الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السابع والعشرون: معرفة خواصيه
…
النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ خَوَاصِّهِ
وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ التَّمِيمِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ الْحُرُوفُ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى حِفْظًا لِلْقُرْآنِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وإنا له لحافظون}
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه كَانَ يَكْتُبُهَا عَلَى مَا يُرِيدُ حِفْظَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْمَتَاعِ فَيُحْفَظُ
وَأَخْبَرَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ قَالَ كَانَ إِلْكِيَا الْهَرَّاسِيُّ الْإِمَامُ رحمه الله إِذَا رَكِبَ فِي رِحْلَةٍ يَقُولُ هَذِهِ الْحُرُوفَ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَا جُعِلَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ أَوْ كُتِبَ فِي شَيْءٍ إِلَّا حُفِظَ تَالِيهَا وَمَالُهُ وَأَمِنَ فِي نَفْسِهِ مِنَ التَّلَفِ وَالْغَرَقِ
وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ شَكَا إِلَيْهِ رَجُلٌ رَمَدًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي رُقْعَةٍ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليوم حديد} {للذين آمنوا هدى وشفاء} فَعَلَّقَ الرَّجُلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَبَرَأَ
وَكَانَ سُفْيَانُ الثوري يكتب للمطلقة رقعة تعلق على قلبها {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ}
{فاخرج منها} {فخرج على قومه}
وَرَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الصَّالِحِينَ يُحِبُّ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ وَتَثْقُلُ عَلَيْهِ فَشَكَا ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى قوله {مددا} ثُمَّ أَضْمِرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَضْمَرْتَ فَإِنَّكَ تَقُومُ فِيهِ قَالَ فَفَعَلْتُ فَقُمْتُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ
قَالَ الْغَزَالِيُّ وَكَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ فِي أَصْبَهَانَ أَصَابَهُ عُسْرُ الْبَوْلِ فَكَتَبَ فِي صَحِيفَةٍ الْبَسْمَلَةَ: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} {وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة} {دكا دكا} وَأَلْقَى عَلَيْهِ الْمَاءَ وَشَرِبَهُ فَيَسَّرَ عَلَيْهِ الْبَوْلَ وَأَلْقَى الْحَصَى
وَحَكَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} يُكْتَبُ عَلَى كَاغِدٍ وَيُوضَعُ عَلَى شِقِّ الضِّرْسِ الْوَجِعِ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَيُحْكَى أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيَّ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَالِي أَرَاكَ مَحْزُونًا؟ فَقَالَ وَلَدِي قَدْ مَرِضَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَالُ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ آيات الشفاء: {ويشف صدور قوم مؤمنين} {وشفاء لما في الصدور} {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
لقوم
يتفكرون} {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ للمؤمنين} {وإذا مرضت فهو يشفين} {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَبَرَأَ
وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ عَنْ شُيُوخِهِ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ شَاقُولَةَ الْبَغْدَادِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ آذَانَا جَارٌ لَنَا فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأْتُ مِنْ فَاتِحَةِ كُلِّ سُورَةٍ آيَةً حَتَّى خَتَمْتُ الْقُرْآنَ وَقُلْتُ اللَّهُمَّ اكْفِنَا أَمْرَهُ ثُمَّ نِمْتُ وَفَتَحْتُ عَيْنِي وَإِذَا بِهِ قَدْ نَزَلَ وَقْتَ السَّحَرِ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ فَسَقَطَ وَمَاتَ
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِهَا أَنَّهُ كَانَ فِي دَارِهَا حائط له جوف فَقَالَتْ هَاتِ رُقْعَةً وَدَوَاةً فَنَاوَلْتُهَا فَكَتَبَتْ فِي الرُّقْعَةِ شَيْئًا وَقَالَتْ دَعْهُ فِي ثَقْبٍ مِنْهُ فَفَعَلْتُ فَبَقِيَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَمَّا ماتت ذكرت ذلك القرطاس فقمت فأخذته موقع الْحَائِطُ فَإِذَا فِي الرُّقْعَةِ {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} يا ممسك السموات وَالْأَرْضِ أَمْسِكْهُ
تَنْبِيهٌ
هَذَا النَّوْعُ وَالَّذِي قَبْلَهُ لَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إِلَّا مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ قَلْبَهُ وَنِيَّتَهُ وَتَدَبَّرَ الْكِتَابَ فِي عَقْلِهِ وَسَمْعِهِ وَعَمَّرَ بِهِ قَلْبَهُ وَأَعْمَلَ بِهِ جَوَارِحَهُ وَجَعَلَهُ سَمِيرَهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ وَتَمَسَّكَ بِهِ وَتَدَبَّرَهُ هُنَالِكَ تَأْتِيهِ الْحَقَائِقُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ فِعْلُهُ
مُكَذِّبًا لِقَوْلِهِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ عَارِفًا وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ فَقَالَ لَهُ صَدِيقٌ لَهُ نَسْتَعِينُ بِفُلَانٍ فَقَالَ أَخْشَى أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتِي الَّتِي تَقَدَّمَتْ هَذَا الْأَمْرَ وَقَدْ صَلَّيْتُهَا قَالَ صَدِيقُهُ وَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟ قَالَ لِأَنِّي قُلْتُ في الصلاة {إياك نعبد وإياك نستعين} فَإِنِ اسْتَعَنْتُ بِغَيْرِهِ كَذَبْتُ وَالْكَذِبُ فِي الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا وَكَذَلِكَ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ تَحَقُّقِ الْعَدَاوَةِ فَإِذَا قَبِلَ إِشَارَةَ الشَّيْطَانِ وَاسْتَنْصَحَهُ فَقَدْ كَذَّبَ قَوْلَهُ فَبَطُلَ ذكره