المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل فيما يكره في البيع) - فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ - جـ ٧

[محمد بن إبراهيم آل الشيخ]

الفصل: ‌(فصل فيما يكره في البيع)

(1563 ـ امتحان المعايير)

من محمد بن إبراهيم إلى الأخ المكرم محمد بن أحمد بن سعيد

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

من خصوص المعايير أرسلتها البلدية إلينا، وامتحناها بمباشرة الشيخ عبد اللطيف وعبد الله بن راشد بن كليب، فوجدنا فيها زيادة قليلة جداً يتسامح فيها، سببها أن المعايير صبت على دراهم فرانه جدد كلها، وأيضاً ضربت بعد أن صبت بالبوية والأندراس، وكثرة الاستعمال تذهب هذه الزيادة اليسيرة، كما أن الدراهم الفرانه الجدد بعد الاستعمال تستقر على ما هو معروف.

إن شاء الله تخبر ولي العهد بذلك، وبأن المقصود إلزام الناس بعد ما ترد بأخذها بالقيمة، مع أن قيمتها بسيطة، قيمة الطقم إثنان وعشرون ريال عربي، بشرط الإعفاء من الرسوم. والطقم متركب من تسع قطع: وزنتين، وزنة، نصف وزنة، ثلث، وزنة ربع، سدس، ثمن، نصف الثمن، ربع اليمن. والسلام. في 16/11/1371هـ. (ص ـ م 472)

(فصل فيما يكره في البيع)

{وذروا البيع} (1)

خطاب للبائع والمشتري جميعاً، فلو كان البائع غير مخاطب كالمرأة أو نحوها والمشتري مخاطب فإنه يبطل البيع على القول ببطلانه إذا كانا مخاطبين، لأن أحد أركان البيع المشتري

(تقرير) .

(1) سورة الجمعة ـ آية 9.

ص: 53

(1564 ـ بيع الحاضر للبادي)

أما إذا قصده البادي فهذا أخل بمسألة عزيمته أن يبيعها بسعر يومها، فيأثم الحاضر، والعقد صحيح.

شيخنا الشيخ سعد قد يظهر منه عدم الاطمئان إليها، لكنه لم يوجه ترجيحاً يرجح به قوله.

التحريم ما فيه كلام، الكلام في الصحة. (80 هـ تقرير)

(1565 ـ 2 إذا باع ربوياً بدراهم نسيئة على شخص، ثم أحاله على آخر: هل يجوز أن يعتاض عنها ربوياً) .

سئل الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف عمن باع ربوياً بدراهم نسيئة على شخص، ثم أحاله على آخر بما له عليه: هل يجوز أن يعتاض عنها ربوياً ـ على كلام الفقهاء.

فأجاب: أما إذا باع ربوياً بدراهم نسيئة على شخص ثم أحاله على آخر بما له عليه فاعتاض عنها ربوياً فإنه لا باس بذلك، لأنه إنما منع من الاعتياض في مسألتنا إنما هو بين المشتري والمحال عليه، وهو أجنبي من العقد الأول الواقع بين البائع والمشتري. (الدرجة ص98)

(1566 ـ العينة)

وأما " المسألة الثالثة " وهي إذا باع السلعة على من اشتراها منه بأقل من الثمن الأول، فهي مسألة " العينة " المحرمة بالسنة، لكونها ربا. وأما بيعها من غيره فهي المسألة المسماة بالوعدة، وهي

ص: 54

" مسألة التورق" والجمهور يجوزونها، ومن أهل العلم من يمنعها.

(ص ـ ف 611 في 18/8/1376هـ)

(1576 ـ صورة منها)

" المسألة الرابعة " فيمن باع نصفي جملين مشاعاً على رجل بذمته إلى أجل، ثم اقتسما الجملين، وبعد حلول الثمن لم يجد المشتري ما يوفي به عن ذمته إلا الجمل المذكور، فباعه المشتري على البائع بأقل مما اشتراه بعد أن استعمله ستة أشهر. إلخ

والجواب: هذه من صور مسائل العينة، وهي أن يشتري شيئاً نقداً بدون ما باعه به نسيئة. فأصل هذه المسالة لا تحل، لورود الأحاديث في النهي عنها، لكن إذا كان بعد تغير صفة الجمل باستعماله أو نقصه أو اختلاف السعر أو بغير جنس الثمن الذي باعه به وغير ذلك فالمنصوص أن لا باس بذلك.

(ص ـ ف 2265 ـ 1 في 13/11/1383هـ)

(1568 ـ نصيحة في التحذير من العينة)

(ومن قلب الدين على المعسر)

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين.

من محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، إلى من يراه من إخواننا المسلمين، جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بالمواعظ والنصائح، ويجتنب أسباب الخزي والندم والفضائح. آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإنه قد بلغني وتحققت أنه يوجد أناس يعاملون

ص: 55

بالربا في أشياء يأتي بيانها إن شاء الله تعالى، فرأيت من الواجب المتعين على نصيحة إخواني المسلمين في هذا الشأن، وموعظتهم ليعلم الجاهل، وينتبه الغافل، ويرتدع ويتعظ المتهاون والمتغافل لقوله صلى الله عليه وسلم:" الدين النصيحة: ثلاثاً. قيل: لمن يارسول الله؟ قال: لله عز وجل ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ".

إذا علم هذا فالذي أوصيكم به ونفسي تقوى الله تعالى، فإنها جماع الأمر كله، وهي وصية الله للأولين والآخرين، قال الله تعالى:{ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية:" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ".

وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقية منه. فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غصبه وسخطه وعقابه وقاية تقية منه ذلك وهو فعل طاعة واجتناب معاصيه، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير. وقال الحسن رحمه الله: المتقون اتقوا ما حرم الله عليهم وأدوا ما افترض عليهم. إنتهى.

فمن أعظم المعاصي والكبائر التي اجتنابها واتقاؤها من تقوى الله تعالى التي أوجب على عباده " الربا " في المبايعات، قد ورد في الكتاب والسنة في التغليظ فيه والوعيد الشديد ما لم يرد نظيره في

ص: 56

غيره من الكبائر، قال الله تعالى:{ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون. واتقوا النار التي أعدت للكافرين. وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} (1) .

وقال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} (2) .

وقال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى مسيرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون. واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} (1) .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يارسول الله وما هن قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات " وفي صحيح البخاري، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رايت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهرٍ من دم فبه

ص: 57

رجل قائم وعلى النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فرجع كما كان.

فقلت: ما هذا الذي رأيته في النهر قال: آكل الربا" وفي صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء " وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا ظهر الربا والزنا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما ظهر الزنا والربا في قرية إلا أذن الله بخرابها.

وبالجملة فقد دلت النصوص على أن الربا من أعظم الكبائر والمحرمات، ومن أبلغ أسباب نزع البركات، وحلول النقمات، والذلة ومحاربة فاطر الأرض والسموات.

فمن أنواعه التي يتعاطاها من قل نصيبه من مخافة الله البيع بـ" العينة" وهي أن يبيع شيئاً بثمن مؤجل ثم يشتريه البائع أو شريكه أو وكيله من المشتري بأقل مما باعه به، وهذا لا يجوز لما روى أحمد وأبو داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ولما روى غندر، عن شعبة، عن أبي اسحاق السبيعي، عن إمرأته العالية، قالت: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: إني بعت غلاماً من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقداً، فقالت لها: بئس ما اشتريت وبئس ما شربت

ص: 58

أبلغي زيداً أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل إلا أن يتوب. رواه أحمد.

ومن أنواع الربا " قلب الدين على المعسر " وله صور: منها أن يكون للتاجر عند الفلاح المعسر دراهم حالة ثمن مبيع أو غيره فإذا طلبت منه اعتذر بالعسرة، فيقول له التاجر أكتبها عليك بزاد (1) فيجيبه المعسر إلى ذلك، فيقلبها بزاد في ذمته. فهذا لا يجوز ولا يصح، لأنه بيع دين بدين، وهو ممنوع هند عامة أهل العلم لكونه من أنواع الربا، وهو " بيع الكالئ بالكالئ" المنهي عنه في الحديث، فإن معنى " الكالئ بالكالئ" المؤخر بالمؤخر، ولأنه سلم لم يقبض رأس ماله، ومن شرط صحة السلم قبض راس ماله في مجلس العقد، لحديث " من أسف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"(2) وإنما يسمى سلفاً وسلماً لتسليم رأس المال وتقديمه وقبضه في المجلس.

ولكن من الناس من لا يصرح بقلب الدين مخالفة الإنكار عليه، فيتوصل إلى غرضه الفاسد بالحيلة المحرمة بإظهار عقد سلم، فيدفع إلى الفلاح دراهم هي رأس المال السلم في الظاهر، وبعد ما يقبضها الفلاح يردها إلى التاجر عما في ذمته من الدراهم، ويسمون هذا " تصحيحاً " وهو باطل غير صحيح، إذ العبرة في الاشياء بحقائقها. فإن حقيقة هذا العقد هو قلب الدين المحرم. ويوضح هذا أنه لا يدع الفلاح يقوم بالدراهم من المجلس، وأنه لو يعلم أنه لا يوفيه منها أو أنه يوفيه حقه من دون الكتب عليه ما كتب عليه لعسرته وعدم ملاءته.

