306، ومسلم 4/ 2236 ح 2916، والنسائي في الكبرى 5/ 156 ح 8548.

(4)

البخاري 6/ 30 ح 2812 بلفظ: "يدعوهم إلى الله".

(5)

ينظر التلخيص الحبير 4/ 43.

(6)

الطبراني في الصغير 1/ 187.

(7)

الطبراني -كما في مجمع الزوائد 9/ 297.

(8)

الطبراني في الكبير 4/ 200 ح 4030.

(9)

الطبراني في الكبير 5/ 307، 308 ح 5296.

ص: 479

حزم (1) ومعاوية (2) وعبد الله بن عمرو (أ)(1) وأبي رافع (3) ومولاة لعمار بن ياسر وغيرهم. وقال ابن عبد البر (4): تواترت الأخبار بهذا، وهو من أصح الحديث. وقال ابن دحية (1): لا يطعن في صحته، ولو كان غير صحيح لرده معاوية، وإنما قال معاوية: قتله من جاء به. ولو كان فيه شك لرده معاوية وأنكره، حتى أجاب عمرو بن العاص على معاوية، فقال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل حمزة؟!. ونقل ابن الجوزي (5) عن [الخلال](ب) في "العلل"(6) أنه حكى عن أحمد أنه قال: قد روي هذا الحديث من ثمانية وعشرين طريقًا ليس فيها طريق صحيح (جـ). وحكى أيضًا عن [أحمد ويحيى بن معين](جـ) وابن أبي خيثمة أنهم قالوا: لم يصح (7).

والحديث فيه دلالة على حقية عمار ومن كان تابعًا له [عمار](د)، وهو علي رضي الله عنه، وأن معاوية وأهل صفين بغاة على علي رضي الله عنه.

(أ) في جـ: عمر.

(ب) في الأصل، جـ: خلاد. والمثبت من مصدر التخريج.

(جـ) في الأصل: يحيى وأحمد بن معين، وفي جـ: أحمد بن يحيى بن معين. وينظر مصدر التخريج.

(د) ساقطة من: الأصل.

_________

(1)

التلخيص الحبير 4/ 43.

(2)

الطبراني في الكبير 19/ 331 ح 759.

(3)

الطبراني في الكبير 1/ 300 ح 954.

(4)

الاستيعاب 3/ 1140.

(5)

العلل المتناهية 2/ 365.

(6)

العلل للخلال ص 222 ح 131.

(7)

التلخيص الحبير 4/ 43.

ص: 480

993 -

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تدري يا بن أم عبد، كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ ". قال: الله ورسوله أعلم. قال: "لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها". رواه البزار، والحاكم (1) وصححه فوهم؛ لأن في إسناده كوثر بن حكيم وهو متروك، وصح عن علي من طرق (أ) نحوه موقوفًا. أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم (2).

كوثر بن حكيم، قال البخاري (3): إنه متروك. وقال ابن عدي (4): هذا الحديث غير محفوظ. وقال البيهقي (5): كوثر ضعيف.

وحديث علي أخرجه البيهقي (1) عن أبي أمامة، قال: شهدت صفين، فكانوا لا يجيزون (6) على جريح، ولا يقتلون مولِّيًا، ولا يسلبون قتيلًا. وأخرج البيهقي (5) عن أبي فاختة، أن عليًّا رضي الله عنه أتي بأسير يوم صفين، فقال: لا تقتلني صبرًا. فقال علي رضي الله عنه: لا أقتلك صبرًا

(أ) في جـ: طريق.

_________

(1)

البزار 12/ 231 ح 5954، والحاكم، كتاب قتال أهل البغي 2/ 155.

(2)

ابن أبي شيبة 12/ 423، والحاكم 2/ 155.

(3)

التاريخ الكبير 7/ 245 ح 1045.

(4)

الكامل في الضعفاء لابن عدي 6/ 2098.

(5)

البيهقي 8/ 182.

(6)

لا يجيزون: أي لا يجهزون، وهي لغة فيه. ينظر اللسان (جـ وز).

ص: 481

إني أخاف الله رب العالمين. فخلى سبيله، ثم قال: أفيك خير، [تبايع]؟ (أ) قال الشافعي: والحرب يوم صفين قائمة.

قوله: "لا يجهز على جريحها". أي لا يتم قتل من كان جريحا، من: أجهز على الجريح، وجهز؛ أي ثبت قتله وأسرعه وتمم عليه، وفي رواية:"لا يذفف". بالذال المعجمة، وهو في معنى يجهز.

