المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(391) باب القسم بين الزوجات - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٦

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(388) باب الولد للفراش

- ‌(389) باب العمل بإلحاق القائف

- ‌(390) باب ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عقب الزفاف

- ‌(391) باب القسم بين الزوجات

- ‌(392) باب جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها

- ‌(393) استحباب نكاح ذات الدين ونكاح البكر

- ‌(394) باب الوصية بالنساء

- ‌كتاب الطلاق

- ‌(395) باب تحريم طلاق الحائض

- ‌(396) باب طلاق الثلاث وكفارة من حرم امرأته ولم ينو الطلاق

- ‌(397) باب تخيير الرجل امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية

- ‌(398) باب المطلقة البائن في عدتها سكنها ونفقتها وخروجها

- ‌(399) باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها

- ‌(400) باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة

- ‌كتاب اللعان

- ‌(401) باب اللعان

- ‌كتاب العتق

- ‌(402) باب عتق الشركاء، والولاء، وفضل العتق

- ‌كتاب البيوع

- ‌(403) باب بيع الملامسة والمنابذة والحصاة وحبل الحبلة وبيع الغرر

- ‌(404) باب بيع الرجل على بيع أخيه، وسومه على سومه وخطبته على خطبته والنجش والتصرية، وتلقي الركبان وبيع الحاضر للبادي، وسؤال المرأة طلاق أختها

- ‌(405) باب بيع المبيع قبل قبضه وبيع الصبرة المجهولة القدر

- ‌(406) باب خيار المجلس للمتبايعين، وقول أحدهما: لا خلابة

- ‌(407) باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها وعن بيع المزابنة والترخيص في العرايا والنهي عن بيع المحاقلة والمخابرة والمعاومة والسنين والاستثناء

- ‌(408) باب كراء الأرض

- ‌كتاب المساقاة والمزارعة

- ‌(409) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(410) باب فضل الغرس والزرع

- ‌(411) باب وضع الجوائح، وفضل إنظار المعسر والتجاوز عن الموسر

- ‌(412) باب مطل الغني ومشروعية الحوالة

- ‌(413) باب بيع فضل الماء، وضراب الفحل

- ‌(414) باب اقتناء الكلب، وبيعه، وحلوان الكاهن ومهر البغي، وأجر الحجامة

- ‌(415) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

- ‌(416) باب الربا

- ‌(417) باب الحلال بين والحرام بين، وبينهما متشابهات

- ‌(418) باب بيع البعير واستثناء ركوبه

- ‌(419) باب اقتراض الحيوان وحسن الوفاء

- ‌(420) باب بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً

- ‌(421) باب الرهن

- ‌(422) باب السلم

- ‌(423) باب تحريم الاحتكار في الأقوات

- ‌(424) باب النهي عن الحلف في البيع

- ‌(425) باب الشفعة

- ‌(426) باب غرز الخشبة في جدار الجار

- ‌(427) باب تحريم الظلم وغصب الأرض

- ‌كتاب الفرائض

- ‌(428) باب اختلاف الدين - الفرائض والعصبات - الكلالة النبي أولى بالمؤمنين

- ‌كتاب الهبات

- ‌(429) باب الرجوع في الصدقة والهبة

- ‌(430) باب تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة

- ‌(431) باب العمرى والرقبى

- ‌كتاب الوصية

- ‌(432) باب الوصية وكتابتها

- ‌كتاب النذر

- ‌(433) باب النذر والقدر

- ‌كتاب الأيمان

- ‌(434) باب النهي عن الحلف بغير اللَّه تعالى

- ‌(435) باب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها

- ‌(436) باب اليمين على نية المستحلف

- ‌(437) باب الاستثناء في اليمين وغيرها

- ‌(438) باب الإصرار على اليمين

- ‌(439) باب نذر الكافر إذا أسلم

- ‌(440) باب معاملة المماليك

- ‌كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات

- ‌(441) باب القسامة

- ‌(442) باب المحاربين والمرتدين

- ‌(443) باب القصاص في القتل بالحجر وغيره

- ‌(444) باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه والقصاص في الأسنان وما في معناها

