الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحاديث مشكلة
والجواب عنها]
ثم ذكر أبو ريَّة ص 202 - 206 جماعةً من الصحابة قلَّتْ أحاديثهم، وقد نظرت في ذلك (ص 42)
(1)
.
ثم قال ص 207: (أحاديث مشكلة
…
عن ابن عباس، إن الله خلق لوحًا محفوظًا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء
…
).
أقول: هذا من قول ابن عباس، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (474: 2) من طريق أبي حمزة الثمالي وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» ، تعقَّبه الذهبي فقال:«اسم أبي حمزة ثابت، وهو واهٍ بمرَّة» ويُنظر وجه الاستشكال؟
قال: (وروى الشيخان .. عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: أتدري أين تذهب؟
…
).
أقول: النظر في هذا الحديث يتوقَّف على بيان معنى قول الله عزوجل: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] ثم جَمْع طرقه وتدبُّر ألفاظه، ولم يتسير لي ذاك الآن والله المستعان. (ثم نظرتُ فيه فيما يأتي ص 213)
(2)
.
[ص 166] قال: (وروى مسلم عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص صاحب الزاملتين قال: إن في البحر شياطين
…
).
أقول: هذا ذَكَرَه مسلم في مقدمة «صحيحه»
(3)
، وهو من قول عبد الله بن عَمرو، ليس بحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(1)
(ص 81 ــ 82).
(2)
(ص 401 فما بعدها). وانظر «مشكلات الأحاديث النبوية» (ص 171 ــ 176) للقصيمي.
(3)
(1/ 12).
قال: (وروى البخاري
…
عن عامر بن سعد [بن أبي وقاص] عن أبيه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من اصطبح كلّ يوم تمرات عجوة لم يضره سُمّ ولا سِحْر»
…
وفي رواية: «سبع تمرات عجوة» . وكذا لمسلم عن سعيد بن أبي العاص. وعند النسائي من حديث جابر: «العجوة من الجنة وهي شفاء من السم» ).
أقول: الحديث في «الصحيحين»
(1)
من رواية عامر بن سعد بن أبي وقَّاص عن أبيه. ولم أجد ذِكْر سعيد بن أبي العاص، وراجع ما مرَّ (ص 160)
(2)
.
قال: (وأخرج الشيخان عن أبي هريرة: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضُراط حتى لا يسمع التأذين
…
، وقال العلماء المحققون في شرح هذا الحديث: لئلا يسمع فيضطر أن يشهد بذلك يوم القيامة).
أقول: أما الحديث فلا إشكال فيه عند من يؤمن بالقرآن، وفي بعض رواياته:«وله حصاص» ، وفي «صحيح مسلم»
(3)
عن جابر: «سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الشيطان إذا سمع النداء ذهب حتى يكون مكان الروحاء» . وأما التفسير الذي نسبه إلى المحققين فهو قول لبعضهم، فإن كان حقًّا فلماذا السخرية منه؟ وإن كان باطلًا فتَبِعته على قائله، فلماذا يذكر هنا؟
قال ص 208: (وروى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أعطني ثلاثًا. تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتبًا، وامرني أن أقاتل الكفار كما قاتلتُ المسلمين
…
» وأم حبيبة تزوجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهي
(4)
بالحبشة
…
).
(1)
تقدم تخريجه (ص 162).
(2)
(ص 305 ــ 306).
(3)
(388).
(4)
في كتاب أبي ريَّة «وهو» .
أقول: لفظ مسلم قال: «عندي أحسن العرب وأجمله: أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها» وفي سنده عكرمة بن عمَّار موصوف بأنه يغلط ويَهِم، فمِن أهل العلم من تكلَّم في هذا الحديث وقال: إنه من أوهام عكرمة، ومنهم من تأوَّله، وأقرب تأويل له: أن زواج النبيّ صلى الله عليه وسلم لما كان قبل إسلام أبي سفيان كان بدون رضاه فأراد بقوله: «أزوجكها» أَرْضَى بالزواج، فاقبْل مني هذا الرِّضا.
قال: (وفي مسند أحمد عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صدّق أمية ابن أبي الصلت
…
في قوله: والشمس تطلع
…
) البيتين.
