المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 إلى 29] - التحرير والتنوير - جـ ١٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 70 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 78 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 84 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 89 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 94 الى 98]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 101]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 105 إِلَى 106]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة يُوسُف (12) : آيَة 111]

- ‌13- سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌مقاصدها

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : الْآيَات 20 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : الْآيَات 38 الى 39]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الرَّعْد (13) : آيَة 43]

- ‌14- سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 2 الى 3]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 13 الى 14]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 15 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 24 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 32 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 40 إِلَى 41]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 42 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 44 الى 45]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 48 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : آيَة 52]

الفصل: ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 إلى 29]

وَمِنْ مَظَاهِرِ هَذَا التَّثْبِيتِ فِيهِمَا مَا وَرَدَ مِنْ وَصْفِ فِتْنَةِ سُؤَالِ الْقَبْرِ.

رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»

فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ.

وَجُمْلَةُ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ كالتذليل لِمَا قَبْلَهَا. وَتَحْتَ إِبْهَامِ مَا يَشاءُ وَعُمُومِهِ مَطَاوٍ كَثِيرَةٍ مِنَ ارْتِبَاطِ ذَلِكَ بِمَرَاتِبِ النُّفُوسِ، وَصَفَاءِ النِّيَّاتِ فِي تَطَلُّبِ الْإِرْشَادِ، وَتَرْبِيَةِ ذَلِكَ فِي النُّفُوسِ بِنَمَائِهِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ حَتَّى تَبْلُغَ بُذُورُ تَيْنِكَ الشَّجَرَتَيْنِ مُنْتَهَى أَمَدِهِمَا مِنِ ارْتِفَاعٍ فِي السَّمَاءِ وَاجْتِثَاثٍ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالتَّثْبِيتِ وَالْإِضْلَالِ. وَفِي كُلِّ تِلْكَ الْأَحْوَالِ مَرَاتِبُ وَدَرَجَاتٌ لَا تَبْلُغُ عُقُولُ الْبَشَرِ تَفْصِيلَهَا.

وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ لِقَصْدِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنَ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ مُسْتَقِلَّةً بِدَلَالَتِهَا حَتَّى تَسِيرَ مسير الْمثل.

[28، 29]

[سُورَة إِبْرَاهِيم (14) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (29)

أُعْقِبَ تَمْثِيلُ الدِّينَيْنِ بِبَيَانِ آثَارِهِمَا فِي أَصْحَابِهِمَا. وَابْتُدِئَ بِذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهَا أَعْجَبُ وَالْعِبْرَةَ بِهَا أولى والحذر مِنْهَا مُقَدَّمٌ عَلَى التَّحَلِّي بِضِدِّهَا، ثُمَّ أُعْقِبَ بِذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا الْخَ.

وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّشْوِيقِ إِلَى رُؤْيَةِ ذَلِكَ.

وَالرُّؤْيَةُ هُنَا بصرية لِأَن مُتَعَلِّقُهَا مِمَّا يُرَى، وَلِأَنَّ تَعْدِيَةَ فِعْلِهَا بِ إِلَى يُرَجِّحُ ذَلِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [سُورَة الْبَقَرَة: 258] .

ص: 227

وَقَدْ نَزَلَ الْمُخَاطَبُ مَنْزِلَةَ مَنْ لَمْ يَرَ. وَالْخِطَابُ لِمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ النَّظَرُ إِلَى حَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ مَعَ وُضُوحِ حَالِهِمْ.

وَالْكُفْرُ: كُفْرَانُ النِّعْمَةِ، وَهُوَ ضِدُّ الشُّكْرِ، وَالْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ مِنْ كُفْرَانِ نِعْمَتِهِ.

وَفِي قَوْله: بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً مَحْسَنُ الِاحْتِبَاكِ. وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ وَشُكْرَهَا كُفْرًا بِهَا وَنِقْمَةً مِنْهُ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ الخَ.

وَاسْتُعِيرَ التَّبْدِيلُ لِوَضْعِ الشَّيْءِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ شَيْءٌ آخَرُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَبْدِيلَ الذَّاتِ بِالذَّاتِ.

