الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحاصل: أن المصالح المرسلة إذا روعيت شروطها كانت مضادة للبدع، مباينة لها، وامتنع جريان الابتداع من جهة المصلحة المرسلة؛ لأنها - والحالة كذلك - يسقط اعتبارها ولا تسمى إذ ذاك مصلحة مرسلة، بل تسمى إما مصلحة ملغاة أو مفسدة.
الباب الرابع
الرد على محسني البدع
المبحث الأول - مثبتو البدعة الحسنة:
نسب من يقول بالبدع الحسنة قولهم لـ:
1 -
الإمام الشافعي:
نسب من يقول بالبدع الحسنة قولهم للإمام الشافعي، وقد استدلوا على ذلك بقوله:" البدعة بدعتان بدعة محمودة، وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم، واحتج بقول عمر بن الخطاب في قيام رمضان: نعمت البدعة هي "(1).
وبقوله: " المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان:«نعمت البدعة هذه» يعني أنها محدثة لم تكن، وإن كانت فليس فيها رد لما مضى (2).
وجه الاستدلال:
قال المبتدع: هذا تقسيم إمام معترف بفضله وعلمه وعدالته، وهذا التقسيم صريح في أن من البدع ما هو حسن مقبول في الشرع، وما هو قبيح مردود.
والجواب على هذا الاستدلال من عدة أوجه (3):
الوجه الأول:
أن قول الشافعي رحمه الله عن البدعة المذمومة هي ما خالف السنة. وقوله عن
المحدث المذموم، بأنه ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، منطبق على سائر البدع في دين الله، فليس هناك بدعة إلا وهي مخالفة للكتاب والسنة والآثار والإجماع، وإلا لما كانت بدعة؛ لأنه لو ثبت لها أصل من هذه الأصول لأصبحت عملاً مشروعاً في دين الله.
وهذا ما يتفق عليه علماء المسلمين قديماً وحديثاً، وما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"ما صنع أمر على غير أمرنا فهو رد ".
وعلى هذا الوجه لا حجة في كلام الشافعي لمحسن البدع، بل الحجة عليه في كلام هذا الإمام.
(1) أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(9/ 113) وفيه عبد الله بن محمد العطشي ذكره الخطيب وغيره ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا.
(2)
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 469)، وفي "المدخل"(1/ 206)(253) من طريق أبي سعيد بن أبي عمرو، وهو محمد بن موسى بن الفضل، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، ثنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي به، ورواته ثقات، وليس كما قال البعض أن محمد بن موسى مجهول، بل هو الصيرفي من الثقات المشاهير كما قال عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام".
(3)
انظر: "حقيقة البدعة" للشيخ الغامدي (1/ 432)، "اللمع في الرد على محسني البدع" للشيخ السحيباني (ص/36).
الوجه الثاني:
قول الشافعي رحمه الله أن ما وافق السنة فهو محمود، وقوله: ما أحدث لا خلاف فيه لواحد من هذا يعني الكتاب والسنة والأثر والإجماع فهذه محدثة غير مذمومة، قول فيه إجمال، يحتاج إلى بيان: فإن كان مراده بالبدعة والمحدثة معناهما اللغوي فهذا المعنى مقبول ووارد، وسياق الكلام يدل على أن هذا هو مراد الشافعي رحمه الله، حيث وصف البدعة المذمومة شرعاً، وبين معالمها، ووضح مسالكها، توضيحاً استغرق سائر أنواع البدع، ثم عطف بذكر البدع المحمودة، مستدلاً عليها بحديث عمر رضي الله عنه ومعنى كلام عمر يتوجه إلى الاستعمال اللغوي للبدعة. وعلى هذا التوجيه نفسه يمكن حمل كلام الشافعي في قوله هذا.
قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم"(2/ 131): (ومراد الشافعي رحمه الله: أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصل من الشريعة يرجع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع، وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة، يعني: ما كان لها أصل من السنة يرجع إليه، وإنما هي بدعة لغة لا شرعا، لموافقتها السنة).
الوجه الثالث:
وقد يكون مراده رحمه الله الحوادث التي استجدت وليس عليها بأعيانها أدلة من الكتاب أو السنة أو الآثار أو الإجماع، ولكنها تدخل تحت أصل من الدين، وتنضوي تحت قاعدة من قواعده، وهي ليست من العبادات المحضة.
