المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لأبي بن كعب رضي الله عنه: " أمرت أن أقرأ عليك - شرح مشكل الآثار - جـ ١٤

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، أَوْ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَإِنَّ مَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ، تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ بِالْمُبَالَغَةِ بِالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَضِّئُ صَائِمًا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللهِ عز وجل مِنَ الْأَمْرِ بِغَسْلِ مَا يُغْسَلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ، وَبِمَسْحِ مَا يُمْسَحُ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ: هَلْ هُوَ عَلَى الْفَرْضِ: يَفْعَلُ الرَّجُلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَمْ عَلَى مُمَاسَّةِ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِظْهَارِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدِ، وَفِي أَيِّ حَالٍ يَكُونُ مِنَ الطَّرِيقِ إِلَيْهِ، أَمْ بَعْدَ الْجُلُوسِ فِيهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِبَاسِ الرِّجَالِ الْخِفَافَ فِي الْإِحْرَامِ، أَمُبَاحٌ ذَلِكَ لَهُمْ، كَمَا يُبَاحُ فِي الْإِحْلَالِ؟ أَوْ مُبَاحٌ لَهُمْ فِي حَالِ الْإِعْوَازِ مِنَ النِّعَالِ بَعْدَ قَطْعِهَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَاءِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى الْأَرَضِينَ، وَيَكُونُ مُرُورُهُ عَلَى بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْضٍ ، كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ؟ وَفِيمَا يَحْبِسُهُ أَهْلُهَا حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ، ثُمَّ يُرْسِلُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّقْبَى

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ

- ‌وَمِمَّا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌وَمِمَّا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْأَوْلَى فِيمَا يُذْكُرُ مَا مَضَى مِنْ أَيَّامِ الشَّهْرِ: هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمَاضِي مِنْهَا، أَوْ بِذِكْرِ الْأَقَلِّ مِنَ الْمَاضِي، وَمِنَ الْبَاقِي مِنْهَا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بِمَا رُوِيَ عَمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ شَيْءٌ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: عِنْدِي دِينَارٌ: " أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَهُ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي آخَرُ: " أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي آخَرُ قَالَ: " أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ "، وَفِي قَوْلِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ: عِنْدِي

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ، مِنْ إِبَاحَةٍ وَمِنْ نَهْيٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَسْمِيَةِ السُّحُورِ غَدَاءً

