الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأذان
1 -
عن عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه رضى اللَّه عنه قال: طاف بى -وأنا نائم- رجل فقال: تقول: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، فذكر الأذان بتربيع التكبير بغير ترجيع، والاقامة فرادى إلا قد قامت الصلاة، قال: فلما أصبحت أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: (إنها لرؤيا حق) الحديث. أخرجه أحمد وأبو داؤد وصححه الترمذى وابن خزيمة، وزاد أحمد فى آخره قصة قول بلال رضى اللَّه عنه فى أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) ولابن خزيمة عن أنس رضى اللَّه عنه قال: من السنة إذا قال المؤذن فى الفجر حى على الفلاح قال: (الصلاة خير من النوم).
[المفردات]
(الأذان) الاعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
(عبد اللَّه بن زيد) هو عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه الأنصارى الخزرجى، شهد العقبة وبدرًا وما بعدها ومات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
(تربيع التكبير) أى تكريره أربعًا.
(ترجيع) الرجيع هو العود إلى الشهادتين برفع الصوت بعد قولهما مرتين بخفض الصوت.
(فرادى) أى لا تكرير فى ألفاظها إلا التكبير مرتين وإلا قد قامت الصلاة.
(من السنة) أى طريقة النبى صلى الله عليه وسلم المقررة
(حى على الفلاح) الفلاح الفوز والبقاء أى هلم إلى سبب ذلك.
[البحث]
قوله: فذكر الأذان بتربيع التكبير بغير ترجيع والاقامة فرادى إلا قد قامت الصلاة، هذا ليس من كلام عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه وإنما هو من كلام الراوى عنه تلخيصًا، ونص الحديث عن عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه قال: طاف بى من الليل طائف -وأنا نائم- رجل عليه ثوبان أخضران وفى يده ناقوس يحمله: قال: فقلت يا عبد اللَّه أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، اللَّه أكبر اللَّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، حى على الصلاة، حى على الصلاة، حى على الفلاح، حى على الفلاح، اللَّه أكبر اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه، قال: ثم استأخر غير بعيد قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، حى على الصلاة، حى على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة اللَّه أكبر اللَّه أكبر، لا إله إلا اللَّه، قال: فلما أصبحت أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الرؤيا حق إن شاء اللَّه) ثم أمر بالتأذين فكان بلال مولى أبى بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال: فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نائم، فصرخ بلال بأعلى صوته، الصلاة خير من النوم.
هذا وما رواه ابن خزيمة عن أنس -رضى اللَّه عنه- من قوله: من السنة إذا قال المؤذن فى الفجر حى على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم، قد رواه كذلك الدارقطنى والبيهقى عن أنس وقد صححه
ابن السكن، وقال الحافظ ابن سيد الناس اليعمرى: وهو إسناد صحيح.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية تربيع التكبير فى أول الأذان.
2 -
تثنية باقى الألفاظ.
3 -
إفراد كلمة التوحيد فى آخر الأذان.
4 -
زيادة: الصلاة خير من النوم فى أذان الفجر بعد حى على الفلاح من السنة.
2 -
وعن أبى محذورة رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم (علمه الأذان فذكر فيه الترجيع) أخرجه مسلم ولكنه ذكر التكبير فى أوله مرتين فقط ورواه الخمسة فذكروه مربعًا.
[المفردات]
(علمه الأذان) أى ألقاه صلى الله عليه وسلم عليه بنفسه.
[البحث]
لأبى محذورة قصة حاصلها: أنه خرج بعد الفتح إلى حنين هو وتسعة من أهل مكة فلما سمعوا الأذان أذنوا استهزاء بالمؤمنين فقال صلى الله عليه وسلم: (قد سمعت فى هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت) فأرسل إليهم فأذنوا رجلا رجلا، وكان أبو محذورة آخرهم فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم له حين أذن:(تعال) فأجلسه بين يديه ومسح على ناصيته ثم قال: (اذهب فأذن عند المسجد الحرام) فقال أبو محذورة: فعلمنى الأذان، وذكر فيه الترجيع أى فى الشهادتين ولفظه عند أبى داؤد: (ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن
محمدًا رسول اللَّه أشهد أن محمدًا رسول اللَّه تخفض بها صوتك) قال: (ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن محمدًا رسول اللَّه أشهد أن محمدًا رسول اللَّه).
