الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه مِنَ اشْتِرَاطِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِآمِينَ
5625 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ:" اشْتَرَطْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَسْبِقَنِي بِآمِينَ "
5626 -
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّ بِلَالًا قَالَ:" اشْتَرَطْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَسْبِقَنِي بِآمِينَ " فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا طَائِفَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ فَرَاغِ بِلَالٍ مِنْ إِقَامَتِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْإِمَامِ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِلصَّلَاةِ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ إِقَامَتِهِ.
⦗ص: 293⦘
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدٍ قَالَ:" كَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَلَى كَثْرَةِ مَنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ:" كَانَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، كَبَّرَ، وَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ " وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ إِقَامَتِهِ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي الْبَابِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا حَدِيثُ أَنَسٍ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ بِلَالٍ هَذَا؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ
⦗ص: 294⦘
أَنَسٍ إِنَّمَا هُوَ أَفْعَالُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابِهِ بَعْدَمَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَفْعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَيَكُونُ مَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ بِلَالٍ. قَالُوا: فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، وَعَنِ الْبَرَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ تَرْكُ التَّكْبِيرِ إِلَى أَنْ يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ إِقَامَتِهِ، وَذَكَرُوا
5627 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ مَسَحَ صُدُورَنَا، وَقَالَ:" رُصُّوا الْمَنَاكِبَ بِالْمَنَاكِبِ، وَالْأَقْدَامَ بِالْأَقْدَامِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ فِي الصَّلَاةِ مَا يُحِبُّ فِي الْقِتَالِ ، كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ "
5628 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: طَلَبْنَا عِلْمَ هَذَا الْعُودِ الَّذِي فِي مَقَامِ الْإِمَامِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ لَنَا فِيهِ شَيْئًا قَالَ مُصْعَبٌ: فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ خَبَّابٍ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ قَالَ: جَلَسَ إِلَيَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَوْمًا، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ صُنِعَ هَذَا الْعُودُ؟ وَلَمْ نَسْأَلْهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ قَالَ أَنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ يَمِينَهُ، ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَيْنَا، فَيَقُولُ:" اسْتَوُوا وَعَدِّلُوا صُفُوفَكُمْ " قَالُوا: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا
فَذَكَرُوا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ
⦗ص: 296⦘
قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، ثُمَّ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَأَنَا أُكَلِّمُهُ فِي أَنْ يَفْرِضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ أُكَلِّمُهُ وَهُوَ يُسَوِّي الْحَصَى بِنَعْلَيْهِ ، حَتَّى جَاءَهُ رِجَالٌ قَدْ كَانَ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَأَخْبَرُوا أَنَّ الصُّفُوفَ قَدِ اسْتَوَتْ، فَقَالَ لِي:" اسْتَوِ فِي الصَّفِّ، ثُمَّ كَبَّرَ " قَالُوا: فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ: أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ لَا يُكَبِّرُ لِلصَّلَاةِ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْإِقَامَةِ لَهَا، وَهَذَا مِمَّا لَا يَجِيءُ فِيهِ أَكْبَرُ مِمَّا جِئْنَا بِهِ فِيهِ ، إِذْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يُوصَلُ إِلَى حَقِيقَتِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ وَاسِعًا فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلِمَ بِهِ مِنْهُ غَيْرَ مَنْ عَمِلَهُ عَلَى تَرْكِهِ خِلَافَهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، وَمِمَّا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ اللهُ عز وجل: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] ، فَتَأَمَّلْنَا الذِّكْرَ الْمُرَادَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَوَجَدْنَا قَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً، فَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي ذَلِكَ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] قَالَ: " التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالْفُرْقَانُ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ: أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضَ الْجَنَّةِ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] قَالَ: التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالْفُرْقَانُ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ الْأَصْلُ الَّذِي نُسِخَ مِنْهُ هَذِهِ الْكُتُبُ: أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضَ الْجَنَّةِ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ الذِّكْرَ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الذِّكْرُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، وَأَنَّ الزَّبُورَ الْمَذْكُورَ فِيهَا هِيَ: التَّوْرَاةُ، وَالْإِنْجِيلُ، وَالْفُرْقَانُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:" {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] قَالَ: الزَّبُورُ ، وَالْفُرْقَانُ، وَالذِّكْرُ: التَّوْرَاةُ، وَالْأَرْضُ أَرْضُ الْجَنَّةِ " فَهَذَا الَّذِي وَجَدْنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] قَالَ: زَبُورُ دَاوُدَ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
