المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضل المسجد الأقصى) - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌فضل المسجد الأقصى)

قال ص 129: (وفي حديث: أن الطائفة من أمته .... إنهم في بيت المقدس وأكنافه).

أقول: روي هذا من حديث أبي أمامة بسند ضعيف

(1)

. وعلى فرض صحته فليس المراد أنهم هناك دائمًا، كيف ولم يكن هناك في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم أحدٌ من المسلمين، وإنما المعنى أنهم يكونون هناك في آخر الزمان حين يأتي أمر الله.

وقال: (ما قيل في المسجد الأقصى: كانت الأحاديث الصحيحة أول الأمر في فضل المسجد الحرام ومسجد رسول الله، ولكن بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث في فضلها و‌

‌فضل المسجد الأقصى)

.

أقول: أما الصخرة فنعم لا يثبت في فضلها نص، وأما المسجد ففضله ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.

قال: (وقد روى أبو هريرة [مرفوعًا]: لا تشدّ الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد الخ).

أقول: الحديث ثابت في «الصحيحين» وغيرهما من حديث أبي هريرة

(2)

، وأبي سعيد الخُدري

(3)

، و [أبي]

(4)

بَصْرة الغِفاري

(5)

، وجاء من حديث ابن عمر

(6)

رضي الله عنهم.

(1)

أخرجه أحمد (22320)، والطبراني في «الكبير» (7643). وانظر حاشية المسند:(36/ 657).

(2)

أخرجه البخاري (1189)، ومسلم (1397).

(3)

أخرجه البخاري (1197)، ومسلم (827).

(4)

سقطت من (ط).

(5)

أخرجه أحمد (23850، 27230)، والطيالسي (1445).

(6)

أخرجه الطبراني في «الكبير» : (12/ 338).

ص: 178

وذَكَر قولَ ميمونة لامرأة نذرت أن تصلي في بيت المقدس: اجلسي وصلي في مسجد رسول الله، فإني سمعت رسول الله يقول:«صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة»

(1)

.

قال أبو ريَّة: (ولو أن المسجد الأقصى كان قد ورد فيه تلك الأحاديث لما منعت ميمونة هذه المرأة من أن توفي نذرها).

[ص 92] أقول: رأت ميمونةُ أنَّ الصلاة في مسجد المدينة أفضل، فلم تر فائدة لسفر وعناء لأجل صلاة يمكن أداء أفضل منها بدونهما. وهذا لا ينفي أن يكون للمسجد الأقصى فضل في الجملة كما هو ثابت، وأن يكون للصلاة فيه فضل دون فضل الصلاة في مسجد المدينة. وهذا واضح.

قال ص 130: (اليد اليهودية في تفضيل الشام:

إن الشام ما كان لينال من الإشادة بذكره والثناء عليه إلا لقيام دولة بني أمية فيه

فكان جديرًا بكهنة اليهود أن ينتهزوا هذه الفرصة

وكان من هذه الأكاذيب أن بالغوا في مدح الشام

).

أقول: أما فضل الشام فقد ثبت بكتاب الله عز وجل كما مرَّ (ص 65)

(2)

، والعقل يتقبَّل ذلك لأنها كانت منشأ غالب الأنبياء والمرسلين، كما يتقبل أن ينوِّه النبيّ صلى الله عليه وسلم بفضلها تبيانًا للواقع وترغيبًا للمسلمين في فتحها والرباط فيها. أما الأخبار الكثيرة الواهية في فضل الشام وبيت المقدس والصخرة فالنّظَرُ في أسانيدها يبيّن أنها إنما اختُلِقت بعد كعب بزمان لأغراض أخرى غير اليهودية.

(1)

أخرجه مسلم (1396).

(2)

(ص 127).

ص: 179

قال: (مرَّ بك ذَرْوٌ مما قال هؤلاء الكهنة في أن ملك النبيّ سيكون بالشام).

أقول: جاء هذا عن كعب، فإن صحّ فالظاهر أنه كذلك كان في صحف أهل الكتاب، فقد أثبت القرآن ذِكْر النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها، ومن أبرز الأمور في شأنه ظهور مُلك أصحابه بالشام. وراجع (ص 71)

(1)

.

قال: (وأن معاوية قد زعم الخ).

أقول: هذا باطل. راجع (ص 64)

(2)

.

قال ص 131: (في الصحيحين: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرّهم مَنْ خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». ثم قال: «روى البخاري: هم بالشام).

أقول: الذي في «صحيح البخاري»

(3)

ذِكْر الحديث من طريق عُمير عن معاوية مرفوعًا ثم قال: «قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال معاذ: وهم بالشام» . وليس لمالك بن يَخَامر في الصحيح سوى هذا، وجَعَله من قول معاذ فيما يظهر لا من الحديث، والواو فيه هي واو الحال، أي أنه يأتي أمر الله وهم بالشام، وإتيانُ أمر الله يكون آخر الزمان، وليس المراد أنهم يكونون دائمًا بالشام، كيف ولم يكن بها في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم. والبخاري يحمل «الطائفة» على أهل العلم

(4)

، ومعلوم أنّ معظمهم لم يكونوا بالشام في

(1)

(ص 139 ــ 141).

(2)

(ص 125 ــ 126).

(3)

(3641).

(4)

صرح به في كتاب الاعتصام، باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي

» قال: وهم أهل العلم.

ص: 180

عصره ولا قبله.

[ص 93] قال: (وفي مسلم عن أبي هريرة أن النبيّ قال: لا يزال أهل الغرب ظاهرين [على الحق] حتى تقوم الساعة).

أقول: إنما هو في «صحيح مسلم»

(1)

عن سعد بن أبي وقاص، وليس عن أبي هريرة. والظاهر أن أبا ريَّة تعمَّد خلاف الواقع. ولا أدري لماذا أسْقَط «على الحق» ؟ !

قال: (قال أحمد وغيره: هم أهل الشام).

أقول: قد قيل وقيل، وأقرب الأقوال أن المراد بالغرب الحِدَّة والشوكة في الجهاد، ففي حديث جابر بن سمرة:«لا يزال هذا الدين قائمًا تقاتل عليه عصابة الخ»

(2)

. وفي حديث جابر بن عبد الله: «

طائفة من أمتي يقاتلون»

(3)

ونحوه في حديث معاوية، وحديث عقبة بن عامر

(4)

. أما ما يحكى أن بعضهم قال «المغرب» فخطأ محض

(5)

.

قال: (وفي «كشف الخفا» الخ).

أقول: قد تقدَّم

(6)

أنّ كعبًا توفي وسط خلافة عثمان، وأنه لم يصح عنه ما نُسِب إليه في «فضائل الشام» شيء.

(1)

(1925).

(2)

أخرجه مسلم (1922).

(3)

أخرجه مسلم (156).

(4)

حديث معاوية أخرجه مسلم (1037)، وحديث عقبة في مسلم أيضًا (1924).

(5)

وانظر «فتح الباري» : (13/ 295).

(6)

(ص 136، 177).

ص: 181

قال: (ومن أحاديث «الجامع الصغير» للسيوطي التي أشير عليها بالصحة).

أقول: ليست تلك الإشارة معتمدة دائمًا.

وذكر حديث: «الشام صفوة الله

الخ»

(1)

، وهو في «المستدرك» (4: 509) قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ، تعقَّبه الذهبيّ فقال:«كلّا وعُفير هالك» يعني أحد رجال سنده.

وذكر حديث: «طوبى للشام

الخ» وهذا جاء من حديث زيد بن ثابت

(2)

، وصحّحه الحاكم وغيره من المتأخرين، وفي صحته نظر.

وذكر حديث: «ليبعثنَّ الله من مدينة الشام الخ»

(3)

وهذا رُوي من حديث عمر، وفي سنده أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ضعيف مختلط.

وقال في حاشية ص 132: (هذا هو الحديث الصحيح الخ).

(1)

وأخرجه الطبراني في «الكبير» : (8/ 171)، ومن طريقه ابن عساكر (1/ 119).

(2)

أخرجه أحمد (21606)، وابن أبي شيبة (19795)، والترمذي (3954)، وابن حبان (7304)، والحاكم:(2/ 229) وغيرهم من طرقٍ عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طوبى للشام» فقيل: ولِم ذلك يا رسول الله؟ قال: «إن الملائكة باسطة أجنحتها عليه» . قال الترمذي: «حسن غريب» ، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.

وأخرجه الطبراني في «الكبير» : (5/ 158) بلفظ: «إن الرحمن لَباسطٌ رحمته عليه» . وهو اللفظ الذي ذكره أبو ريَّة. وقد تفرَّد به أحمد بن رشدين المصري وهو ضعيف جدًّا. انظر «السلسلة الضعيفة» (6777).

(3)

أخرجه أحمد (120)، والبزار (317)، وأخرجه الحاكم من طريق آخر:«3/ 88 ــ 89) وصححه، وتعقبه الذهبي بأنه منكر. وقد ضعفه ابن كثير في «مسند الفاروق» : (2/ 702)، وانظر:«السلسلة الضعيفة» (4367).