فهذه الحوادث إذا كانت بهذه الصفة فهي محمودة من جهة الشرع، ولا تسمى بدعاً في الدين، وإن كانت تسمى بدعاً من جهة اللغة. وفي هذا الوجه تدخل المصالح المرسلة، بناء على أنها لم تدخل أعيانها تحت النصوص المعينة، وإن كانت تلائم قواعد الشرع وهذا محمل آخر يمكن توجيه قول الشافعي إليه.
الوجه الرابع:
من الإنصاف ألا يحمل كلام هذا الإمام أكثر مما يحمل، وألا ينظر إلى كلامه هذا معزولاً عن بقية مقولاته، لا سيما إذا كان في بعض كلامه إجمال، وفي بعضه الآخر تفصيل، فإنه يجب حمل المجمل على المفصل، ومن كلامه عن الاستحسان: (
…
وهذا يبين أن حراماً على أحد أن يقول بالاستحسان إذا خالف الاستحسان الخبر
…
).
وقال: (وإنما الاستحسان تلذذ).
وقال: (لم يجعل الله لأحد بعد رسوله أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله، وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار وما وضعت من القياس عليها .. ).
فهل يمكن بعد كل هذا أن يقال بأن الشافعي يستحسن البدع، ويمدحها ويثني عليها، ويجيز التقرب بها إلى الله؟.
الوجه الخامس:
لو افترض جدلاً أن الشافعي أراد بقوله في تعريف البدعة ما ذهب إليه المبتدع، فإنه لا يجوز أن يعارض كلام النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه، فكلام النبي صلى الله عليه وسلم حجة على كل احد ، وليس كلام أحد من الناس حجة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك ، ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تبرأ الشافعي نفسه مما يكون خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه حيث قال رحمه الله فيما يرويه عنه الربيع بن سليمان: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا به ودعوا ما قلته).
2 -
العز بن عبد السلام:
قال في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام"(2/ 204): (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة
…
) ثم أخذ يسوق أمثلة على كل قسم.
قال الشيخ الغامدي في "حقيقة البدعة"(1/ 438): (وهذا التعريف والتقسيم نقله واعتمد عليه كثير من الذين جاءوا بعد العز بن عبد السلام منهم: القرافي في الفروق حيث بسط الكلام في هذه المسألة، شارحاً لرأي شيخه العز، وتبع القوافي صاحب تهذيب الفروق وفعل مثلهما النووي في: تهذيب الأسماء واللغات والزركشي في: المنثور وابن حجر الهيتمي في: الفتاوى الحديثية والسيوطي في: الحاوي، وفي الأمر بالإتباع والسخاوي في: فتح المغيث ومحمد بن جزي المالكي في: قوانين الأحكام الشرعية، وغيرهم من القدماء والمحدثين، مما يدل على اعتمادهم على التعريف والتقسيم الذي قاله العز بن عبد السلام).
الجواب عن كلامه من وجوه (1):
أولا - أنه لا يجوز أن يعارض كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم – بكلام أحد من الناس كائناً من كان، وقد سبق بيان وجه العموم في ذم البدع، ولا يصلح كلام العز ولا غيره من العلماء للتخصيص.
ثانيا - كما أن هذا التقسيم للبدع لا يحسن لأمور:
1 -
قال الشاطبي في "الاعتصام"(1/ 246): (إن هذا التقسيم أمر مخترع، لا يدل عليه دليلْ شرعي، بل هو في نفسه متدافع، لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي، لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب، أو ندب، أو إباحة، لما كان ثمَّ بدعة، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها، أو المخيَّر فيها، فالجمع بين كون تلك الأشياء بدعاً، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها، أو ندبها، أو إباحتها، جمع بين متنافيين.
أما المكروه (2) منها والمحرم، فمسلم من جهة كونها بدعا لا من جهة أخرى، إذ لو دل دليل على منع أمر أو كراهته، لم يثبت بذلك كونه بدعة، لإمكان أن يكون معصية، كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها، فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم ألبتة، إلا الكراهية والتحريم).
2 -
الإثم قدر مشترك بين البدع كلها، فلا يجوز أن نحكم على بدعة بأنها أقل إثماً من غيرها، والتفريق في الوصف قائم على الرأي المحض وهو بدعة في نفسه، ويعمل على استصغار البدع.