(1) أي طعام: بر أو غيره.

(2)

متفق عليه.

ص: 59

وأما إذا كان الفلاح ملياً يرغب كل أحد معاملته فاسلم التاجر إليه دراهم في زاد، وبعدما قبضها الفلاح منه دفعها إليه وفاء عن الدراهم الحالة التي له عليه من غير شرط ولا مواطئة. فهذا لا بأس به، لكن الأولى أن لا يقبضها منه إلا بعد ما يذهب بها وتكون عنده نحو يوم أو يومين احتياطاً وبعداً عن الشبهة. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه من المسلمين وعلى الأخص الأمراء والقضاة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن ما تقدم أعلاه هو نصيحة من الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، فنرجو من جميع من اطلع عليها من المسلمين العمل بموجبها، ومخافة الله وتقواه في ذلك، وعلى جميع المسلمين اجتناب الربا في جميع معاملاتهم. وأن يتوب من كان يتعامل بما حرمه الله من البيع، وأن يرجع إلى رأس ماله. فكل من عوامل بالربا مراجعة صاحبه ليمتنع عن أخذ الربا منه، فإن فعل فالحمد لله، وإلا عليه مراجعة القاضي المنصوب من قبلنا، وعلى سائر قضاتنا الذين يرفع إليهم أي أمر في الربا أن يحكموا برأس المال لصاحبه، وأن يبطلوا مازاد على ذلك من الربا في جميع أحكامهم. والأمر من ذمتنا، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق، وأن يمنعنا مما يغضبه، وبقربنا لما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

(30 ربيع الأول سنة 1361هـ)

(من الدرر السنةي جـ 5 ص73) .

ص: 60

(1569 ـ مسألة التورق)

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم أحمد علي الروضان

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد وصل كتابك الذي تستفتي فيه عما يتعامل به بعض الناس، وإذا احتاج إلى نقود وذهب إلى التاجر ليستدين منه وباع عليه أكياس سكر وغيرها نسيئة بثمن يزيد على ثمنها نقداً فيأخذ المحتاج السكر ويبيعه بالنقص عما اشتراه به من التاجر ليقضي حاجته. وتسأل هل هذا التعامل حرام، أو حلال، وهل يعتبر من الربا في شيء؟

الجواب: هذه المسألة تسمى " مسألة التورق". والمشهور من المذهب جوازها. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا لم يكن للمشتري حاجة إلى السلعة بل حاجته في الذهب والورق، فيشتري السلعة ليبيعها بالعين الذي أحتاج إليها، فإن أعاد السلعة إلى البائع فهو الذي لا يشك في تحريمه. وإن باعها لغيره بيعاً تاماً ولم تعد إلى الأول بحال فقد اختلف السلف في كراهته، ويسمونه " التورق" وكان عمر بن عبد العزيز يكرهه، ويقول: التورق أخو الربا.

وإياس بن معاوية يرخص فيه، وعن الإمام أحمد روايتان.

والمشهور الجواز، وهو الصواب، قال في " مطالب أولي النهى" ولو احتاج إنسان لنقد فاشترى ما يساوي مائة بأكثر كمائة وخمسين مثلاً ليتوسع بثمنه فلا بأس بذلك، نص عليه، وهي " مسألة التورق" وقال في " الاختبارات" قال أبو طالب: قيل للإمام أحمد: إن ربح الرجل في العشرة خمسة يكره ذلك؟ قال:

ص: 61

إذا كان أجله إلى سنة أو بقدر الربح فلا بأس. وقال جعفر بن محمد سمعت أبا عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ يقول: بيع النسيئة إذا كان مقارباً فلا بأس به. وهذا يقتضي كراهة الربح الكثير الذي يزيد على قدر الأجل، لأنه يشبه بيع المضطر، وهذا يعم بيع المرابحة والمساومة. والله أعلم.

مفتي البلاد السعودية (ص ـ ف 270 في 12/5/1386هـ)

(1570 ـ فتوى أهل نجد فيها)

التورق يعمل به الناس كثير، وعليه العمل من حين عرفنا المسألة وهي ما هي ممنوعة عند الناس في نجد. والفرق فيها أن هنا ثالث البائع بألف ونصف مؤجل هذا كأنه باعها على واحد يستهلكها أو يبقيها، لكنه عارف بأنه سيبيعها. والشيخ يقول: إنه معاونة له على الإثم والعدوان. وكون الإنسان يتركها تورعاً لأجل الخلاف (1) وفي الغالب أن المدايين الذين يستعملونها تزيدهم فلساً إلى فلسهم، وما غاب حظر، قليل وإذا هو حال، وتتراكم عليه الديون، وجد من أخذ وعدة وعدتين (2) ثلاث إلا خمس فاستوعب عقاراته وبقي مديوناً. أما لو باعها عليه صارت مسألة العينة. (تقرير)

س: إذا اتفقنا على أن العشر ثلاثة عشر، وهو ليس عنده (3) .

