الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّجَّالِ أَنَّ مَعَهُ جِبَالُ خُبْزٍ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا فِي الْبَحْرِ سَنَةَ سِتِّينَ، عَلَيْنَا جُنَادَةُ بْنُ أَبٍي أُمَيَّةَ، فَخَطَبَنَا ذَاتُ يَوْمٍ، فَقَالَ: أَتَيْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ:" أَنْذَرْتُكُمُ الْمَسِيحَ، أَنْذَرْتُكُمُ الْمَسِيحَ، إِنَّهُ رَجُلٌ مَمْسُوحٌ - قَالَ: أَظُنُّهُ أَنَّهُ قَالَ: - الْيُسْرَى، يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا مَعَهُ جِبَالُ خُبْزٍ، وَأَنْهَارُ مَاءٍ، يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ كُلَّ مَنْهَلٍ، لَا يَأْتِي أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ " قَالَهَا ثَلَاثًا
5690 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ سُبَيْعِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مَعَهُ نَهْرُ مَاءٍ بَارِدٍ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ، وَحُطَّ وِزْرُهُ "
5691 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَارٌ تَحْرِقُ، وَنَهَرُ مَاءٍ بَارِدٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلَا يَهْلِكَنَّ، لِيُغْمِضْ عَيْنَيْهِ، وَلْيَقَعْ فِي الَّتِي يَرَاهَا نَارًا، فَإِنَّهَا مَاءٌ بَارِدٌ "
5692 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا يُحَدِّثُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا فِي الدَّجَّالِ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيهِ قَالَ: لَا أُحَدِّثُكُمْ إِلَّا مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أَنْذَرْتُكُمُ الْمَسِيحَ " قَالَهَا ثَلَاثًا، " أَلَا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ وَخَافَهُ عَلَيْهَا، أَلَا وَإِنَّهُ فِيكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، أَلَا وَإِنَّهُ آدَمٌ جَعْدٌ، مَمْسُوحٌ عَيْنُهُ الْيُسْرَى، أَلَا إِنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، أَلَا وَإِنَّ جَنَّتَهُ نَارٌ، وَنَارَهُ جَنَّةٌ، وَإِنَّ مَعَهُ جَبَلًا مِنْ خُبْزٍ، وَنَهْرًا مِنْ مَاءٍ، أَلَا وَإِنَّهُ يُمْطِرُ، وَلَا يُنْبِتُ الْأَرْضَ، أَلَا وَإِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَى نَفْسٍ فَيَقْتُلُهَا، ثُمَّ يُحْيِيهَا، ثُمَّ لَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا، ألَا وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا " ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ حَدِيثِ يَزِيدَ، عَنْ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ الدَّجَّالِ مِنَ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ، هَلْ ذَلِكَ عَلَى الْحَقَائِقِ أَوْ عَلَى مَا سِوَاهَا؟
5693 -
فَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
⦗ص: 380⦘
إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ، وَوَجَدْنَا الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ يُوسُفُ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَقَالَ الْقَاسِمُ فِي حَدِيثِهِ: عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ، فَقَالَ:" مَا يُصِيبُكَ، إِنَّهُ لَا يَضُرُّكُ "، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالْأَنْهَارَ؟ قَالَ: " هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ " فَكَانَ تَصْحِيحَ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ هَذَا وَمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ، عَلَى أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ هُوَ مَا يُوهِمُهُ الدَّجَّالُ النَّاسَ بِسِحْرِهِ أَنَّهُ مَاءٌ وَخُبْزٌ، فَيَرَوْنَهُ كَذَلِكَ بِسِحْرِهِ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ مِمَّا يَقْدِرُ بِهِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ فِي
⦗ص: 381⦘
الْحَقِيقَةِ كَمَا يَرَوْنَهُ بِأَعْيُنِهِمْ فِي ظُنُوُنِهِمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمِثْلِ مَا أَخْبَرَ اللهُ عَمَّا كَانَتْ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ فَعَلَتْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] . فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْتُمْ، وَذَكَرَ
5694 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ، عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَهُوَ أَعْوَرُ، وَرَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ
⦗ص: 382⦘
عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ: مِنْ كَاتِبٍ، وَغَيْرِ كَاتِبٍ، يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ، حَرَّمَهُمَا اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَقَامَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهَا، وَمَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَخُضْرَةٍ يَسِيرُ بِهَا فِي النَّاسِ، وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ، إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ، وَمَعَهُ نَهْرَانِ ، أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ: نَهَرٌ يَقُولُ: الْجَنَّةُ، وَنَهَرٌ يَقُولُ: النَّارُ، مَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ النَّارُ، وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ فَهُوَ الْجَنَّةُ، وَيُبْعَثُ مَعَهُ شَيَاطِينُ تُكَلِّمُ النَّاسَ، وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، وَيَقْتُلُ نَفْسًا فَيُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ: هَلْ يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الرَّبُّ؟ فَيَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ النَّارِ بِالشَّامِ، فَيَأْتِيهِمْ، فَيُحَاصِرُهُمْ، فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ، وَيُجْهِدُهُمْ جَهْدًا شَدِيدًا، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى، فَيُنَادِي مِنَ السَّحَرِ، فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ؟ فَيَقُولُونَ: هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ، فَيَطَّلِعُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، فَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَيُقَالَ: تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللهِ، فَيَقُولُ: لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَيُصَلِّي بِكُمْ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ، خَرَجُوا إِلَيْهِ، فَحِينَ رَآهُ الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَيَمْشِي إِلَيْهِ، فَيَقْتُلُهُ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرُ وَالْحَجَرُ يُنَادِي ". ثُمَّ قَطَعَ الْحَدِيثَ
⦗ص: 383⦘
قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْقِيقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، أَنَّهَا تَكُونُ مِنَ الدَّجَّالِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ فِيَ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ مَا ظَنَّ، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ:" ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، وَيَقْتُلُ نَفْسًا، ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ "، وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ مَا قُلْنَا: إِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ السِّحْرِ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَى مَنْ لَحِقَهُ ذَلِكَ السِّحْرُ أَنَّهَا حَقَائِقُ، وَلَيْسَتْ بِحَقَائِقَ، وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا آثَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَرَكْنَا شَيْئًا مِنْهَا خَوْفَ طُولِ الْكِتَابِ بِهَا، تَرْجِعُ مَعَانِيهَا الَّتِي فِيهَا إِلَى مَعَانِي مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى السِّحْرِ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