3 -
من خلال أمثلة العز بن عبد السلام رحمه الله لما أسماه بالبدع الواجبة والمندوبة والمباحة، نجد أن أكثرها مشروع أو مباح من قبل الشرع، فلا يطلق عليه بدعة من ناحية شرعية إذ البدعة الشرعية كلها مذمومة لقوله صلى الله عليه وسلم: كل بدعة ضلالة " أما ما قام دليل على وجوبه، أو استحبابه، أو إباحته فليس من هذا الباب، ولا يصح إدخاله في مسمى البدعة، إلا من ناحية لفظية وهذه الناحية لا خلاف فيها، لأن كل جديد بدعة من حيث اللغة، ولكن محل الكلام هنا هو في البدعة الشرعية التي حذر منها الشارع ونهى عنها، وذمها السلف.
(1) انظر الاعتصام (1/ 246)، اللمع في الرد على محسني البدع (ص/41)، حقيقة البدعة (1/ 438)، البدعة وأثرها السيئ في الأمة (ص/100)، والبراهين على ألا بدعة حسنة في الدين لأبي معاذ السلفي (ص/15).
(2)
أي كراهة تحريمية، وقد سبق بيان خروج المكروه تنزيها عن البدع.
والخلط بين البدعة اللغوية والشرعية قد يؤدي إلى ضرر ولبس، فيظن أن ما ليس ببدعة بدعة والعكس.
ولا يتميز حكم الشرع مع التباس التسميات، ولهذا فإن السلف وهم يفتون في المسائل الحادثة بإيجاب أو استحباب أو إباحة، ما كانوا يقولون هذه بدعة، ولكنها واجبة أو مستحبة أو مباحة، لاستقرار مصطلح البدعة الشرعية عندهم، وثبات حكمها المتراوح بين التحريم والكراهية.
وكذلك في فتواهم في الأمور الحادثة، مما يعد معصية شرعية تكون بالتحريم أو الكراهية، مع تفريقهم بين ما هو معصية وما هو بدعة.
4 -
يظهر من خلال أمثلة العز بن عبد السلام أنه أدخ المصالح المرسلة في مسمى البدع، بناء على أنها لم تدخل أعيانها تحت النصوص المعينة، وإن كانت تلائم قواعد الشرع.
فلكونها داخلة تحت قواعد الشرع، حكم عليها بالوجوب أو الندب أو الإباحة، ولكونها حادثة غير معهودة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم سماها بدعاً، فيكون بذلك من القائلين بالمصالح المرسلة، وهي ليست بدعاً إلا في اللفظ.
فيكون الاحتجاج بقوله وتقسيمه على حسن البدع من الناحية الشرعية احتجاجاً في غير محل النزاع.
ويدل لذلك الأمثلة التي ضربها لتلك الأقسام، فقسم الواجب في قول ابن عبد السلام يدخل في باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وقد صرح هو بذلك، ولقد علمت أن هذا الباب يؤدي إلى حفظ ما هو ضروري شرعاَ، وأنه والبدع لا يستويان، وقد مثل له بالاشتغال بالنحو، الذي يفهم به كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم –، فهل الاشتغال بالنحو بدعة شرعية؟ أم هو من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به، على أنه يمكن أن يقال في النحو: إنه بدعة من حيث اللغة، ولكن الأحكام الشرعية إنما تتعلق بالتعريفات الشرعية، لا التعريفات اللغوية.
وأما قسم المندوب فليس من البدع بحال، فبناء القناطر والمدارس وسائل لدفع ضرر أو جلب منفعة عامة للأمة، فالربط تدفع كيد الأعداء وترهبهم، والقناطر تسهل حركة الناس وتنقلاتهم وتحفظ أرواحهم، والمدارس تحقق فريضة طلب العلم، أما صلاة التراويح فسنة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم – وسوف يأتي الكلام عليها قريبا بإذن الله.
وأما قسم المباح، فمثَّل له بالتوسع في المستلذات، وليس هذا ببدعة في الشرع، بل إن وصل إلى درجة الإسراف، فهو من المحرمات، الداخلة تحت جنس المعاصي لا البدع، وثمّ فرق بين المعاصي والبدع كما سبق. وقد ناقش الشاطبي في "الاعتصام" هذه الأمثلة مناقشة مطولة.
