الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: عِنْدِي دِينَارٌ: " أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَهُ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي آخَرُ: " أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي
آخَرُ قَالَ: " أَنْتَ أَبْصَرُ أَوْ أَنْتَ أَعْلَمُ "
5483 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي دِينَارٌ، فَقَالَ:" أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ "، فَقَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَقَالَ:" أَنْفِقْهُ عَلَى زَوْجَتِكَ "، فَقَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَقَالَ:" أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ "، فَقَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ " قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " أَنْتَ أَبْصَرُ "
5484 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَثَّ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ:" تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ " قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ:" تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ " قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ:" تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ " قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ " قَالَ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " أَنْتَ أَبْصَرُ " ،
5485 -
وَحَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ:" أَنْتَ أَبْصَرُ "، " أَنْتَ أَعْلَمُ "
⦗ص: 104⦘
فَقَالَ قَائِلُونَ، مِنْهُمْ: أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ غَنِيٌّ، وَأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: إِنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَقَالُوا: أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ فِيمَا جَاوَزَهَا بِشَيْءٍ ، وَرَدَّ أَمْرَهَا إِلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ فِيهَا، وَقَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَبَيَّنَّا فِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى بِتَصْحِيحِ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَوَجَدَهُ يَخْطُبُ، وَهُوَ يَقُولُ:" مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ، وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ، وَلَهُ عَدْلُ خَمْسِ أَوَاقٍ سَأَلَ إِلْحَافًا ". وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى صِحَّتِهِ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ عَلَى الصَّدَقَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَيَضَعَهَا فِي فُقَرَائِهِمْ، فَكَانَ الْأَغْنِيَاءُ مِنْهُمْ هُمُ الْمَأْخُوذَةَ مِنْهُمْ، وَكَانَ مَنْ سِوَاهُمْ
⦗ص: 105⦘
مِمَّنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ غَيْرَ غَنِيٍّ، إِذْ كَانَ يُوضَعُ فِيهِ، وَكَانَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ حَضَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّدَقَةِ مَنْ حَضَّهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ يُحَضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ الْأَغْنِيَاءُ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الزَّكَوَاتُ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْفُضُولِ عَنْ أَقْوَاتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5486 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ وَاقِدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِالصَّدَقَةِ ، فَمَا يَجِدُ أَحَدُنَا شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ حَتَّى يَنْطَلِقَ إِلَى السُّوقِ، فَيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَجِيءَ بِالْمُدِّ فَيُعْطِيَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّي لَأَعْرِفُ الْيَوْمَ رَجُلًا لَهُ مِائَةُ أَلْفٍ ، مَا كَانَ لَهُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمٌ "
5487 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي: الْأَعْمَشَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:" لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ فَنَتَصَدَّقُ، فَتَصَدَّقَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ اللهَ لِغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الْآخَرُ إِلَّا رِيَاءً، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79] " ،
5488 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَحُضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى، وَكَانَ أَمْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الرَّجُلَ الَّذِي أَمَرَهُ فِي كُلِّ دِينَارٍ مِنْ دَنَانِيرِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ فِيهِ،
⦗ص: 107⦘
وَرَدُّهُ إِيَّاهُ فِي دِينَارِهِ الْخَامِسِ إِلَى مَا رَدَّهُ إِلَيْهِ فِيهِ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لَهُ شَيْئًا يَأْمُرُهُ بِصَرْفِهِ فِيهِ، فَرَدَّهُ فِي ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ نَفْسِهِ وَمِمَّا يَلْزَمُهَا، مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إِثْبَاتُ غِنًى لَهُ بِمِلْكِهِ الْأَرْبَعَةَ، لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَطَعَهُ عَنْ ذَلِكَ غِنَاهُ، لَكَانَ قَدْ قَطَعَهُ إِعْلَامُهُ إِيَّاهُ بِمِلْكِهِ الْأَرْبَعَةَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّ عِنْدَهُ خَامِسًا عَنْ أَمْرِهِ إِيَّاهُ فِي الرَّابِعِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، وَإِذَا انْتَفَى بِذَلِكَ مَا قَدْ تَوَهَّمَهُ مَنْ تَوَهَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثَبَتَ بِذَلِكَ مَا صَحَّحْنَا عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَهُوَ حَدِيثُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُزَنِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