المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثلاثون: في أنه هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن - البرهان في علوم القرآن - جـ ١

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - بَدْر الدِّينِ مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن بهادر الزركشي

- ‌2 - مؤلفاته

- ‌3 - كتاب البرهان

- ‌4 - نسخ الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ:مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الْمُنَاسَبَاتِ بَيْنَ الْآيَاتِ

- ‌النوع الثالث: معرفة الفواصل ورؤوس الآي

- ‌النوع الرابع: في جَمْعُ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ

- ‌النوع الخامس: علم المتشابه

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ: عَلَمُ الْمُبْهَمَاتِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ: فِي أَسْرَارِ الْفَوَاتِحِ وَالسُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ: فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ: مَعْرِفَةُ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ عَلَى كَمْ لُغَةٍ نَزَلَ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ

- ‌النوع الثاث عَشَرَ: فِي بَيَانِ جَمْعِهِ وَمَنْ حَفِظَهُ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ تَقْسِيمِهِ بِحَسَبِ سُوَرِهِ وترتيب السور والآيات وعددها

- ‌النوع الخامس عشر: معرفة أسمائه واشتقاقاتها

- ‌النوع السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ

- ‌النوع السَّابِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ غَرِيبِهِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ التَّصْرِيفِ

- ‌النوع العشرون: معرفة الْأَحْكَامِ مِنْ جِهَةِ إِفْرَادِهَا وَتَرْكِيبِهَا

- ‌النوع الحادي والعشرون: مَعْرِفَةُ كَوْنِ اللَّفْظِ وَالتَّرْكِيبِ أَحْسَنَ وَأَفْصَحَ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ تَوْجِيهِ الْقِرَاءَاتِ وَتَبْيِينُ وَجْهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كُلُّ قَارِئٍ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: عِلْمُ مَرْسُومِ الْخَطِّ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ فَضَائِلِهِ

- ‌النوع السابع والعشرون: معرفة خواصيه

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ

- ‌النوع التاسع والعشرون: في آداب تلاوتها وكيفيتها

- ‌النَّوْعُ الثَّلَاثُونَ: فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ فِي التَّصَانِيفِ وَالرَّسَائِلِ وَالْخُطَبِ اسْتِعْمَالُ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْأَمْثَالِ الْكَائِنَةِ فِيهِ

الفصل: ‌النوع الثلاثون: في أنه هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن

‌النَّوْعُ الثَّلَاثُونَ: فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ فِي التَّصَانِيفِ وَالرَّسَائِلِ وَالْخُطَبِ اسْتِعْمَالُ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ

وَهَلْ يُقْتَبَسُ مِنْهُ فِي شِعْرٍ وَيُغَيَّرُ نَظْمُهُ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَحَرَكَةِ إِعْرَابٍ

جَوَّزَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِلْمُتَمَكِّنِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ وَسُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: "وجهت وجهي" والتلاوة {إني وجهت وجهي}

وَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابٍ إِلَى هِرَقْلَ: "سلام على من اتبع الهدى: "{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء} "

وَمِنْ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم "اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً"

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لِابْنِ عُمَرَ: " قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"

وَقَالَ عليه السلام: "اللَّهُمَّ فَالِقَ الْإِصْبَاحِ وَجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانَا اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ"

ص: 481

وفى سياق كلام لأبي بكر: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} فَقَصَدَ الْكَلَامَ وَلَمْ يَقْصِدِ التِّلَاوَةَ

وَقَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه: إِنِّي مُبَايِعٌ صَاحِبَكُمْ: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}

وَقَوْلُ الْخَطِيبِ ابْنِ نُبَاتَةَ: هُنَاكَ يُرْفَعُ الْحِجَابُ وَيُوضَعُ الْكِتَابُ وَيُجْمَعُ مَنْ لَهُ الثَّوَابُ وَحُقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله إذا قال: {خذ الكتاب بقوة} وَهُوَ جُنُبٌ وَقَصَدَ غَيْرَ الْقُرْآنِ جَازَ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وما كنا له مقرنين}

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِذَا قَصَدَ الْقُرْآنَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ عَصَى وَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَعْصِ

وَلِلطُّرْطُوشِيِّ:

رَحَلَ الظَّاعِنُونَ عَنْكَ وَأَبْقَوْا

فِي حَوَاشِي الْأَحْشَاءِ وَجْدًا مُقِيمًا

قَدْ وَجَدْنَا السَّلَامَ بَرْدًا سَلَامًا

إِذْ وَجَدْنَا النَّوَى عَذَابًا أَلِيمًا

وَثَبَتَ عَنِ الشَّافِعِيِّ:

ص: 482

أَنِلْنِي بِالَّذِي اسْتَقْرَضْتَ خَطًّا

وَأَشْهِدْ مَعْشَرًا قَدْ شَاهَدُوهُ

فَإِنَّ اللَّهَ خَلَّاقُ الْبَرَايَا

عَنَتْ لِجَلَالِ هَيْبَتِهِ الْوُجُوهُ

يَقُولُ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدِينٍ

إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ

ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ أَنَّ تَضْمِينَ الْقُرْآنِ فِي الشِّعْرِ مَكْرُوهٌ وَأَئِمَّةُ الْبَيَانِ جَوَّزُوهُ وَجَعَلُوهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ وَسَمَّاهُ الْقُدَمَاءُ تَضْمِينًا وَالْمُتَأَخِّرُونَ اقْتِبَاسًا وَسَمَّوْا مَا كَانَ مِنْ شِعْرٍ تَضْمِينًا

مَسْأَلَةٌ:

يُكْرَهُ ضَرْبُ الأمثال بالقرآن

يُكْرَهُ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ بِالْقُرْآنِ نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْعِمَادُ النِّيهِيُّ صَاحِبُ الْبَغَوِيِّ كَمَا وَجَدْتُهُ فِي رِحْلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِخَطِّهِ.