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَفْعَلُهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ مَنْ ضَحَّى فِي شَعْرِهِ وَفِي أَظْفَارِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ إِنْفَاقِ الزَّائِفِ مِنَ الدَّرَاهِمِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَجْهِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ كَيْفِيَّةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَفْضِيلِهِ مَنِ اعْتَزَلَ شُرُورَ النَّاسِ حَتَّى صَارَ بِذَلِكَ مُنْقَطِعًا عَنْهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ يُخَالِطُ النَّاسَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِبِلَالٍ فِي الصَّلَاةِ: " أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلَالُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا وَصَفَ بِهِ الْمَرْأَةَ أَنَّهَا تُقْبِلُ بِصُورَةِ شَيْطَانٍ، وَأَنَّهَا تُدْبِرُ بِصُورَةِ شَيْطَانٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ مُرِيدَ الصَّلَاةِ عَنْ تَشْبِيكِ أَصَابِعِهِ فِي طَرِيقِهِ إِلَيْهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ - يَعْنِي فِيهِ - فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرَةَ لَمَّا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ: " زَادَكَ اللهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْفَعُ مَا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ تُنُحْنِحَ لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَانْتَظَرَ الْمُتَنَحْنِحَ لَهُ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْخُوَارِزْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ صَلَاتُهُ فَاسِدَةً، وَأَخْشَى عَلَيْهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ " فَذَكَرَ أَرْبَعَةً مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ قَدْ جَمَعَهُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: " أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِنِسَائِهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " هَذِهِ الْحَجَّةُ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِنِسَائِهِ: " أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ "، وَمِنْ قَوْلِهِ لِعَلِيٍّ: " إِنَّهُ سَيَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَائِشَةَ شَيْءٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَبْلِغْهَا مَأْمَنَهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا فُرِضَ التَّشَهُّدُ - يَعْنِي التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَرْكِهِ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ: بِجَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ فَدَّاهُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِلنَّاسِ بَعْدَمَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ: " سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا، إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه مِنَ اشْتِرَاطِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِآمِينَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِمَامِ: " إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ "، هَلْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ، أَوْ قَدْ نُسِخَ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ لَعْنِهِ الرَّائِشَ، أَوِ الرَّاشِيَ مَعَ لَعْنِهِ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ قَوْلِ اللهِ عز وجل فِي أَهْلِ النَّارِ، وَفِي أَهْلِ الْجَنَّةِ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ، مِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ قَوْلِهِ: " الْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي الْعَجْوَةِ، هَلْ هُوَ عَلَى الْعَجْوَةِ مِنْ سَائِرِ النَّخْلِ الَّذِي فِي الْبُلْدَانِ، أَوْ مِنْ خَاصٍّ مِنْهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَمْأَةِ، وَفِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ لِلنَّاسِ: " إِنَّهَا مِنَ الْمَنِّ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَقْضِي بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الرُّطَبِ: هَلْ هُوَ مِنَ الْفَاكِهَةِ، أَمْ لَيْسَ هُوَ مِنْهَا؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَانَ تَفَرَّدَ فِيمَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَمَا صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ: " إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، أَوْ أُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّجَّالِ أَنَّ مَعَهُ جِبَالُ خُبْزٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ مَبْعُوثٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ عز وجل مَنْ هُوَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ فِي حَلْبِ النَّاقَةِ بِتَرْكِ دَوَاعِي اللَّبَنِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِتْيَانِهِ مَسْجِدَ قُبَاءَ وَفِي صَلَاتِهِ فِيهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فِي أَمْرِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِعَتُودٍ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللهِ عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَبُولِهِ مِنَ الْعَبَّاسِ تَزْوِيجَهُ إِيَّاهُ مَيْمُونَةَ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَمَّا خَطَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا، لَيْسَ عُمَرَ، وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ، فَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنَ الْأَجْزَاءِ الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْهَا مِنَ النُّبُوَّةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ، مِنَ الْآثَارِ بِالْأَسَانِيدِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ قَوْلِهِ: كَانَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيًا ، مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا، وَإِنَّمَا قَالَهُ مِنْ أَخْذِهِ إِيَّاهُ مِنْ حَيْثُ يُؤْخَذُ مِثْلُهُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، مِمَّا يُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا، وَإِنَّمَا قَالَ تَوْقِيفًا: لَا وَحْيَ إِلَّا الْقُرْآنُ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ: بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ كَانَ سَبَبَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِلنَّفَرِ الَّذِينَ كَانَ فِيهِمْ سَمُرَةُ: " آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِيَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُدِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ بَعْدَمَا كَانَ دَخَلَهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ "، وَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي تَزَوَّجَ فِيهَا مَيْمُونَةَ مِنْ حَرَمٍ أَوْ حِلٍّ

الفصل: ‌باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لأبي بن كعب رضي الله عنه: " أمرت أن أقرأ عليك

‌بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: " أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ

"

ص: 224

5585 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي الْأَجْلَحُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ " قَالَ: قُلْتُ: سَمَّانِي لَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، فَقَرَأَ عَلَيَّ:(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ) بِالتَّاءِ.

⦗ص: 225⦘

5586 -

وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ " فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ إِنَّمَا يُقْرَأُ عَلَى مَنْ يُقْرَأُ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ فِيهِ مِنَ الرُّتْبَةِ فَوْقَ مَا مَعَ الْقَارِئِ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ، مِمَّنْ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ؟

⦗ص: 226⦘

فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ قِرَاءَتَهُ عَلَى أُبَيٍّ كَانَتْ لِيُوقِفَهُ عَلَى مَا يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ آخِذًا لَهُ مِنْ فِيهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أُبَيٍّ بِخِلَافِ هَذَا اللَّفْظِ

