الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب آداب قضاء الحاجة
1 -
عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه قال: (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه) أخرجه الأربعة وهو معلول.
[المفردات]
(الخلاء) المكان الخالى المقصود لقضاء الحوائج كالكنيف.
(وضع خاتمه) أى خلعه ولم يدخل به.
[البحث]
إنما أعل الحافظ هذا الحديث لأنه من رواية همام عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس ورواته ثقات لكن ابن جريج لم يسمعه من الزهرى بل سمعه من زياد بن سعد عن الزهرى بلفظ (أن النبى صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه) والذى وهم فى هذا الحديث هو همام وإن كان ثقة كما قال ابن معين وقد ذكر أبو داؤد أن هذا الحديث منكر وأن الوهم فيه من همام، وقال النسائى: هذا حديث غير محفوظ، وذكر الدارقطنى الاختلاف فيه، وأشار إلى شذوذه.
2 -
وعنه رضى اللَّه عنه قال: (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث) أخرجه السبعة.
[المفردات]
(وعنه) أى وعن أنس.
(دخل الخلاء) أى أراد دخول الخلاء.
(الخبث) جمع خبيث والمراد: ذكور الشياطين.
(والخبائث) جمع خبيثة والمراد: إناث الشياطين.
[البحث]
روى العمرى هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ الأمر قال: (إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم اللَّه أعوذ باللَّه من الخبث والخبائث) وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية قال المصنف فى الفتح: ولم أرها -يعنى زيادة التسمية- فى غيره، وروى البخارى فى الأدب المفرد من حديث أنس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء) الحديث. فبين أن المراد من رواية (إذا دخل الخلاء) أنه أراد الدخول لا دخل بالفعل، لأنه بعد الدخول لا يقول ذلك.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه ينبغى لمن أراد دخول الخلاء أن يقول هذا الذكر.
2 -
وأنه يشرع الجهر به، إذ كان يسمعه أنس رضى اللَّه عنه.
3 -
وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوى إداوة من ماء وعنزة فيستنجى بالماء.
[المفردات]
(غلام) هو الصغير الذى لم تنبت لحيته.
(نحوى) أى شبيه بى فى السن أو فى الخدمة، وهذا الغلام قيل: جابر بن عبد اللَّه وقيل: هو أبو هريرة، وقيل غير ذلك.
(إداوة) إناء صغير من جلد يتخذ للماء.
(عنزة) هى عصا دون الرمح فى الطول وفيها سنان مثل سنان الرمح.
[البحث]
ذكر الأصيلى أن قوله: (فيستنجى بالماء) زيادة قالها أبو الوليد أحد الرواة عن شعبة وليست من قول أنس، قال الأصيلى: وقد رواه سليمان بن حرب عن شعبة فلم يذكرها، وقد رد الحافظ قول الأصيلى بأنها قد ثبتت للاسماعيلى من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة بلفظ: فانطلقت أنا وغلام من الأنصار معنا إداة فيها ماء يستنجى منها النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما كانت تحمل العنزة له صلى الله عليه وسلم ليستتر بها إذ يضع عليها ثوبًا حيث كانوا يقصدون إلى الفضاء لقضاء الحاجة، وهذا قبل أن تتخذ الكنف قريبًا من ديارهم، وقد أخرج أبو داؤد من حديث أبى هريرة قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيت بماء فى تور أو ركوة فاستنجى منه ثم مسح يده على الأرض.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن الاستنجاء بالماء مشروع.
2 -
وأنه لا مانع من استخدام الصغير فى حمل ماء الاستنجاء.
4 -
وعن المغيرة بن شعبة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (خذ الإداوة، فانطلق حتى توارى عنى فقضى حاجته) متفق عليه.
[المفردات]
(فانطلق) أى النبى صلى الله عليه وسلم.
(توارى) أى استتر.