جـ: المسألة خلافية، والأكثر في كلام الأصحاب المنع، يتفقون على العشر إحدى عشر.

(تقرير)

(1) فهذا حسن.

(2)

الوعدة هي " التورق" و " الدينة" أيضاً.

(3)

يعني المال المبيع وتأتي فتوى في الموضوع.

ص: 62

(1571 ـ الدينه، والربح الكثير فيها)

" الرابعة": سؤالك هل يجوز أخذ الدينة (1) من التاجر بقيمة زائدة وبيعها بأقل من ثمن شرائها؟ وهل يجوز لهذا التاجر شراء هذه البضاعة من المشتري أو من الدلال.

والجواب: لا بأس من بيع البضاعة بثمن زائد عن قيمة ما تساويه حالاً مقابل التأجيل، وقد صرح بعض العلماء بالنهي عن الربح الكثير، فلقد روي عن الإمام أحمد كراهة الربح الكثير، قال جعفر بن محمد: سمعت أبا عبد الله يقول: بيع النسيئة إذا كان مقارباً فلا بأس به. قال البعلي في " الاختيارات " لشيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكره رواية جعفر بن محمد: وهذا يقتضي كراهة الربح الكثير الذي يزيد على قدر الأجل، لأنه يشبه بيع المضطر.

أما سؤالك: هل يجوز للتاجر شراء هذه البضاعة من المشتري أو من دلاله.

فجوابه: المسألة من صور مسائل العينة، وهي محرمة بجميع صورها. وعليه فلا يجوز لهذا التاجر الدائن شراء بضاعة مدينه منه، لأن ذلك ذريعة إلى الربا.

(ص ـ ف 1036 ـ 1 في 8/4/87هـ)

(1572 ـ وإذا وعده في " مسألة التورق" أن تكون العشرة خمسة عشر قبل أن يشتري البضاعة)

من محمد بن إبراهيم إلى المكرمين ناصر بن عبد العزيز الجوفان وحمد العبد الله الشعلان

سلمهما الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

(1) وهي التورق. وسميت دينة لأن الثمن يبقى ديناً في ذمة المشتري.

ص: 63

جرى الاطلاع على خطابكما المؤرخ في 19/1/1387هـ وقد سألتما فيه عن رجل استدان من آخر، ولما قبض المستدين البضاعة منه استقرض من التاجر بقدر ثمن البضاعة أو أكثر أو أقل، ثم بعدئذ أمر المستدين التاجر أن يسلم البضاعة لمحرج يبيعها، نظراً إلى أنه في بلد نائي عن بلد التاجر، وكان الدافع أن يستقرض قبل بيع البضاعة هو حاجته العاجلة، ثم بعد البيع يأخذ التاجر قيمة البضاعة تسديداً للقرض الذي أقرضه المستدين. فما حكم هذا النوع؟ وإذا سلمها المستدين نفسه للمحرج وأمر المحرج أن يسلم للتاجر قيمة القرض، وكان الوكيل هو التاجر أقرض المستدين أو لم يقرضه: فما الحكم أيضاً؟ وإذا تماثل رجل مع آخر على أن تكون العشرة خمسة عشر، علماً أن البضاعة لم تشتر بعد، ثم اشتراها وباعها على المستدين على ما تماثلا عليه، فما الحكم؟ وقد طلبتما أن نذكر لكما شيئاً من صور الربا الممنوعة.

والجواب: الحمد لله وحده. العقود التي ذكرتم من البيع والقرض والوكالة صحيحة، إلا العقد الأخير فلا يصح.

أما صحة العقود فبناء على الأصل، ولم تشتمل علىما يمنع صحتها وأما العقد الأخير فعدم صحته لأن التماثل الذي اتفقنا عليه أولاً: إما أن يكون عقداً أو وعداً. فإن كان عقداً فلا يصح، لأنه عقد على ما لا يملكه البائع، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" لا تبع ماليس عندك"(1) وإن كان وعداً فيكون منعه من باب سد الذرائع فإنه إذا فتح هذا الباب للناس تساهلوا فصاروا يبيعون ما ليس عندهم، وقد تقرر أن الوسائل لها حكم الغايات في المنع.

(ص ـ ف 2591 ـ 1 في 16/6/1387هـ)

(1) أخرجه الترمذي.

ص: 64

(1573 ـ أخذ منه " وعده" (1) ليوفيه منها)

س: الوعده إذا حلت يقول: أنا سآخذ وعده من أحد، وسأبيعها وأوفيك على كل حال، ولا عندي شيء، أتأخذها أنت؟ .