والحديث فيه دلالة على جواز قتل الباغي في القتال، وهو مجمع على جوازه؛ لقوله تعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} (1). وروي عن الناصر والمرتضى والحسن البصري ومحمد بن عبد الله النفس الزكية وأبي حنيفة، أن قتالهم أفضل من قتال الكفار، قالوا: لما يلحق من (ب) الضرر بالمسلمين من أجلهم، حتى قال الحسن البصري: أما المؤمن فقد ألجمه الخوف وذِكر العَرض على الله تعالى، [وأما الكافر](جـ) فقد طرده السيف، وأما الغساق فهم في الحجرات يمرحون، وغيرهم اعتبروهم (أ) بأفعالهم الخبيثة. وروي أن أبا حنيفة قال لرجل رجع عن غزو الكفار، وقد قتل أخوه مع محمد بن عبد الله، فقال أبو حنيفة له: خروج أخيك مع محمد بن عبد الله أفضل عندي من خروجك إلى الغزو. فقال له الرجل: هلا خرجت أنت معه. قال أبو حنيفة: كانت عندي ودائع للناس قد تعين عليّ ردها. وأراد بذلك الفقه الذي يحتاج الناس إليه، وتلا قوله تعالى:

(أ) غير منقوطة في الأصل، وفي جـ: تتابع. والمثبت من مصدر التخريج.

(ب) ساقطة من: جـ.

(جـ) ساقط من: الأصل.

(د) في جـ: اعتبروهم.

_________

(1)

الآية 9 من سورة الحجرات.

ص: 482

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (1). يعني بموت العلماء (2). إلا أن قتالهم إنما يكون بعد تقديم دعائهم إلى الحق وتبيين شبههم؛ لقوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (3). وندب تكرير الدعاء ثلاث مرات كما فعل علي رضي الله عنه في يوم الجمل. أخرجه البيهقي (4)، أن عليًّا لم يقاتل أهل الجمل حتى دعا الناس ثلاثًا، حتى إذا كان يوم الثالث دخل عليه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر فقالوا: قد أكثروا فينا الجراح. فقال: يا بن أخي، والله ما جهلت شيئًا من أمرهم إلا ما كانوا فيه. وقال: صب لي ماء. فصب له ماء، فتوضأ به ثم صلى ركعتين، حتى إذا فرغ رفع يديه ودعا ربه، وقال لهم: إن ظهرتم على القوم، فلا تطلبوا مدبرًا، ولا تجيزوا على جريح، وانظروا ما حضرت به الحرب من آلته (ب) فاقبضوه، وما كان سوى ذلك فهو لورثته. قال رحمه الله: هذا منقطع، [والصحيح](جـ) أنه لم يأخذ شيئًا ولم يسلب قتيلًا.

ويجب إمهالهم إذا طلبوا المهلة للنظر والتثبت مدة معلومة.

وقوله: "لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها". حكم خاص بالبغاة مخالف لقتال الكفار؛ وذلك لأن قتلهم إنما هو لدفعهم عن المحاربة.

(أ) في مصدر التخريج: آيته، وفي نسخة منه: آنية. وينظر سبل السلام 3/ 503، وما سيأتي الصفحة التالية.

(ب) ساقط من: الأصل.

_________

(1)

الآية 41 من سورة الرعد.

(2)

ينظر تفسير ابن جرير 13/ 174، والدر المنثور 4/ 68.

(3)

الآية 9 من سورة الحجرات.

(4)

البيهقي 8/ 181.

ص: 483

وظاهر قوله: "ولا يطلب هاربها". أنه لا يجوز ذلك ولو كان متحيزًا إلى فئة، وقد ذهب إلى هذا الشافعي، قال: لأن القصد دفعهم في تلك الحال وقد وقع. وذهبت الهدوية وأبو حنيفة والمروزي أن الهارب إلى فئة يقتل؛ إذ لا يؤمن عوده، والحديث يرد عليه، وكذا ما تقدم من كلام علي رضي الله عنه.

وقوله: "ولايقسم فيئها". فيه دلالة على أن البغاة لا تغنم أموالهم، وإن أجلبوا بها إلى دار الحرب، وقد ذهب إلى هذا محمد بن عبد الله النفس الزكية والحنفية والشافعية، ويتأيد هذا الحديث ما بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه"(1). وأخرج البيهقي (2) عن الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن عليًّا رضي الله عنه كان لا يأخذ سلبًا. وأخرج أيضًا (2) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن عليًّا يوم البصرة لم يأخذ من متاعهم شيئًا. وأخرج عن أبي أمامة (3)، قال: شهدت يوم صفين، وكانوا لا يجيزون على جريح، ولا يقتلون مولِّيًا، ولا يسلبون قتيلًا. وأخرج أيضًا (4) عن عرفجة عن أبيه، قال: لا قتل علي رضي الله عنه أهل النهر جال في عسكرهم، فمن كان يعرف شيئًا أخذه، حتى بقيت قدر ثم رأيتها أخذت بعد. وذهب أكثر (أ) العترة وأبو يوسف إلى أنه يغنم ما أجلبوا به من مال وآلة حرب ويخمس؛ لقول علي رضي الله عنه: لكم العسكر وما

(أ) بعده في جـ: أهل.

_________

(1)

تقدم تخريجه في 6/ 255.

(2)

البيهقي 8/ 181.

(3)

البيهقي 8/ 182.

(4)

البيهقي 8/ 182، 183.