[البحث]
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا ذهب لقضاء حاجته أبعد حتى لا يراه
حد وقد روى ابن ماجه عن جابر قال: خرجنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فكان لا يأتى البراز حتى يغيب فلا يرى، ولأبى داؤد: كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية الاستنجاء بالماء كما تقدم.
2 -
أنه ينبغى التوارى عند قضاء الحاجة.
5 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللاعنين، الذى يتخلى فى طريق الناس، أو فى ظلهم) رواه مسلم.
[المفردات]
(اللاعنان) قال الخطابى: يريد باللاعنين: الأمرين الجالبين للعن الجاملين للناس عليه، والداعين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم.
(يتخلى) أى يتغوط فى طريق الناس.
(فى ظلهم) المراد بالظل هنا مستظل الناس الذى اتخذوه مقيلا ومناخا ينزلونه ويقعدون فيه.
[البحث]
روى مسلم هذا الحديث بلفظ: (اتقوا اللاعنين) قالوا: وما اللاعنان يا رسول اللَّه؟ قال: (الذى يتخلى فى طريق الناس أو فى ظلهم) وقد لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يتغوط فى طريق من طرق المسلمين فقد أخرج الطبرانى فى الكبير بإسناد حسنه المنذرى عن حذيفة بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من آذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم).
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه يحرم التغوط فى طريق الناس.
2 -
وكذلك فى ظلهم الذى يستظلون به.
3 -
وأن من لعن من تغوط فى الطريق لا إثم عليه.
6 -
وزاد أبو داؤد عن معاذ رضى اللَّه عنه: (والموارد) ولفظه: (اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز فى الموارد، وقارعة الطريق، والظل) ولأحمد عن ابن عباس: (أو نقع ماء) وفيهما ضعف.
[المفردات]
(الموارد) جمع مورد وهو الموضع الذى يأتيه الناس من رأس عين أو نهر للشرب أو الوضوء.
(البراز) هو المتسع من الأرض يكنى به عن الغائط.
(قارعة الطريق) يعنى أعلاه الذى يقرعه الناس بأرجلهم أى يدقونه ويمرون عليه.
(نقع الماء) أى الماء المجتمع.
(وفيهما) أى فى حديث أبى داؤد وأحمد.
[البحث]
إنما ضعف حديث أبى داؤد لأنه من رواية أبى سعيد الحميرى عن معاذ بن جبل ولا يعرف بغير هذا الاسناد وقد قال ابن القطان: أبو سعيد لم يسمع من معاذ. فيكون الحديث منقطعًا، وقال أبو داؤد بعد أن خرجه: وهو مرسل، وأما سبب تضعيف حديث أحمد فلأن فيه ابن لهيعة، والراوى عن ابن عباس مبهم، وعلى هذا فلا يفيد ما زاده أبو داؤد عن معاذ ولا أحمد عن ابن عباس شيئًا من الأحكام.
7 -
وأخرج الطبرانى النهى عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجارى من حديث ابن عمر بسند ضعيف.
[المفردات]
(الطبرانى) هو الامام أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانى ولد سنة ستين ومائتين، وسمع سنة ثلاث وسبعين ومائتين أى وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
(ضفة النهر) جانب النهر.
[البحث]
إنما ضعف المصنف هذا الحديث لأن فى رواته متروكًا، وهو فرات بن السائب كما ذكره المصنف فى التلخيص، وإذا ثبت هذا التضعيف لهذه الرواية فإنها لا تصلح للاستدلال.
8 -
وعن جابر رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثا فإن اللَّه يمقت على ذلك) رواه أحمد وصححه ابن السكن، وابن القطان، وهو معلول.
[المفردات]
(فليتوار) أى فليستتر ولا يبد عورته له.
(ولا يتحدثا) أى ولا يتكلما عند التغوط.
(يمقت) المقت أشد الغضب.
(ابن السكن) أبو على سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادى نزيل مصر ولد سنة أربع وتسعين ومائتين وتوفى سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
(ابن القطان) أبو الحسن على بن محمد بن عبد الملك الفاسى، مات فى ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وستمائة.