- ‌(445) باب حرمة الدماء والأعراض والأموال

- ‌(446) باب صحة الإقرار بالقتل

- ‌(447) باب دية الجنين، ووجوب الدية في قتل الخطأ

- ‌كتاب الحدود، والنهي عن الشفاعة فيها

- ‌(448) باب حد السرقة ونصابها

- ‌(449) باب حد الزنا

- ‌(450) باب حد الخمر

- ‌(451) باب قدر سوط التعزير

- ‌(452) باب الحدود كفارات لأهلها

- ‌(453) باب جرح العجماء جبار، والمعدن، والبئر

الفصل: ‌(391) باب القسم بين الزوجات

(391) باب القسم بين الزوجات

3207 -

عن أنس رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة. فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع. فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها. فكان في بيت عائشة. فجاءت زينب. فمد يده إليها. فقالت: هذه زينب فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده. فتقاولتا حتى استخبتا. وأقيمت الصلاة. فمر أبو بكر على ذلك. فسمع أصواتهما. فقال: اخرج، يا رسول الله إلى الصلاة. واحث في أفواههن التراب. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة: الآن يقضي النبي صلى الله عليه وسلم صلاته فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أتاها أبو بكر. فقال لها قولاً شديدًا. وقال: أتصنعين هذا؟ .

-[المعنى العام]-

خدم أنس رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، إذ قدمته أمه وهو ابن عشر سنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخدمه فور قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فكان يطلع على بعض الأمور الخاصة التي تحدث في بيته صلى الله عليه وسلم، كهذه القصة، وإخباره رضي الله عنه بها من قبيل التبليغ لأحكام الشريعة، وليس من قبيل التشهير أو كشف الأسرار.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بإحدى عشرة امرأة، مات في حياته ثنتان. خديجة وزينب بنت خزيمة رضي الله عنهما، ومات صلى الله عليه وسلم عن تسع، غير سريته مارية القبطية، وليس لها في الشريعة قسم. ومن كرم خلقه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدخل عليهن الأنس والسرور كل يوم، كان يستخدم أسلوبًا ثابتًا في أيام السلم والإقامة بالمدينة. كان يصلي العصر، فيدخل على كل واحدة منهن في بيتها، تقول عائشة رضي الله عنها:"كل يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعًا، فيقبل، ويلمس ما دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هي يومها بات عندها" ومعنى هذا أنه كان يؤخر صاحبة النوبة حتى يطوف على صاحباتها هذه لفتة عطف وحنان وأنس ورحمة وكرم، ليست واجبة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا على أمته، ولكنه الخلق الكريم.

لفتة أخرى يصورها حديثنا لا تقل عن اللفتة السابقة، لفتة ترفع الغل والحقد بين الضرائر، وتغرس التواد والتقارب بينهن، كن يجتمعن في كل ليلة في بيت التي يأتيها صاحبة الليلة، يتحدثن معه صلى الله عليه وسلم، ويتحدث معهن، ويأنس بهن جميعًا، ويأنسن به.

ص: 21

نعم كانت هذه اللفتة محفوفة بالأخطار، فحركاته صلى الله عليه وسلم وسكناته مع كل واحدة منهن محسوبة عليه من الأخريات، مداعباته، بل نظراته مراقبة منهن بدافع الغيرة وفرط الحرص.

إنها لفتة محفوفة بالأخطار، فقد يفعل فعلاً، أو يتحرك حركة، أو يقول كلمة تحمل على غير وجهها، وتثير في إحداهن حساسية ما وانفعالاً، كما في هذه الحادثة.

في ليلة عائشة، وفي بيتها اجتمع بعض زوجاته صلى الله عليه وسلم، ودخلت أم المؤمنين زينب بنت جحش، وهي التي كانت تسامي عائشة جمالاً واعتزازًا وشموخًا ودلالاً - فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليها، قد يكون ربت على كتفها، أو لمس وجهها، أو مسح على شعرها، زوجته، ومن حقه، وليس من حق صاحبة الليلة سوى المبيت، وليس ممنوعًا في القسم إلا وطء غير صاحبة الليلة، لكن غيرة عائشة جعلتها تلفت نظره صلى الله عليه وسلم إلى رعاية مشاعرها، وبأدب جم، وابتسامة ناطقة، ودلال نادر تقول له: إنها - أي التي وضعت يدك عليها - زينب وليست عائشة، ويبتسم صاحب الخلق العظيم، ويهز رأسه موافقًا، ويرفع يده عن زينب، وتثور زينب، وتناوش عائشة، وتثور عائشة وتهاجم زينب، وترتفع أصواتهما، ويزداد صخبهما، وصاحب الخلق العظيم يبتسم ولا يتدخل، يقدر طبيعة المرأة في كل منهما، يقدر حب وحرص كل منهما، يقدر شخصية واعتزاز كل منهما، وأقيمت الصلاة، ومر أبو بكر على باب عائشة في طريقه إلى المسجد فسمع الصخب، وعرف فيه صوت ابنته، فاستأذن ودخل، فسكتتا، ورأى أبو بكر أن الوقت لا يسمح بمحاسبة ابنته فقد أقيمت الصلاة، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم لا تكتم أنفاسهما؟ لم لا تملأ أفواههما بالتراب؟ هيا بنا إلى الصلاة. وأيقنت عائشة أن أباها سيعود بعد الصلاة لمعاقبتها، فقد عودها أن يؤدبها في بيت زوجها إن أساءت إلى مقامه صلى الله عليه وسلم. أخذت تفكر وتفكر فيما سيكون من أبيها، حتى كان ما حسبته وقدرته. جاء رضي الله عنه بعد الصلاة، فقال لها قولاً شديدًا، تهذيبًا وتأنيبًا، لم يسأل عن السبب فقد يكون خاصًا مستورًا، ولكنه اكتفى بتوجيه ابنته أن تحذر الصخب وارتفاع الصوت واللغط في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-[المباحث العربية]-

