المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني:الكلام على قيد: (ما أحدث بقصد التعبد لله عز وجل - البدعة الشرعية

[أبو المنذر المنياوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌ذم البدع والمبتدعين:

- ‌أولا: من القرآن الكريم

- ‌ثانياً: من السنة:

- ‌الباب الأولتعريف البدعة:

- ‌ثانياً: تعريف البدعة اصطلاحاً:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وقفات مع تعريف الشاطبي:

- ‌الوقفة الأولى:

- ‌الوقفة الثانية:

- ‌الوقفة الثالثة:

- ‌أقوال أخرى في تعريف البدعة

- ‌قال ابن تيمية:

- ‌قال ابن حجر الهيتمي:

- ‌قال العيني:

- ‌قال ابن الجوزي:

- ‌قال ابن رجب الحنبلي:

- ‌قول الشيخ العثيمين:

- ‌قول الشيخ الألباني:

- ‌قول الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي:

- ‌قول الشيخ حافظ الحكمي:

- ‌قول الشيخ أبي بكر الجزائري:

- ‌الباب الثانيشرح التعريف

- ‌الفصل الأول:الكلام على صيغة العموم (كل)، وأنها على عمومها وشمولها لجميع البدع

- ‌المبحث الأول: بيان عموم ذم البدع

- ‌المبحث الثاني: البدعة التركية:

- ‌المبحث الثالث: بيان أن البدع تكون في كل ما يتعلق به الخطاب الشرعي من الأعمال [

- ‌الفصل الثاني:الكلام على قيد: (ما أُحدث بقصد التعبد لله عز وجل

- ‌الفصل الثالث:الكلام على قيد: (ولم يقم عليه دليل أصلاً)

- ‌المبحث الأول: سنة الخلفاء الراشدين:

- ‌المبحث الثاني: عمل (قول أو فعل) الصحابي:

- ‌المبحث الثالث: البدعة الحقيقية:

- ‌الفصل الرابع: الكلام على قيد (أو وصفاً):

- ‌الباب الثالث: تتمات

- ‌الفصل الأول: أقسام البدعة:

- ‌الفصل الثاني:حكم البدعة:

- ‌المبحث الأول: بيان تفاوت البدع وأنها ليست على رتبة واحدة:

- ‌المبحث الثاني: بيان وجه خروج المكروه تنزيهاً عن حكم البدع:

- ‌المبحث الثالث: هل تنقسم البدع إلى صغائر وكبائر:

- ‌المبحث الرابع: إثم المبتدعين ليس على رتبة واحدة:

- ‌المبحث الخامس: حكم قبول أعمال أهل البدع عند الله:

- ‌الفصل الثالث: علاقة البدع بغيرها:

- ‌المبحث الأول: العلاقة بين البدع والمعاصي:

- ‌أولا - وجوه اجتماع البدعة مع المعصية:

- ‌ثانيا - وجوه الافتراق بين البدعة والمعصية

- ‌المبحث الثاني: العلاقة بين البدع والمصالح المرسلة:

- ‌تمهيد - معنى المصلحة المرسلة:

- ‌شروط اعتبار المصالح المرسلة

- ‌وجوه اجتماع المصالح المرسلة مع البدعة

- ‌وجوه الافتراق بين المصالح المرسلة والبدعة

- ‌الباب الرابعالرد على محسني البدع

- ‌المبحث الأول - مثبتو البدعة الحسنة:

- ‌المبحث الثاني - أدلتهم لإثبات البدعة الحسنة

- ‌المبحث الثالث - توجيهاتهم الأخرى لأدلة ذم البدع:

- ‌الخاتمة:

- ‌الفصل الأول: أسباب الابتداع

- ‌الفصل الثاني - هجر المبتدع

- ‌الفصل الثالث - خاتمة الخاتمة:

الفصل: ‌الفصل الثاني:الكلام على قيد: (ما أحدث بقصد التعبد لله عز وجل

‌الفصل الثاني:

الكلام على قيد: (ما أُحدث بقصد التعبد لله عز وجل

-):

والمقصود بالحدث ها هنا عموم الحدث اللغوي في الأعمال والتروك، سواء أكان في العادات أو المعاملات أو العبادات. ويشترط لكي يلحق هذا الحدث بالمعنى الاصطلاحي المذموم أن يقصد فاعله التعبد لله سبحانه وتعالى به.

وذلك كفعل هيئة معينة لتحية والده، كأن يقف عند طلوع الشمس رافعا يده، متمتما بكلام، فإن نوى بذلك التقرب لله عز وجل فهي بدعة، ومثل من يأكل نوعا معينا من الطعام، أو يمتنع من نوع معين من الطعام تقربا لله.

