الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد فتح له بمصر بأشياء كثيرة من الذهب وغيره فما كان يترك شيئًا، حتى قال لي ابنه أبو الفتح: والدي يعطي الناس الكثير، ونحن لا يبعث إلينا شيئًا!
وقال عبد الجليل الجيلاني: كنت في مسجد الوزير، فبقيت ثلاثة أيام مالنا شيء، فلما كان العصر يوم الجمعة سلمت على الحافظ، ومشيت معه إلى خارج باب الجامع، فناولني نفقة، فإذا هي نحو خمسين درهمًا.
وقال الضياء: سمعت عبد الرحمن بن محمد القدسي يحدث عن رجل - وأثنى عليه خيرًا- قال: كنت مرة قد تخرقت ثيابي، فجئت يومًا بدمشق للحافظ، فقلت: يا سيدي! لك حاجة أحملها إلى الجبل؟ قال: نعم. خذ معك هذا الثوب، فحملته إلى الجبل، فلما صعدت، جئت بالثوب إليه، فقال: اقعد فَصِّلْ لك ثوبين وسراويل، ففصَّلت ثوبين وسراويل، وفضلت فضلة فأخذها.
7 - وفاته ودفنه:
نقل الضياء عن الحافظ أبي موسى بن الحافظ عبد الغني قال: مرض والدي- رحمه الله في ربيع الأول سنة ستمائة مرضًا شديدًا منعه من الكلام والقيام، واشتد به مدة ستة عشر يومًا، وكنت كثيرًا ما أسأله ما تشتهي؟ فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمة الله تعالى، لا يزيد على ذلك.
فلما كان يوم الاثنين جئت إليه، وكان عادتي أبعث من يأتي كل يوم بُكرةً بماء حارٍّ من الحمام؛ يغسل أطرافه، فلما جئنا بالماء على العادة مَدّ يَدَه، فعرفت أنه يريد الوضوء، فوضأته وقت صلاة الفجر.
ثم قال: يا عبد الله! قم فصل بنا وخفف.
فقمت فصليت بالجماعة، وصلى معنا جالسًا، فلما انصرف الناس جئت فجلست عند رأسه وقد استقبل القبلة، فقال لي: اقرأ عند رأسي سورة يس، فقرأتها، فجعل يدعو الله، وأنا أؤمِّن.
فقلت: هاهنا دواء قد عملناه تشربه.
فقال: يا بني! ما بقي إلا الموت.
فقلت: ما تشتهي شيثًا؟
قال: أشتهي النظر إلى وجه الله تعالى.
فقلت: ما أنت عني راضٍ؟
قال: بلى. والله أنا عنك راضٍ وعن إخوتك، وقد أجزت لك ولإخوتك ولابن أختك إبراهيم.
وأوصاني أبي عند موته، قال: لا تضيعوا هذا العلم الذي تعبنا عليه.
يعني: علم الحديث.
فقلت: ما توصي بشيء؟
قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد عليّ شيء.
قلت: توصيني بوصية؟
قال: يا بني! أوصيك بتقوى الله، والمحافظة على طاعته.
فجاء جماعة يعودونه، فسلموا عليه، فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون ففتح عينيه، وقال: ما هذا الحديث؟! اذكروا الله تعالى. قولوا: لا إله إلا الله. فقالوها، ثم قاموا، فجعل يذكر الله، ويحرك شفتيه بذكره، ويشير بعينيه،