المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البحث الثاني: في حقيقة الكذب - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌البحث الثاني: في حقيقة الكذب

ذكر ص 49 وقوع الخطأ من عمر وابن عمر وعِتْبان بن مالك ــ أحد البدريين ــ وأبي الدرداء وأبي سعيد وأنس وغيرهم، والمخطئ عنده كاذب، بل مرَّ في كلامه ما يقتضي أنَّ كلَّ من حدَّث من الصحابة ــ ومنهم الخلفاء الأربعة وبقية العشرة وأمهات المؤمنين وغيرهم ــ لا بدَّ أن يكون وقع في الخطأ، فكلهم عنده كاذبون تنالهم لعنته. وأشدّ من هذا وأمَرّ ما مرَّت الإشارة إليه (ص 17 - 18)

(1)

، وهذه من فوائد عداوة السنة وأهلها.

‌البحث الثاني: في حقيقة الكذب

(2)

بنى أبو ريَّة على أنه (ليس بخاف أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء أكان عن عمد أم غير عمد). وهو يعلم ــ فيما يظهر ــ أن هذا مخالف لقول شيخيه اللَّذَيْنِ يقدّسهما، وإيَّاهما ونحوهما عنى بقوله ص 4:(العلماء والأدباء)، وقوله ص 196:(أصحاب العقول الصريحة) وهما النظَّام والجاحظ، فالكذب عند النظَّام: مخالفة الخبر لاعتقاد المخبر، وهو عند الجاحظ: مخالفته لكلا الأمرين معًا: الواقع، واعتقاد المخبر، فعلى القولين ما طابق اعتقاد المخبر فليس بكذب وإن خالف الواقع. وقد ذكر أبو ريَّة ص 50 قولَ عائشة للذين حدَّثوها عن عمر وابنه بخبرٍ رأت أنهما وهِما فيه:«إنكم لتحدّثون عن غيرِ كاذِبَيْنِ، ولكن السمع يخطئ»

(3)

، وقولها في خبر رواه ابن عمر:«إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ»

(4)

.

(1)

(ص 34 ــ 37).

(2)

تقدم البحث الأول (ص 93).

(3)

أخرجه مسلم (929).

(4)

أخرجه مسلم (923).

ص: 99

والراجح ما عليه الجمهور أن الكذب مخالفة الخبر للواقع، لكن المتبادر من قولك: كذب فلان، أو: فلان كاذب ونحو ذلك أنه تعمَّد، فمن ثَمَّ لا يقال ذلك للمخطئ، إلا أنه ربما قيل له ذلك تنبيهًا على أنه قصَّر (راجع كتاب «الرد على الإخنائي» ص 21). ولما أرادت عائشة أن تنفي عن عمر وابنه التعمّد والتقصير نفت عنهما الكذب البتة.

ثم رأيتُ الطحاويّ ذكر هذه القضية في «مشكل الآثار» ، فذكر كثيرًا من الروايات ثم قال (1: 173)

(1)

ما ملخَّصه: من كذب فقد تعمّد، وذِكْر «متعمدًا» في بعض الروايات إنما هو توكيد كقولك: نظرت بعيني وسمعت بأذني، وفي القرآن {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] لم يذكر في شيء من ذلك التعمّد، كأنّ هذه الأشياء لا تكون إلا عن تعمّد، لأنه

(2)

لا يكون كاذبًا ولا يكون زانيًا ولا يكون سارقًا إلا بقصده إلى ذلك وتعمُّده».

وقال أبو ريَّة ص 41: (حديث من كذب عليَّ ليس بمتواتر .. وقد قال الحافظ ابن حجر وهو سيد المحدّثين بالإجماع وأمير المؤمنين في الحديث ما يلي .. ) فذكر عن «فتح الباري» (1: 168)

(3)

اعتراض بعضهم على تواتره، وسكت، [ص 52] وفي «فتح الباري» بيان الجواب الواضح عن ذاك الاعتراض، فراجعه.

وقال ص 42: (الكذب على النبي قبل وفاته).

(1)

(1/ 369 ــ 370 ــ ط الرسالة).

(2)

في «المشكل» : «ولأنه» .

(3)

(1/ 203 ــ ط السلفية).

ص: 100

أقول: سأنظر في هذا وما يليه إلى ص 53 بعد الكلام على عدالة الصحابة الذي ذكره ص 310، فانتظر.

ص: 101