الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تدريس الأطفال في مدارس النصارى
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: هل يجوز أن يدرس الأطفال في مدارس نصرانية؟ لما فيها من جودة تدريس وانضباط وأدب؟ حيث تقوم الراهبات بالإشراف وتدريس المواد، وتدرس مادة الديانة الإسلامية من قبل مدرسة مسلمة، وتوجد موجهة منتدبة مسلمة تقوم بالإشراف العام وأغلبية الطلاب من المسلمين، ولا تقوم الراهبات بأي نوع من أنواع العنصرية، أو تعليمهم أشياء نصرانية. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله - والصلاة والسلام على رسول الله - وبعد:
فإني قد تأملت هذه المسألة فرأيت أن أجيبك بحسب بلدك فما دمت في بلد مسلم فهذا يختلف عن شخص في بلد غير مسلم، لا سيما مع عدم وجود مدارس إسلامية، ولست أطلق الإباحة لمثل هذه الحال ولكن الجواب سيختلف قليلاً. أما جواب مسألتك لكونك في بلد مسلم يوجد به ولله الحمد مدارس إسلامية فإني لا أرى لك عذراً في تدريس أولادك في المدارس النصرانية، حتى وإن تفوقت على المدارس الإسلامية ببعض المزايا، ذلك أن قضية العقيدة وقضية الولاء والبراء والانتماء قضايا أكبر بكثير من مجرد إضافة معلومات أو جودة تدريس ونظام، وعليك أيها الأخ المسلم أن تكون هذه القضايا لديك أولى بالتقديم والنظر من غيرها، وإليك أخي الكريم بعض ما قد يترتب على تدريس الأولاد، ولا سيما الصغار منهم في مدارس نصرانية، فمن ذلك:
(1)
تنشئة الطالب على حب النصرانية، حتى وإن لم يكن هذا صريحاً من قبل المدرسة، ولكن من خلال المعاملة لا سيما وقد أشرت إلى أن للراهبات دوراً في الإشراف والتدريس.
(2)
إزالة الحواجز بين الدين الإسلامي وغيره، بحيث ينشأ الطالب لا يتميز بدينه ولا يعتز به بل تتميع لديه قضية الولاء والبراء، وكأنما قضية الدين لا تتعدى كونها قناعات شخصية فكرية لا غير، وهذا خطير جداً.
وفي القرآن والسنة أدلة كثيرة ظاهرة من تقرير هذا الأصل، وهو الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين.
كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الأِيمَانِ"[التوبة: من الآية23]، وكقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ"[المائدة: من الآية51]، وكقوله سبحانه:"لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"[المجادلة: من الآية22] ، وكذلك سورة الممتحنة التي خصصت لهذا الأصل العظيم؛ بل نفى الله تعالى بعض الولاية عمن لم يهاجر من المسلمين، كقوله تعالى:"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا"[الأنفال: من الآية72] ، والآيات في هذا كثيرة جداً، تأمر بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومفاصلتهم، حتى قال بعض أهل العلم إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم؛ أي الولاء والبراء بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده.
وفي السنة أحاديث كثيرة أيضاً في معاملة الكفار بجميع أديانهم ومذاهبهم، وعدم التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ونحو ذلك: كحديث جرير بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: "لا ترايا ناراهما" أخرجه أبو داود (2645) والترمذي
(1604)
من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه ورجحا إرساله، وحسنه الألباني، وحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه:"من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" أخرجه أبو داود (2787) ، والترمذي (1605) وفي سنده مقال.
(3)
لا تؤمن المدارس النصرانية، ولا يؤمن النصراني، لا سيما الداعية إلى دينه كالراهب، والراهبة لا يؤمن هؤلاء ولا يستأمنون على أولاد المسلمين من وجوه عديدة، فمن أعظمها دعوتهم إلى النصرانية بالتدرج، وربما لا يشعر ذووهم بذلك.
تنمية محبة النصارى والغرب في قلوبهم بوسائل متعددة، تنشئتهم على أخلاق النصارى، ولا شك أن منها أخلاقاً لا يقرها الإسلام؛ كاختلاط الجنسين وإباحة العلاقات بينهما، وتصويرها على أنها شيء عادي، وإباحة المنكر وغير ذلك.
(4)
في مشاركة المسلم بتدريس أولاده في مثل هذه المدارس دعم لها وتشجيع، مع أن وجودها أصلاً في بلاد المسلمين لا يجوز، فبدلاً من السعي لإزالتها نشارك في دعمها، هذا مما لا ينبغي للمسلم. الأولى لنا أن ندعم المدارس الإسلامية ونشجعها، وإذا كانت أقل من المستوى المطلوب، فإما أن نؤازرها لنرفع من مستواها، أو نسعى أيضاً لإنشاء مدارس على المستوى اللائق.
وختاماً أسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك في ديننا، وأن يعيننا على القيام بما أمرنا الله به وإن خالف الهوى ومراد النفس - وصلى الله على نبينا محمد-.