وَفَى كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ لِأَبِي عُبَيْدٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتْلُوَ الْآيَةَ عِنْدَ شَيْءٍ يَعْرِضُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا.

قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يُرِيدُ لِقَاءَ صَاحِبِهِ أَوْ يَهُمُّ بِحَاجَتِهِ فَيَأْتِيهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَيَقُولُ كَالْمَازِحِ: {جئت على قدر يا موسى} فَهَذَا مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْقُرْآنِ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ لَا تُنَاظِرْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا بِسُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ لَا تَجْعَلْ لَهُمَا نَظِيرًا مِنَ الْقَوْلِ وَلَا الْفِعْلِ

ص: 483

تنبيه

لا يجوز تعدي أمثلة القرآن

لَا يَجُوزُ تَعَدِّي أَمْثِلَةِ الْقُرْآنِ وَلِذَلِكَ أُنْكِرَ عَلَى الْحَرِيرِيِّ فِي قَوْلِهِ فِي مَقَامَتِهِ الْخَامِسَةَ عشرة فأدخلني بيتا أحرج من التابوت وأوهى مِنْ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ فَأَيُّ مَعْنًى أَبْلَغُ مِنْ مَعْنًى أَكَّدَهُ اللَّهُ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ حَيْثُ قال {وإن أوهن البيوت لبيت الْعَنْكَبُوتِ} فَأَدْخَلَ إِنَّ وَبَنَى أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ وَبَنَاهُ مِنَ الْوَهْنِ وَأَضَافَهُ إِلَى الْجَمْعِ وَعَرَّفَ الْجَمْعَ بِاللَّامِ وَأَتَى فِي خَبَرِ إِنَّ بِاللَّامِ وَقَدْ قال تعالى: {وإذا قلتم فاعدلوا} وَكَانَ اللَّائِقُ بِالْحَرِيرِيِّ أَلَّا يَتَجَاوَزَ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ وَمَا بَعْدَ تَمْثِيلِ اللَّهِ تَمْثِيلٌ وَقَوْلُ اللَّهِ أَقْوَمُ قِيلٍ وَأَوْضَحُ سَبِيلٍ وَلَكِنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مثلا ما بعوضة} وَقَدْ ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثَالًا لِمَا دُونَ ذَلِكَ فَقَالَ: "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " وَكَذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:

وَلَوْ أَنَّ مَا بِي مِنْ جَوًى وَصَبَابَةٍ

عَلَى جَمَلٍ لَمْ يَبْقَ فِي النَّارِ خَالِدُ

غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سم الخياط} فَقَدْ جَعَلَ وُلُوجَ الْجَمَلِ فِي السَّمِّ غَايَةً لِنَفْيِ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ وَتِلْكَ غَايَةٌ لَا تُوجَدُ فَلَا يَزَالُ دُخُولُهُمُ الْجَنَّةَ مَنْفِيًّا وَهَذَا الشَّاعِرُ وَصَفَ جِسْمَهُ بِالنُّحُولِ بِمَا يُنَاقِضُ الْآيَةَ وَمِنْ هذا

ص: 484

جَرَتْ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ سُرَيْجٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ لَهُ أَنْتَ تَقُولُ بِالظَّاهِرِ وَتُنْكِرُ الْقِيَاسَ فَمَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مثقال ذرة شرا يره} من يَعْمَلْ مِثْقَالَ نِصْفِ ذَرَّةٍ مَا حُكْمُهُ؟ فَسَكَتَ مُحَمَّدٌ طَوِيلًا وَقَالَ أَبْلِعْنِي رِيقِي قَالَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ قَدْ أَبْلَعْتُكَ دِجْلَةَ قَالَ أَنْظِرْنِي سَاعَةً قَالَ أَنْظَرْتُكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَافْتَرَقَا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ

وَقَالَ: بَعْضُهُمْ وَهَذَا مِنْ مُغَالَطَاتِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَعَدَمِ تَصَوُّرِ ابْنِ دَاوُدَ لِأَنَّ الذَّرَّةَ لَيْسَ لَهَا أَبْعَاضٌ فَتُمَثَّلَ بِالنِّصْفِ وَالرُّبُعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مثقال ذرة} فذكر سبحانه مالا يُتَخَيَّلُ فِي الْوَهْمِ أَجْزَاؤُهُ وَلَا يُدْرَكُ تَفَرُّقُهُ

ص: 485