ص: 224

5587 -

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ، وَأُمِرْتُ أَنْ أُقْرِئَكَهَا " قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَفَرِحْتُ ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي، وَهُوَ يَقُولُ عز وجل:(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) " وَكَانَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ بِهَا،

⦗ص: 227⦘

ثُمَّ نَظَرْنَا: هَلْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ؟

ص: 226

5588 -

فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا أُبَيًّا، فَقَالَ لَهُ:" إِنَّ اللهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ "، فَقَالَ: سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: " اللهُ سَمَّاكَ لِي "، فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي ، قَالَ قَتَادَةُ: وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ

ص: 227

5589 -

وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَبَّةَ الْبَدْرِيَّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا، إِلَى آخِرِهَا قَالَ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ:" إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ "، فَقَالَ أُبَيٌّ: أَوَذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، فَبَكَى أُبَيٌّ " فَكَانَ الْكَلَامُ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيٍّ، وَفِي اسْتِقْرَائِهِ إِيَّاهُ، كَالْكَلَامِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِيمَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ

⦗ص: 229⦘

كَانَ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَهَذَا مِمَّا قَدْ يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُذْكَرَ الْقُرْآنُ، وَالْمُرَادُ بِهِ بَعْضُهُ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: سَمِعْتُ فُلَانًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ: إِذَا سَمِعَهُ يَقْرَأُ شَيْئًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ يَقْرَؤُهُ كُلَّهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُرِيدُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَعَلَى مَنْ يُرِيدُ قِرَاءَةَ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ كُلَّهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ وَجَدْتُمْ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْقُرْآنَ مِنَ الرُّتْبَةِ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ لِأُبَيٍّ فِيهَا؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا وَجَدْنَا لِأُبَيٍّ فِيهِ، وَزِيَادَةً عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مِنْهُ عَلَى جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهَا لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ، وَالَّذِي يَحْضُرُهُ أُبَيٌّ مِمَّا ذَكَرْنَا حُضُورَهُ إِيَّاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ مِثْلَ ذَلِكَ، إِنَّمَا كَانَ يُقْرِئُهُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ، لَا عَلَى جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ

ص: 228

5590 -

كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ؟، قُلْتُ: الْقِرَاءَةَ الْأُولَى ، قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، فَقَالَ لِي: بَلْ هِيَ الْأَخِيرَةُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْرِضُ

⦗ص: 230⦘

الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ، عَرَضَهُ مَرَّتَيْنِ عَلَيْهِ، فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَعَلِمَ مَا نُسِخَ وَمَا بُدِّلَ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُضُورُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِلْقِرَاءَةِ الَّتِي قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْنُ نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبْلِغِ ابْنَ مَسْعُودٍ تِلْكَ الرُّتْبَةَ إِلَّا بِأَمْرِ اللهِ إِيَّاهُ أَنْ يُبْلِغَهُ إِيَّاهَا. مَعَ أَنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ الْفَصْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَوَجَدْنَا مَنْ هُوَ فَوْقَ هَمَّامٍ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَدْ خَالَفَ هَمَّامًا فِي إِسْنَادِهِ

ص: 229

5591 -

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:" إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ " قَالَ أُبَيٌّ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَجَعَلَ يَبْكِي فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ دَخَلَ فِي إِسْنَادِهِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ، ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهِ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَى حَقِيقَتِهِ

ص: 231

5592 -

فَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ،

5593 -

وَوَجَدْنَا فَهْدًا حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنَ الْكُوفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُمْلِي الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ قَالَ: فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ، وَقَالَ: وَيْحَكَ، مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالَ يُطْفِئُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ الْغَضَبُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الْأَمْرِ

⦗ص: 232⦘

مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ إِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ ، فَمَا كِدْنَا نَعْرِفُ الرَّجُلَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ "، ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ "، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ، وَلَأُبَشِّرَنَّهُ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ، وَلَا وَاللهِ مَا سَبَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ ،

5594 -

وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ - يَعْنِي النَّحْوِيَّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،

