الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِنِسَائِهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " هَذِهِ الْحَجَّةُ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ
"
5603 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِنِسَائِهِ:" هَذِهِ الْحَجَّةُ، ثُمَّ عَلَيْكُمْ بِظُهُورِ الْحُصُرِ "، وَكُنَّ يَحْجُجْنَ غَيْرَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَسَوْدَةَ ابْنَةِ زَمْعَةَ، تَقُولَانِ: لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ أَنْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5604 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَيُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِنِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:" هَذِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ "
⦗ص: 258⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَزْوَاجِهِ بَعْدَ أَنْ حَجَجْنَ مَعَهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَكُنَّ - غَيْرَ زَيْنَبَ وَسَوْدَةَ - يَحْجُجْنَ مَعَ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَأَصْحَابِهِ سِوَاهُمْ، بِغَيْرِ إِنْكَارٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، وَبِغَيْرِ مَنْعٍ مِنْهُمْ إِيَّاهُنَّ كَذَلِكَ، غَيْرَ زَيْنَبَ، وَسَوْدَةَ، فَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتَخَلِّفَتَيْنِ عَنْ ذَلِكَ، وَتُحَاجَّانِ مَنْ كَانَ بِخِلَافِهِمَا فِيهِ مِنْهُنَّ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الَّذِي فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِنَّ لُزُومُهُ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِعَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ
⦗ص: 259⦘
أَنْ يُجَاهِدْنَ مَعَهُ - تَعْنِي نَفْسَهَا وَمَنْ سِوَاهَا مِنْ نِسَائِهِ وَمِنْ غَيْرِهِنَّ
5605 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ ابْنَةِ طَلْحَةَ، عَنْ خَالَتِهَا عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " جِهَادُ النِّسَاءِ حَجُّ هَذَا الْبَيْتِ " فَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزْعُمُ أَنَّ عَبِيدَةَ الْمَذْكُورَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، فَيَزْعُمُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَبِيدَةُ بْنُ أَبِي رَائِطَةَ
5606 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ،
⦗ص: 260⦘
عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجِهَادِ، وَاسْتَأْذَنَّاهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:" جِهَادُكُنَّ أَوْ حَبَسَكُنَّ الْحَجُّ "
5607 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سَوَّارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجِهَادِ، فَقَالَ:" حَبَسَكُنَّ الْحَجُّ، أَوْ جِهَادُكُنَّ "
5608 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَلَا نَخْرُجُ نُجَاهِدُ مَعَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَرَى عَمَلًا فِي الْقُرْآنِ أَفْضَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: " لَا،
⦗ص: 261⦘
وَلَكِنْ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَكْمَلُهُ حَجُّ الْبَيْتِ، حَجٌّ مَبْرُورٌ "
5609 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا نُخْرِجُ فَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ قَالَ: " لَا، جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ،
⦗ص: 262⦘
فَهُوَ لَكُنَّ جِهَادٌ " وَكَانَ جَوَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْتِئْذَانِهَا إِيَّاهُ لَهَا، وَلِمَنْ سِوَاهَا لِلْخُرُوجِ مَعَهُ فِي الْجِهَادِ مَا ذَكَرَ مِنْ جَوَابِهِ إِيَّاهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ جِهَادَهُنَّ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَا يَنْقَطِعُ جِهَادُ الرِّجَالِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا وَلِسَائِرِ نِسَائِهِ سِوَاهَا مَا قَالَهُ لَهُنَّ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَوَقَفَتْ عَلَى ذَلِكَ هِيَ وَمَنْ سِوَاهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ عَلَى ذَلِكَ دُونَ مَنْ لَمْ تَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ زَيْنَبُ، وَلَا سَوْدَةُ، فَلَزِمَتَا مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَكُلُّهُنَّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِنَّ أَجْمَعِينَ عَلَى مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُودَاتٌ، وَخُلَفَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَضِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِهِمُ الْخِلَافَ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ ، وَفِي إِطْلَاقِهِمْ إِيَّاهُ لَهُنَّ مَحْمُودُونَ بِعِلْمِهِمْ مَا عَلِمُوا
⦗ص: 263⦘
مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِلَّا عَلَى مَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةَ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِخُلَفَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَزْوَاجِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَفِيمَا سِوَاهُ ضِدُّ ذَلِكَ مِمَّا نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ. وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها إِنَّمَا كَانَ تَرْكُهَا لِتَقْصُرَ الصَّلَاةَ فِي أَسْفَارِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِمَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُنَّ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَتَعَلَّقَ بِشَيْءٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ فِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ
5610 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: مَا بَالُ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ " وَكَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ عِنْدَنَا فَاسِدًا إِذْ كَانَتْ عَائِشَةُ أَعْلَمَ بِاللهِ عز وجل، وَبِأَحْكَامِهِ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ هَذَا الْفِعْلَ - أَعْنِي السَّفَرَ - عَلَى الْخِلَافِ مِنْهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَتَتْرُكَ مِنْ أَجْلِهِ تَقْصِيرَ الصَّلَاةِ فِي أَسْفَارِهَا، لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى التَّقْصِيرَ وَاجِبًا عَلَى أَحَدٍ، فَكَانَتْ لَا تَقْصُرُ لِذَلِكَ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ
⦗ص: 264⦘
الْأَصْبَهَانِيِّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:" أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَقْصُرُ فِي السَّفَرِ، وَلَا تَرَاهُ وَاجِبًا عَلَى أَحَدٍ " فَكَانَ تَرْكُهَا التَّقْصِيرَ فِي السَّفَرِ لِذَلِكَ، لَا لِمَا سِوَاهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