[البحث]
قال أبو داؤد: هذا الحديث لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلى اليمانى، وقد ضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبى كثير، ولعل سبب إعلال الحديث هو هذا، لكن قد احتج مسلم فى صحيحه بعكرمة بن عمار هذا، وأخرج مسلم أيضًا حديثه عن يحيى ابن أبى كثير واستشهد البخارى بحديثه عنه، وقد ررى أحمد وأبو داؤد وابن ماجه من حديث أبى سعيد قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتيهما يتحدثان فإن اللَّه يمقت على ذلك) وقد روى هذا الحديث ابن خزيمة أيضًا فى صحيحه إلا أنهم أخرجوه جميعًا من رواية عياض بن هلال أو هلال بن عياض وقد قال الحافظ المنذرى: لا أعرفه بجرح ولا عدالة فهو فى عداد المجهولين.
وقد أجمع أهل العلم على حرمة كشف العورة، وأما الكلام وقت التغوط فهو مكروه وإن كان بذكر اللَّه فهو حرام.
9 -
وعن أبى قتادة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس فى الإناء) متفق عليه واللفظ لمسلم.
[المفردات]
(لا يمس) المس: اللمس.
(بيمينه) بيده اليمنى.
(يتمسح) التمسح إمرار اليد لازالة الشئ السائل أو المتلطخ.
(من الخلاء) أى من البول والغائط.
(ولا يتنفس فى الإناء) أى يخرج نفسه عند شربه منه.
[البحث]
نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر باليد اليمنى حال البول ثم نهى عن التمسح أى الاستنجاء باليد اليمنى كذلك من غائط أو بول، وقد جاء النهى عن الاستنجاء باليمين فى حديث سلمان عند مسلم وسيأتى، ثم نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن التنفس فى الإناء أى عند الشرب منه.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه لا يجوز مس الذكر باليمين عند البول.
2 -
وكذلك لا يجوز الاستنجاء باليمين.
3 -
ولا يجوز التنفس فى الإناء حال الشرب.
10 -
وعن سلمان رضى اللَّه عنه قال: (لقد نهانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجى باليمين، أو أن نستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجى برجيع، أو عظم) رواه مسلم.
[المفردات]
(سلمان) هو أبو عبد اللَّه سلمان الفارسى ويقال له: سلمان الخير، مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مات سنة اثنتين وثلاثين عن مائتين وخمسين عامًا.
(أن نستقبل) أى بفروجنا حال البول والغائط.
(القبلة) الكعبة شرفها اللَّه.
(أو أن نستنجى) الاستنجاء إزالة النجو -أى ما يخرج من البطن- بالماء أو الحجارة.
(برجيع) أى روث.
[البحث]
نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بفروجنا عند الغائط والبول، وفى حديث أبى هريرة عند مسلم أيضًا مرفوعًا:(إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) وقد ورد عند أحمد وابن حبان وغيرهما من حديث جابر: رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة، أى عند قضاء الحاجة، وعند البخارى ومسلم من حديث ابن عمر (أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته مستقبلا لبيت المقدس مستدبر الكعبة) وأحاديث النهى عن استقبال القبلة أو استدبارها محمولة على قضاء الحاجة فى الفضاء، وأحاديث الاباحة قد وردت فى العمران فلا معارضة بين أحاديث النهى وأحاديث الاباحة، وقد قال ابن عمر: إنما نهى عن ذلك فى الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس به، رواه أبو داؤد وغيره، وقد سئل الشعبى عن اختلاف الحديثين -حديث ابن عمر أنه رآه يستدبر القبلة، وحديث أبى هريرة فى النهى، فقال: صدقا جميعًا، أما قول أبى هريرة فهو فى الصحراء، وقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار وهذا لمن يريد الاقتصار على الأحجار فى الاستنجاء، والسنة قد وردت بالاستنجاء بالماء كما وردت أنه صلى الله عليه وسلم اقتصر على الأحجار.
وأما النهى عن الاستنجاء بالرجيع أو العظم فلأنها من طعام الجن فقد أخرج مسلم عن ابن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال للجن
لما سألوه الزاد: (لكم كل عظم ذكر اسم اللَّه تعالى عليه أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم).
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه يحرم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة فى الفضاء.
2 -
وأنه لا يجوز الاستنجاء باليمين، وقد تقدم.
3 -
وأنه لا بد فى الاستنجاء من ثلاثة أحجار عند الاقتصار على الحجارة.
4 -
وأنه يحرم الاستنجاء بالرجيع أو العظم.
11 -
وللسبعة من حديث أبى أيوب رضى اللَّه عنه (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول، ولكن شرقوا أو غربوا).
[المفردات]
(أبو أيوب) خالد بن زيد بن كليب الأنصارى رضى اللَّه عنه، مات غازيًا سنة خمسين بالروم.
(شرقوا) أى اتجهوا إلى جهة الشرق.
(غربوا) أى اتجهوا إلى جهة الغرب.
[البحث]
هذا الحديث مرفوع ونصه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا) والأمر بالتشريق أو التغريب محمول على مكان يكون فيه التشريق والتغريب مخالفًا لاستقبال القبلة واستدبارها كالمدينة وما فى معناها من البلاد، أما البلاد التى تكون القبلة فيها إلى المشرق أو المغرب
فإنه يحرم التشريق والتغريب فيها وإنما يتجه الانسان إلى الجهة التى لا يستقبل فيها الكعبة ولا يستدبرها وهى حينئذ الشمال أو الجنوب، وقد روى فى نهاية حديث أبى أيوب هذا زيادة من كلام أبى أيوب وهى قوله: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فكنا ننحرف ونستغفر اللَّه تعالى، ولعل أبا أيوب كان يظن أن النهى عن استقبال القبلة واستدبارها عام فى البناء والفضاء، وقد علمت ما فيه.
[ما يفيده الحديث]
1 -
النهى عن استقبال القبلة أو استدبارها بالغائط والبول على ما تقدم.
2 -
جواز استقبال الشمس أو القمر عند الغائط والبول.
12 -
وعن عائشة رضى اللَّه عنها ان النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى الغائط فليستتر) رواه أبو داؤد.
[المفردات]
(أتى الغائط) أى قصد قضاء الحاجة وقعد ليقضيها.
[البحث]
هذا الحديث أخرجه أبو داؤد وأحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقى وكلهم نسبوه إلى أبى هريرة وليس لأبى داؤد عن عائشة هنا رواية، ومدار هذا الحديث على أبى سعيد الحبرانى الحمصى، وقد اختلف فى صحبته، ولا تصح له صحبة، والراوى عن أبى سعيد هذا هو صحين الحبرانى وهو مجهول.
والاستتار حال قضاء الحاجة عادة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقد أخرج أبو داؤد والنسائى والترمذى وقال: حسن صحيح، من حديث المغيرة ابن شعبة رضى اللَّه عنه بلفظ:(كان إذا ذهب المذهب أبعد) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على استحباب الاستتار عند قضاء الحاجة.
13 -
وعنها أن النبى صلى الله عليه وسلم (كان إذا خرج من الغائط قال: (غفرانك) أخرجه الخمسة وصححه أبو حاتم والحاكم.
[المفردات]
(وعنها) أى وعن عائشة رضى اللَّه عنها.
(غفرانك) أى أطب غفرانك أى مغفرتك.