جـ: هذه كثيراً ما توقع في ربا. وتفاصيلها مرة أخرى. (تقرير)

(1574 ـ التسعير منه ما هو ظلم، ومنه ما هو عدل واجب)

(وتسعير أجور العقار)

الحمد لله وحده وبعد:

فقد جرى بيننا وبين بعض إخواننا طلبة العلم بحث في " مسألة التسعير" وحكمه، ورغب إلي الكتابة، فاستعنت فيه الله تعالى وأمليت فيها ما يأتي:

الحمد لله وحده. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد: فغير خاف أن التسعير من المسائل التي اختلف في حكمها العلماء. فذهب جمهورهم إلى منعه مطلقاً، مستدلين على ذلك بما روى أبو داود وغيره، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه قال:" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يارسول الله سعر لنا فقال: بل ادعو الله. ثم جاء رجل فقال: يارسول الله سعر لنا فقال: بل الله يرفع ويخفض وإني لأرجو أن ألقى الله وليست لأحد عندي مظلمة " وبما روى أبو داود والترمذي وصححه، عن أنس قال: " غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه

(1) وهي التورق كما تقدم.

ص: 65

وسلم فقالوا: يارسول الله لو سعرت فقال إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ".

وهذا (1) الشافعي، وهو قول أصحاب الإمام أحمد: كأبي حفص العكبري، وا لقاضي أبي يعلى، والشريف أبي جعفر، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وغيرهم، قال في " الشرح الكبير" وليس للإمام أن يسعر على الناس، بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون، وهذا مذهب الشافعي، وكان مالك يقول: يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس: بع كما يبيع الناس، وإلا فاخرج عنا. احتج بما روى الشافعي وسعيد بن منصور، عن داود بن صالح، عن القاسم بن محمد، عن عمر، أنه مر بحاطب في سوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعر له مدين بكل درهم فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيباً، وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت. لأن في ذلك إضراراً بالناس إذا زاد، وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع.

ولنا ما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه: " أنه غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يارسول الله غلا السعر فسعر لنا فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وعن أبي سعيد مثله.

(1) كذا بالأصل ولعله: مذهب.

ص: 66

فوجه الدلالة من وجهين: "أحدهما" أنه لم يسعر وقد سألوه ذلك، ولو جاز لأجابهم إليه. " الثاني": أنه علل بكونه مظلمة والظلم حرام إلى آخر ما ذكره.

وأجابوا على منع عمر رضي الله عنه حاطب بن أبي بلتعة ـ أن يبيع زبيبة بأقل من سعر السوق ـ بأن في الأثر أن عمر لما رجع حاسب نفسه، ثم أتى حاطباً في داره، فقال: إن الذي قلت لك ليس بمعرفة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع.

وقالوا بعد ذلك في توجه المنع: بأن الناس مسلطون على أموالهم فإجبارهم على بيع لا يجب، أو منعهم مما يباح شرعاً ظلم لهم، والظلم حرام، فالتسعير بمثابة الحجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة من المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن. وإذا تقابل الأمران وجب تمكن الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم" (1) .

وذهب بعضهم إلى جواز التسعير إذا كان للناس سعر غالب فأراد بعضهم أن يبيع بأغلا من ذلك أو بأنقص، واحتجوا بما رواه مالك في موطئه، عن يونس بن سيف، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيباً له بالسوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.

(1) سورة النساء آية 29.

ص: 67

قال مالك: لو أن رجلاً أراد فساد السوق فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال إما لحقت بسعر الناس، وإما رفعت. وأما أن يقول للناس كلهم يعني لا تبيعوا إلا بسعر كذا فليس ذلك بالصواب.

كما ذهب بعضهم إلى أن للإمام أن يحد لأهل السوق حداً لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب، روى أشهب عن مالك: في صاحب السوق يسعر على الجزارين لحم الضأن بكذا ولحم الإبل بكذا وإلا أخرجوا من السوق. قال: إذا سعر عليهم قدر ما يرى من شرائهم فلا بأس به. ولكن لا يأمرهم أن يقوموا من السوق.

واحتجوا على جواز ذلك بأن فيه مصلحة للناس بالمنع من غلاء السعر عليهم، ولا يجبر الناس على البيع، وإنما يمنعون من البيع بغير السعر الذي يحده ولي الأمر على حسب ما يرى من المصلحة فيه للبائع والمشتري.

