الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقوم شعيب عليه الصلاة والسلام ينكرون عليه أن أمرهم بالصلاة لله تعالى التي تمنعهم من السجود للأوثان ومن التصرف في أموالهم بما لا يُرضي الله تعالى وقد كانوا يطففون في المكايل والموازين ويبخسون الناس أشياءهم.
ألا وإن صلاته عليه الصلاة والسلام لتأمره بجميع الفضائل وتنهاه عن جميع الرذائل رغم أنوف الحيارى الحاقدين الذين قصرت أفهامهم عن إدراك المقاصد العالية للتكاليف الشرعية. وقد قرن الله تعالى بين إضاعة الصلاة وإتباع الشهوات حيث يقول سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] مما يدل على أهمية الصلاة وأثرها في حجر صاحبها عن الركون إلى الشهوات، وقوله {غَيًّا} [مريم: 59] أي: خسرانا، كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا إسناد صحيح (1) .
[تحقق أثرها في الصبر على الشدائد]
6 -
تحقق أثرها في الصبر على الشدائد: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 1 - 2] ثم اتبع ذلك بقوله: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]
(1) تفسير ابن كثير 3 / 137.
مما يدل على مكانة الصلاة في الإعانة على تحمل الشدائد ومواجهة الصعاب.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواجه عنتا وشدة من الكفار، ولقد كان في أمره بقيام الليل وما يتزود به في مناجاة الله تعالى من زاد روحي كبير أكبر العون على مواجهة متاعب الحياة وقسوة المخالفين.
ولقد قرن الله تعالى الأمر بالصلاة بالأمر بالصبر في مواجهة الشدائد وتحمل الصعاب حيث يقول جل وعلا {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ - الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 45 - 46] ويقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] وقوله {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} [البقرة: 45] يعني الصلاة، أو الوصية المفهومة من الآية بالجمع بين الصبر والصلاة. ولقد كان الأنبياء عليهم السلام يفزعون إلى الصلاة عند الشدائد كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد من حديث صهيب رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى همس شيئًا لا نفهمه ولا يحدثنا به، قال:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطنتم لي؟ قال: قائل نعم، قال: فإني قد ذكرت نبيا من الأنبياء أعطيَ جنودًا من قومه فقال: من يكافئ هؤلاء! فأوحى الله إليه: اختر لقومك بين إحدى ثلاث، إما أن أسلط عليهم عدوا من غيرهم أو الجوع أو الموت، قال: فاستشار قومه في ذلك، فقالوا: أنت نبي الله نكل ذلك إليك فخر لنا، قال: فقام إلى صلاته، وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة، قال: فصلى، قال: أما عدوٌّ من غيرهم فلا، أو الجوع فلا، ولكن الموت، قال: فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام فمات منهم سبعون ألفًا، فهمسي الذين ترون أني أقول: " اللهم يا رب بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله» وفي رواية أن ذلك كان في أيام حنين (1) .
هذا ومن أمثلة ما جرى من الصحابة رضي الله عنهم من تطبيق ما جاء في الآيتين الكريمتين ما أخرجه محمد بن نصر من طريق زيد بن علي بن الحسين عن أبيه قال: نُعي إلى ابن عباس ابن له وهو في سفر فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم نزل فصلى ركعتين، ثم قال: فعلنا ما أمر
(1) مسند أحمد 4 / 333. وأخرجه محمد بن نصر في كتاب تعظيم الصلاة رقم 209.