الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنسائي من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة» (1) .
[تحقق أثرها في تهذيب السلوك في هذه الحياة]
5 -
تحقق أثرها في تهذيب السلوك في هذه الحياة: فأما تقويم سلوك الإنسان فبينه الله تعالى بقوله {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] ومفهوم الآية أنها تأمر بالمعروف والإحسان. فالصلاة التي يحضر فيها المصلي قلبه مع الله تعالى خمس مرات في اليوم والليلة على الأقل كفيلة بأن ترفعه إلى الاستقامة على أوامر الله تعالى وأن تردعه عن ارتكاب ما نهى عنه.
إن عبدًا قد انقطع إلى معبوده يناجيه بلسانه وقلبه ويستلهم منه الهداية والقوة يبعد منه أن يميل بعد لحظات إلى معصيته، وإن استطاع شياطين الجن أو الإنس أن يؤثروا عليه فيزينوا له الشهوات المحرمة فإن له في لقائه الآخر القريب مع الله تعالى ما يطرد عنه هذه الوساوس والأوهام.
(1) سنن أبي داود، رقم 906، الصلاة (1 / 557) ، سنن النسائي، الوضوء (1 / 95) .
ولعل ذلك من حكمة تكرار الصلوات المفروضة خمس مرات في اليوم والليلة إلى جانب الصلوات التي شرعت بينها، خاصة في الأوقات الطويلة نسبيًا كصلاة الليل وصلاة الضحى.
أما ما نراه في المجتمع الإسلامي من كثرة المصلين وهم مع ذلك يرتكبون الفواحش والمنكرات فمردُّ ذلك إلى أنهم لم يقيموا صلواتهم على منهج الله تعالى ومراده لأن صلاتهم تفقد أهم مكوناتها الأساسية ألا وهو حضور القلب مع الصلاة الذي يترتب عليه الخشوع، وبالتالي فإن صلاتهم لا تؤثر في سلوكهم لأن ذلك واضح من تصرفاتهم في حياتهم ولا تقربهم من الله تعالى لأن قلوبهم ليست معه جل وعلا.
ولهذا إذا رأينا مسلما يرتكب المنكرات فما يجدي معه أن نقول له: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] وأن نبين له صفة الصلاة الكاملة المؤثرة، فإذا ضمنا منه أداء الصلاة كاملة كما شرعها الله تعالى فإنه حري به أن يقلع عن ارتكاب الفواحش والمنكرات كما ذكر الله سبحانه.
ولهذا يجب أن نربي أبناءنا على أداء هذه الصلاة
المشتملة على الخشوع حتى نهيئهم بعون الله وتوفيقه لحياة صالحة وسعيدة، ولن نحتاج بعد ذلك إلى جهد كبير في تربيتهم على الفضيلة وتحذيرهم من الرذيلة، لأنه يكفي مع إقامة الصلاة على وجهها أن يعرفوا الفضائل فيستقيموا عليها وأن يعرفوا الرذائل فيجتنبوها على الفور.
فالصلاة الكاملة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لأنها تقوي الإيمان بالله تعالى وتعمق في نفس المصلي تعظيمه سبحانه والخوف من عذابه ورجاء ثوابه، وإذا تعمق هذا الشعور الإيماني في قلب المسلم فإنه يتكوَّن لديه الوازع الديني الذي يدفعه إلى الفضائل ويردعه عن الرذائل، وبالتالي يكون حكما على تصرفاته وسلوكه في هذه الحياة.
ولقد فهم الكفار من قوم شعيب عليه الصلاة والسلام دعوته إلى هذه المزية من مزايا الصلاة فذكروا ذلك له بأسلوب من السخرية والإنكار وذلك فيما حكاه الله سبحانه عنهم بقوله: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87](1) .
(1) سورة هود: 87.