ويدخل في معنى الحدث بالأولى: المعاصي إذا كانت بنية التقرب لله عز وجل، فهي أحداث من ناحية التعبد بها وإلحاقها بالدين، مثل لبس الرجال للحرير والذهب تقربا لله عز وجل، أو كالشرب بالشمال أو واقفا تقربا لله عز وجل ونحو ذلك.

وخرج بهذا القيد الأحداث التي لم ينو صاحبها التقرب لله عز وجل بها كاختراع الأدوية والأسلحة القتالية، ووسائل الإتصالات والنقل الحديثة ونحو ذلك.

ويخرج أيضا المعاصي وسوف يأتي باب لبيان الفرق بين البدع والمعاصي - بإذن الله تعالى -.

قال ابن القيم: [إذا عدمت النية كان العمل عاديا لا عباديا والعادات لا يتقرب بها إلى باراء البريات وفاطر المخلوقات فإذا عري العمل عن النية كان كالأكل والشرب والنوم الحيواني البهيمي الذي لا يكون عبادة بوجه فضلا أن يؤمر به ويرتب عليه الثواب والعقاب والمدح والذم وما كان هذا سبيله لم يكن من المشروع للتقرب به إلى الرب تبارك وتعالى ولذلك يقصد بها - أي النية - تمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض فيميز فرضها عن نفلها ومراتبها بعضها عن بعض وهذه أمور لا تحقق لها إلا بالنية ولا قوام لها بدونها البتة

ومعلوم أن النية جزء من العبادة بل هي روح العبادة كما تبين علم أن العمل الذي لم ينو ليس بعبادة ولا

ص: 46

مأمور به فلا يكون فاعله متقربا إلى الله تعالى وهذا مما لا يقبل نزاعا] (1)

قال الغامدي تحت عنوان: البدعة هي التي تفعل بقصد القربة: [وهذا أصل أصيل عند أهل السنة، يفرقون به بين الفعل الذي يكون بدعة والفعل الذي يكون معصية فقط، وإن كانت البدعة معصية لله سبحانه وتعالى إلا أنها تفوق المعصية في الإثم والحكم.

فالمعصية في أصل وقوعها من حيث العمل والاعتقاد تختلف عن البدعة من جهة ما يقترن بكل منهما. فالعاصي لا يعتقد أنه بمعصيته يُرضى الله بخلاف المبتدع فإنه يعتقد في عمله المحدث القربة إلى الله، وهذا هو وجه المفارقة.

ووجه آخر: هو ما تؤول إليه البدعة من مفاسد حالية ومآلية في الدنيا والآخرة، وذلك باعتقاد المشروعية أو الجواز فيما ليس له أصل، وما يترتب على هذا الاعتقاد من شيوع وانتشار، حتى ينشأ عليها الصغير ويموت عليها الكبير بخلاف المعصية أو المخالفة.

ومن هنا نفهم قول سفيان الثوري رحمه الله حين قال: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها)(2).

والسبب في عدم توبة المبتدع أنه يرجوا بعمله أو قوله أو اعتقاده المحدث القرب من الله، فلا ينفك من ملازمة هذا العمل.

وبسبب كون البدع أشر من المعاصي، وأهلها أضر من أهل الذنوب، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج، ونهي عن قتال الولاة الظلمة (3).

ومما جاء عن السلف في اعتبار أن البدعة أشد ضرراً من المعاصي، ما رواه ابن وضاح بسنده عن أبى بكر ابن عياش قال:(كان عندنا فتى يقاتل ويشربُ وذكر أشياء من الفسق، ثم أنه تَقَرّأ فدخل في التشيع، فسمعت حبيب بن أبي ثابت وهو يقول: لأنت يوم كنت تقاتل وتفعل خير منك اليوم).

والدليل على اختصاص البدعة بوصف قصد القربة، ما ورد في الصحيحين

(1) بدائع الفوائد (3/ 706 - 707).

(2)

رواه أبو نعيم بسنده في حلية الأولياء 7/ 26.

(3)

انظر مجموع الفتاوى 7/ 284.

ص: 47

وغيرهما عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم، قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم أما أنا فإني أصلى الليل أبداً، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله واتقاكم له لكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منى)(1).

وفي لفظ مسلم: (

فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم لا أنام على الفراش .. ) الحديث.

