المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبو هريرة والبحرين - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌أبو هريرة والبحرين

‌أبو هريرة والبحرين

ذكر جماعة: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا هريرة مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين، وفي «طبقات ابن سعد» (4/ 2/76)

(1)

عن الواقدي بسنده إلى العلاء بن الحضرمي: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه منصرَفَه من الجعرانة إلى المنذر بن ساوى العبدي بالبحرين

وبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم معه نفرًا فيهم أبو هريرة وقال له: استوص به خيرًا». ثم قال الواقدي: «حدثني عبد الله بن يزيد عن سالم مولى بني نصر قال: سمعت أبا هريرة يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمي وأوصاه بي خيرًا، فلما فصلنا قال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصاني بك خيرًا فانظر ماذا تحبّ؟ قال: قلت: تجعلني أُؤذِّن لك ولا تسبقني بآمين، فأعطاه ذلك» . والواقديّ ليس بحُجَّة لكن للقصة شواهد، ففي «فتح الباري» (217: 2)

(2)

: «فروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن سيرين: أن أبا هريرة كان مؤذّنًا بالبحرين، وأنه اشترط على الإمام أن لا يسبقه بآمين. والإمام بالبحرين كان العلاء بن الحضرمي، بيَّنَه عبد الرزاق من طريق أبي سلمة عنه» .

وعند ابن سعد (4/ 2/54)

(3)

بسندٍ صحيح عن أبي هريرة قال: «صَحِبت النبيَّ صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، ما كنتُ سنوات قطّ أعقل مني ولا أحبّ إليَّ أن أَعِيَ ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنِّي فيهن» هذا مع أن قدومه على النبيّ صلى الله عليه وسلم كان في صفر سنة 7، فمنه إلى وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم أربع سنين وشيء، فاقتصاره

(1)

(5/ 241، 277).

(2)

(2/ 263).

(3)

(5/ 232).

ص: 309

على «ثلاث سنين» يدلّ أنه غاب في أثناء تلك المدة سنة أو نحوها، وقد كان البعث بعد الانصراف من الجعرانة كما مرَّ، وكان الانصراف منها في أواخر ذي القعدة أو ذي الحجة سنة 8، وفي «الطبقات» (4/ 2/77)

(1)

: أن العلاء قدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم فولَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكانه أبان بن سعيد بن العاص، فعلى هذا لما رجع العلاء رجع معه أبو هريرة، وقد ثبت في «الصحيح» عن أبي هريرة أنه ممن حجّ مع أبي بكر سنة 9، وكان ينادي مع عَلِيّ: أن لا يحجّ بعد العام مشرك. انظر «صحيح البخاري»

(2)

ــ تفسر سورة براءة ــ فصحَّ أن غيبته كانت سنةً أو دونها.

وثَمَّ ما يدلّ أن أبا هريرة عاد إلى البحرين في خلافة أبي بكر، ففي «الطبقات» (4/ 2/77)

(3)

عن الواقدي بسنده: أن أبا بكر أعاد في خلافته العلاءَ بن الحضرميّ على البحرين، وذكر القصة وفيها فَتَحَ العلاء [ص 163] دارِين سنة أربع عشرة، ثم ذكر ابنُ سعدٍ بسند آخر: أنّ عمر كتب إلى العلاء أن يذهب ليخلُف عُتْبة بن غزوان على عمله، فخرج العلاء ومعه أبو هريرة، فمات العلاء في الطريق ورجع أبو هريرة إلى البحرين، وذكر عن أبي هريرة قوله: «رأيتُ من العلاء بن الحضرميّ ثلاثة أشياء ولا أزال أحبّه أبدًا، رأيته قَطَع البحر على فرسه يوم دَارِيْن .... وخرجْتُ معه من البحرين إلى صفّ البصرة فلما كنّا بلياس

(4)

(؟ ) مات

». ومن أهل الأخبار من يزعم أن وفاة

(1)

(5/ 277).

(2)

(4655).

(3)

(5/ 278).

(4)

كذا في (ط) وكتب المؤلف عقبها علامة الاستفهام إشارة إلى شكّه في هذه الكلمة. أقول: وهو كذلك، وصوابها «تِياس». انظر «معجم البلدان»:(2/ 64)، و «معجم ما استعجم»:(1/ 296) للبكري. ونص الأخير أن العلاء بن الحضرمي توفي بها. وتصحّفت في «السير» : (1/ 265) إلى «بنياس» .