وردوا على المانعين منه مطلقاً: أن الاستدلال بقوله صلى الله عليهوسلم: " إن الله هو المسعر القابض الباسط" إلى آخره قضية معينة، وليست لفظاً عاماً، وليس فيها أن أحداً امتنع من بيع مالناس يحتاجون إليه، بل جاء في حديث أنس التصريح بداعي طلب التسعير وهو ارتفاع السعر في ذلك، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الزيادة على ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشترك فقال:" من أعتق شركاً له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد " قال ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية": فلم يمكن المالك أن يساوم المعتق بالذي يريد، فإنه لما وجب عليه أن يملك شريكه المعتق نصيبه الذي

ص: 68

لم يعتقه لتكميل الحرية في العبد قدر عوضه بأن يقوم جميع العبد قيمة عدل، ويعطيه قسطه من القيمة، فإن حق الشريك في نصف القيمة لا في قيمة النصف عند الجمهور. وصار هذا الحديث أصلاً في أن ما لا يمكن قسمة عينه فإنه يباع ويقسم ثمنه إذا طلب أحد الشركاء ذلك إجماعاً. وصار ذلك أصلاً في أن وجبت عليه المعاوضة أجبر على أن يعاوض بثمن المثل لا بما يزيد عن الثمن. وصار أصلاً في جواز إخراج الشيء عن ملك صاحبه قهراً بثمنه للمصلحة الراجحة كما في الشفعة. وصار أصلاً في وجوب تكميل العتق بالسراية مهما أمكن.

والمقصود أنه إذا كان الشارع يوجب إخراج الشيء عن ملك مالكه يعوض المثل لمصلحة تكميل العتق ولم يمكن المالك من المطالبة بالزيادة على القيمة فكيف إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم وهم إليها أضر مثل حاجة المضطر إلى الطعام والشراب واللباس وغيره. وهذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من تقويم الجميع قيمة المثل هو حقيقة التسعير.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه على التسعير في " الجزء الثامن والعشرين " من فتاواه الكبرى: والمقصود هنا أنه إذا كانت السنة قد مضت في مواضع بأن على المالك أن يبيع ماله بثمن مقدر إما بثمن المثل وإما بالثمن الذي اشتراه به لم يحرم مطلقاً تقدير الثمن. ثم إن ما قدر به النبي صلى الله عليه وسلم في شراء نصيب المعتق هو لأجل تكميل الحرية وذلك حق الله وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله.

إلى أن قال: وحاجة المسلمين إلى الطعام واللباس وغير ذلك من

ص: 69

مصلحة عامة، وليس الحق فيها لواحد بعينه، فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية إلى أن قال: وأبعد الأئمة عن إيجاب المعاوضة وتقديرها هو الشافعي، ومع هذا فإنه يوجب على من اضطر الإنسان إلى طعامه أن يعطيه بثمن المثل. وتنازع أصحابه في جواز التسعير للناس إذا كان بالناس حاجة، ولهم فيه وجهان. وقال أصحاب أبي حنيفة: لا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس إلا إذا تعلق به حق ضرر العامة، فإن كان أرباب الطعام يتعدون ويتجاوزون القيمة تعدياً فاحشاً وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير سعر حينئذ بمشورة أهل الرأي والبصيرة، وإذا تعدى أحد بعدما فعل ذلك أجبره القاضي أهـ كلامه رحمه الله.

والذي يظهر لنا وتطمئن إليه نفوسنا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: من التسعير ما هو ظلم، ومنه ماهو عدل جائز فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضون، أو منعهم ما أباحه الله لهم فهو حرام. وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم ما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب. فما قدره النبي صلى الله عليه وسلم من الثمن سراية العتق هو لأجل تكميل الحرية وهو حق لله، وما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله، فحاجة المسلمين إلى الطعام والشراب واللباس ونحو هذه الأمور مصلحة عامة ليس الحق فيها لواحد بعينه، فتقدير الثمن فيها بثمن المثل على من وجب عليه البيع أولى من تقديره لتكميل الحرية.

ص: 70

فالتسعير جائز بشرطين:

" أحدهما ": أن يكون التسعير فيما حاجته عامة لجميع الناس.

"والثاني": ألا يكون سبب الغلاء قلة العرض أو كثرة الطلب. فمتى تحقق فيه " الشرطان " كان عدلاً وضرباً من ضروب الرعاية العامة للأمر كتسعير اللحوم والأخباز والأدوية ونحو هذه الأمور مما هي مجال للتلاعب بأسعاره أو ظلم الناس في بيعها.

وإن تخلفنا أو أحدهما كان ذلك ظلماً وداخلاً فيما نص عليه حديثا أنس وأبي هريرة المتقدمان، وهو عين ما نهى عنه عمر بن عبد العزيز عامله على الابله حين حط سعرهم لمنع البحر، فكتب إليه: خل بينهم وبين ذلك، فإنما السعر بيد الله.

