الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسي أنه طلق طلاقاً معلقاً
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا رجل، متزوج وعصبي المزاج، وفي السنين الأولى من الزواج طلقت زوجتي طلقتين، وذات يوم قلت لها:(لو ذهبت إلى بيت أبيك فأنت طالق) ، وكنا آنذاك نعيش في نقاشات حادة ومشاكل عديدة وشجارات متواصلة، ومضى الآن على هذا الطلاق (المعلق) حوالي 20 سنة، وكنت طيلة الوقت أريد التحلل منه وكنت أجهل كيف، وفي كل مرة أعجز عن سؤال العلماء حتى نسيته أو تشاغلت عنه (ولم تخرج زوجتي) حتى عام 1997، إذ كان لدي سفر طويل لمدة ستة أشهر، فأذنت لها بالذهاب في غيابي إلى أبيها، متناسيا أو ناسياً تلك الصيغة (أنها معلقة) ، ظاناً أني تحللت منه بإذني لها بالخروج، وخرجت هي في مدة سفري إلى بيت أبيها بإذني، ثم قفلت راجعاً من السفر وعدنا كما كنا، لكن في هذا العام جرى بيننا شجار، وفي أثناء ذلك قالت لي: إني لست زوجتك، قلت لها: كيف؟ قالت: لقد قلت لي إن خرجت من البيت فأنت طالق..وقد خرجت، فقلت لها متسائلاً: متى كان هذا الكلام وكيف قلته؟ قالت: قبل ستة أشهر فقط قلته، ووقعت في حيرة وأقسم بالله إني لا أتذكر أني قلت هذا الكلام، فقلت لها: وكيف قلته؟ قالت: ذات يوم وأنت تضربني
…
ولم أستطع تصديقها ولا تكذيبها، فربما قلته حقيقة في حالة غضب ولم أشعر (المهم أني لا أذكر أني قلته) ، ولأني عصبي سريع الغضب (ربما قلته دون شعور)، ولما اعتقدت أنها حيلة لتتخلص مني وتعتبر طالقاً سألتها قائلا: يا امرأة لعلك تريدين أن يتفرق شملنا؟ فأجابت: لا، وهي تصر على أني قلت لها ذلك، وأنا لا أتذكره، وهي الآن نادمة على خروجها الذي تسبب في طلاقها، ونحن في حالة طلاق بناء على قولها، السؤال: هل تحللت من الطلاق الأول، هل الطلاق الأخير يقع رغم أني لا أذكره كما ذكرت؟. وفي الأخير بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
من علق الطلاق على شرط أو إلتزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع، فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، أي: أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته من الذهاب لأبيها بحلفه بالطلاق، ولم يرد إيقاع الطلاق، فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله -تعالى-:"لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[المائدة:89] ، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلقت زوجته أحب الشرط أو لا، أما ما يتعلق بخلاف الزوجين في وقوع الطلاق من عدمه فالقول قول من له بينة تدل على صحة قوله، فإن لم يكن لهما بينة فالقول قول الزوج، قال البهوتي - رحمه الله تعالى-، وإذا ادعت أن زوجها طلقها فأنكرها فقوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، انظر: كشاف القناع (5/337) ، وهل يحلف على أنه لم يطلق؟ اختلف العلماء في ذلك، والمذهب عند الحنابلة والمالكية أنه لا يحلف، انظر: المبدع (10/283) ، التاج والإكليل (6/196)، القوانين الفقهية (153) . والرواية الثانية: أنه يستحلف، وصححه ابن قدامة رحمه الله في المغني (7/387) ، وعلى كل حال فلو قيل بالوقوع فالسائل لم يطلق سوى مرتين، فيكون قد بقي له طلقة واحدة ما لم يكن قد صدر منه طلقة ثالثة، أما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة فعلى القول بالوقوع، وأنكر الزوج ذلك فلا يحل للزوجة البقاء معه، قال المرداوي - رحمه الله تعالى-: فإن علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها، وعليها أن تفر منه وتفتدي نفسها، كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثاً وأنكر" انظر: الإنصاف (9/349) ، والمغني (7/387) ، أما ما يتعلق بطلاق الغضبان ففيه تفصيل ذكره العلماء، وقد ذكرناه في عدة فتاوى في هذا الموقع فعلى الأخ السائل الرجوع إليها، وأوصيه بتجنب الغضب ما استطاع فإن لم يتمكن فعليه عند غضبه الخروج من البيت حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه، والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.