⦗ص: 233⦘

عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ خَيْثَمَةَ قَالَا: انْطَلَقَ قَيْسُ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، وَهُوَ عَلَى الْحَجِّ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، فَسَعَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي تَرَكْتُ رَجُلًا بِالْعِرَاقِ يُمْلِي الْمَصَاحِفَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ عَنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ حَدَّثَانَا بِهِ عَنْهُمَا. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَلِفُ عُمَرُ: إِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَحَقَّ

⦗ص: 234⦘

بِمَا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أُبَيٌّ، وَغَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ خَلَا سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَخَلَا أَبِي زَيْدٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ كَانَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَلَا يُدْرَى كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ

ص: 231

وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:" وَاللهِ، وَاللهِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَ، وَمَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى مِنِّي ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِكُمْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى مِنِّي لَأَتَيْتُهُ " قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ، جَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُنْكِرُ مَا قَالَ

⦗ص: 235⦘

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ مَا فِيهِ عَنْهُ، وَفِيهِ تَرْكُ مَنْ سَمِعَهُ ذَلِكَ مِمَّنْ خَطَبَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْهُ الْإِنْكَارَ، وَفِيهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ فِيهِمْ، فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ

ص: 234

5595 -

وَقَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فِي الْمَصَاحِفِ بِمَا أَمَرَ بِهِ، قَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ خَطِيبًا، فَقَالَ:" أَتَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عِنْدَ ذَلِكَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، ثُمَّ اسْتَحْيَى مِمَّا قَالَ، فَقَالَ: وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ " قَالَ شَقِيقٌ: فَقَعَدْتُ فِي الْحِلَقِ فِيهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَغَيْرُهُمْ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا رَدَّ مَا قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ الَّذِينَ نَزَلُوا مَكَانَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ

⦗ص: 236⦘

قَدْ كَانَ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ، وَأُبَيٌّ إِذْ ذَاكَ حَيٌّ

ص: 235

وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ - يَعْنِي الْأَعْمَشَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: " مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ " فَقَدْ لَحِقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ. وَوَفَاةُ أُبَيٍّ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

ص: 236

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِيمَنْ قَرَأَ قَوْلَهُ: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) أَوْ {بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا مَخْرَجَ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَرُجُوعَهَا إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ رضي الله عنهم، وَذَكَرْنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَخْذَهُ إِيَّاهَا عَنْهُ حَرْفًا حَرْفًا، وَأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ بِالضَّادِ، وَذَكَرْنَا قِرَاءَةَ حَمْزَةَ وَمَخْرَجَهَا ، وَإِلَى مَنْ تَرْجِعُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَاهَا بِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ كَذَلِكَ، وَذَكَرْنَا قِرَاءَةَ نَافِعٍ، وَأَخْذَهُ إِيَّاهَا عَنِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ، وَأَنَّ مِنْهُمْ أَبَا جَعْفَرٍ، وَأَخْذَ أَبِي جَعْفَرٍ إِيَّاهَا عَنْ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَأَخْذَ مَوْلَاهُ إِيَّاهَا مِنْ أُبَيٍّ، وَكَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ كَذَلِكَ أَيْضًا. وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ، فَكَانَ يَقْرَؤُهُ بِالظَّاءِ ، كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، فِي الْقِرَاءَةِ كَذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي أَخْذِ خَلْفٍ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ شِبْلٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرٍ.

ص: 237

وَأَمَّا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ، فَكَانَ يَقْرَؤُهَا بِالظَّاءِ، كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ أَبُو زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقْرَآنِهَا كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ لِعَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَعْيَنَ: كَيْفَ يَقْرَأُ صَاحِبُكَ - يَعْنِي نَافِعًا - هَذَا الْحَرْفَ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] ؟ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وَكَانَ اللَّيْثُ يَقْرَؤُهَا (بِظَنِينٍ) . وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ يَقْرَؤُهَا: (بِظَنِينٍ) بِالظَّاءِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي ذَلِكَ

ص: 238

مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا:(بِظَنِينٍ) " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ.