قال الحافظ ابن حجر: "قوله: (فمن رغب عن سنتي فليس منى) المراد بالسنة الطريقة .. ، إلى أن قال، والمراد: من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس منى، ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد، كما وصفهم الله تعالى، ثم قال: وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة، فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل) (2).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( .. ينكر على من يتقرب إلى الله بترك جنس الملذات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للذين قال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، ثم ذكر الحديث .. )(3).

فالإنكار إنما توجه إليهم بسبب قصد القربة بهذا الترك. ومثل هذا حديث سعد بن أبى وقاص قال: (رَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا)(4)

ومن هنا تتقرر هذه القاعدة التي نص عليها الشاطبي رحمه الله حيث قال: "ولا

(1) رواه البخاري في كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح 6/ 116 (5063)، ومسلم في كتاب النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه 2/ 1020 (1401).

(2)

فتح الباري 9/ 105.

(3)

الاستقامة 1/ 339.

(4)

مسلم 2/ 1020 (1480)، البخاري 6/ 118 (5073).

ص: 48

معنى للبدعة إلا أن يكون الفعل في اعتقاد المبتدع مشروعاً، وليس بمشروع" (1)

(1) ووجه هذه القاعدة عند الإمام الشاطبي – رحمه الله اعتقاد الفعل المباح، أو المكروه، أو المحرم مشروعا وسنة يتقرب بها لله عزوجل، قال في "الإعتصام" (2/ 108): (حكى الماوردي أن الناس كانوا إذا صلوا في الصحن من جامع البصرة أو الطرقة ورفعوا من السجود مسحوا جباههم من التراب، لأنه كان مفروشا، فأمر زياد بإلقاء الحصا في صحن المسجد، وقال: لست آمن من أن يطول الزمان فيظن الصغير إذا نشأ أن مسح الجبهة من أثر السجود سنة في الصلاة، وهذا في مباح، فكيف به في المكروه أو الممنوع؟

ولقد بلغني في هذا الزمان عن بعض من هو حديث عهد بالإسلام أنه قال في الخمر: ليست بحرام ولا عيب فيها، وإنما العيب أن يفعل بها ما لا يصلح كالقتل وشبهه.

وهذا الاعتقاد لو كان ممن نشأ في الإسلام كان كفرا، لأنه إنكار لما علم من دين الأمة ضرورة.

وسبب ذلك ترك الإنكار من الولاة على شاربها، والتخلية بينهم وبين اقتنائها، وشهرته بحارة أهل الذمة فيها، وأشباه ذلك.

ولا معنى للبدعة إلا أن يكون الفعل في اعتقاد المبتدع مشروعا وليس بمشروع).

وهذه القاعدة التي ذكرها الشاطبي تحتاج لبعض القيود، وقد راسلت الشيخ الغامدي – حفظه الله – حول هذه القاعدة فأفاد أن:(المشروعية هي ما أمر الشرع به أمر ايجاب أو استحباب). فلكي يصح هذا المحمل لابد من التنصيص عليه في القاعدة إذ أن المشروع يدخل فيه المباح، والمكروه، وهما قد لا يصاحب فاعلهما نية التقرب بهما. قال الحطاب في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل " (1/ 442):(وقد يقال: إن لفظ المشروعية لا يقتضي أنه مطلوب؛ لأن لفظ المشروعية قد يستعمل فيما هو أعم من المطلوب كالبيع والإجارة، قاله ابن عبد السلام في أول باب الأذان، وقاله ابن فرحون، وقال: إنه يطلق على المباح).

وقد سبق وأن قررت خطأ الحكم بالبدعية لمجرد إلحاق حكم شرعي بأي حدث، وإن لم يصاحبه نية التقرب، كمن قال بوجوب اختراع الأدوية الحديثة لعلاج المسلمين، واختراع الأسلحة القوية لمقاتلة الأعداء، ونحو ذلك وهذه من العادات التي لا تدخل في البدع، ومن ذلك أيضا من قال علي سبيل الكذب بجواز لبس الحرير والذهب للرجال، فقوله لا يعدو أن يكون معصية، فظهر من هذا أن الحكم بالبدعية يدور حول نية التقرب لا لمجرد إلحاق حكم شرعي ولا نسبته للدين إن تصور خلو ذلك من نية التعبد.