[ص 167] أقول: مداره على محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عُتبة عن عكرمة عن ابن عباس، وفي «مجمع الزوائد» (127: 8): «رجاله ثقات، إلا أن ابن إسحاق مدلس» . والمدلِّس لا يحتج بخبره وحده ما لم يتبيَّن سماعه
(1)
.
قال: (وروى مسلم عن أنس بن مالك أن رجلًا سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: متى تقوم الساعة؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم هُنَيهة، ثم نظر إلى غلام بَيْنَ يديه مِن أزد شنوءة فقال: إنْ عَمَّرَ هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، قال أنس: ذاك الغلام من أترابي يومئذ
…
).
أقول: من عادة مسلم في «صحيحه» أنه عند سياق الروايات المتفقة في الجملة يقدِّم الأصح فالأصح
(2)
، فقد يقع في الرواية المؤخَّرة إجمال أو
(1)
الحديث في «المسند» (2314) وانظر الكلام عليه في حاشيته.
(2)
قد مرَّ مثال لهذا ص 18 [ص 35 ــ 36]. [المؤلف]. وانظر «عبقرية الإمام مسلم» (ص 16 فما بعدها) لحمزة المليباري.
خطأ تبينه الرواية المقَدَّمة، ففي ذاك الموضع قدَّم حديثَ عائشة:«كان الأعراب إذا قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: «إنْ يَعِشْ هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم» . وهذا في «صحيح البخاري»
(1)
: بلفظ «كان رجال من الأعراب جُفاة يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم فيسألونه: متى الساعة؟ فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: «إن يعش هذا لا يدركه الهرمُ حتى تقوم عليكم ساعتكم» . قال هشام: يعني موتهم». ثم ذكر مسلم
(2)
حديث أنس بلفظ: «إن يعش هذا الغلامُ فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة» ثم ذكره باللفظ الذي حكاه أبو رية، وراجع «فتح الباري» (313: 11)
(3)
.
ثم قال
(4)
ص 209: (أحاديث المهدي
…
). وقال ص 210: (المهدي العباسي) ثم قال: (المهدي السفياني
…
) ولم يسق الأخبار. والكلام فيها معروف.
ثم قال ص 210: (الخلفاء الاثنا عشر ــ جاءت أحاديث كثيرة تنبئ أن الخلفاء سيكونون اثني عشر خليفة
…
للبخاري عن جابر بن سمرة: يكون اثنا عشر أميرًا كلهم من قريش. ورواية مسلم: لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلًا. وفي رواية أخرى: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي له فيهم اثنا عشر خليفة، فقد رووا حديثًا يعارض هذه الأحاديث جميعًا، وهو حديث سَفينة
…
الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون مُلكًا).
(1)
(6511).
(2)
(2953).
(3)
(11/ 363).
(4)
في الطبعة السادسة التي بين يدي (ص 201 ــ 205) ذكر أبو ريَّة عدة أحاديث مما يستشكل عنده، لم يوردها المؤلف هنا، فلعلها مما زاده في الطبعات اللاحقة. وهي مما لا إشكال فيها، بل الإشكال في رأس أبي ريَّة وأمثاله.
أقول: إن كان أصل اللفظ النبويّ «أميرًا» كما في رواية البخاري
(1)
وبعض روايات مسلم
(2)
فواضح أنه لا يعارضه، وإن كان بلفظ «خليفة» فالمراد به من يتسمَّى بهذا الاسم أو يخلف غيره في الإمارة. [ص 168] والخلافةُ في حديث سفينة خلافة النبوة. نُقِل معنى هذا عن القاضي
(3)
، عياض وهو ظاهر.
قال: (وكذلك أخرج أبو داود في حديث ابن مسعود رفعه: تدور رحى الإسلام
…
).
أقول: قد بسط الكلام في هذا في «فتح الباري» (181: 13 - 186)
(4)
فراجعه، وحكى أبو ريَّة ص 212 بعضَ ما قيل في ذلك مما يزيد في تصوير التعارض. وهذا دأبه، كلما وجد إشكالًا قد حُلَّ، أو اعتراضًا قد أُجيبَ عنه، ذكر الإشكال أو الاعتراض وهوَّل، ولم يعرض للجواب.