⦗ص: 299⦘
قَالَ: ذِكْرِ مُوسَى: التَّوْرَاةِ " فَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي تَأْوِيلِهَا
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:" {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] قَالَ: الزَّبُورُ: الْكِتَابُ عِنْدَ اللهِ: {أَنَّ الْأَرْضَ} [الأنبياء: 105] ، يَعْنِي: أَرْضَ الْجَنَّةِ {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] " فَلَمَّا وَقَعَ فِي هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَا، طَلَبْنَا الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ ، مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5629 -
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ "،
⦗ص: 300⦘
فَقَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا قَالَ: " اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ " قَالَ: قُلْنَا: قَدْ قَبْلِنَا، فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ، كَيْفَ كَانَ؟ قَالَ:" كَانَ اللهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ "، وَأَتَانِي آتٍ، فَقَالَ لِي: يَا عِمْرَانُ، انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا، فَخَرَجْتُ فَإِذَا السَّرَابُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهَا، فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدِي " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى كَتَبَ فِي اللَّوْحِ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ
5630 -
وَوَجَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا
⦗ص: 301⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالُوا: أَتَيْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ، كَيْفَ كَانَ؟ فَقَالَ:" كَانَ اللهُ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَزِيَادَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ "
5631 -
وَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ، هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي عَنْ بَكَّارٍ
5632 -
وَحَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
⦗ص: 302⦘
عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنِ ابْنِ حُصَيْبٍ، أَنَّ قَوْمًا، دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يُبَشِّرُهُمْ، وَيَقُولُونَ: أَعْطِنَا، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ، فَقَالُوا: أَتَيْنَاكَ نَتَفَقَّهُ فِي الدِّينِ، وَنَسْأَلُ عَنْ بُدُوِّ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ:" فَاقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا أُولَئِكَ " قَالَ: " كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ " فَاخْتَلَفَ الْأَعْمَشُ فِي الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْأَعْمَشُ: أَنَّهُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَذَكَرَ الْمَسْعُودِيُّ: أَنَّهُ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ. وَكَانَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا مَا قَالَهُ الْأَعْمَشُ فِيهِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ الثَّوْرِيَّ قَدْ رَوَاهُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ،
⦗ص: 303⦘
فَوَافَقَ الْأَعْمَشَ فِيهِ، وَخَالَفَ الْمَسْعُودِيَّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَصَّرَ عَنْ بَعْضِ مَتْنِهِ مِمَّا فِي رِوَايَتِهِمَا
5633 -
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ وَفْدَ بَنِي تَمِيمٍ، قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ "، فَقَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَتَغَيَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَاهُ وَفْدُ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ:" أَبْشِرُوا يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ "، فَقَالُوا: قَبْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ حَدَّثَ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: قَدْ ذَهَبَ بَعِيرُكَ ، فَلَيْتَهُ كَانَ ذَهَبَ وَلَمْ أَقُمْ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ صَفْوَانُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ، عَنْ عِمْرَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ كِتَابَ اللهِ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَكَانَ مَعْقُولًا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ الذِّكْرَ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] ، أَنَّ
⦗ص: 304⦘
ذَلِكَ الذِّكْرَ هُوَ الْمَكْتُوبُ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَهُ هِيَ مَا سِوَاهُ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَالْقُرْآنِ. وَأَمَّا اللُّغَوِيُّونَ: فَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الذِّكْرَ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْفُرْقَانُ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]، وَبِقَوْلِهِ عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} [يس: 69]، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَا قَدْ دَلَّ: أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ فِيهَا هُوَ الْقُرْآنُ، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ: إِنَّهُمْ وَجَدُوا حُرُوفَ الْخَفْضِ يُعَاقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُخَاطَبُ فِيهَا بِبَعْدَ لِمَا يُرَادُ بِهِ: قَبْلَ، وَبِقَبْلَ مِمَّا يُرَادُ بِهِ: بَعْدَ، وَكَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَوْلَى بِالتَّأْوِيلِ لِهَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا قَالُوا، إِذْ كَانَ مَا قَالُوا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ تُوجِبُ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى مَا حَمَلُوهُ عَلَيْهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