الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَرْكِهِ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ: بِجَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ
5615 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" سَتَكُونُ فِتَنٌ، ثُمَّ فِتْنَةٌ، أَلَا فَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلَا فَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، أَلَا فَالْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ، أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غَنَمٌ، وَلَا إِبِلٌ، وَلَا أَرْضٌ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ:" فَلْيَأْخُذْ سَيْفَهُ، ثُمَّ لْيَعْمِدْ بِهِ إِلَى صَخْرَةٍ، ثُمَّ لْيَدُقَّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ، ثُمَّ لِيَنْجُو إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاةَ، اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ أُخِذَ بِيَدِي مُكْرَهًا حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ، أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ - عُثْمَانُ يَشُكُّ - فَيَحْذِفَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ فَيَقْتُلَنِي، مَاذَا يَكُونُ مِنْ شَأْنِي؟ قَالَ:" يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ، فَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ "
5616 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ، أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ، وَحَسَنًا، أَخْبَرَاهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ، لَمَّا أَتَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا نَبِىَّ اللهِ جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ، مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ؟ فَقَالَ:" لَا تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ " - قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ، أَوَتَدْرِي مَا النَّقِيرُ؟ قَالَ:" نَعَمْ، الْجَذَعُ يُنْقَرُ وَسَطُهُ - وَلَا فِي الدُّبَّاءِ، وَلَا فِي الْحَنْتَمِ " ،
⦗ص: 277⦘
5617 -
وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، وَيُكْنَى أَبَا هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي فُسْطَاطٍ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ، قَدْ حَانَ الرَّوَاحُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:" أَجَلْ "، ثُمَّ قَالَ:" يَا بِلَالُ "، فَثَارَ بِلَالٌ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ، فَقَالَ:" أَسْرِجْ لِي فَرَسِي "، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ.
⦗ص: 278⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ مُجَابٍ إِلَيْهِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا قَالَتِ: اللهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سَأَلْتِ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، وَآثَارٍ مَبْلُوغَةٍ ، لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَدْ أَجَّلَهُ، وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ عَجَّلَهُ " وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَهُوَ مِمَّا رُوِيَ عَنِ الضِّبَابِ، وَأَنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا فَيَجْعَلُ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَأَنَّ الْمَمْسُوخَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ سَائِلًا يَسْأَلُ هَذَا رَبَّهُ قَدْ سَأَلَهُ شَيْئًا هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُجَابٍ إِلَيْهِ، وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي يَعْلَمُ مُخَاطِبُهُ بِهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ قَالَ قَوْلًا وَدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ كَمَا قَالَ، فَذَاكَ - وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ - يَكُونُ سَبَبًا لِمَحَبَّةِ الْمُنْزِلِ
⦗ص: 279⦘
لَهُ قَائِلَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ: لَوْ وَصَلَ إِلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ، لَأُعْطِيَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ قَائِلِهِ مَكْرُوهًا، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَذْمُومًا، وَكَانَ الْمَقُولُ لَهُ قَدْ وَقَفَ بِهِ مِنْ قَائِلِهِ عَلَى مَوَدَّتِهِ لَهُ، وَمَوْضِعِهِ مِنْ قَلْبِهِ، وَكَانَ عليه السلام قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانًا، وَمِنْ أُخُوَّتِهِمْ مَوَدَّةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَذَلِكَ الْقَوْلُ مِمَّا يُؤَكِّدُ الْأُخُوَّةَ بَيْنَهُمْ ، وَالْمَوَدَّةَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَمِثْلُهُ مَا قَدْ وَجَدْنَاهُمْ يَدْعُو بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنَ الْبَقَاءِ، وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ، وَالْإَنْسَاءِ فِي الْأَجَلِ، لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ مِنْ إِيقَاعِ الْمَوَدَّةِ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:" قَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ لَا دَعْوَةَ لَهُمْ فِي الْأَجَلِ ". وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