⦗ص: 239⦘

غَيْرَ أَنَّ مُجَاهِدًا قَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا بِالضَّادِ

ص: 238

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] بِالضَّادِ ". وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ الَّذِينَ قَرَءُوهَا بِالضَّادِ مَعْنَاهُ يَكُونُ: بَخِيلًا بِالْغَيْبِ، وَالَّذِينَ قَرَءُوهَا بِالظَّاءِ نَفَوْا عَنْهُ أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا فِي ذَلِكَ، وَوَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عِنْدَ قَوْمِهِ حَتَّى كَانُوا يُسَمُّونَهُ الْأَمِينَ ، لِصِدْقِ لَهْجَتِهِ، وَلِأَمَانَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا

ص: 239

5596 -

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَوَّامٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، حَدَّثَنَا مَوْلَايَ عَبْدُ اللهِ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ بَنَى الْبَيْتَ، فَأَخَذْتُ حَجَرًا، فَكُنْتُ أَعْبُدُهُ، فَإِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ الشَّيْءُ، فَأَبْعَثُ بِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ كَانَ يُؤْتَى بِاللَّبَنِ الطَّيِّبِ فَأَبْعَثُ بِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا وَتَشَاجَرُوا فِي الْحَجَرِ

⦗ص: 240⦘

أَيْنَ يَضَعُونَهُ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ: انْظُرُوا أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: هَذَا أَمِينٌ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَمِينًا، فَقَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَجَاءَ وَأَخَذَ ثَوْبًا وَبَسَطَهُ، وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِيهِ، فَقَالَ لِهَذَا الْبَطْنِ، وَلِهَذَا الْبَطْنِ، وَلِهَذَا الْبَطْنِ:" لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِنَاحِيَةِ الثَّوْبِ "، فَفَعَلُوا، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ ". وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى مَا كَانَ فِي قَلْبِهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ فِي جَوَابِهِ قَيْصَرَ لَمَّا سَأَلَهُ: هَلْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ - يَعْنِي النُّبُوَّةَ؟

ص: 239

5597 -

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ،

⦗ص: 242⦘

أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمَهَا تِجَارًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ قُرَيْشٍ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدْنَا رَسُولَ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ، فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ، وَعَلَيْهِ تَاجٌ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاؤُهُ، فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ، أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَنَا أَقْرَبُهُمُ إِلَيْهِ نَسَبًا قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنِكَ وَبَيْنَهُ؟ قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي، فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ مِنِّي، ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ، لَحَدَّثْتُ عَنْهُ حِينَ سَأَلَنِي، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثِرُوا عَنِّي الْكَذِبَ فَصَدَقْتُهُ عَنْهُ، فَكَانَ مِمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ:" هَلْ أَنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا "

⦗ص: 243⦘

فَفِي هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ مَا فِيهِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الصِّدْقِ فِي الرُّتْبَةِ الَّتِي كَانَ مِنْهُ فِيهَا، وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَانَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ

⦗ص: 244⦘

النَّجَاشِيِّ عَلَى مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمَا يَوْمَئِذٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى مَا قَدِمَا لَهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَا يُحَاوِلَانِ بِهِ مَا كَانَا يُحَاوِلَانِهِ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَوْمِهِ الَّذِينَ كَانُوا اتَّبَعُوهُ

ص: 240

5598 -

كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي قِصَّةِ خُرُوجِهِمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ: أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَأَنَّ عَمْرًا قَالَ: لَا بِاللهِ لَأُجِيبَنَّهُ بِمَا أُبِيدُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُ عَبْدٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللهِ لَأَفْعَلَنَّ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ قَدْ كَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى عليه السلام قَوْلًا عَظِيمًا، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ، فَسَلْهُمْ عَنْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: نَقُولُ فِيهِ مَا قَالَ اللهُ عز وجل، وَمَا قَالَ لَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم: هُوَ عَبْدُ اللهِ، وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ قَالَتْ: فَدَلَّى يَدَهُ، فَأَخَذَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، مَا قُلْتُمْ فِيهِ ".