(تسع نسوة) هذا ما كان عليه الأمر في أخريات حياته صلى الله عليه وسلم، وهن اللاتي توفي عنهن، وهن عائشة وسودة وحفصة وأم سلمة وزينب وأم حبيبة وميمونة وجويرية وصفية. رضي الله عنهن، و"نسوة" بكسر النون وضمها، لغتان. الكسر أفصح وأشهر، وبه جاء القرآن.

(لا ينتهي إلى المرأة الأولى) أي لا يصل، أي لا ينتهي منهن وينتقل إلى المرأة الأولى.

(إلا في تسع) أي إلا في تاسع ليلة، إذ يمر على ثمان في ثمان، فقول النووي: لا ينتهي إلى الأولى إلا بعد انقضاء التسع معناه بما فيها ليلة الأولى.

ص: 22

(في بيت التي يأتيها) أي يضاجعها، أي صاحبة الليلة.

(فجاءت زينب) أي بنت جحش، بنت عمته أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج امرأة أخرى اسمها زينب بنت خزيمة، لكنها ماتت بعد شهرين من زواجها منه صلى الله عليه وسلم، فليست المرادة هنا.

(فقالت: هذه زينب) أي فقالت عائشة، كما هو معلوم من السياق، وإن كان فيه تشتيت للضمائر. وليس المقصود الإفادة بأنها زينب، بل المقصود لازم الفائدة، أي ليست عائشة صاحبة الليلة ومقدماتها.

(فتقاولتا) أي افتعلت كل منهما القول وتكلفته ودفعته نحو الأخرى، تتنازعان أحقية هذه اللمسة.

(حتى استخبتا) بالتاء المثناة المفتوحة ثم الخاء المفتوحة، ثم الباء المفتوحة، ثم تاء المؤنثة، يقال: استخب بالسين، من السخب، واصطخب من الصخب بمعنى، وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها. هكذا هو في معظم الأصول، وهو رواية الجمهور، وفي بعض النسخ "استخبثتا" أي قالتا الكلام الرديء الخبيث، وفي بعضها "استحيتا" من الاستحياء، وفي بعضها "استحثتا" أي حثت كل واحدة في وجه الأخرى التراب، وهذا بعيد، ولعله تصحيف.

(فيفعل بي ويفعل) حذف المفعول وتكرير الفعل للتهويل.

(أتصنعين هذا) الاستفهام إنكاري توبيخي، بمعنى لا ينبغي، والمشار إليه الصخب فالمعنى: لا ينبغي ولا يليق أن تحدثي صخبا في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-[فقه الحديث]-

القسم والعدل بين الزوجات واجب على المسلمين. وفي وجوبه على النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، لكنه صلى الله عليه وسلم كان قائمًا به، بكل دقة.

قال النووي: مذهبنا أنه لا يلزمه أن يقسم لنسائه، بل له اجتنابهن كلهن، لكن يكره تعطيلهن مخافة من الفتنة عليهن، والإضرار بهن، فإن أراد القسم لم يجز له أن يبتدئ بواحدة منهن إلا بقرعة، ويجوز أن يقسم ليلة ليلة، وليلتين ليلتين، وثلاثًا ثلاثًا، ولا يجوز أقل من ليلة، ولا يجوز الزيادة على الثلاث إلا برضاهن. هذا هو الصحيح في مذهبنا، وفيه أوجه ضعيفة في هذه المسائل غير ما ذكرته.

واتفقوا على أنه يجوز أن يطوف عليهن كلهن، ويطأهن في الساعة الواحدة، برضاهن، ولا يجوز ذلك بغير رضاهن، وإذا قسم كان لها اليوم الذي بعد ليلتها، ويقسم للمريضة والحائض والنفساء لأنه يحصل لها الأنس به، ولأنه يستمتع بها بغير الوطء، من قبلة ونظر ولمس وغير ذلك.

