الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما محمد بن عبيد؛ ففي «مقدمة الفتح»
(1)
: «وثّقه أحمد ــ في رواية الأثرم ــ، وكذا وثقه ابن معين، والعجلي، والنسائي، وابن سعد، وابن عمار
…
، احتج بمحمد الأئمةُ كلُّهم
…
».
أقول: والذي يظهر من سياق ترجمته أن خطأه إنما كان في اللحن. والله أعلم.
*
المثال 10
. «الطليعة» (ص 37 - 39)
(2)
.
لم يتعرَّض الأستاذ لمعارضة ما أثبته من الأدلة على ما وقع في ترجمة محمد بن سعيد في «تعجيل المنفعة» من التخليط.
فليراجع القارئ كلامي في «الطليعة» ، ثم ليراجع كلام الأستاذ، ليتضح له حقيقة الحال.
*
المثال 11
. «الطليعة» (ص 39 - 40)
(3)
.
اعترف الأستاذ (ص 38) بأنه أخطأ.
*
المثال 12
. «الطليعة» (ص 40 - 43)
(4)
.
موضوع هذا المثال: ما في «تاريخ بغداد»
(5)
: «حدثني الأزهري، قال:
(1)
(ص 441).
(2)
(ص 26 - 28) وانظر التعليق على هذا الموضع.
(3)
(ص 28 - 29).
(4)
(ص 30 - 31).
(5)
(3/ 122).
كان أبو عمر بن حيويه مكثرًا، وكان فيه تسامح، ربما أراد أن يقرأ شيئًا ولا يقرب أصله منه، فيقرؤه من كتاب أبي الحسن بن الرزاز؛ لثقته بذلك الكتاب، وإن لم يكن فيه سماعه، وكان مع ذلك ثقة».
فقال الأستاذ في «التأنيب» : «على أن أبا الحسن بن الرزاز [ص 37] هذا الذي كان يثق (ابن حيويه) بكتابه هو علي بن أحمد المعروف بابن طيب الرزاز
…
».
فبينتُ في «الطليعة» أن الذي في كلام الأزهري هو أبو الحسن بن الرزاز، وعلي بن أحمد هذا لا يقال له: ابن الرزاز، وإنما يقال له:«الرزاز» ، كما تكرر في ترجمته وغيرها في مواضع كثيرة. وكان له دُكّان لبيع الأرز. ومع ذلك فهو أصغر من ابن حيويه بأربعين سنة، ولا يعرف بينهما علاقة.
ثم ذكرتُ أن هناك ثانيًا يقال له: أبو الحسن الرزاز، وهو أكبر من ابن حيويه قليلًا، ولكن هو أيضًا «الرزاز» ، والذي في كلام الأزهري «ابن الرزاز» .
ثم ذكرتُ ثالثًا يقال له: «علي بن موسى أبو الحسن ابن الرزاز» ، وهو من شيوخ ابن حيويه، فيتعيَّن أن يكون هو المراد في كلام الأزهري.
فأشار الأستاذ إلى هذا المثال في «الترحيب» (ص 38 - 40)، وتغافل رأسًا عن الدليل الواضح، وهو أن الذي في كلام الأزهري «ابن الرزاز» ، وعلي بن أحمد هو نفسه «الرزاز» .
وذهب الأستاذ يصارع ما أيدت به ذاك الدليل من صِغَر عليِّ بن أحمد، وكونه لا يعرف له علاقة بابن حيويه!
فذكر (ص 40): «أنهما من أهل بغداد، وعاشا هناك متعاصِرَين سبعًا وأربعين سنة، فماذا كان يمنع هذا من الاجتماع بذاك، وهما من بلد واحد؟ » .
أقول: المدار في هذه الأمور على اختيار الأقرب فالأقرب، كما تقدم في المثال الأول.
فههنا يدلُ كلام الأزهري أن ابن حيويه إنما كان يروي من كتاب ابن الرزاز؛ «لثقته بذلك الكتاب» ، [ص 38] وليس مما يقرب أن يثق ابن حيويه بكتاب رجل أصغر منه بأربعين سنة، لم يُعرف بشدّة الضبط والتيقّظ. هذا مع اشتهار ابن حيويه بالتثبت والتيقظ.
قال العتيقي: «كان ثقة متيقظًا» . وقال البرقاني: «ثقة ثبت حجة» .
ويدلّ كلام الأزهري أيضًا أن كتاب ابن الرزاز كان في متناول ابن حيويه متى أراد، فلو كان ذلك وابن الرزاز صاحب الكتاب حيّ لما كان ما ذكر إلا وهو ملازم لابن حيويه.
وكونهما في بغداد نحو سبع وأربعين سنة إنما يُقرِّب أن يكونا اجتمعا في الجملة، فأما أن يكونا متلازمين فيحتاج إلى دليل.
ويدلُّ كلام الأزهري أيضًا أنه لم يكن يقع لابن حيويه قراءة من غير أصله إلا من ذاك الكتاب، وهو كتاب ابن الرزَّاز.
ولو كان ابن حيويه بحيث يثق بكتاب علي بن أحمد، لكان أولى من ذلك أن يثق بكتاب غيره ممن هو أكبر وأوثق وأثبت وأضبط من علي بن أحمد. فلماذا اختص وثوقه بكتاب ابن الرزاز؟ !