ثم قال ص 213: (الدجال. جاء في الدجال
…
أحاديث كثيرة بعضها يُصرِّح بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يرى أن من المحتمل ظهور الدجال في زمنه
…
وبعضها يصرِّح بأنه يخرج بعد فتح المسلمين لبلاد الروم).
أقول: لم يكن صلى الله عليه وسلم أَوَّلًا يعلم ثُمَّ أعلمه الله.
قال: (وبعض الأحاديث تقول بأنه سيكون معه جبال من خبز وأنهار من ماء وعسل).
(1)
(7222، 7223).
(2)
لم أجدها.
(3)
انظر «إكمال المعلم» : (6/ 216) للقاضي عياض.
(4)
(13/ 211 ــ 215).
أقول: لم أر في الأخبار ذِكْر العسل، ويظهر أن أبا ريَّة اختطف كلماته من «فتح الباري» (181: 13)
(1)
وليس هناك ذكر العسل. فأما ذكر جبل ــ أو جبال ــ خبز فقد رُوي، مع أن في «الصحيحين»
(2)
عن المغيرة بن شعبة أنه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: «يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء» فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «بل هو أهون على الله من ذلك» لفظ البخاري. وقد يُحْمَل ما ورد في أنَّ معه «جبال خبز» على المجاز، أي أنَّ معه مقادير عظيمة من الخبز، مع أن مخالفيه محتاجون.
قال: (وزاد مسلم: جبال من لحم).
أقول: إنما في «صحيح مسلم» في كلام المغيرة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم يقولون معه جبال من خبز ولحم» ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «هو أهون على الله من ذلك» فانظر، واعتبر!
قال: (وأخرج نُعيم بن حماد من طريق كعب
…
).
أقول: هو كلام منسوب إلى كعب من قوله، والسند إليه مع ذلك واهٍ.
قال: (ومن أخباره أنه ينزل
…
).
أقول: هذا كسابقه.
وذَكَر اختلاف الروايات في مخرجه.
أقول: في حديث أبي بكر الصديق عند أحمد وغيره
(3)
أنه يخرج من
(1)
(13/ 211). ووقع في (ط): (13: 81) خطأ.
(2)
البخاري (7122)، ومسلم (2152).
(3)
«المسند» (12، 33)، وأخرجه الترمذي (2237)، وابن ماجه (4072) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
خراسان [ص 169]، ولا ينافيه ما في
(1)
«صحيح مسلم»
(2)
أنه يتبعه يهود أصبهان؛ إذ لا يلزم من اتباعهم له أن يكون أول خروجه من عندهم. وكذا ما جاء في رواية: «أنه خارج بين الشام والعراق»
(3)
؛ إذ لا يلزم أن يكون ذلك أوّل خروجه. فأما ما في حديث الجسّاسة أنه محبوس في جزيرة
(4)
، فإن حُمِلَ على ظاهره، فلا مانع من أن يذهب بعد إطلاقه إلى خراسان ثم يظهر أمره منها، وإن حُمِلَ على التمثيل كما مرَّت الإشارة إليه (ص 95)
(5)
فالأمر واضح.
قال: (وهناك أحاديث
…
كلها مرفوعة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم).
أقول: ليس كلُّ ما ورد في الدجال بمرفوع، على أن أبا ريَّة ترك المرفوعات الثابتة في «صحيح البخاري» وغيره، وسقط على ما نُسِب إلى كعب، مع أنه لا يصح عنه.
قال: (ولكي يمكّنوا لهذه الخرافة أو الأسطورة في عقول المسلمين أَوْرَدُوا حديثًا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن مَن كذَّب بالمهدي فقد كفر، ومن كذّب بالدجَّال فقد كفر).
أقول: لا أعرف حديثًا هكذا، ولا أرى ذِكْر النبيّ صلى الله عليه وسلم للمهدي متواترًا ولا قريبًا منه، فأما ذكره الدجال فمتواتر قطعًا، ومن اطلع على ما في «صحيح البخاري»
(6)
وحده علم ذلك، ومع هذا فإنما أقول: من كذَّبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
(1)
«في» سقطت من (ط).
(2)
(2944) من حديث أنس رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.
(4)
أخرجه مسلم (2942) عن تميم الداريّ رضي الله عنه.
(5)
(ص 186).
(6)
الأحاديث (7122 ــ 7134) كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، وباب الدجال لا يدخل المدينة.