الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ: بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ كَانَ سَبَبَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْهَا
5771 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ إِلَى مَكَّةَ، وَحَمَلَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الثَّعْلَبُ، فَلَمَّا دَخَلَ، غَدَرَتْ قُرَيْشٌ، فَأَرَادُوا قَتْلَ خِرَاشٍ، وَمَنَعَتْهُ الْأَحَابِيشُ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِيَبْعَثَهُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي، وَلَيْسَ بِهَا مِنْ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَحَدٌ يَمْنَعُنِي، وَقَدْ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ عَدَاوَتِي إِيَّاهَا ، وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا، وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ أَعَزَّ بِهَا مِنِّي: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَهُ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِحَرْبٍ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ مُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَلَقِيَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَحَمَلَهُ فَرَدَفَهُ، وَأَجَارَهُ، حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ، وَعُظَمَاءَ
⦗ص: 479⦘
قُرَيْشٍ، فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، فَقَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ أَنْتَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَفْعَلُ حَتَّى يَطُوفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ كَانَ بَاطِلًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ تِلْكَ الْبَيْعَةَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 480⦘
أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي عُثْمَانَ مَا بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ فِيهِ: فَبَايَعَ النَّاسَ حِينَئِذٍ عَلَى مَا بَايَعَهُمْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَايَعَهُمْ مِنْ قَبْلُ عَلَى مِثْلِهِ
5772 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ قَالَ:" بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ "
5773 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ " فَكَانَتْ تِلْكَ الْبَيْعَةُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِمَا كَانَ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي عُثْمَانَ مَا كَانَ. فَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ سَبَبًا لَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ: يَقُولُ الشَّافِعِيُّ: بِسَبَبِ عُثْمَانَ نَزَلَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا، فَكَانَ مَنْ شَهِدَهَا أَوْلَى
⦗ص: 482⦘
بِالْفَضِيلَةِ بِهَا مِنْ عُثْمَانَ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى جَهْلٍ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ بِآثَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِمَنَاقِبِ أَصْحَابِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَانَ لَهُ فِيهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجَلَّ مَا كَانَ مِنْهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ كَانَ حَاضِرًا لِتِلْكَ الْبَيْعَةِ، وَمِمَّنْ كَانَ غَابَ عَنْهَا
5774 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي هَانِئُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبِرْنِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، هَلْ شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَكَانَ فِيمَنْ تَوَلَّى يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّ هَذَا يَذْهَبُ فَيُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّكَ وَقَعْتَ فِي عُثْمَانَ قَالَ: وَهَلْ فَعَلْتُ كَذَلِكَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، فَرَدَّهُ قَالَ: أَتَدْرِي مَا قُلْتُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلْتُكَ: هَلْ شَهِدَ عُثْمَانُ بَدْرًا؟ قُلْتَ: لَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ شَهِدَ عُثْمَانُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قُلْتَ: لَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِيمَنْ تَوَلَّى يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ؟ قُلْتَ: نَعَمْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: " إِنَّ عُثْمَانَ قَدِ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللهِ، وَحَاجَةِ رَسُولِهِ "، فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرِهِ، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدِ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللهِ، وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُبَايِعُ اللهَ لَهُ، فَصَفَقَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى
⦗ص: 483⦘
الْأُخْرَى، وَقَدْ قَالَ اللهُ عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155] ، فَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُ، فَاجْهَدْ جَهْدَكَ ،
5775 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنِي كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، عَنْ هَانِئِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَشَهِدَ عُثْمَانُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَكَانَ فِيمَنْ تَوَلَّى يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ؟ قَالَ:
⦗ص: 484⦘
نَعَمْ، فَوَلَّى الرَّجُلُ فَقَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّ هَذَا يَذْهَبُ، فَيُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّكَ وَقَعْتَ فِي عُثْمَانَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِعُثْمَانَ فِي تِلْكَ الْبَيْعَةِ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ شَهِدَهَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ لَهُ، وَصَفَقَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِهِ، فَأَيُّ فَضِيلَةٍ كَهَذِهِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ؟