⦗ص: 245⦘

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ مَا كَلَّمَهُ: كُنَّا مَعَ قَوْمِنَا فِي أَمْرِ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَجُلًا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَوَفَاءَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وَلَمْ يَدْفَعْ عَمْرٌو، وَلَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَلَوْ كَانَا يَسْتَطِيعَانِ دَفْعَ ذَلِكَ لَفَعَلَاهُ، وَلَكِنَّهُمَا تَرَكَا ذَلِكَ لِعِلْمِهِمَا أَنَّ الْحُجَّةَ كَانَتْ تَقُومُ عَلَيْهِمَا لِجَعْفَرٍ بِمَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَرَكَا خِلَافَهُ لِذَلِكَ، وَفِي هَذَا أَيْضًا، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ ظَنِينًا عِنْدَ قَوْمِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الَّذِي وَصَفَهُ اللهُ عز وجل فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا لَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُمْ فِي خِلَافِهِ، وَكَانَ الَّذِي وَصَفَهُ بِهِ دَفْعًا عَنْهُ أَنَّهُ يَكْتُمُ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِمَّا عَسَى أَنْ يَكُونُوا كَانُوا يَظُنُّونَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّأْفَةِ، وَالرِّفْقِ لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مَا يَنْفِي ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] ،

⦗ص: 246⦘

وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ} [المائدة: 67] ، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالِاتِهِ) ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم أَفْعَلُ النَّاسِ لِمَا يَأْمُرُهُ رَبُّهُ عز وجل، وَأَشَدُّهُمْ تَمَسُّكًا بِهِ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا

ص: 244

5599 -

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، رضي الله عنها تَقُولُ:" أَعْظَمُ الْفِرْيَةِ عَلَى اللهِ عز وجل مَنْ قَالَ ثَلَاثَةً: مَنْ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا رَآهُ؟ قَالَتْ: لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ جِبْرِيلُ ، رَآهُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً فِي صُورَتِهِ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، وَمَرَّةً سَادًّا آفَاقَ السَّمَاءِ "

⦗ص: 247⦘

5600 -

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ

⦗ص: 248⦘

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عز وجل: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] ، أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ بِعِلْمٍ ، لَا يُحِبُّ أَنْ يُعَلِّمَ كُلَّ عِلْمِهِ غَيْرَهُ، فَأَخْبَرَهُمُ اللهُ عز وجل أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَلَّمَهُ إِيَّاهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَعَهُ فِي عِلْمِهِ غَيْرَهُ مِنَ الْفَضْلِ فِي ذَلِكَ مَا يَتَجَاوَزُ بِهِ مَا عَلِمَهُ كُلُّ الْعُلَمَاءِ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ يَقُولُ: الِاخْتِيَارُ عِنْدِي لِقِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ بِالظَّاءِ ، قَالَ: وَالضَّادُ وَالظَّاءُ لَا يَخْتَلِفُ خَطُّهُمَا إِلَّا بِزِيَادَةِ رَفْعِ رَأْسِ أَحَدِهِمَا عَلَى رَأْسِ الْأُخْرَى، فَهَذَا قَدْ يَتَشَابَهُ فِي خَطِّ الْمَصَاحِفِ وَيَتَدَانَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَنُجِيبُهُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ نَقُولَ: فَقَدْ أَنْكَرْتَ عَلَى أَبِي عَمْرٍو فِي قِرَاءَتِهِ: إِنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ ، وَحَاجَجْتَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَلِفَ ثَابِتَةٌ فِي السَّوَادِ فِي ذَلِكَ الْحَرْفِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ الْأَلِفُ وَيُضَمَّ إِلَى الْحَرْفِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ فَيَصِيرَ هَذَيْنِ، فَكَانَ الَّذِي يَلْزَمُكَ فِي خِلَافِ السَّوَادِ فِي ذَلِكَ الْحَرْفِ هُوَ مِثْلَ الَّذِي أَلْزَمْتَهُ أَبَا عَمْرٍو فِي خِلَافِهِ السَّوَادَ فِي ذَلِكَ الْحَرْفِ، وَمَا رَأَيْنَا مُصْحَفًا قَطُّ إِلَّا وَالَّذِي فِيهِ {بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] الضَّادُ، لَا (بِظَنِينٍ) بِالظَّاءِ. وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ كِفَايَةٌ لِمَا يُقْرَأُ هَذَا الْحَرْفُ بِهِ وَهُوَ {بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

