الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل تدخل النساء في هذا الوعيد، لا يدخل الجنة قاطع رحم
؟
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
من المقصود بالحديث الشريف: "لا يدخل الجنة قاطع رحم" هل هم الرجال أم النساء أم الاثنان معاً، وما الدليل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5984)، ومسلم (2556) من حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ. "
وقطيعة الرحم معناها: الإساءة إلى الأقارب بالقول أو الفعل، وترك الإحسان إليهم، فلا يقوم بزيارتهم، ولا السلام عليهم، ولا تفقد أحوالهم، ولا مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، وقد حذر الله سبحانه وتعالى من قطيعة الرحم فقال سبحانه:"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"[محمد:22]، وقال الله -تعالى-:"وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ"[الرعد:25] ، وورد الحث والترغيب في صلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وَرُتِبَ على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل، وسعادة الدنيا والآخرة، فصلة الرحم سبب في زيادة الرزق وطول الأجل، ففي صحيح البخاري (2067) ومسلم (2557) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"، وصلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر؛ ففي صحيح البخاري (6138)، ومسلم (47) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، وصلة الرحم تجلب صلة الله سبحانه وتعالى لعبده، ففي صحيح البخاري (5987)، ومسلم (2554) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: َ" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَهُوَ لَكِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد: 22] ، وصلة الرحم سبب في دخول الجنة كما جاء في صحيح البخاري (1396) ، ومسلم (13) واللفظ له من حديث أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِي مِنْ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَال: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ ذَا رَحِمِك"َ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ
"إِنْ تَمَسَّكَ بِهِ".
والخطاب بالأمر بصلة الرحم والنهي عن القطيعة يشمل الذكور والإناث على السواء، ولكن كل بحسب قدرته واستطاعته، قال القاضي عياض:(ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لا يسمى واصلاً.... " شرح النووي (16/113-114)
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.