وعليه فيتضح المقصود من القاعدة بأن يقال أن: معنى البدعة أن يتقرب المبتدع لله عز وجل بفعل لم يضعه الشارع للتقرب به كالمعاصي والمباحات فيتقرب به معتقدا أنه مندوب أو مستحب)، وإنما لم أذكر المكروه؛ لأن المكروه وإن كان الأولى تركه إلا أنه قد يفعل بنية التقرب فيصير قربة، كأن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بقصد بيان جواز فعله، وانه ليس بنحرم فهنا يصير هذا المكروه قربة في حقه للبيان، وله شروط ذكرها الشاطبي والأشقر في "أفعال الرسول" ليس الآن محل الكلام عليها،، واسضا النذر ابتداءا عبادة وهو مكروه لنهي الشارع عنه، وأيضا الوصال في الصوم، وهكذا فهذا هو وجه عدم ذكري للمكروه؛ لأنه يصح التعبد به في بعض الأحوال وبعض العبادات.

ص: 49

وباعتبار وصف القربة في البدعة جاء تعريف شيخ الإسلام للبدعة، بأنها الدين الذي لم يأمر به الله، ولا يخفي ما في هذا النعت من اعتبار قصد القربة في العمل المحدث ليكون بدعة (1).

قال رحمه الله: "وقد قررنا في القواعد في قاعدة السنة والبدعة، أن البدعة هي: الدين الذي لم يأمر الله به فهو مبتدع بذلك، وهذا معنى قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2)]. (3)

وقال: (

فإن البدعة ما لم يشرعه الله من الدين، فكل من دان بشيء لم يشرعه الله فذاك بدعة وإن كان متأولاً فيه) (4).

وقال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث: "البدعة التي يظنها الناس أنها قربة، وهي بخلاف ذلك"، ثم قال: "فهذا الذي وضعت هذا الكتاب لأجله

" (5)

وقصد القربة يتوجه إلى العمل الذي لا يتصور فيه غير إرادة القربة كالعبادات المحضة، وهي حق خالص لله سبحانه، فلابد من مطابقة فعل العبد لأمر الشرع (6).

(1) الاستقامة (1/ 5).

(2)

الشورى: 21

(3)

المصدر السابق، نفس الموضع.

(4)

المصدر السابق (1/ 42).

(5)

الباعث 25.

(6)

انظر الموافقات للشاطبي 2/ 308.

ص: 50

والعبادة التي هي حق لله سبحانه وتعالى لا يتصور فيها غير إرادة القربى، فالإحداث فيها يسمى ابتداعاً، سواء قصد القربة أو مع افتراض أنه لم يقصد القربة، فلو أحيا ليلة النصف من شعبان بعبادة مخصوصة، كالصلاة والذكر فهو مبتدع (1) حتى مع افتراض عدم قصده للقربة

مع أن هذا الافتراض تخيلي لا يمكن وقوعه

والخلاصة، أن كل فعل أو ترك بقصد القربة، مما ليس له أصل في الشرع فهو بدعة.

ويخرج بذلك ما فعل أو ترك لا بقصد القربة، فيكون حينئذ معصية، أو مخالفة أو عفواً، ولا يطلق عليه بدعة.

مثال ما فعل لا بقصد القربة ويكون معصية: جميع المنهيات الشرعية كالنظر إلى النساء، وسماع الغناء، فإذا كان هذا العمل بقصد القربة إلى الله فهو بدعة

ومثال ما ترك لا بقصد القربة ويكون معصية: ترك المأمور به شرعاً، كترك النكاح للقادر عليه (2)، وترك الدعوة إلى الله ممن وجبت عليه. فإذا كان هذا الترك بقصد القربة إلى الله بذلك فهو بدعة.

ومثال ما فعل لا بقصد القربة ويكون عفواً: حلق الرأس في غير نسك (3)، فإذا فعل بقصد القربة فهو بدعة.

ومثال ما ترك لا بقصد القربة ويكون عفواً: الامتناع عن أكل اللحم للتطبب ونحوه، فإن كان الترك لأكل اللحم تديناً فهو بدعة.

وقد ذكر شيخ الإسلام ما يشبه هذا الكلام في مواطن من كتبه، ومن ذلك ذكره

(1) الوارد في فضل الصلاة في هذه الليلة لا يصح. وانظر في هذا الموضوع: مجموع الفتاوى (23/ 131)، ورهبان الليل (2/ 131)، والإبداع في مضار الابتداع للشيخ على محفوظ (ص286)، وضعيف الترغيب (622، 623، 1651، 1654).

(2)

الأولى تقييد ذلك بالحاجة إليه مع القدرة عليه ليصح دخوله في المعصية فحكم النكاح يدور في الأحكام التكليفية الخمسة.

(3)

لعله بقصد للتداوي، وقال تقي الدين في "مختصر الفتاوى المصرية" (ص: 28): (وَلَيْسَ حلق الرَّأْس فِي غير نسك بِسنة وَلَا قربَة بِاتِّفَاق الْمُسلمين).

ص: 51