هذا وقد رواه الخمسة عن أبى محذورة بتربيع التكبير واختلف النقل فى رواية مسلم عن أبى محذورة ففى بعض أصول صحيح مسلم التكبير مرتين وفى بعضها التكبير أربعا، قال ابن القطان: وقد وقع فى بعض روايات مسلم بتربيع التكبير وهى التى ينبغى أن تعد فى الصحيح، وعليه فتسلم الأحاديث من المعارضة، ولا يعارض الترجيع حديث عبد اللَّه بن زيد ابن عبد ربه السابق إذ أنه لم يرو عنه نفى الترجيع ولا شك أن فى حديث أبى محذورة زيادة وزيادة الثقة مقبولة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية الترجيع فى الشهادتين.
3 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: (أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الاقامة إلا الاقامة) يعنى إلا قد قامت الصلاة. متفق عليه ولم يذكر مسلم الاستثناء، وللنسائى أمر النبى صلى الله عليه وسلم بلالا.
[المفردات]
(أمر) أى أمر النبى صلى الله عليه وسلم بلالا كما سيأتى فى رواية النسائى.
(يشفع الأذان) أى يأتى بكلماته شفعًا أى زوجا.
(ويوتر الاقامة) أى يفرد ألفاظها.
[البحث]
عبارة (يشفع الأذان) صادقة على تربيع التكبير فى أوله وتثنية باقى الألفاظ فإن ذلك كله شفع وعبارة (يوتر الاقامة) يراد بها وتر
الشهادتين والحيعلتين فى الاقامة، ولا يعارض ذلك إفراد كلمة التوحيد فى آخر الأذان والاقامة وقوله لك تثنية التكبير فى أول الاقامة، إذ أن شفع الأذان وإفراد الاقامة بالنظر إلى أكثر الألفاظ، وعدم ذكر مسلم للاستثناء لا ينفيه لاسيما وقد ذكره البخارى.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن الأذان شفع.
2 -
وأن الاقامة فرادى إلا قد قامت الصلاة.
4 -
وعن أبى جحيفة رضى اللَّه عنه قال: (رأيت بلالا يؤذن وأتتبع فاه ههنا وههنا وإصبعاه فى أذنيه) رواه أحمد والترمذى وصححه. ولابن ماجه: (وجعل إصبعيه فى أذنيه) ولأبى داؤد: (لوى عنقه لما بلغ حى على الصلاة يمينًا وشمالا ولم يستدر) وأصله فى الصحيحن.
[المفردات]
(أبو جحيفة) هو وهب السوائى العامرى، من صغار الصحابة إذ توفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يبلغ الحلم ولكنه سمع منه، جعله علىّ على بيت المال، وتوفى بالكوفة سنة أربع وسبعين.
(أتتبع فاه) أى أنظر إلى فمه متتبعًا.
(ههنا وههنا) أى يمنة ويسرة. (وإصبعاه) أى إبهامهما.
(ولابن ماجه) أى من حديث أبى جحيفة
(ولابى داؤد) أى من حديث أبى جحيفة أيضًا.
(ولم يستدر) يعنى بجملة بدنه.
[البحث]
رواية أحمد والترمذى لم تبين محل الالتفات، وكذلك رواه البخارى
عن أبى جحيفة: أنه رأى بلالا يؤذن قال: فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان) ولم يبين محل الالتفات، وقد بين محل ذلك رواية أبى داؤد، وأصرح منها حديث مسلم:(فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يمينًا وشمالا يقول: حى على الصلاة حى على الفلاح) والمراد أنه كان يلتفت بفمه يمينًا وشمالا عند الحيعلتين، والالتفات بالفم يستلزم الالتفات بالرأس من غير استدارة بالجسم كله.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية الالتفات يمينًا وشمالا بالفم عند الحيعلتين.
5 -
وعن أبى محذورة رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أعجبه صوته فعلمه الأذان) رواه ابن خريمة.
