الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل من حق الزوجة ألا ينظر زوجها إلى الأجنبيات
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 26/9/1422
السؤال
هل من حق الزوجة على زوجها ألا يشاهد النساء إذا كان نظر الزوج للنساء يؤذي الزوجة نفسياً؟ هل نظره للنساء يعني أنه أخطأ في حقها، وبالتالي تتقاضى منه يوم القيامة؟ علماً أنها تقول له دائماً: أنا لا أسامحك على النظر؟
الجواب
الحمد لله وبعد: لا يجوز للزوج ولا غيره من الرجال النظر إلى النساء الأجنبيات سواء كان النظر في صورة أو حقيقة، ولأجل ذلك جاءت النصوص الشرعية الكثيرة في إيجاب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب - أي غير المحارم - ومن ذلك قوله - تعالى -:" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً "[الأحزاب: 59] .
وقال - تعالى -: " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن....."[الأحزاب: 53]
وقال - تعالى -: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن
…
" الآية بطولها من سورة [النور:31] " والخمار في الآية هو ما تجعله المرأة على رأسها فينحدر على وجهها وجيبها، ويراد به: نحرها، فالجيوب هي: النحور والصدور، فإذا وضعت المرأة خمارها على رأسها، وسترت به نحرها وصدرها استلزم ذلك ستر الوجه؛ لأنه بين الرأس والنحر، ومن الأدلة الصحيحة الواردة في السنة ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك حين أقبل إليها صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قالت: " فخمرت وجهي
…
" أخرجه البخاري (4141) ، ومسلم (2770)
ومنها ما في الصحيحين من حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد يوم العيد
…
" فأقامني وراءه خدي على خده " أخرجه البخاري (2907) ، ومسلم (892) فكان يسترها خلفه عليه الصلاة والسلام وهي تنظر ولا ينظرون إليها.
ومنها ما في البخاري (1838) :" لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين " فدل مع احتجابها بالنقاب - إن احتاجت إليه - في غير حال الإحرام، وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الأدلة - على وجه الاختصار - فإن النظر الصحيح يدل على تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات، ووجه ذلك أن النظر سبب الزنى، فإن مَنْ أكثر النظر إلى جمال امرأة مثلاً قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكناً يكون سبب هلاكه - والعياذ بالله -.
قال الوليد بن مسلم الأنصاري: كسبتْ لقلبي نظرةً لتسرّهُ
عيني فكانت شقوة ووبالا
ما مر بي شيٌء أشد من الهوى
سبحان من خلق الهوى وتعالى
وخلاصة الأمر أن الزوج وغيره من الرجال ممنوعون من النظر إلى النساء الأجنبيات حتى لو رضيت الزوجة ولم تمانع أن ينظر زوجها إليهن، ذلك أن تحريم النظر المذكور هو تشريع إلهي محض، وحكم رباني خالص، وهدي نبوي صارم، وليس مجرد حق شخصي للزوجة أو غيرها من النساء، ومع ذلك نقول: إنَّ نظر الزوج إلى المرأة الأجنبية فيه إيذاء بلا ريب لزوجته، وإساءة لعشرتها، وجرح لمشاعرها يعرضه لعقوبة الله وسخطه - عياذاً بالله - قال الله - جل شأنه -: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً
…
". [الأحزاب: 58] .
ومما يجدر ذكره في هذا المقام أنَّ على الزوجة أن تجتهد في إعفاف زوجها بحسن التبعل له، وإطابة العشرة معه، وإدامة التزين والتجمل بحضرته حتى تقر عينه، وتسعد نفسه، ويهنأ قلبه، ويعف فرجه عن الحرام وأسبابه.
وعلى الزوجة كذلك أن تجتهد في تطهير بيتها من أسباب الفتنة ووسائل الإفساد من الدشوش والمجلات ونحوها ولو بالتدريج، وسياسة الخطوة خطوة
…
، حتى ينعم الزوجان ببيت خالٍ من أسباب الشر ومزالق الفتنة.
أما أن ترضى الزوجة بوجود التلفاز في كل حجرة من البيت، والمجلة الهابطة في كل زاوية من زواياه، وتظل الساعات الطوال قابعة أمام القنوات العارضات لكل قبيح ورديء وفاحش، ثم تنقم على زوجها أن يشاركها الإثم، ويقاسمها الخطيئة فهذا عجيب ومريب.
فاحرصن معاشر الزوجات على إرضاء خالقكن، والتزام أوامره - سبحانه - في كل صغيرة وكبيرة من حياتكن، حينها ستجدن أثر الطاعة ونتيجة الاستجابة في أخلاق أزواجكن وسائر أموركن، قال - جل شأنه-:" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة "[النحل: 97] والله المسؤول أن يصلح مجتمعات المسلمين وبيوتهم ورجالهم ونسائهم وذرياتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.