[البحث]
هذا الحديث لم يخرجه النسائى، وقد رواه الدارمى وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحديث يدل على طلب المغفرة بعد قضاء الحاجة والانتقال من مكانها، وإنما تطلب المغفرة كذلك اعترافًا بالتقصير عن شكر هذه النعمة العظيمة، ولذلك قد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحمد اللَّه تعالى بعد الخروج من الغائط فقد روى ابن ماجه عن أنس رضى اللَّه عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: (الحمد للَّه الذى أذهب عنى الأذى وعافانى) وقد رواه أيضًا النسائى وابن السنى عن أبى ذر، ورمز السيوطى بصحته.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه ينبغى طلب المغفرة بعد الخروج من الغائط.
2 -
وأن خروج الغائط من الانسان نعمة من أعظم النعم التى ينبغى الشكر عليها.
14 -
وعن ابن مسعود رضى اللَّه عنه قال: أتى النبى صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرنى أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين ولم أجد ثالثًا، فأتيته بروثة، فأخذهما وألقى الروثة وقال:(إنها ركس) أخرجه البخارى، وزاد أحمد والدارقطنى (ائتنى بغيرها).
[المفردات]
(ابن مسعود) هو أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود -ويقال له: ابن أم عبد- الهذلى. توفى بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين عن نحو من ستين سنة.
(بروثة) عند ابن خزيمة أنها كانت روثة حمار.
(فأخذهما) أى أخذ الحجرين.
(ركس) أى رجس.
[البحث]
رواية أحمد والدارقطنى التى فيها طلب الاتيان بغير الروثة ثابتة فقد وثق الحافظ فى الفتح رجالها، وقد سبق حديث سلمان وفيه النهى عن الاستنجاء بأقل من ثلاتة أحجار، والنهى عن الاستنجاء بالرجيع، وقد روى أحمد والنسائى والدارقطنى -وقال: إسناده حسن صحيح- عن عائشة بلفظ: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه) والاستطابة هى الاستنجاء، وقد سبق أن بينا أن طلب الثلاثة الأحجار تكون عند الاقتصار على الحجارة، ولا يدل هذا الحديث على عدم كراهية الكلام على الغائط فإنه طلبها من ابن مسعود قبل الذهاب إلى الغائط، ومعنى أتى الغائط: قصد أو أراد.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه لا بد فى الاستنجاء بالحجر من ثلاثة أحجار.
2 -
لا يجوز الاقتصار على ما دون الثلاثة الأحجار.
3 -
أنه يحرم الاستنجاء بالروثة.
15 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بعظم أو روث وقال: إنهما لا يطهران) رواه الدارقطنى وصححه.
[المفردات]
(لا يطهران) أى لا يزيلان النجاسة ولا يجزئان فى الاستنجاء.
[البحث]
روى مسلم وأحمد وأبو داؤد عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتمسح بعظم أو بعرة) وقد أخرج حديث أبى هريرة ابن خزيمة باللفظ الذى هنا، ورواه البخارى بلفظ:(ولا تأتنى بعظم ولا روث) وزاد فى رواية أخرى: (إنهما من طعام الجن) وهو عند مسلم من حديث ابن مسعود وعند أبى داؤد والدارقطنى والنسائى والحاكم من حديثه أيضًا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
وجوب اجتناب العظم والروث فى الاستنجاء.
2 -
عدم الاجتزاء بهما فى الاستنجاء.
16 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه) رواه الدارقطنى، وللحاكم (أكثر عذاب القبر من البول) وهو صحيح الاسناد.
[المفردات]
(استنزهوا) من التنزه وهو البعد بمعنى تنزهوا أو بمعنى اطلبوا النزاهة.
(عامة عذاب القبر) عامة الشئ معظمه والمراد أنه أكثر أسباب عذاب القبر.
(عذاب القبر) أى من يعدب فيه.
(منه) أى من البول.
(وللحاكم) أى من حديث أبى هريرة.