ويدلُّ كلام الأزهري أيضًا أن وثوق ابن حيويه في محلِّه، لقوله:«وكان مع ذلك ثقة» ، فدل ذلك على أن قوله:«كان فيه تسامح» إنما أراد به تسامحًا يسيرًا لا ينافي الثقة.
وعلى هذا يُحمَل قول ابن أبي الفوارس: «كان فيه تساهل» . كما يدلُّ عليه توثيق الأكثرين له، مع قول البرقاني ــ وهو أعلم الجماعة وأتقنهم ــ:«ثقة ثبت حجة» .
فهذه الأمور تؤكِّد الدليل الأول الذي تغافل عنه الأستاذ، وهو من أقوى الأدلة كما لا يخفى.
[ص 39] قال الأستاذ (ص 39): «رواية الخزاز لو كانت عن كتاب أحد شيوخه لكانت روايته عن أصل شيخه، ولَمَا كان يُرمى بالتسامح» .
أقول: بلى، يظهر في هذا تسامح، وذلك أن ذاك الكتاب لم يكن هو أصل ابن حيويه الذي سمع فيه، ومن المحتمل أنه كان فيه مخالفةٌ ما لأصل شيخه، بنقصٍ أو زيادة، أو نحو ذلك، لم يتنبَّه لها عند السماع.
فإذا تحقق ذلك فيما بعد، فالاحتياط أن يروي كما في أصله، ثم يقول:«هكذا في أصل سماعي، ولكن رأيت في أصل شيخي كذا» .
وترى لذلك أمثلة في الكتب، منها في «تاريخ جرجان» لحمزة السهمي (ص)
(1)
.
ومع ذلك، فإن أصل الشيخ بقي عند الشيخ مدة، لا يثق ابن حيويه بالاحتياط في حفظه، كما يمكنه يثق بالاحتياط في أصل نفسه. ومن
(1)
ترك المؤلف رقم الصفحة غُفلًا، وانظر منه (ص 164، 175، 222).
المحتمل أن يكون أصل الشيخ بقي بعد موته عند أهله، فلا يوثق بأنهم احتاطوا لحفظه كما يثق ابن حيويه بالاحيتاط في أصل نفسه.
فمثل هذه الأمور كافية لأن يقال: «فيه تسامح» ، «فيه تساهل» ، إلا أنه لما كان الأصل عدم المخالفة، وكان ابن حيويه ــ مع كونه ثقة ثبتًا حجة متيقظًا ــ واثقًا بانتفاء المخالفة= لم يخدش ذلك في ثقته؛ لاحتمال أنه أعاد مقابلة أصله على ذلك الكتاب، أو صار إليه، فعلم تطابقهما.
وبعد ثبوت ثقة الرجل وتيقّظه لا يصح الخدش فيه بأمر محتمل. والقاعدة محرَّرة في قسم القواعد من «التنكيل»
(1)
. والأستاذ يقول بها، ويغلو فيها!
قال الأستاذ: «وكان ينبغي أن يذكر في السند اسم شيخه الذي ناوله أصله» .
كذا قال! ورواية ابن حيويه على الوجه المذكور ليست عن مناولة، وإنما كان يروي عن ابن الرزَّاز بحقِّ سماعه منه. غاية الأمر أنه بدل أن يقرأ من أصل نفسه قرأ من أصل شيخه.
أقول: ومَن الذي قال لك: إن ابن حيويه لم يرو شيئًا قط إلا من ذاك الكتاب الذي كان ربما يقرأ منه إذا بعد منه أصله؟ !
ومَن الذي قال لك: إن الخزَّاز لم يرو إلا عن ابن الرزَّاز؟ !
(1)
(1/ 130 - 134).
إنما ذاك كتاب خاص، يظهر أنه ليس من الكتب التي روى منها الخزاز في كتاب الخطيب، كما يدلّ عليه أن ابن الرزاز المذكور ــ مع أنه محدِّث معروف موثَّق، وهو من شيوخ ابن حيويه، كما نص عليه ــ لا رواية له في تلك المقالات أصلًا! فدل ذلك أن الكتب المأخوذة منها تلك المقالات لم تكن من مروياته، يقول:«حدثنا أبو الحسن بن الرزاز» ، ويقرأ من الكتاب.
فإن قيل: عبارة الأزهري كأنها تبعد عن هذا.
قلت: فغاية الأمر أن يكون ابن حيويه سمع بعض المؤلفات من غير ابن الرزاز، ثم وقعت إليه نسخة ابن الرزاز، [ص 40] فكان يقرأ منها، فالنسخة أصل شيخه، لكن ليس ذاك الكتاب مسموعًا له من الشيخ نفسه، بل مسموعًا له من شيخ آخر.
ففي هذا صار ابن الرزاز كالأجنبي عن ابن حيويه؛ لأنه وإن كان شيخه ففي غير ذاك الكتاب.
فإن قيل: أفلا يخدش هذا في ثقة ابن حيويه؟
قلت: كلا، وبَسْط ذلك في ترجمته من «التنكيل»
(1)
، وفيما تقدّم ما يكفي.
على أن مقصودي في «الطليعة» في هذا الموضع إنما هو إثبات أن ابن الرزاز المذكور في عبارة الأزهري ليس هو علي بن أحمد الرزاز، كما زعم الأستاذ.
* * * *
(1)
(رقم 209).