ص: 246

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِيمَا اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنْ قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] ، أَوْ (يُغَلَّ) ، وَفِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ

ص: 249

5601 -

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَقَدُوا قَطِيفَةً حَمْرَاءَ مِمَّا أُصِيبُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالُوا: لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا، فَنَزَلَتْ:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] قَالَ خُصَيْفٌ: فَقُلْتُ لِعِكْرِمَةَ: إِنَّ سَعِيدًا يَقْرَأُ: (أَنْ يُغَلَّ) قَالَ: بَلَى، وَيُقْتَلُ.

⦗ص: 252⦘

5602 -

وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مِقْسَمٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ سَعِيدًا يَقْرَأُ (أَنْ يُغَلَّ) إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. فَاخْتَلَفَ سُفْيَانُ، وَعَبْدُ السَّلَامِ فِيمَنْ بَيْنَ خُصَيْفٍ وَبَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ. فَذَكَرَ سُفْيَانُ: أَنَّهُ عِكْرِمَةُ، وَذَكَرَ عَبْدُ السَّلَامِ: أَنَّهُ مِقْسَمٌ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا جَمِيعًا {يَغُلَّ} [آل عمران: 161] لَا (يُغَلَّ)

ص: 249

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ

⦗ص: 253⦘

سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" كَانَ يَقْرَأُ {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] " وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، عَنِ الْخَفَّافِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] " وَكَانَ مَنْ رَجَعَتْ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ إِلَيْهِ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ مِمَّنْ دَارَتْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ إِلَيْهِ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُ مِمَّنْ دَارَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ مِنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْقُرَّاءِ قَرَأَهَا كَذَلِكَ غَيْرَهُمَا، فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمَا مِنْهُمُ الْأَعْمَشُ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَرَأَهَا (أَنْ يُغَلَّ) بِرَفْعِ الْيَاءِ، وَحَمْزَةُ كَمِثْلٍ، وَنَافِعٌ كَمِثْلٍ. وَحَكَى لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الْقُرْآنِ جَمِيعًا، كَذَلِكَ زَادَ فِيمَنْ قَرَأَ {يَغُلَّ} [آل عمران: 161] ، فَقَالَ: وَكَذَلِكَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ بِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى، فَقَرَأَ:{يَغُلَّ} [آل عمران: 161] لِمَا قَدْ رُوِيَ فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ لَا يُغَلُّ ، وَقَدْ يُقْتَلُ؟ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ أَيْضًا تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَتَى مَا لَا يَكُونُ إِتْيَانُهُ: مَا

⦗ص: 254⦘

كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَإِذَا أُتِيَ إِلَيْهِ بِمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْتَى: مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ ، قَالَ: فَهَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ، وَالْآخَرُ أَيْضًا جَائِزٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ. فَقَالَ قَائِلٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي سَبَبِ الْقَطِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مَا يُخَالِفُ مَا قَدْ رَوَيْتَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِيهِ مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ ذَكَرَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَمَانَةِ، وَصِدْقِ اللهْجَةِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ ذَكَرَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَمَانَةِ، وَصِدْقِ اللهْجَةِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ، وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا قِيلَ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي نَزَلَتِ السُّورَةُ الَّتِي فِيهَا هَذِهِ الْآيَةُ، وَهِيَ: آلُ عِمْرَانَ ، نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْلِ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يُنَافِقُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُونَ فِيهِ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ وَأَشْبَاهَهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْقِتَالُ نَزَلَ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَعِنْدَهُ، فَكَانَ النِّفَاقُ، وَكَانَ الَّذِينَ أَقْوَالُهُمْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ، فَصِدْقُهُ كَانَ عِنْدَهُمْ ، وَبِخِلَافِهِمْ إِيَّاهُ

⦗ص: 255⦘

مَعَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ بَايَعَهُ، وَأَسَرَّ لَهُ غَيْرَ الَّذِي أَظْهَرَهُ لَهُ، فَلَيْسُوا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِأَقْوَالِهِمْ فِيهِ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ

ص: 252