وَالَّذِينَ بَدَّلُوا هَذَا التبديل فريق معرفون، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ تَلَقَّوُا الْكَلِمَةَ الْخَبِيثَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَيْ كَلِمَةَ الشِّرْكِ، وَهُمْ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ فَكَابَرُوا دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ وَكَذَّبُوا النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّدُوا مَنِ اسْتَطَاعُوا، وَتَسَبَّبُوا فِي إِحْلَالِ قَوْمِهِمْ دَارَ الْبَوَارِ، فَإِسْنَادُ فِعْلِ أَحَلُّوا إِلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ.

وَنِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِي بَدَّلُوهَا هِيَ نِعْمَةُ أَنْ بَوَّأَهُمْ حَرَمَهُ، وَأَمَّنَهُمْ فِي سَفَرِهِمْ وَإِقَامَتِهِمْ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، وَسَلَّمَهُمْ مِمَّا أَصَابَ غَيْرَهُمْ مِنَ الْحُرُوبِ وَالْغَارَاتِ وَالْعُدْوَانِ، فَكَفَرُوا بِمَنْ وَهَبَهُمْ هَذِهِ النِّعَمَ وَعَبَدُوا الْحِجَارَةَ. ثُمَّ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنْ بَعَثَ فِيهِمْ أفضل أنبيائه- صلّى الله عَلَيْهِم جَمِيعًا- وَهَدَاهُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَهَيَّأَ لَهُمْ أَسْبَابَ السِّيَادَةِ وَالنَّجَاةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فبدّلو شُكْرَ ذَلِكَ بِالْكُفْرِ بِهِ، فَنِعْمَةُ اللَّهِ الْكُبْرَى هِيَ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَدَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَبَنِيَّتِهِ- عليهم السلام.

وَقَوْمُهُمْ: هُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ فِي مُلَازَمَةِ الْكُفْرِ حَتَّى مَاتُوا كُفَّارًا، فَهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يُضَافُوا إِلَيْهِمْ.

ص: 228

وَالْبَوَارُ: الْهَلَاكُ وَالْخُسْرَانُ. وَدَارُهُ: مَحَلُّهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ.

وَالْإِحْلَالُ بِهَا الْإِنْزَالُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِحْلَالِ التَّسَبُّبُ فِيهِ، أَيْ كَانُوا سَبَبًا لِحُلُولِ قَوْمِهِمْ بِدَارِ الْبَوَارِ، وَهِيَ جَهَنَّمُ فِي الْآخِرَةِ، وَمَوَاقِعُ الْقَتْلِ وَالْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ: مَوْقِعِ بَدْرٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ، وَبِهِ فَسَّرَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَرْضَ بَدْرٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَاسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْمُضِيِّ فِي أَحَلُّوا لِقَصْدِ التَّحْقِيقِ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مُتَأَخِّرٌ زَمَنُهُ فَإِنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ.

وَالْمُرَادُ بِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ صَنَادِيدُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَعَلَى تَفْسِيرِ دارَ الْبَوارِ بِدَارِ الْبَوَارِ فِي الْآخِرَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ جَهَنَّمَ بَدَلًا مِنْ دارَ الْبَوارِ وَجُمْلَةُ يَصْلَوْنَها حَالًا مِنْ جَهَنَّمَ، فَتُخَصُّ دارَ الْبَوارِ بِأَعْظَمِ أَفْرَادِهَا وَهُوَ النَّارُ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لِأَهَمِّيَّتِهِ.

وَعَلَى تَفْسِيرِ دارَ الْبَوارِ بِأَرْضِ بَدْرٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا. وَانْتِصَابُ جَهَنَّمَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ يَصْلَوْنَها عَلَى طَرِيقَةِ الِاشْتِغَالِ.

وَمَا يَرْوُونَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رضي الله عنه وَعَنْ عَلِيٍّ- كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- أَنَّ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ بْنِ مَخْزُومٍ، قَالَ: فَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ وَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَكَفَيْتُمُوهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ. فَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا مِنْ وَضْعِ بَعْضِ الْمُغْرِضِينَ الْمُضَادِّينَ لِبَنِي أُمَيَّةَ. وَفِي رِوَايَاتٍ عَنْ عَلِيٍّ- كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- أَنَّهُ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وَلَا يُرِيدُ عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ- رضي الله عنهما مَنْ أَسْلَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ فاحذروا الأفهام الخطئة. وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

ص: 229