الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَمَّا خَطَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا، لَيْسَ عُمَرَ، وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ، فَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِهَا
5751 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللهِ، إِنَّ فِيَّ خِلَالًا ثَلَاثًا: أَنَا امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، وَأَنَا امْرَأَةٌ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِي أَحَدٌ شَاهِدًا يُزَوِّجُنِي، فَغَضِبَ عُمَرُ رضي الله عنه لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: أَنْتِ تَرُدِّينَ رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فِيَّ كَذَا وَكَذَا، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ غَيْرَتِكِ ، فَإِنِّي أَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَهَا عَنْكِ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ صِبْيَتِكِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَكْفِيهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَيُزَوِّجَكِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا، وَلَا غَائِبًا يَكْرَهُنِي "، فَقَالَتْ لِابْنِهَا: زَوِّجْ رَسُولَ اللهِ ، فَزَوَّجَهُ
⦗ص: 453⦘
فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْبَابِ: إِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ عليه السلام: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِهَا شَاهِدًا، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا، وَلَمْ يَقُلْ لَهَا: وَهَلْ لَكِ وَلِيٌّ غَيْرُ نَفْسِكِ؟ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحْتُمْ عَلَيْهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ نَفْيِ الْوَلِيِّ عَنِ الثَّيِّبِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ تَصْحِيحَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا قَدْ صَحَّحْنَاهُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْقِدَ النِّكَاحَ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَيِّمًا حَتَّى تُوَلِّيَهُ غَيْرَهَا مِنَ الرِّجَالِ
5752 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
5753 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
⦗ص: 454⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِدْخَالُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ، وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ عَلَى أَخْذِ ثَابِتٍ إِيَّاهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَمَاعًا لَا دَخِيلَ بَيْنَهُمَا، كَذَلِكَ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ
5754 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ،
⦗ص: 455⦘
عَنْ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي عِنْدَكَ، فَأَبْدِلْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَا أَبْدَلَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا ". فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي، فَأَبْدِلْنِي بِهِ خَيْرًا مِنْهُ " قَالَتْ: وَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَطَبَنِي فَتَزَوَّجْتُهُ " فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ: أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ هُوَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ
⦗ص: 456⦘
لَا دَخِيلَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ وَافَقَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ
5755 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ، فَلْيَقُلْ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ "، بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ أَبَا سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ. وَبَقِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مِثْلِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي مَتْنِهِ سَوَاءً، فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عَقْدِ عُمَرَ ابْنِهَا عَلَيْهَا التَّزْوِيجَ، وَلَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ طِفْلًا، هُوَ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ، وَعَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِأُمِّ سَلَمَةَ وَلِيٌّ حَاضِرُهَا، وَأَمْرُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ رَأَتْ ، فَجَعَلَتْهُ إِلَى ابْنِهَا، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ فَعَلَتْ
⦗ص: 457⦘
ذَلِكَ ابْتِدَاءً ، فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِ ابْنِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ إِمْضَاءً مِنْهُ لَهُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الصِّبْيَانِ لِلْأَشْيَاءِ بِأُمُورِ الْبَالِغِينَ جَائِزَةٌ كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَ عَقَدَ التَّزْوِيجَ عَلَى أُمِّهِ، وَقَدْ قَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ قَائِلٌ: عَسَى أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ بَالِغًا يَوْمَئِذٍ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا مَا قَدْ نَفَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغًا، لَكَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا، إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ لِأَنَّهُ ابْنُهَا، كَمَا يَقُولُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: أَبُو يُوسُفَ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا، فَكَانَ وَلِيًّا لَا مَحَالَةَ، فَفِي تَرْكِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنْكَارَهُ قَوْلَهَا ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي أُطُمِ حَسَّانَ، فَكَانَ يَتَطَأْطَأُ لِي، فَأَنْظُرُ، وَأَتَطَأْطَأُ لَهُ، فَيَنْظُرُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ تَجُولُ حِينَئِذٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ كَانَ جَمَعَ النَّبِيُّ عليه السلام فِي ذَلِكَ لِي أَبَوَيْهِ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ
⦗ص: 458⦘
الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ أَنَّهُ مِنَ الْمَوْلُودِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ. فَقَالَ قَائِلٌ: وَأَيُّ عَقْدٍ يَجُوزُ مِنَ الصَّبِيِّ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَمْرٌ فِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَهُوَ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الصِّبْيَانِ، فَلَمْ يُجْعَلْ كُلُّهَا كَلَا أُمُورٍ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَالْمُحْتَجُّ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ مِمَّنْ يُخَيِّرُ الصَّبِيَّ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَأُمُّهُ مُطَلَّقَةٌ ، بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَيَرْوِي فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِمَّا تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ الْخِيَارَ إِلَّا وَلِاخْتِيَارِهِ حُكْمٌ، وَفِي هَذَا مَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّبِيِّ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ يَدٌ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ: هُوَ عَبْدِي، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ، فَرَفَعَ ذَلِكَ ، أَنَّ رَفْعَهُ إِيَّاهُ كَلَا رَفْعٍ، وَأَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ، فَدَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَادَّعَى لَهَا الْحُرِّيَّةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَلَقَدْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي وَصِيَّةِ الْيَفَاعِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ: إِنَّهَا جَائِزَةٌ ، وَرَوَى فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ فِيهِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا كَلَا وَصِيَّةٍ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ الْبُلُوغِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَا قَدْ وَكَّدَ مَا قَدْ ذَهَبْنَا إِلَيْهِ
5756 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فِطْرٍ، يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ
⦗ص: 459⦘
أَبِي يُحَدِّثُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، يُحَدِّثُ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَخَطَّ لِي دَارًا بِقَوْسٍ قَالَ: وَمَرَّ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَبِيعُ بَعْضَ مَا يَبِيعُ الْغِلْمَانُ، فَقَالَ:" بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي صَفْقَتِكَ، أَوْ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ "
⦗ص: 460⦘
وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ بَيْعُهُ بِإِطْلَاقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ لَهُ، وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ لَوْ كَانَتْ لَا تَكُونُ مِنْهُ لِصِغَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ، فَكَانَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ ذِكْرُ ذَلِكَ إِذَا بَلَغَ، وَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ صَفْقَةً، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، بِإِطْلَاقِ مَنْ إِلَيْهِ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ، فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا جَوَازُ عُقُودِ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ بِأُمُورِ مَنْ إِلَيْهِ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِمْ ، وَإِطْلَاقُ الْعُقُودِ فِيمَا عَقَدُوهُ فِيهِ عَلَى مَنْ عَقَدُوهَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِكِيهَا، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ مُجِيزِي ذَلِكَ، لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُخَالِفِيهِمْ فِيهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