[البحث]
تقدمت قصة خروج أبى محذورة إلى حنين واستحسانه صلى الله عليه وسلم ولصوته وأمره له بالأذان بمكة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
استحباب أن يكون صوت المؤذن حسا.
6 -
وعن جابر بن سمرة رضى اللَّه عنه قال: (صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة) رواه مسلم، ونحوه فى المتفق عليه عن ابن عباس -رضى اللَّه عنهما- وغيره.
[المفردات]
(غير مرة ولا مرتين) أى بل مرات كثيرة.
(ونحوه) أى نحو حديث جابر بن سمرة.
(فى المتفق عليه) أى الذى اتفق على إخراجه البخارى ومسلم.
(وغيره) أى غير ابن عباس وهو جابر بن عبد اللَّه.
[البحث]
قال فى الهدى النبوى: وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ فى الصلاة أى صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة ألا يفعل شئ من ذلك.
[ما يفيده الحديث]
1 -
عدم مشروعية الأذان والاقامة فى صلاة العيدين.
7 -
وعن أبى قتادة رضى اللَّه عنه فى الحديث الطويل فى نومهم عن الصلاة: (ثم أذن بلال فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما كان يصنع كل يوم) رواه مسلم.
[المفردات]
(عن الصلاة) أى صلاة الصبح.
[البحث]
الحديث الطويل فى نومهم عن صلاة الصبح رواه البخارى أيضًا عن أبى قتادة رضى اللَّه عنه قال: سرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول اللَّه: قال: (أخاف أن تناموا عن الصلاة) قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال:(يا بلال أين ما قلت؟ ) قال: ما ألقيت
علىّ نومة مثلها قط، قال:(إن اللَّه قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليم حين شاء، يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة) فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وابيضت، قام فصلى.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية التأذين للصلاة الفائتة.
8 -
وله عن جابر رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين) وله عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما: جمع بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة، زاد أبو داؤد (لكل صلاة) وفى رواية له:(ولم يناد فى واحدة منهما).
[المفردات]
(وله) أى ولمسلم.
(أتى المزدلفة) أى حينما انصرف من عرفات، والمزدلفة مكان بين عرفات ومنى، وفيه المشعر الحرام.
(وله عن ابن عمر) أى ولمسلم عن ابن عمر.
(بإقامة واحدة) أى لكل صلاة وقد قيد ذلك حديث ابن عمر عند أبى داؤد.
(زاد أبو داؤد) أى من حديث ابن عمر.
(وفى رواية له) أى لأبى داؤد عن ابن عمر.
(ولم يناد فى واحدة منهما) أى ولم يؤذن فى المغرب أو العشاء.
[البحث]
أفاد حديث جابر عند مسلم أذانا واحدًا وإقامتين فى الجمع بين صلاتى المغرب والعشاء بالمزدلفة، فيؤذن المؤذن ثم تقام الصلاة
ويصلى المغرب ثم تقام الصلاة وتصلى العشاء، وحديث ابن عمر عند مسلم يفيد إقامة واحدة لهما غير أن ابن عمر قيده فى رواية أبى داؤد (لكل صلاة) فيفيد ذلك أن لكل صلاة إقامة مستقلة بها، وقد ثبت ذلك صريحًا عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما فيما روى البخارى إنه رضى اللَّه عنه قال:(جمع النبى صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة) وإذن فلا معارضة بين حديث جابر وحديث ابن عمر، أما رواية أبى داؤد عن ابن عمر (ولم يناد فى واحدة منهما) فهى تعارض رواية جابر عند مسلم التى أثبتت الأذان، وتعارض كذلك ما رواه البخارى عن ابن مسعود الذى أثبت الأذان، ولا شك أن رواية أبى داود لا تقوى على معارضة ما رواه البخارى ومسلم، وإذن فقد ثبت الأذان، غير أن حديث ابن مسعود الذى رواه البخارى يفيد أن المشروع أذان للمغرب وأذان آخر للعشاء فيعارض حديث جابر عند مسلم الذى يثبت أذانا واحدًا للصلاتين.
