الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الخامس عشر: معرفة أسمائه واشتقاقاتها
أسماء القرآن
وَقَدْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ الْحَرَالِيُّ جُزْءًا وَأَنْهَى أَسَامِيَهُ إِلَى نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَعَالِي عَزِيزِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ رحمه الله اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْقُرْآنَ بِخَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ اسْمًا
سَمَّاهُ كِتَابًا فَقَالَ: {حم وَالْكِتَابِ المبين}
وَسَمَّاهُ قُرْآنًا فَقَالَ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} الْآيَةَ
وَسَمَّاهُ كَلَامًا فَقَالَ: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}
وَسَمَّاهُ نُورًا فَقَالَ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}
وسماه هدى فقال: {هدى ورحمة للمحسنين}
وَسَمَّاهُ رَحْمَةً فَقَالَ: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فليفرحوا}
وَسَمَّاهُ فُرْقَانًا فَقَالَ: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ على عبده} الْآيَةَ
وَسَمَّاهُ شِفَاءً فَقَالَ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هو شفاء}
وَسَمَّاهُ مَوْعِظَةً فَقَالَ: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ ربكم}
وَسَمَّاهُ ذِكْرًا فَقَالَ: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ}
وسماه كريما فقال: {إنه لقرآن كريم}
وَسَمَّاهُ عَلِيًّا فَقَالَ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لدينا لعلي حكيم}
وسماه حكمة فقال: {حكمة بالغة فما تغن النذر}
وَسَمَّاهُ حَكِيمًا فَقَالَ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الحكيم}
وَسَمَّاهُ مُهَيْمِنًا فَقَالَ: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتاب ومهيمنا عليه}
وَسَمَّاهُ مُبَارَكًا فَقَالَ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} الْآيَةَ
وَسَمَّاهُ حَبْلًا فَقَالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعا}
وَسَمَّاهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فَقَالَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مستقيما}
وَسَمَّاهُ الْقَيِّمَ فَقَالَ: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قيما}
وسماه فصلا فقال: {إنه لقول فصل}
وَسَمَّاهُ نَبَأً عَظِيمًا فَقَالَ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النبأ العظيم}
وَسَمَّاهُ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ فَقَالَ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث} الآية
وَسَمَّاهُ تَنْزِيلًا فَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
وَسَمَّاهُ رُوحًا فَقَالَ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا من أمرنا}
وسماه وحيا فقال: {إنما أنذركم بالوحي}
وَسَمَّاهُ الْمَثَانِيَ فَقَالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المثاني}
وسماه عربيا فقال: {قرآنا عربيا} ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: غَيْرَ مَخْلُوقٍ
وَسَمَّاهُ قَوْلًا فقال: {ولقد وصلنا لهم القول}
وسماه بصائر فقال: {هذا بصائر للناس}
وسماه بيانا فقال: {هذا بيان للناس}
وسماه علما فقال: {ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم}
وَسَمَّاهُ حَقًّا فَقَالَ: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الحق}
وَسَمَّاهُ الْهَادِيَ فَقَالَ: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي}
وسماه عجبا فقال: {قرآنا عجبا يهدي}
وسماه تذكرة فقال: {وإنه لتذكرة}
وَسَمَّاهُ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فَقَالَ: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوثقى}
وسماه متشابها فقال: {كتابا متشابها}
وسماه صدقا فقال: {والذي جاء بالصدق} أي بالقرآن
وسماه عدلا فقال: {وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا}
وَسَمَّاهُ إِيمَانًا فَقَالَ: {سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}
وسماه أمرا فقال: {ذلك أمر الله}
وسماه بشرى فقال: {هدى وبشرى}
وَسَمَّاهُ مَجِيدًا فَقَالَ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ}
وسماه زبورا فقال: {لقد كتبنا في الزبور} الْآيَةَ
وَسَمَّاهُ مُبِينًا فَقَالَ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين}
وَسَمَّاهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَقَالَ: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ}
وسماه عزيزا فقال: {وإنه لكتاب عزيز}
وسماه بلاغا فقال: {هذا بلاغ للناس}
وسماه قصصا فقال: {أحسن القصص}
وَسَمَّاهُ أَرْبَعَةَ أَسَامِي فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ: {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة} ، انْتَهَى
تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَسَامِي
فَأَمَّا الْكِتَابُ فَهُوَ مصدر كتب يكتب كتابة وَأَصْلُهَا الْجَمْعُ وَسُمِّيَتِ الْكِتَابَةُ لِجَمْعِهَا الْحُرُوفَ فَاشْتُقَّ الْكِتَابُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أَنْوَاعًا مِنَ الْقِصَصِ وَالْآيَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأَخْبَارِ عَلَى أَوْجُهٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُسَمَّى الْمَكْتُوبُ كِتَابًا مَجَازًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِي كتاب
مكنون} أَيِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالْكِتَابَةُ حَرَكَاتٌ تَقُومُ بِمَحَلِّ قُدْرَةِ الْكَاتِبِ خُطُوطٌ مَوْضُوعَةٌ مُجْتَمِعَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ وَقَدْ يَغْلَطُ الْكَاتِبُ فَلَا تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ
وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقِيلَ هُوَ اسْمٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنْ شَيْءٍ بَلْ هُوَ اسْمٌ خَاصٌّ بِكَلَامِ اللَّهِ وَقِيلَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرْيِ وَهُوَ الْجَمْعُ وَمِنْهُ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْتُهُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقَالَ الرَّاغِبُ لَا يُقَالُ لِكُلِّ جَمْعٍ قُرْآنٌ وَلَا لِجَمْعِ كَلِّ كَلَامٍ قُرْآنٌ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَا أَصْلِ اللُّغَةِ
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ كُلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ فَقَدْ قَرَأْتَهُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُمِّيَ الْقُرْآنُ قُرْآنًا لِأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ
وَقَالَ الرَّاغِبُ سُمِّيَ قُرْآنًا لِكَوْنِهِ جَمَعَ ثَمَرَاتِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ السَّابِقَةِ
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جَمَعَ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ كُلِّهَا بِمَعَانٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى مَا فَرَّطْنَا في الكتاب من شيء
وقال بعض المتأخرين: لا يكون القرآن وقرأ مَادَّتُهُ بِمَعْنَى جَمَعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جمعه وقرآنه} فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا مَادَّتُهُ قَرَأَ بِمَعْنَى أَظْهَرَ وَبَيَّنَ وَالْقَارِئُ يُظْهِرُ الْقُرْآنَ وَيُخْرِجُهُ وَالْقُرْءُ الدَّمُ لِظُهُورِهِ وَخُرُوجِهِ وَالْقُرْءُ الْوَقْتُ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَا يَظْهَرُ
وَقِيلَ: سُمِّيَ قُرْآنًا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ وَالتِّلَاوَةَ مِنْهُ وَقَدْ قُرِئَتْ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ
وَفِي تَارِيخِ بَغْدَادَ لِلْخَطِيبِ فِي تَرْجَمَةِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُسْطَنْطِينَ وَكَانَ يَقُولُ الْقُرْآنُ اسْمٌ وَلَيْسَ مَهْمُوزًا وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ قَرَأْتُ وَلَوْ أُخِذَ مِنْ قَرَأْتُ لَكَانَ كُلُّ مَا قُرِئَ قُرْآنًا وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِلْقُرْآنِ مِثْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يُهْمَزُ قَرَأْتُ وَلَا يُهْمَزُ الْقُرَانُ
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ كَانَ ابْنُ كَثِيرٍ يَقْرَأُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَهْمِزُ قَرَأْتُ وَلَا يَهْمِزُ الْقُرْانَ وَيَقُولُ هُوَ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ
قَالَ: الْوَاحِدِيُّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: هُوَ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ غَيْرُ مُشْتَقٍّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَقَالَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا ضَمَمْتُهُ إِلَيْهِ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِرَانِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيهِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قِرَانٌ قَالَ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْقُرَانُ بِغَيْرِ هَمْزٍ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَرَائِنِ لِأَنَّ الْآيَاتِ مِنْهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُشَابِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَهِيَ حِينَئِذٍ قَرَائِنُ
قَالَ الزَّجَّاجُ وَهَذَا الْقَوْلُ سَهْوٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَرْكَ الْهَمْزِ فِيهِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ وَنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْفَارِسِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَقَوْلُهُ: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أَيْ جَمْعَهُ فِي قَلْبِكَ حِفْظًا، وَعَلَى لِسَانِكَ تِلَاوَةً وَفِي سَمْعِكَ فَهْمًا وَعِلْمًا وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ تُسْمَعُ قِرَاءَتُهُ الْمَخْلُوقَةُ وَيُفْهَمُ مِنْهَا كَلَامُ اللَّهِ الْقَدِيمُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:{لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} أي
لَا تَفْهَمُوا وَلَا تَعْقِلُوا لِأَنَّ السَّمْعَ الطَّبِيعِيَّ يَحْصُلُ لِلسَّامِعِ شَاءَ أَوْ أَبَى
وَأَمَّا الْكَلَامُ فَمُشْتَقٌّ مِنَ التَّأْثِيرِ يُقَالُ كَلَمَهُ إِذَا أَثَّرَ فِيهِ بِالْجَرْحِ فَسُمِّيَ الْكَلَامُ كَلَامًا لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ
وَأَمَّا النُّورُ فَلِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ غَوَامِضُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ هُدًى فَلِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً بَيِّنَةً إِلَى الْحَقِّ وَتَفْرِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاطِلِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ ذِكْرًا فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالتَّحْذِيرِ وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَصْدَرُ ذَكَرْتُ ذِكْرًا وَالذِّكْرُ الشَّرَفُ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إليكم كتابا فيه ذكركم} أَيْ شَرَفُكُمْ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ تِبْيَانًا فَلِأَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ أَنْوَاعَ الْحَقِّ وَكَشَفَ أَدِلَّتَهُ
أَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَلَاغًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ حَالَ إِخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِبْلَاغِهِ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مُبَيِّنًا فَلِأَنَّهُ أَبَانَ وفرق بين الحق والباطل
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَلِأَنَّهُ بَشَّرَ بِالْجَنَّةِ وَأَنْذَرَ مِنَ النَّارِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ عَزِيزًا أَيْ يُعْجِزُ وَيَعِزُّ عَلَى مَنْ يَرُومُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ فَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لئن اجتمعت الأنس والجن} الْآيَةَ
وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ لَهُ مِثْلٌ إِنَّمَا المراد أن يأتوا بمثل هذا الإخبار وَالْقِرَاءَةِ بِالْوَضْعِ الْبَدِيعِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَزِيزِ نَفْيُ الْمَهَانَةِ عَنْ قَارِئِهِ إِذَا عَمِلَ بِهِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ فُرْقَانًا فَلِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ وَبِهِ سُمِّيَ عمر بن الخطاب الفارق
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مَثَانِيَ فَلِأَنَّ فِيهِ بَيَانُ قَصَصِ الْكُتُبِ الْمَاضِيَةِ فَيَكُونُ الْبَيَانُ ثَانِيًا لِلْأَوَّلِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ فَيُبَيِّنُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ
وَقِيلَ سُمِّيَ مَثَانِيَ لِتَكْرَارِ الْحِكَمِ وَالْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ فِيهِ وَقِيلَ إِنَّهُ اسْمُ الْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ وَحْيًا وَمَعْنَاهُ تعريف الشيء خفية سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلَامِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ بِإِلْهَامٍ كَالنَّحْلِ وَإِشَارَةِ النَّمْلِ فَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَحْيِ وَالْعَجَلَةِ لِأَنَّ فِيهِ إِلْهَامًا بِسُرْعَةٍ وَخِفْيَةٍ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ حَكِيمًا فَلِأَنَّ آيَاتِهِ أُحْكِمَتْ بِذِكْرِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَأُحْكِمَتْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا وَمِنْ حِكْمَتِهِ أَنَّ عَلَامَتَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَعَمِلَ بِهِ ارْتَدَعَ عَنِ الْفَوَاحِشِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مُصَدِّقًا فَإِنَّهُ صَدَّقَ الْأَنْبِيَاءَ الْمَاضِينَ أَوْ كُتُبَهُمْ قَبْلَ أَنْ تُغَيَّرَ وَتُبَدَّلَ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مُهَيْمِنًا فَلِأَنَّهُ الشَّاهِدُ لِلْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَلَاغًا فَلِأَنَّهُ كَانَ فِي الْإِعْلَامِ وَالْإِبْلَاغِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ شِفَاءً فَلِأَنَّهُ مَنْ آمَنَ بِهِ كَانَ لَهُ شِفَاءً مِنْ سَقَمِ الْكُفْرِ وَمَنْ عَلِمَهُ وَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ شِفَاءً مِنْ سَقَمِ الْجَهْلِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ رَحْمَةً فَإِنَّ مَنْ فَهِمَهُ وَعَقِلَهُ كَانَ رَحْمَةً لَهُ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ قَصَصًا فَلِأَنَّ فِيهِ قَصَصَ الْأُمَمِ الْمَاضِينَ وَأَخْبَارَهُمْ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مَجِيدًا وَالْمُجِيدُ الشَّرِيفُ فَمِنْ شَرَفِهِ أَنَّهُ حُفِظَ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ
وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَجَعَلَهُ مُعْجِزًا فِي نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يُؤْتَى بِمِثْلِهِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ تَنْزِيلًا فَلِأَنَّهُ مَصْدَرُ نَزَّلْتُهُ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ جِبْرِيلَ كَلَامَهُ وَفَهَّمَهُ إِيَّاهُ كَمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ وَصْفٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ نَزَلَ بِهِ عَلَى نَبِيِّهِ فَأَدَّاهُ هُوَ كَمَا فَهَّمَهُ وَعَلَّمَهُ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَصَائِرَ فَلِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ وَهُوَ جَامِعٌ لِمَعَانِي أَغْرَاضِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تعالى:
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ ذِكْرَى فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا فَطَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} فَالْمُرَادُ بِالزَّبُورِ هُنَا جَمِيعُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِزَبُورِ دَاوُدَ وَالذِّكْرُ أُمُّ الْكِتَابِ الَّذِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى
وَذَكَرَ الشيخ شهيب الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ فِي قوله تعالى: {ورزق ربك خير وأبقى}
قَالَ: يَعْنِي الْقُرْآنَ وَقَالَ السَّخَاوِيُّ يَعْنِي مَا رَزَقَكَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ خَيْرٌ مِمَّا رَزَقَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا
فَائِدَةٌ
ذَكَرَ الْمُظَفَّرِيُّ فِي تَارِيخِهِ لَمَّا جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ الْقُرْآنَ قَالَ سَمُّوهُ فقال بعضهم:
سَمُّوهُ إِنْجِيلًا فَكَرِهُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سَمُّوهُ السِّفْرَ فَكَرِهُوهُ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَأَيْتُ لِلْحَبَشَةِ كِتَابًا يَدْعُونَهُ الْمُصْحَفَ فَسَمَّوْهُ بِهِ
فَائِدَةٌ
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ سَمِعْتُ أَبَا الكرم النحوي بِبَغْدَادَ وَسُئِلَ كُلُّ كِتَابٍ لَهُ تَرْجَمَةٌ فَمَا تَرْجَمَةُ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ ولينذروا به}