ص: 310

العلاء تأخّرت إلى سنة 21. فالله أعلم.

أما ما تقدّم فإنه يدل أنّ أبا هريرة رجع إلى البحرين مع العلاء حين ولَّاه أبو بكر، وكان بها سنةَ أربع عشرة.

ثم كان أبو هريرة بالبحرين أيضًا في إمارة قدامة بن مظعون عليها، كما يُعْلَم من ترجمة قدامة في «الإصابة»

(1)

وغيرها، وفي «فتوح البلدان» (ص 92) عن أبي مخنف في ذكر العلاء بن الحضرمي «

حتى مات وذلك في سنة أربع عشرة أو في أول سنة خمس عشرة، ثم إن عمر وَلَّى قدامة بن مظعون الجُمَحي جباية البحرين، وولَّى أبا هريرة الأحداث والصلاة

» وفيه (ص 93) عن الهيثم: «كان قدامة بن مظعون على الجباية والأحداث، وأبو هريرة على الصلاة والقضاء

ثم ولَّاه عمر البحرين بعد قدامة، ثم عزله وقاسمه، وأمره بالرجوع فأبى، فولّاها عثمان ابن أبي العاصي

».

والقضية تحتاج إلى مزيد تتبّع وتأمّل، غير أنّ في ما تقدم ما يكفي للدلالة على أنّ إقامة أبي هريرة بالبحرين كانت كافيةً لأن يتموَّل، وبذلك يتأكد صِدْقُه في قوله: «خيل نَتَجت

» كما مرَّ (ص 148)

(2)

.

* * * *

(1)

(5/ 423 ــ 425).

(2)

(ص 283 ــ 285).

ص: 311

من فضل أبي هريرة

(1)

أمّا ما يَعُمُّه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم فيأتي في موضعه، وأما ما يَخُصُّه فمنه في «الصحيحين»

(2)

عنه: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لقيه في طريقٍ من طرق المدينة وهو جُنب فانسلَّ فذهب فاغتسل، فتفقَّده النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال:«أين كنت يا أبا هريرة؟» قال: يا رسول الله لَقيتني وأنا جُنُب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس» لفظ مسلم.

ومَرَّ (ص 100)

(3)

ما في «صحيح البخاري»

(4)

من قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لقد ظننتُ يا أبا هريرة أن لا يسألني أحدٌ عن هذا الحديث أوَّلَ منك، لما رأيتُ من حرصك على الحديث

».

[ص 164] وفي «صحيح مسلم»

(5)

وغيره في قصة إسلام أمه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اللهم حَبِّب عُبيدك هذا ــ يعني أبا هريرة ــ وأُمَّه إلى عبادك المؤمنين

». قال ابن كثير في «البداية» (105: 8)

(6)

: «وهذا الحديث من دلائل النبوة، فإنَّ أبا هريرة محبّب إلى جميع الناس

».

(1)

هذا المبحث لا وجود له في كتاب أبي ريَّة، وقد ختم به المؤلف كلامه على أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

البخاري (285)، ومسلم (371).

(3)

(ص 194 ــ 195).

(4)

(99).

(5)

(2491).

(6)

(11/ 366).

ص: 312

وفي «الإصابة»

(1)

: «وأخرج النسائيُّ بسند جيِّد في (العلم) من كتاب «السنن»

(2)

: أن رجلًا جاء إلى زيد بن ثابت فسأله، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا فقال:«عودوا لِلَّذي كنتم فيه» ، قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤمِّن على دعائنا، ودعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك ما سأل صاحبايَ، وأسألك عِلْمًا لا يُنْسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«آمين» . فقلنا: يا رسول الله ونحن نسأل الله علمًا لا يُنسى، فقال:«سبقكم بها الغلام الدوسي» ونحوه في «تهذيب التهذيب»

(3)

وفيهما بعض ألفاظ محرَّفة.