والحق أن ما فى البخارى لا يعارض حديث جابر فإن عبارة أذان العشاء عند البخارى مقولة بالشك فيها: حدثنا عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: حج عبد اللَّه رضى اللَّه عنه فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبًا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر -أرى- فأذن وأقام، قال عمرو لا أعلم الشك إلا من زهير، ثم صلى العشاء ركعتين) وإذ قد ثبت أن فيما رواه البخارى شكا فى أذان جديد للعشاء فلا يعارض اليقين الذى عند مسلم فيما رواه جابر من إثبات أذان واحد للصلاتين.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن المشروع أذان واحد لصلاتى المغرب والعشاء جمعًا بالمزدلفة.
2 -
وأنه تقام الصلاة لكل صلاة منهما.
9 -
وعن ابن عمر وعائشة رضى اللَّه عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له: أصبحت أصبحت) متفق عليه، وفى آخره إدراج.
[المفردات]
(بليل) أى قبيل الفجر. (ينادى) أى يؤذن.
(أصبحت) أى دخلت فى الصباح والمراد هنا أول الصباح.
(وكان) أى ابن أم مكتوم.
(إدراج) أى من كلام الراوى وليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، والادراج من قوله: وكان رجلا أعمى إلى آخره.
[البحث]
لم يكن أذان بلال بليل إعلامًا بدخول وقت الصلاة كالأذان المشروع وإنما كان ينادى بألفاظ الأذان ليوقظ النائم، وليرجع القائم استعدادًا لتناول السحور فى رمضان.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية اتخاذ مناد يؤذن قبيل الفجر ليستيقظ النائم ويرجع القائم استعدادًا للسحور فى رمضان على أن يختص مناد آخر معلوم بالاذان للصبح.
2 -
مشروعية اتخاذ مؤذن أعمى للصبح على أن يخبره المبصرون بدخول الوقت.
3 -
جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة إذا كان القصد التعريف به.
10 -
وعن ابن عمر رضى اللَّه عنهما أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادى (ألا إن العبد نام) رواه أبو داؤد وضعفه.
[البحث]
هذا الحديث صرح بوقفه أكابر الأئمة كالبخارى وأحمد والذهلى وأبى داؤد وأبى حاتم والدارقطنى والأثرم والترمذى، وجزموا بأن من رفعه قد أخطأ فى رفعه، وبهذا لا يقوى على معارضة الحديث السابق المروى فى الصحيحين عن ابن عمر وعائشة رضى اللَّه عنهم.
11 -
وعن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) متفق عليه وللبخارى عن معاوية رضى اللَّه عنه مثله، ولمسلم عن عمر رضى اللَّه عنه فى فضل القول كما يقول المؤذن كلمة كلمة سوى الحيعلتين فيقول:(لا حول ولا قوة إلا باللَّه).
[المفردات]
(النداء) الأذان.
(كلمة كلمة) أى فى غير التكبير فى أوله فإن فيه كلمتين كلمتين، وكذلك التكبير الأخير فإنه دفعة واحدة.
(الحيعلتين) أى حى على الصلاة وحى على الفلاح.
(لا حول) الحول الحركة.
[البحث]
بين عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه فيما رواه مسلم عنه كيفية قول من يسمع الأذان فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا قال المؤذن اللَّه أكبر اللَّه أكبر فقال أحدكم اللَّه أكبر اللَّه أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا اللَّه قال اشهد أن لا إله إلا اللَّه ثم قال أشهد أن محمدًا رسول اللَّه قال أشهد أن محمدًا رسول اللَّه ثم قال حى على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا باللَّه، ثم قال حى على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا باللَّه ثم قال اللَّه أكبر اللَّه أكبر قال اللَّه أكبر اللَّه أكبر، ثم قال لا إله إلا اللَّه قال لا إله إلا اللَّه من قلبه دخل الجنة) وقد اختصر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث من كل نوع -سوى التكبير- شطره تنبيهًا على باقيه وليس معناه أن المؤذن يختصر بل يؤذن بالكامل المشروع ويحكيه سامعه، وقد أفاد حديث عمر أن السامع يحكى ما يقوله المؤذن سوى الحيعلتين، ولا معارضة بين حديث عمر هذا وبين حديث أبى سعيد الخدرى المتفق عليه الذى قد يفهم أن السامع يحكى كل كلمة حتى الحيعلتين فإن المراد بالمحاكاة فى الأكثر من الكلمات.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن من يسمع المؤذن يقول مثل ما يقول سوى الحيعلتين.