والخلاصة أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير فعلى ولي الأمر أن يسعر عليهم فيما تحقق فيه الشرطان المتقدمان تسعير عدل لا وكس ولا شطط. فإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل.

بقيت الإشارة إلى حكم التسعير في أجور العقار. وهل هو داخل في حكم الممنوع، أم الجائز.

تقدم فيما سبق أن التسعير لا يجوز إلا بتحقق شرطين: (أحدهما) أن يكون فيها حاجة عامة لجميع الناس.

(الثاني) ألا يكون سبب الغلاء قلة العرض أو كثرة الطلب.

والمساكن المعدة للكراء ليست فيها حاجة عامة لجميع الأمة بل الغالب من الناس يسكنون في مساكن يملكونها، وإذا كان هناك غلاء في أجرة المساكن المعدة للكراء في مدن المملكة فليست نتيجة

ص: 71

اتفاق أصحابها على رفع أجار سكناها، ولا الامتناع من تأجيرها، وإنما سببه في الغالب قلة العقار المعد للكراء، أو الكثرة الكاثرة من طالبي الاستئجار، أو هما جميعاً. فتسعير أجار العقار بهذا ضرب من الظلم والعدوان، فضلاً عن أنه يحد من نشاط الحركة العمرانية في البلاد ، وذلك لا يتفق مع مصلحة البلاد وما تتطلبه عوامل نموها وتطورها. وبالله التوفيق. قال ذلك وأملاه الفقير إلى ربه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف مصلياً علىمحمد وعلى آله وصحبه وسلم (1) .

(ص ـ ف 2851 في 13/7/87هـ)

(1575 ـ التسعير أيضاً)

يحرم التسعير أن يحد للناس حداً لا يبيعون إلا به " إن الله هو المسعر القابض الباسط "

نعم إذاتجاوزوا الحد الشرعي مثل إنسان يتحيل أن بيع بأعلا من الناس والسعر راكد، أو يتواطأ خمسة على هذا لم يجز أو يبيع بأرخص عند مالك فإنه يمنع.

أما إذا شح الناس من أجل القل. والمدينة الغالب أن أشياها تجي من خارج، فطلب من طلب من النبي فلم يجب إلى ذلك، بل بين أن ذلك ظلم. (تقرير)

س: النقنين الذي يرد من الحكومة.

جـ: هذا هو التسعير. لكن بعض البياعين ما يكفيهم ربح المثل. فالذين يراعون هذا بعضهم يراعى المراعاة الشرعية المطلقة (تقرير) .

(1) قلت: وله نصيحة في " الدرر السنية" مع غيره من المشائخ في حكم تسعير العملات (انظر جـ 7 ص 384) .

ص: 72

(1576 ـ تسعير البضائع التي اشتريت بالعمل الأجنبية التي دفعتها الحكومة إلى التجار)

حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية نفع الله المسلمين بعلمه وحفظه وأبقاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لايخفى على فضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ أن البلاد تمر بأزمة مالية بسبب اختلاف العملة في البلاد الخارجية، وحاجة البلاد لاستيراد ما يحتاجه الناس من المؤن والكساء، ومن وسائل النقل كالسيارات وأدواتها، ومكائن الزراعة وأدواتها، إلى غير ذلك مما تمس الحاجة إليه. وبالنظر لأن العملة السعودية المتداولة في البلاد لا يمكن شراء الحاجات بها من الخارج، وبالنظر لأن الحكومة لديها العمل الأجنبية التي يمكن شراء حاجات البلاد وهي التي تمون التجار بها، ولكن أكثر التجار إن لم يكن كلهم أخذوا يستغلون هذا الموقف حيث يأخذون هذه العملة بسعر معين من الحكومة لشراء ما يحتاجونه، وعند ورود السلعة يحتسبون قيمتها على أساس سعر العمل الأجنبية في السوق وليس بالسعر التي تسلمه الحكومة لهم، وبهذا زاد الأمر على المستهلك، واستفاد التاجر استفادة فاحشة.

وحيث أن هؤلاء التجار لا يستوردون من الخارج إلا ما ترخص به الحكومة لهم أن يستوردوه، ولا يشترون هذه الأشياء إلا بالنقد الذي تدفعه الحكومة لهم، مع الملاحظة أن أكثر هؤلاء التجار يحتكرون الأصناف التي يستوردونها باعتبار أنهم يوردون لشركات أجنبية هم الوكلاء الوحيدون لها، ولا يوجد من ينافسهم على بضاعتهم

ص: 73

فهل والحالة هذه يجوز للحكومة أن تسعر البضائع التي ترخص باستيرادها، وتعطى النقود الأجنبية للتاجر لشرائها، بحيث تجعل للتاجر ربحاً معقولاً ويستطيع المستهلك أن يستحصل على حاجته بسعر معقول لا غبن فيه.