ص: 484

حوى. ويجاب عنه بأن الحديث مصرح بأن أموالهم لا تغنم، وقول علي رضي الله عنه مؤيد للحديث، وهذا المروي عنه لا يقوى على المعارضة.

واختلف العلماء في تضمين البغاة ما أتلفوه من الدماء والأموال؛ فذهب الإمام يحيى والحنفية إلى أنهم لا يضمنون ما أتلفوا في القتال؛ لقوله تعالى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (1). ولم يذكر ضمانًا. وأخرج البيهقي (2) عن ابن شهاب أنه قال: قد هاجت الفتنة الأولى فأدركت -يعني الفتنة- رجالًا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد معه بدرًا، وبلغنا أنهم كانوا يرون أن يهدر أمر (أ) الفتنة، ولا يقام فيها على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن قتل، ولاحد في سباء امرأة سبيت، ولا يرى عليها حد، ولا بينها وبين زوجها ملاعنة، ولا يرى أن [يقذفها](ب) أحد إلا جلد الحد، ويرى أن ترد إلى زوجها الأول بعد أن تعتد فققضي عدتها من زوجها الآخر، [ويرى](جـ) أن يرثها زوجها الأول. وأخرج (3) عن علي رضي الله عنه، أنه قال يوم الجمل بعد أن أكثر الناس عليه الكلام في ذلك: أرأيتم ما عددتم فهو تحت قدميَّ هاتين. وأخرج (4) عن أبي حبيبة مولى طلحة، قال:

(أ) في جـ: أمن.

(ب) في جـ: يقفوها، وغير منقوطة في الأصل. والمثبت من مصدر التخريج.

(جـ) ساقط من: الأصل.

_________

(1)

الآية 9 من سورة الحجرات.

(2)

البيهقي 8/ 174، 175.

(3)

البيهقي 8/ 175.

(4)

البيهقي 8/ 173.

ص: 485

دخلت مع عمران بن طلحة على علي بعدما فرغ من أصحاب الجمل، ثم قال له عليٌّ بعد كلام: إنا لم نقبض أرضكم هذه السنين (أ) إلا مخافة أن ينتهبها الناس، يا فلان، انطلق معه إلى ابن قرظة، مره فليعطه [غلة](ب) هذه السنين، ويدفع إليه أرضه. وذهب الشافعي -قال في "البحر": وحكاه أبو جعفر عن أصحابنا- إلى أنه يُقتص ممن قتَل البغاة. قال الشافعي (1) رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يُحِلُّ دمَ المسلمِ: "وقتلُ نفس بغير نفس"(3). وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من اعتبط مسلمًا بقتل فهو قود يده"(4). واحتج (5) بما رواه محمد بن جعفر، أن عليًّا رضي الله عنه قال في ابن ملجم بعدما ضربه: أطعموه واسقوه، وأحسنوا إساره، فإن عشت فأنا وليُّ دمي؛ أعفو إن شئت، وان شئت استقدت، وان مت فقتلتموه فلا تمثلوا. وقد يجاب عنه بأن ذلك عموم، وقد عارضه إطلاق قوله:"ولا يجهز على جريحها " الحديث. فإن ظاهر الإطلاق أنه سواء كان قد قتل أو لا - والآية الكريمة التقييد بالغاية، يدل المفهوم أنه لا يتبعه بعد الفيء، وهو متأيد أيضًا بما

(أ) في جـ: السنة.

(ب) في الأصل: غلته، وفي جـ: غالة. والمثبت من مصدر التخريج.

_________

(1)

الأم 4/ 216.

(2)

الآية 33 من سورة الإسراء.

(3)

تقدم ح 961.

(4)

تقدم ح 977.

(5)

الأم 4/ 217.

ص: 486

شاع بين الصحابة، كما رواه ابن شهاب. والله أعلم.

994 -

وعن عرفجة بن شريح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه". أخرجه مسلم (1).

هو عرفجة بن شريح، بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الياء وبالحاء المهملة. وقيل: ابن ضريح بضم الضاد المعجمة وفتح الراء وسكون الياء والحاء المهملة. وقيل: ذريح بفتح الذال المعجمة وكسر الراء وبالحاء المهملة. وقيل: صريح بضم الصاد المهملة وفتح الراء وبالحاء المهملة. وقيل: شراحيل. وقيل: سريج. بالسين المهملة والجيم. الكندي، ويقال: الأشجعي. ويقال: الأسلمي. عداده في أهل الكوفة.

الحديث فيه [دلالة](أ) على أن من فرق بين جماعة المسلمين؛ وذلك بأن يخرج عن طاعة الإمام الذي قد اجتمعت عليه كلمة المسلمين، يقتل بعد أن [نُهي](ب) عن ذلك فلم ينته، فإذا قتل فقد صار دمه هدرًا.

(أ) ساقطة من: الأصل.

(ب) في جـ: ينهى.

_________

(1)

مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع 3/ 1480 ح 6/ 1852.

ص: 487