2 -
أنه يقول فى الحيعلتين: لا حول ولا قوة إلا باللَّه.
3 -
أن محاكاة الكلمة تكون بعد فراغ المؤذن منها.
12 -
وعن عثمان بن أبى العاص رضى اللَّه عنه أنه قال: يا رسول اللَّه اجعلنى إمام قومى، فقال:(انت إمامهم، واقتد بأضعفهم. واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرا) أخرجه الخمسة وحسنه الترمذى، وصححه الحاكم.
[المفردات]
(عثمان بن أبى العاص) هو أبو عبد اللَّه عثمان بن أبى العاص بن بشر الثقفى وفد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى وفد ثقيف، وكان أصغرهم سنا -له سبع وعشرون سنة- استعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الطائف فلم يزل عليها مدة حياة النبى صلى الله عليه وسلم، مات بالبصرة سنة إحدى وخمسين.
(واقتد بأضعفهم) أى واجعل أضعفهم قدوة لك، تصلى بصلاته تخفيفًا.
[البحث]
قال ابن المنذر: ثبت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبى العاص: (واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) وأخرج ابن حبان عن يحيى البكاء قال: سمعت رجلا قال لابن عمر: إنى لأحبك فى اللَّه فقال له ابن عمر: إلى لأبغضك فى اللَّه، فقال: سبحان اللَّه، أحبك فى اللَّه وتبغضى فى اللَّه! قال: نعم، إنك تسأل على أذانك أجرًا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
طلب اتخاذ المؤذن المحتسب الذى لا يأخذ على أذانه أجرًا.
2 -
جواز طب الامامة فى الخير إذا لم يرد بها الرياسة.
3 -
وجوب ملاحظة حال المصلين فيخفف لأجل الضعفاء.
13 -
وعن مالك بن الحويرث رضى اللَّه عنه قال: قال لنا النبى صلى الله عليه وسلم: (وإذا حفرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) الحديث أخرجه السبعة.
[المفردات]
(مالك بن الحويرث) هو مالك بن الحويرث الليثى وفد على النبى صلى الله عليه وسلم وأقام عنده عشرين ليلة، وسكن المجرة ومات بها سنة أربع وتسعين.
[البحث]
هذه قطعة من حدبث طويل أخرجه البخارى فى رواية عن مالك بن الحويرث قال: (أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فى نفر من قومى فأقمنا عنده عشرين ليس -وكان رحيما رفيقا- فلما رأى شوقنا إلى أهلينا قال (ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لم أحدكم وليؤمكم أكبركم).
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه لا يشترط فى الأذان غير الايمان لقوله (أحدكم).
14 -
وعن جابر رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لبلال: (إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله) الحديث، رواه الترمذى وضعفه.
[المفردات]
(فترسل) أى رتل ألفاظه واتئد فيها ولا تسرع فى سردها.
(فاحدر) أى أسرع. (الحديث) أى أتم الحديث.
[البحث]
تمام هذا الحديث: (والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء الحاجة، ولا تقوموا حتى ترونى) وهذا الحديث روى من طرق كلها واهية، قال الترمذى: لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم وإسناده مجهول.
15 -
وله عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤذن إلا متوضئ) وضعفه أيضًا.
[المفردات]
(وله) أى وللترمذى.
(أيضًا) أى كما ضعف الحديث السابق المروى عن جابر رضى اللَّه عنه.
[البحث]
هذا الحديث فيه انقطاع فقد رواه الزهرى عن أبى هريرة قال الترمذى: والزهرى لم يسمع من أبى هريرة، والراوى عن الزهرى ضعيف.
16 -
وله عن زياد بن الحارث رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ومن أذن فهو يقيم) وضعفه أيضًا، ولأبى داؤد من حديث عبد اللَّه بن زيد رضى اللَّه عنه أنه قال: أنا رأيته يعنى الأذان، وأنا كنت أريده، قال:(فأقم أنت) وفيه ضعف أيضًا.