ص: 182

أقول: راجع (ص 86)

(1)

.

وذكر ص 134 فصلًا لصاحب «المنار» في الحطِّ على كعب ووهب، وقد تقدم ما يكفي

(2)

.

وفيه ص 135: (

فمن المعتاد المعهود من طباع البشر أن يصدّقوا كل خبر لا يظهر لهم دليل على تهمة قائله فيه ولا بطلانه في نفسه، فإذا صدَّق بعض الصحابة كعب الأحبار في بعض مفترياته التي كان يوهمهم [ص 94] أنه أخذها من التوراة أو من غيرها من كتب أنبياء بني إسرائيل وهو من أحبارهم أو في غير ذلك، فلا يستلزم هذا إساءة الظن بهم

(3)

).

أقول: أما من أسلم من أهل الكتاب وظهر حُسْنُ إسلامه وصلاحُه، فأخبر عن صحف أهل الكتاب بشيء، فلا إشكال في تصديق بعض الصحابة له في ذلك، بمعنى ظنّ أن معنى ذاك الخبر موجود في صحف أهل الكتاب، وإنما المدفوع تصديق الصحابة ما في صحف أهل الكتاب حينئذٍ، مع علمهم بأنها قد غُيّرت وبُدّلت، وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم:«لا تصدِّقوا أهلَ الكتاب ولا تكذّبوهم»

(4)

. وقد مرَّ كلام ابن عباس وغيره في ذلك (راجع ص 68 و 89)

(5)

فالحقّ أنهم لم يكونوا يصدّقونها إلا أن يوجد دليل على صدقها، وذلك كخبر عبد الله بن عمرو عن صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم في التوراة، ولذلك أقسم

(1)

(ص 168 ــ 169).

(2)

(ص 135 ــ 138 وما بعدها).

(3)

عند أبي ريَّة: «فيهم» .

(4)

تقدم تخريجه (ص 134).

(5)

(ص 133 ــ 134 و 173 ــ 174).

ص: 183

عليه (راجع ص 71)

(1)

، فأما ماعدا ذلك فغاية الأمر أنهم إذا وجدوا الخبر لا يدفعه العقلُ ولا الشرعُ ولا هو من مظِنّة اختلاق أهل الكتاب وتحريفهم أَنِسُوا به، فإن كان مع ذلك مناسبًا في الجملة لآيةٍ من القرآن أو حديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مالوا إلى تصديقه. وإخبار الإنسان عما يعلم السامعون أنه لم يدركه لا يعطي أنه جازم بتصديقه، لأنَّ مثل هذا الخبر كالمتضمّن لقوله: «بلغني

».

قال أبو ريَّة ص 137: (الكيد السياسي الخ).

ثم ذكر قصة عبد الله بن سبأ، وقد نقدها الدكتور طه حسين في «الفتنة الكبرى»

(2)

فأجاد.

وقال ص 138: (وقد وضع كعب يده في يد ابن سبأ الخ).

أقول: هذا تخيُّل صِرْف.

قال: (فقد روى وكيع عن الأعمش عن أبي صالح الخ).

أقول: يُنظر السند إلى وكيع

(3)

، والأعمشُ مدلّس، وأبو صالح لم يتبيّن إدراكه للقصة. ولو صحت لَمَا دلَّت إلا على أحد أمرين: إما أن كعبًا وجد ذلك في صُحُفِه، كما يشهد له ما أخبر به ابن الزبير

(4)

، وإما أنه كان عميق النظر وبعيده.

(1)

(ص 139 ــ 141).

(2)

(ص 90 ــ 94). وانظر نقد الأستاذ محمود شاكر لطه حسين في «جمهرة المقالات» : (1/ 515 وما بعدها).

(3)

أخرجه وكيع في «نسخته عن الأعمش» (35)، وأخرجه ابن أبي شيبة (38248) عن وكيع به، وابن سعد في «الطبقات»:(6/ 19) عن وكيع وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش. فالسند صحيح إليه.

(4)

انظر ما سبق (ص 176).

ص: 184

قال ص 139: (وصفوة القول في هؤلاء اليهود الخ).

أقول: الكيد اليهودي المحقَّق كيد جولدزيهر وإخوانه المستشرقين المحاولين تصوير الصحابة في صورة مغفَّلين خرافيين يتلاعب بهم

(1)

كعب، وأبو ريَّة ممن سقط فريسة لهذا الكيد، ثم عاد فارسًا من فرسانه!

* * * *

(1)

(ط): «لهم» ، ولعلَّ الصواب ما أثبت.

ص: 185