أما ما يستورده الناس بغير رخصة من الحكومة ولا يأخذون أموالاً من الحكومة لشرائه، وكذلك الاشياء التي هي من حاصلات البلاد، فالناس أحرار في بيعها وشرائها.

والذي يستأذن في تسعيره الآن هي البضائع التي رخصت الحكومة باستيرادها ودفعت للمستورد نقداً أجنبياً مشروطة فيه جلب بضائعها بعينها. أفتونا مأجورين، والله يحفظكم ويتولاكم بتوفيقه.

الجواب: الحمد لله. البضائع التي اشتريت بالعمل الأجنبية التي دفعتها الحكومة إلى التجار ليشتروا بها ويبيعوها داخل المملكة تسهيلاً على المسلمين ورفقاً بهم، من اعتبر فيه رأس المال بحسب دخولها عليه فإنها لا تسعر عليهم. كما لا يسعر عليهم منتوجات أوطانهم، وكما لا يسعر عليهم في متجراتهم الحرة التي تم شراؤها بأموالهم واختيارهم فهلم بيعها، ولا تسعير عليهم فيها، ولا تقدير عليهم في أرباحها.

وأما من اعتبر رأس مالها ما تبلغه بالنسبة إلى عملة الوطن. فهذا خاطئ، ومخالف لمقصود الملك ـ وفقه الله ـ من الرفق بالمسلمين والتسهيل عليهم. وإذا سعر على هؤلاء واعطوا ربح المثل فقط. فلا أرى بذلك بأساً، لكون أولئك التجار دخولا على شرط لفظي أو معنوي حقيقته أن يسيروا في ذلك على وفق مراد الملك

ص: 74

المنوه عنه آنفاً من التيسير على المسلمين والتسهيل عليهم. والله الموفق.

قاله الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم آل الشيخ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

20/2/1377هـ (الختم)

(هذه من الفتاوى التي أرسلت إليّ من ديوان رئاسة مجلس الوزراء ضمن البيان رقم 27903 ـ 3)

(1577 ـ التسعير على الجزارين)

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم رئيس بلدية الرياض

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إليكم المعاملة الواردة لنا منكم برقم 1979 في 11/8/74هـ المختصة بدعوى الجزارين الذين يبيعون اللحم بسعر زائد عما يبيعه غيرهم.

ونفيدكم أنه يتعين إلزامهم بالبيع مثل ما يبيع غيرهم والسلام عليكم.

(ص ـ م 889 في 18/8/74هـ)

(1578 ـ الاحتكار)

" لا يحتكر إلا خاطئ"(1) .

مفيد المنع من الاحتكار. والاحتكار هو ادخار الأقوات والتربص بها زمن الغلاء (2) قيل: إنه مختص بقوت الآدميين. وقيل: والبهائم.

(1) أخرجه مسلم.

(2)

ويأتي.

ص: 75

ومن المعلوم أن أضر ذلك قوت الآدميين.

والحديث هذا ـ والله أعلم ـ فيه صلاحية للدلالة على الجميع. ويمكن أن يقال إنه لا يقع الإضرار إلا بقوت الآدميين.

فإذا وجد محتكر أجبره الإمام على البيع، فإن فعل فذاك، وإلا يؤخذ منه ويباع له، وإن كان المقام يحتاج إلى تعزيز فإنه يعزز، ولا يؤخذ شيء من المال إلا بمقدار التنكيل لا أكثر، فليس للتشهي، فإن المسلم حرام المال، ولا يحل إلا بحقه. (تقرير)

الاحتكار يحرم، ويتبعه (1) الادام كالقهوة وشبهها مما يؤدم به. وهو أن يعمد إلى السوق فيشتري منه لينتظر به الغلاء، كونه يجيء ويشتري من سوق الناس وهو تاجر كبير، فإنهم يتصورون أنه سيستوعب كثيراً، ويظنون أنه ماشرى إلا لشيء " أولاً" تقل الأقوات. " ثانياً" المضايقة بالثمن في الغلاء.

أما الذي جاءه ويتربص به فليس من الاحتكار.

الشراء الذي لا يؤثر على سعر السوق لا يدخل في الاحتكار كألف كيس، بل قد يكون من أسباب الرخص جمعه أموالاً والسوق ماشي، هذا ما يدخل (تقرير ثان)

(1579 ـ الامتياز)

الامتياز لا يصح شرعاً (2)

(1) يتبع الأقوات.

(2)

انظر فتوى تقدمت في الحج في طلب منح امتياز مجزرة منى بتاريخ 5/12/72هـ.

ص: 76