5 -
أن المعروف عن العز بن عبد السلام- رحمه الله أنه كان مشهوراً بمحاربة البدع، والنهي عنها، والتحذير منها، وقد كان ينهى عن أشياء هي مما يسميه أهل البدع بدعة حسنة. وقد قال شهاب الدين أبو شامة - أحد تلامذة العز بن عبدالسلام-:(وكان أحق الناس بالخطابة والإمامة، وأزال كثيراً من البدع، التي كان الخطباء يفعلونها، من دق السيف على المنبر، وغير ذلك، وأبطل صلاتي الرغائب ونصف شعبان، ومنع منهما).
وقال في كتابه «الفتاوى» (ص/392): «ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم – يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولم تصح الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم – في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص» وقال في «الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة» (ص7 - 8): «فإن الشريعة لم ترِد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدةٍ منفردةٍ لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان، لا تصح بدونها.
فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسكٍ واقعٍ في وقته بأسبابه وشرائطه؛ فكذلك لا يتقرب إليه بسجدةٍ منفردةٍ، وإن كانت قربة، إذا لم يكن لها سبب صحيح.
وكذلك لا يتقرب إلى الله بالصلاة والصيام في كل وقتٍ وأوانٍ، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه، من حيث لا يشعرون»
…
3 -
ابن الجوزي:
قال: (فان ابتدع شيء لا يخالف الشريعة ولا يوجب التعاطي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا حفظا للأصل وهو الإتباع)
وكلامه هذا لا يفهم منه بوجه من الوجوه قوله بالبدع المحدثة، وقبل توجيه كلامه سوف أنقله كاملا:
قال في "تلبيس إبليس"(ص/17): (والبدعة: عبارة عن فعل لم يكن فابتدع والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة وتوجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان فان ابتدع شيء لا يخالف الشريعة ولا يوجب التعاطي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا حفظا للأصل وهو الإتباع وقد قال زيد بن ثابت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما حين قالا له اجمع القرآن كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا محمد بن علي بن أبي عمر قال أخبرنا علي بن الحسين نا ابن شاذان نا أبو سهل نا أحمد البرني ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن ابن عجلان عن عبد الله بن أبي سلمة أن سعد بن مالك سمع رجلا يقول لبيك ذا المعارج فقال ما كنا نقول هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرنا محمد بن أبي القاسم بإسناد يرفعه إلى أبي البحتري قال أخبر رجل عبد الله بن مسعود أن قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول كبروا الله كذا وكذا وسبحوا الله كذا وكذا واحمدوا الله كذا وكذا قال عبد الله فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم فأتاهم فجلس فلما سمع ما يقولون قام فأتى ابن مسعود فجاء وكان رجلا حديدا فقال أنا عبد الله بن مسعود والله الذي لا إله غيره لقد جئتم ببدعة ظلما ولقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما فقال عمرو بن عتبة أستغفر الله فقال عليكم بالطريق فالزموه ولئن أخذتم يمينا وشمالا لتضلن ضلالا بعيدا
…
ثم قال: قد بينا أن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا ما لم يكن وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا يتعاطى عليها فلم يروا بفعلها بأسا كما روى أن الناس كانوا يصلون في رمضان وحدانا وكان الرجل يصلي فيصلي بصلاته الجماعة فجمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب رضي الله عنهما فلما خرج فرآهم قال نعمت البدعة هذه لأن صلاة الجماعة مشروعة وإنما قال الحسن في القصص نعمت البدعة كم من أخ يستفاد ودعوة مستجابة لأن الوعظ مشروع ومتى أسند المحدث إلى أصل مشروع لم يذم فأما إذا كانت البدعة كالمتمم فقد اعتقد نقص الشريعة وإن كانت مضادة فهي أعظم فقد بان بما ذكرنا أن أهل السنة هم المتبعون وأن أهل البدعة هم المظهرون شيئا لم يكن قبل ولا مستند له ولهذا استتروا ببدعتهم ولم يكتم أهل السنة مذهبهم فكلمتهم ظاهرة ومذهبهم مشهور والعاقبة لهم
…
).
الجواب عن ذلك: