المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مروان بن الحكم) - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌مروان بن الحكم)

غيرهما. هذا جميع ما لعنبسة في «الصحيحين» كما يُعْلَم من ترجمته في كتاب «الجمع بين رجال الصحيحين»

(1)

، ومعنى هذا أنهما لم يحتجَّا به ولا أحدهما. فأما الذين وثَّقوه فإنهم تتبَّعوا أحاديثه فوجدوها معروفة من رواية غيره من الثقات، ولم يثبت عليه جرح بَيِّن.

أما مجالسته للحجَّاج [ص 204] فليست بجرح بَيِّن؛ إذ قد يجالسه ولا يَشْرَكه في ظلمه بل يحرص على ردّ ظلمه ما استطاع، ويرى أن استمراره على ذلك أنفع للدين وللمسلمين من مباينته له، وقد كان نبيّ الله يوسف عاملًا للمشركين بمصر والملك فيهم، ولم يكن يستطيع أن يحكم بخلاف دينهم بدليل قول الله عزوجل:{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76]، وإنما كان ــ عليه السلام ــ يُعينهم على ما ليس بكفر ولا محرَّم عليه، فإذا جاء ما هو كفر أو محرَّم ولم يمكنه أن يصرفه تركه لهم، وقد أنذرهم بلُطْف وأَذِنَ الله تعالى أن يبقى معهم لِمَا عَلِم في ذلك من المصلحة.

قال: (وروى البخاري ل‌

‌مروان بن الحكم)

.

أقول: اعتبر البخاريُّ أحاديثَ مروان فوجدها مستقيمة معروفة، لها متابعات وشواهد، ووجد أنَّ أهل عصر مروان كانوا يثقون بصدقه في الحديث، حتى روى عنه سهل بن سعد الساعدي وهو صحابي، وروى عنه زينُ العابدين عليُّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب. بقي عدالته في سيرته، فلعلّ البخاريَّ لم يثبت عنده ما يقطع بأن مروان ارتكب ما يخلّ بها غير متأوِّل.

(1)

(1/ 401) لابن طاهر.

ص: 385

وعلى كلِّ حال، فلا وجه للتشنيع؛ إذ ليست المفسدة في الرواية عمن تُذّم حاله في الصحيح ما دام المرويّ ثابتًا من طريق غيره، ألا ترى أنه لو وقع في سند إلى بعض ثقات التابعين أنه سمع يهوديًّا يقول لعلي بن أبي طالب: سمعتُ نبيّكم يقول: كيت وكيت. فقال عليّ: وأنا سمعته يقول ذلك، لصحّ إثبات هذا الخبر في الصحيح وإن كان فيه صورة الرواية عن يهودي؟ فما بالك بمروان، مع أن روايته لا تخلو من تقوية لرواية غيره؛ لأنه على كلّ حال مسلم قد عُرِف تحرِّيه الصدق في الحديث.

وذكر ص 318: بعضَ ما نُسِب إلى بعض الصحابة ثم قال: (وما لا يحصى مما سكتّ عنه رعايةً لحقّ النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يلجئ إليه ملجئ ديني فيجب ذكره، ومن الملجئات ترتّب شيء من الدين على مروان والوليد [بن عقبة] وغيرهما فإنهما أعظم خيانة لدين الله

).

أقول: أما الوليد فقد تقدم (ص 198)

(1)

أنه لم يرو شيئًا، وإنما روى عنه مجهول خبرًا لو صحَّ لما دلَّ إلا على صدقه. وأما مروان فمن تتبَّع أحاديثه الثابتة عنه علم أن البخاري لم يَبْنِ شيئًا من الدين على رواية تفرَّد بها لفظًا ومعنى. وأما غيرهما فراجع (ص 197)

(2)

.

وقال ص 320: (وأعجب من هذا أن في رجالهما من لم يثبت تعديله .. ) وذكر حفص بن بُغيل

(3)

، ومالك بن الخير الزبادي

(4)

، وكلامًا للذهبي في

(1)

(ص 372 ــ 373).

(2)

(ص 371 ــ 372).

(3)

في كتاب أبي ريَّة: «نفيل» ! [المؤلف].

(4)

في كتاب أبي ريَّة: «بجير الرمادي» ! [المؤلف].

ص: 386

ترجمتيهما

(1)

قد ردَّه الحافظ ابن حجر في ترجمة مالك بن الخير من «لسان الميزان»

(2)

، [ص 205] وفي مواضع أُخَر. وحفصٌ ومالك ليسا ولا أحدُهما في «الصحيحين» ولا أحدِهما، ولا فيهما ولا في أحدهما مَنْ هو مثل حفص ومالك، فإن وُجد مَنْ هو قريب من ذلك فنادرًا في المتابعات ونحوها كما بيَّنه ابنُ حجر، على أنه لو فرض أنّ البخاريَّ احتجّ في الصحيح بمن لم يوثّقه غيرُه فاحتجاجه به في «الصحيح» توثيقٌ وزيادة.

وذكر بعد ذلك في المتن والحاشية كلامًا قد تقدّم بيانُ الحقِّ فيه ولله الحمد.

ثم ذكر ص 324 - 327 كلامًا للدكتور طه حسين

(3)

ذكره في معرض الردّ على الذين يكذّبون غالب ما رُوي من الأحداث في زمن عثمان ويقولون: إنه «على كلّ حال لم يُرِد إلا الخير، ولم يكن يريد ولا يمكن أن يريد إلا الخير» ، ويرون في سائر الصحابة أنهم «يخطئون ويصيبون، ولكنهم يجتهدون دائمًا ويسرعون إلى الخير دائمًا فلا يمكن أن يتورَّطوا في الكبائر، ولا أن يُحْدِثوا إلا هذه الصغائر التي يغفرها الله للمحسنين من عباده» .

أقول: أما أهل العلم من أهل السنة فلا يقولون في عثمان ولا في غيره من آحاد الصحابة: إنه معصوم مطلقًا أو من الكبائر، وإنما يقولون في المبشَّرين بالجنة: إنه لا يمكن أن يقع منهم ما يحول بينهم وبين ما بُشِّروا به، وإن الصحابيّ الذي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُعْرَف بنفاق في عهده ولا ارتدَّ

(1)

في «الميزان» : (2/ 79 و 4/ 346).

(2)

(6/ 439 ــ ت أبو غدة).

(3)

في «الفتنة الكبرى ــ عثمان» (ص 170 ــ 173).

ص: 387

بعد موته= لا يكذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمّدًا، وقد تقدّم بيانُ ذلك

(1)

، ولا يُظنُّ به أن يرتكب كبيرةً غير متأوِّل ويصرّ عليها. والعارف المنصف لا يستطيع أن يجحد أنّ هذه الحال كانت هي الغالبة فيهم، فالواجب الحملُ عليها ما دام ذلك محتملًا. وعلماءُ السنة يجدون الاحتمال قائمًا في كلِّ ما نقل نقلًا ثابتًا، نعم قد يبعد في بعض القضايا ولكنهم يرونه مع بُعده أقربَ من ضدِّه، وذلك مبسوط في كتبهم.

قال ص 325: (ونحن لا نغلو في تقديس الناس إلى هذا الحد البعيد).

أقول: وعلماء السنة كما رأيتَ لا يبلغون ذلك الحدّ، وإن كانوا يعلمون أنَّ حال الصحابة لا تُقاس بحال غيرهم.

قال: (ولا نرى في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يكونوا يرون في أنفسهم).

أقول: المدار على الحجة، فإذا ثبت عندنا أن أحدهم كان يرى في صاحبه أمرًا فليس لنا أن نوافقه إذا لم نعلم له حجة، فكيف إذا ما قامت الحجةُ على خلافه؟ وأوضح من ذلك: أنه ليس لنا أن نتَّهم غير صاحبه بمثل تلك التهمة ما دام لا حجة لنا على ذلك. فأما الاستدلال على الإمكان فعلماء السنة لم ينفوا الإمكان إلا فيما قام عليه دليلٌ شرعيّ كالتبشير بالجنة. والدليل الشرعي لا يعارضه ما دونه.

[ص 206] قال: (وهم تقاذفوا التُّهَم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق، فقد رُوِي أن عمار بن ياسر

).

أقول: أما الترامي بالفسوق بمعنى ارتكاب بعض الكبائر فقد كان بعض

(1)

(ص 373 ــ 376).

ص: 388