[البحث]
حديث أبى هريرة عند الحاكم رواه أيضًا أحمد وابن ماجه وقد قال المصنف فى التلخيص: وللحاكم وأحمد وابن ماجه (أكثر عذاب القبر من البول) وأعله أبو حاتم وقال: إن رفعه باطل انتهى، ولم يتعقبه بحرف، وهنا جزم بصحته فاختلف كلامه فيه كما ترى، غير أنه قد روى الجماعة عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما: أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما يعذبان وما يعذبان فى كبير، أما أحدهما كان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة) وفى رواية للبخارى والنسائى (وما يعذبان فى كبير ثم قال: بلى، كان أحدهما) إلى آخر الحديث، وفى رواية لمسلم وأبى داؤد:(يستنزه) وفى رواية لابن عساكر (يستبرئ) فعلى الرواية الأولى معنى الاستتار أن لا يجعل بينه وبين بوله سترة يعنى لا يتحفظ منه فتوافق الرواية الثانية لأنها من التنزه وهو الابعاد، وقد وقع عند أبى نعيم:(كان لا يتوقى).
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن بول الانسان نجس يجب اجتنابه، وقد انعقد على هذا الاجماع.
17 -
وعن سراقة بن مالك رضى اللَّه عنه قال: (علمنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى الخلاء أن نقعد على اليسرى وننصب اليمنى) رواه البيهقى بسند ضعيف.
[المفردات]
(سراقة بن مالك) هو سراقة بن مالك ابن جعشم، وهو الذى ساخت قوائم فرسه لما لحق برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين خرج مهاجرًا من مكة، وقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما أثر:(كأنى بك يا سراقة وقد لبست سوارى كسرى) توفى سراقة سنة أربع وعشرين فى صدر خلافة عثمان.
(فى الخلاء) أى عند قضاء الحاجة.
[البحث]
هذا الحديث رواه الطبرانى أيضًا وقد قال الحازمى: فى سند هذا الحديث من لا نعرفه ولا نعلم فى الباب غيره.
18 -
وعن عيسى بن يزداد عن أبيه رضى اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات) رواه ابن ماجه بسند ضعيف.
[البحث]
هذا الحديث رواه أحمد فى مسنده والبيهقى وابن قانع وأبو نعيم فى المعرفة وأبو داؤد فى المراسيل والعقيلى فى الضعفاء كلهم من رواية عيسى المذكور، قال ابن معين: لا يعرف عيسى ولا أبوه، وقال العقيلى: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقال النووى فى
شرح المهذب: اتفقوا على أنه ضعيف إلا أن معناه فى الصحيحين فى رواية صاحبى القبرين على رواية ابن عساكر (لا يستبرئ من بوله) أى لا يستفرغ البول جهده بعد فراغه منه فيخرج بعد وضوئه.
19 -
وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل أهل قباء فقال: (إن اللَّه يثنى عليكم؟ ) فقالوا: (إنا نتبع الحجارة الماء) رواه البزار بسند ضعيف، وأصله فى أبى داؤد والترمذى وصححه ابن خزيمة من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه بدون ذكر الحجارة.
[المفردات]
(قباء) موضع بقرب مدينة النبى صلى الله عليه وسلم من جهة الجنوب نحو ميلين، وهو بضم القاف.
(يثنى عليكم) أى يمدحكم.
(نتبع الحجارة الماء) أى نجمع بينهما فى الاستنجاء.
[البحث]
حديث ابن عباس قال البزار فيه: لا نعلم أحدًا رواه عن الزهرى إلا محمد بن عبد العزيز ولا عنه إلا ابنه، ومحمد ضعيف، وراوية
عنه عبد اللَّه بن شبيب ضعيف، ولفظ حديث أبى هريرة عند أبى داؤد والترمذى: عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (نزلت هذه الآية فى أهل قباء {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} قال: (كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية) قال المنذرى: زاد الترمذى: غريب، وقال النووى فى شرح المهذب: المعروف فى طرق الحديث أنهم كانوا يستنجون بالماء وليس فيه أنهم كانوا يجمعون بين الماء والأحجار وتبعه ابن الرفعة فقال: لا يوجد هذا فى كتب الحديث، وكذا قال المحب الطبرى نحوه.