الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثامن
في إطلاقه صِيَغ الجرح بما لا يوجد في كلام الأئمة
*
المثال 1
. «الطليعة» (ص 98 - 102)
(1)
.
قال الأستاذ (ص 48): «غاية ما عملت في أنس رضي الله عنه هو نَقْل مذهب أبي حنيفة في تخيّر بعض رواياته، وهذا مشهور في كتب أهل العلم، وليس في هذا مساس بأنس، وكبر السن أمرٌ لا مهرب منه
…
، وإن كان لا يدع حافظة المرء على ما كانت عليه في عهد الشباب».
أقول: راجع «الطليعة» ، وأَضِفْ إلى الجماعة الذين ذكرتُهم آخر (ص 100): أبو عثمان النهدي، بلغ مائة وثلاثين. وقيل: وأربعين سنة. وزِرّ بن حُبيش بلغ مائة وسبعًا وعشرين سنة. ومعرور بن سويد بلغ مائة وعشرين سنة.
ويُجْعَل السطر الأول من (ص 101) هكذا: «وسويد، وأبو عثمان، وأبو رجاء، وزِرّ، وأبو عَمرو، ومعرور، كلهم ثقات أثبات مُجْمَع على
…
».
ثم ذكر (ص 49): «من مذهب أبي حنيفة أيضًا، كما يقول ابن رجب في «شرح علل الترمذي» : رد الزائد إلى الناقص في الحديث متنًا وسندًا».
ثم راح يفرِّع على هذا أنه إذا [ورد]
(2)
في رواية عن راوٍ لفظ «عن» ، وفي أخرى «سمعت» ، فالمعتمد العنعنة؛ لأنها الناقصة.
(1)
(ص 77 - 84).
(2)
زيادة يستقيم بها السياق.
كذا قال! ولا أدري لماذا يفزع الأستاذ إلى ابن رجب، وهل ابن رجب أَعْرَف بمذهب أبي حنيفة من الحنفية أنفسهم؟ ! ثم ما مستند ابن رجب؟
فأما أخذ الأصول من الفروع وبناؤها عليها، كما هو شأن الحنفية، فليس بمقنع. ولهم في ذلك من المناقضات والتعسُّفات [ص 52] ما هو معروف في أصول الفقه.
ومع ذلك، لا يظهر دخول مسألة العنعنة تحت القاعدة، وإنما رد الزائد إلى الناقص أن تأتي رواية منقطعة قطعًا ورواية موصولة، ففي المنقطعة نقص راوٍ ــ مثلًا ــ، وفي الموصولة زيادته، وهكذا إذا أتت رواية موقوفة ورواية مرفوعة، وأما النقص في المتن فواضح.
وفوق هذا .. فهذه القاعدة غير مجمع عليها، فتحتاج إلى دليل. والاكتفاء بأنها «احتياطٌ لدين الله» لا يكفي.
أرأيت لو قال قائل: لا أحتج إلا بما ثبت يقينًا، بأن يكون قطعي المتن، قطعي الدلالة، احتياطًا لدين الله أن أثبته بالظن. أيكفيه هذا؟
أو رأيت لو قال قائل: لا أحتج بالرأي والقياس البتة، احتياطًا لدين الله أن أثبته برأيي. أيكفيه هذا؟
ومسألة القصاص في القتل بالمثقَّل قد توسَّعت فيها في الفقهيات من «التنكيل»
(1)
، واحتججت بأربع آيات من كتاب الله عز وجل.
وذكر الأستاذ هنا (ص 48) ما قلت في مقدمة «الطليعة»
(2)
: إنه تكلم
(1)
(2/ 127 وما بعدها).
(2)
(ص 4).
في هشام بن عروة حتى نَسَبه إلى الكذب.
فزعم أن مقصودي ما نقله عن الخطيب، مما أخرجه عن الساجي بسنده إلى مالك. ثم قال الأستاذ:«أهذا قولي أم قول مالك، أيها الباهت الآفك؟ » .
أقول: لا أحبّ أن أجاري الأستاذ في حِدَّته، وإنما أقول: ليس مقصودي ما زعمتَه، إنما مقصودي قول الأستاذ في «التأنيب» (ص 98) ــ بعد ذكره رواية هشام عن أبيه قال: «لم يزل أمر بني إسرائيل
…
» ــ قال الأستاذ: «إنما أراد هشام بذلك النكاية في ربيعة وصاحبه، لقول مالك فيه
…
».
ففهمت من قوله: «إنما أراد
…
» أن مقصوده أن هشامًا
(1)
اختلق هذه الحكاية، ورواها عن أبيه لذاك الغَرَض.
فإن كان هذا مراد الأستاذ في «التأنيب» فذاك، وإن زعم أنه لم يُرِد هذا فأمره إلى الله، وأستغفر الله وأتوب إليه.
أما رواية الساجي؛ فقد ردَّها الخطيب نفسُه (1/ 223)[ص 53] بأنّ شيخ الساجيّ لا يُعْرَف، فعَدَل الأستاذ عن ذلك: «هذا من انفرادات الساجي، وأهل العلم قد تبدر
…
».
فأوهم أنه لا علة للحكاية إلا انفراد الساجي، والساجي حافظ جليل، ترجمته في «التنكيل»
(2)
!
وقول الأستاذ: «وأهل العلم قد تَبْدُر
…
» يوهم أن الحكاية ثابتة، فيحتاج إلى الاعتذار عنها!
(1)
الأصل: «هشام» .
(2)
(رقم 94).