وفي «مسند أحمد» (541: 2) و «سنن أبي داود»

(4)

وغيرهما عنه قال: «بينما أنا أُوْعَكُ في مسجد المدينة إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فقال: «من أحسّ الفتى الدوسي؟ من أحسّ الفتى الدوسي؟ » فقال له قائل: هو ذاك يوعك في جانب المسجد حيث ترى يا رسول الله. فجاء فوضع يده عليَّ وقال لي معروفًا، فقمت فانطلق حتى قام في مقامه الذي يصلي فيه

».

ومرّ

(5)

ما رُوي من تولية عمر لقدامة بن مظعون وأبي هريرة البحرين، قدامة على الجباية، وأبا هريرة على الصلاة والقضاء، ثم جمعَ الكلَّ

(1)

(7/ 438).

(2)

الكبرى (5839).

(3)

(12/ 266).

(4)

«المسند» (10977)، وأبو داود (2174).

(5)

(ص 310 ــ 311 وغيرها).

ص: 313

لأبي هريرة. هذا مع أنَّ قُدامة من السابقين البدريين، ثم قَاسَمَ عمرُ أبا هريرة كما كان يُقَاسِمُ عُمَّالَه، وأراد أن يعيده على الإمارة فأبى أبو هريرة.

وتقدم صفحة (106 و 120 و 123)

(1)

: شهادة طلحة والزبير وأبي أيوب وعائشة له، وتقدم (ص 106 و 118 - 119)

(2)

ثناءُ ابنِ عمر عليه. وذكر الحاكم في «المستدرك»

(3)

أنه روى عنه بضعةٌ وعشرون من الصحابة، عدَّ منهم: أُبيَّ بن كعب، وأبا موسى الأشعري، وعائشة، وزيد بن ثابت، وأبا أيوب، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وجماعة.

وفي «الإصابة»

(4)

: «قال البخاري روى عنه نحو الثمانمائة من أهل العلم. وكان أحفظ مَنْ روى الحديث [ص 165] في عصره. قال وكيع في «نسخته»

(5)

: حدثنا الأعمش عن أبي صالح قال: كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرجه البغوي من رواية أبي بكر بن عيَّاش عن الأعمش بلفظ: ما كان أفضلهم، ولكنه كان أحفظ ..

(6)

.

(1)

(ص 204 ــ 205 و 231 ــ 232 و 236 ــ 237).

(2)

(ص 204 ــ 205 و 227 ــ 230).

(3)

(3/ 513).

(4)

(7/ 432).

(5)

رواه عن وكيع أحمدُ كما في «العلل» : (3/ 43) ولم أجده في نسخة وكيع المطبوعة. وأخرجه البخاري في «التاريخ» : (6/ 133).

(6)

أخرجه عبد الله بن أحمد في «العلل» : (3/ 232)، وابن أبي خيثمة في «تاريخه»: (1/ 438 ــ دار الفاروق».

ص: 314

وقال الربيع: قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ مَنْ روى الحديث في دهره

(1)

.

وقال أبو الزُّعَيزِعة كاتب مروان: أرسل مروانُ إلى أبي هريرة فجعل يحدّثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتبُ ما يحدِّث به، حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله، وأمرني أن أنظر، فما غيَّر حرفًا عن حرف». وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (510: 3)

(2)

وفيه: «فما زاد ولا نقص، ولا قدَّم ولا أخَّر» . قال الحاكم: «صحيح الإسناد» وأقرَّه الذهبي.

وقال ابن كثير في «البداية» (110: 8)

(3)

: «وقد كان أبو هريرة من الصدق والحفظ والديانة والزهادة والعمل الصالح على جانبٍ عظيم

».

وفي «طبقات ابن سعد» (4/ 2/62)

(4)

: «أخبرنا مَعْنُ بن عيسى قال: حدثنا مالك بن أنس عن المقبري عن أبي هريرة: أن مروان دخل عليه في شكواه الذي مات فيه، فقال: شفاك الله يا أبا هريرة. فقال أبو هريرة: اللهم إني أحبّ لقاءك، فأَحِبَّ لقائي. قال فما بلغ مروانُ أصحابَ القطا حتى مات أبو هريرة» .

(1)

ذكره عنه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» : (1/ 310).

(2)

وذكره البخاري في «الكنى ــ من التاريخ» : (8/ 33).

(3)

(11/ 378).

(4)

(5/ 255 ــ 256).

ص: 315