[المفردات]
(وله) أى الترمذى.
(زياد بن الحارث) هو زياد بن الحارث الصدائى ممن بايع النبى صلى الله عليه وسلم، يعد فى البصريين.
(ومن اذن) عطف على ما قبله وهو: (إن أخا صداء قد أذن).
(عبد اللَّه بن زيد) أى ابن عبد ربه راوى الأذان.
(أريده) أى أريد الأذان.
(قال) أى النبى صلى الله عليه وسلم.
[البحث]
أما حديث زياد بن الحارث العصدائى فقد ضعفه الترمذى إذ قال: إنما يعرف من حديث عبد الرحمن بن زباد بن أنعم الافريقى، وقال أحمد: لا أكتب حديثه، وقد ضعفه يحيى بن سعيد القطان وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم، وأما حديث عبد اللَّه بن زيد ابن عبد ربه هذا ففى إسناده محمد بن عمر الواقفى الأنصارى وهو ضعيف ضعفه القطان وابن نمير ويحيى بن معين، وقال الحافظ المنذرى: إنه ذكر البيهقى أن فى إسناده ومتنه اختلافًا، وقال أبو بكر الحازمى: فى إسناده مقال
17 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (المؤذن أملك بالأذان، والامام أملك بالاقامة) رواه ابن على وضعفه، وللبيهقى نحوه عن على رضى اللَّه عنه من قوله.
[المفردات]
(أملك بالأذان) أى وقته موكول إليه لأنه أمين عليه.
(أملك بالاقامة) أى لا تقام الصلاة إلا بإشارته وإذنه.
(ابن على) هو الحافظ أبو أحمد عبد اللَّه بن على الجرجاني ويعرف أيضًا بابن القصار، كان أحد الأعلام، ولد سنة تسع وسبعين ومائتين وتوفى فى جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلاث مائة.
(نحوه) أى نحو حديث أبى هريرة.
(من قوله) أى من قول على رضى اللَّه تعالى عنه.
[البحث]
إنما ضعف ابن عدى حديث أبى هريرة هذا لأنه أخرجه فى ترجمة شريك القاضى وتفرد به شريك، وقال البيهقى: ليس بمحفوظ ورواه أبو الشيخ وفيه ضعف.
18 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يرد الدعاء بين الأذان والاقامة) رواه النسائى وصححه ابن خزيمة.
[المفردات]
(لا يرد الدعاء) أى بل يستجاب ويقبل.
[البحث]
هذا الحديث رواه أيضًا أحمد وأبو داؤد وابن حبان وحسنه الترمذى، وهذا الحديث يدل على قبول مطلق الدعاء بين الأذان والاقامة، وهو مقيد بما لم يكن فيه اثم أو قطيعة رحم كما فى الأحاديث الصحيحة.
19 -
وعن جابر -رضى اللَّه عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودا الذى وعدته، حلت له شفاعتى يوم القيامة) أخرجه الأربعة.
[المفردات]
(النداء) الأذان. (الدعوة التامة) هى دعوة التوحيد.
(الوسيلة) منزلة فى الجنة. (الفضيلة) المرتبة الزائدة على سائر الخلق (المقام المحمود) هو شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم العظمى يوم القيامة.
(حلت له شفاعتى) أى استحقت ووجبت.
البحث
هذا الحديث رواه أيضًا البخارى وأحمد، وقد روى مسلم عن سعد بن أبى وقاص عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال حين يسمع
المؤذن: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت باللَّه ربًّا وبمحمد رسولا وبالاسلام دينا غفر له ذنبه) وروى مسلم أيضًا عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علىّ -فإنه من صلى علىّ صلاة صلى اللَّه عليه بها عشرًا- ثم سلوا اللَّه لى الوسيلة فإنها منزله فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد اللَّه وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لى الوسيلة حلت له الشفاعة).
[ما يفيده الحديث]
1 -
عظم أجر من يقول هذه الكلمات عقب سماع الأذان.
2 -
ثبوت شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم لمن قال هذه الكلمات مؤمنًا ومات لا يشرك باللَّه شيئًا.