ص: 23

قال أصحابنا: وإذا قسم لا يلزمه الوطء، ولا التسوية فيه، بل له أن يبيت عندهن، ولا يطأ واحدة منهن، وله أن يطأ بعضهن في نوبتها دون بعض، لكن يستحب ألا يعطلهن، وأن يسوي بينهن في ذلك. اهـ.

وسبب الخلاف في وجوب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} [الأحزاب: 51].

-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-

1 -

أنه لا يستحب أن يزيد المسلم في القسم على ليلة ليلة، والمراد اليوم مع الليلة، قال البدر العيني: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا يزاد في القسم على يوم وليلة، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال مالك وأبو ثور وأبو إسحاق المروزي من الشافعية، وحمل الشافعي ذلك على الأولوية، والاستحباب، ونص على جواز القسم ليلتين ليلتين، وثلاثًا ثلاثًا، وقال في المختصر: وأكره مجاوزة الثلاث، فحمله الأكثرون على المنع، ونقل عن نصه في الإملاء أنه كان يقسم مياومة - أي يومًا يومًا ومشاهرة - أي شهرًا شهرًا - ومسانهة - أي سنة سنة. قال الرافعي: فحملوه على ما إذا رضين، ولم يجعلوه قولا آخر، وحكي عن صاحب التقريب أنه يجوز أن يقسم سبعًا سبعًا، وعن الجويني وغيره أنه تجوز الزيادة ما لم تبلغ التربص بمدة الإيلاء، وقال إمام الحرمين: لا يجوز أن يبنى القسم على خمس سنين مثلاً، وحكى الغزالي في البسيط وجهًا: أنه لا تقدير بزمان، ولا توقيت أصلاً، فإنما التقدير إلى الزوج، وقال ابن المنذر: ولا أرى مجاوزة يوم، إذ لا حجة مع تخطي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غيرها، ألا ترى قوله في الحديث "إن سودة وهبت يومها لعائشة"؟ ولم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمته لأزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة لجاز خمسة وشهرًا، ثم يتخطى بالقول إلى ما لا نهاية له، فلا يجوز معارضته السنة.

والذي تستريح إليه النفس أنه يستحب ألا يزيد في القسم عن يوم وليلة، لئلا يعرض الحقوق للضياع، فقد يحال بينه وبين الوفاء بالحقوق بسبب المرض أو السفر أو العجز أو الموت.

2 -

أنه يستحب للزوج أن يأتي كل امرأة في بيتها، ليقضي معها ليلتها، ولا يدعوها إلى بيته، لكن إن دعا كل واحدة في نوبتها إلى بيته كان له ذلك، وهو خلاف الأفضل، ولو دعاها إلى بيت ضرائرها لم تلزمها الإجابة، ولا تكون بالامتناع ناشزة، بخلاف ما إذا امتنعت من الإتيان إلى بيته، لأن عليها ضررًا في الإتيان إلى ضرتها. قاله النووي.

3 -

أخذ بعضهم أنه يستحب أن لا يمس امرأة في بيت الأخرى في ليلتها، وقد اعتذر بعض العلماء عن مد الرسول صلى الله عليه وسلم يده إلى زينب بأنه لم يكن عمدًا، بل ظنها عائشة صاحبة النوبة، قال: لأنه كان في الليل، وليس في البيوت مصابيح. وهذا اعتذار بعيد، فإن عائشة كانت موجودة من مدة وزينب دخلت، ومن الصعب أن نتصور اختلاطهما، وقيل: كان ذلك برضاهن. وهو بعيد أيضًا، فكلام عائشة ظاهر في عدم رضاها.

والذي تستريح إليه النفس أن مثل هذا مباح، وكف صلى الله عليه وسلم يده استجابة لأحاسيس عائشة، وإرضاء لها.

ص: 24

4 -

قد يحتج الحنفية به على أن اللمس لا ينقض الوضوء، قال النووي: ولا حجة فيه، فإنه لم يذكر أنه لمس بلا حائل، ولا أنه صلى ولم يتوضأ.

5 -

وفي الحديث ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق، ولطف المعاملة.

6 -

وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه، وشفقته ونظره في المصالح.

7 -

وفي قوله "اخرج إلى الصلاة، واحث في أفواههن التراب" إشارة المفضول على صاحبه الفاضل بما فيه مصلحته.

8 -

وفيه غيرة النساء، وطبيعة المرأة.

واللَّه أعلم

ص: 25