الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا
"
5731 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ ،
5732 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ،
5733 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا "
⦗ص: 433⦘
هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، فَقَصَّرَ عَنْ بَعْضِ أَلْفَاظِهِ الَّتِي رَوَاهُ بِهَا مَالِكٌ عَنْهُ
5734 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ "
⦗ص: 434⦘
وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ عَلَيْهِ
5735 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا "
⦗ص: 435⦘
فَزَادَ صَالِحٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ بِمَا فِي حَدِيثِهِ هَذَا: " لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ ". وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا ابْنُ مَوْهَبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
5736 -
كَمَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَوْهَبٍ،
5737 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ الْحُسَيْنُ فِي حَدِيثِهِ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَقَالَا: عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ.
⦗ص: 436⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَكَانَ ظَاهِرُ مَعْنَى مَا فِي حَدِيثِ زِيَادٍ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ مَوْهَبٍ، عَلَى أَنَّ الْأَيِّمَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَلَا أَمْرَ لِوَلِيِّهَا مَعَهَا فِي نَفْسِهَا، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَبُوهَا، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَدْ حَقَّقَ دُخُولَ أَبِيهَا فِيهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الْبِكْرِ كَذَلِكَ، وَأَنَّ أَبَاهَا مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَهَا، كَمَا أُمِرَ فِي الثَّيِّبِ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تُسْتَأْمَرَ. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ إِذَا زَوَّجَهَا قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا تَارِكًا لِمَا قَدْ أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ التَّزْوِيجَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ مِنْهَا رِضَاهَا بِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِمَا، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
5738 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رضي الله عنها تَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا: أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، تُسْتَأْمَرُ "، قُلْتُ: إِنَّهَا تَسْتَحْيِي، فَتَسْكُتُ قَالَ:" فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ "
⦗ص: 437⦘
5739 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ، كَمَا فِيهِ أَمْرُهُ بِاسْتِئْمَارِ الثَّيِّبِ، فَلَمَّا كَانَ الْأَبُ قَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَأْمِرَ الثَّيِّبَ كَمَا يَسْتَأْمِرُهَا غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا، كَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي الْبِكْرِ فِيمَا أُمِرَ بِاسْتِئْذَانِهَا فِيهِ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا
5740 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
⦗ص: 438⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ "، قَالُوا: وَكَيْفَ إِذْنُهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الصَّمْتُ " ،
5741 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،
5742 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
5743 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَدِيٍّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا " ،
⦗ص: 440⦘
5744 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، ثُمَّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
5745 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْعُرْسِ وَهُوَ ابْنُ عَمِيرَةَ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ. وَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يُوجِبُ أَنَّ الْأَبَ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ
⦗ص: 441⦘
الْبَالِغِ كَمَنْ سِوَاهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ التَّزْوِيجَ عَلَيْهَا قَبْلَ رِضَاهَا بِذَلِكَ، وَلَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى
5746 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ، وَهِيَ كَارِهَةٌ، " فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَيَّرَهَا "
⦗ص: 444⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ لَيْسَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى بُضْعِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا بِذَلِكَ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ سُفْيَانَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ، فَخَالَفَ جَرِيرًا فِيهِ
5747 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، وَكَانَتْ ثَيِّبًا "
⦗ص: 445⦘
فَفِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ فَسَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، أَمَّا فِي إِسْنَادِهِ، فَانْقِطَاعُهُ ، وَتَقْصِيرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا فِي مَتْنِهِ: فَذِكْرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا ، وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْأَوْلَى بِنَا إِذَا وَجَدْنَا الرِّوَايَاتِ مَا يُوجِبُ تَصْحِيحَهَا، وَمَا يُوجِبُ تَضَادَّهَا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى تَصْحِيحِهَا لَا عَلَى تَضَادِّهَا، وَكَانَ حَدِيثُ جَرِيرٍ عَلَى أَنَّهُ بِكْرٌ، وَحَدِيثُ سُفْيَانَ عَلَى أَنَّهُ ثَيِّبٌ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَعْنًى، وَهَذَا فِي مَعْنًى حَتَّى لَا يَتَضَادَّا، وَلَا يَتَنَافَيَا، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْبِكْرِ الْمَذْهَبَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَيْضًا
5748 -
بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا "
⦗ص: 446⦘
وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ، إِذْ كَانَ أَصْلُهُ
5749 -
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِذَلِكَ. فَفَسَدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِدُخُولِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُرَّةَ فِيهِ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَحَقَّقَ أَيْضًا اتِّفَاقَهُ عَلَى عَطَاءٍ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ إِلَى جَابِرٍ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآثَارِ، وَجَدْنَا النَّظَرَ مَا يُوجِبُ مَا ذَكَرْنَا
⦗ص: 447⦘
أَيْضًا مِنَ ارْتِفَاعِ أَمْرِ أَبِي الْبِكْرِ عَنِ الْبِكْرِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بُضْعِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا ، أَنَّهُ كَمَا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا، كَمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهَا، كَانَ فِي الْعَقْدِ عَلَى بُضْعِهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ بُلُوغِهَا، فَكَانَ حُكْمُهُ فِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهَا بِخِلَافِ حُكْمِهِ فِيهِ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهَا، وَقَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ تَعَالَى قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ اللهِ فِيهِ:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] فَكَانَ لَهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَطِيبَ نَفْسُهَا لِزَوْجِهَا بِمَا شَاءَتْ مِنْ صَدَاقِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِيهَا الِاعْتِرَاضُ أَيْضًا عَلَيْهَا فِي بُضْعِهَا فِي عَقْدِهِ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَفِي كِتَابِ اللهِ عز وجل أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12]، ثُمَّ قَالَ:{فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ، وَإِذَا كُنَّ فِي وَصَايَاهُنَّ فِي أَمْوَالِهِنَّ كَالرِّجَالِ فِي وَصَايَاهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، كُنَّ كَالرِّجَالِ فِي وَصَايَاهُمْ وَفِي أَمْوَالِهِمْ، وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ مِنْهُنَّ ، وَارْتِفَاعِ الْأَيْدِي عَنْهُنَّ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِهَا عَنْهُنَّ فِي أَبْضَاعِهِنَّ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبِكْرِ، وَفِي الثَّيِّبِ، مَا قَدْ رَوَيْتُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا فِيهِ:" أَنَّ الْأَيِّمَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا " ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِوَلِيِّهَا مَعَهَا حَقٌّ فِي بُضْعِهَا وَذَكَرْتُمْ ذَلِكَ بِمَا رَوَيْتُمُوهُ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، أَنَّ
⦗ص: 448⦘
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ فِي بُضْعِهَا ". وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ عليه السلام مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ، أَوِ السُّلْطَانِ قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ لَهَا مَوْلًى، أَوْ هَلَكَ مَوْلَاهَا قَالَ: فَالسُّلْطَانُ قَالَ: فَرَجَعْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى غَضِبَ " فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ، أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ صَحِيحًا - فَقَدْ نَسَخَهُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يُخَالِفُ مَا قَدْ أَخَذَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ مِمَّا قَدْ أَخَذَهُ عَنْهُ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ،
⦗ص: 449⦘
وَلَكِنْ مَا إِلَى الْمَرْأَةِ مِمَّا فِي حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ إِلَيْهَا كَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ تَفْعَلُهُ فِيهِ مِمَّا قَدْ جُعِلَ إِلَيْهَا أَنْ تُوَلِّيَهُ غَيْرَهَا مِنَ الرِّجَالِ الْقَوَّامِينَ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ مَنْ تُوَلِّيهِ مِنْهُمْ ذَلِكَ يَعْقِدُهُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهَا مِمَّنْ يَرْضَاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَقْدُ مِنْهُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهَا عَقْدًا مِنْهَا إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ عُقُودَ الْمُوَكَّلِينَ فِي هَذَا مُضَافَاتٌ إِلَى آمِرِيهِمْ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: فَعَلْتُ كَذَا، لِمَا فُعِلَ بِأَمْرِهِ. فَخَرَج بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِمَّا قَالَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَضَادٌّ وَلَا اخْتِلَافٌ، وَيَكُونُ حَقُّ الْوَلِيِّ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا قَالَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي جَعَلَتْهُ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ مِمَّا جُعِلَ لَهَا أَنْ تَجْعَلَهُ إِلَيْهِ ، وَمِمَّا لَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهَا فِيهِ مَنْ عَقَدَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا