الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سترة المصلى
1 -
عن أبى جهيم بن الحارث رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه من الأثم لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه) متفق عليه، اللفظ للبخارى، ووقع فى البزار من وحه آخر (أربعين خريفًا).
[المفردات]
(أبو جهيم) هو عبد اللَّه بن الحارث بن الصمة الأنصارى النجارى.
(المار) أى الذى يمر.
(بين يدى المصلى) أى أمامه بينته وبين سترته.
(أربعين) أى خريفًا كما بينته رواية البزار.
(من وجه آخر) أى من طريق رجالها غير رجال المتفق عليه.
(أربعين خريفا) أى أربعين عامًا.
[البحث]
لفظ (من الاثم) فى هذا الحديث غير ثابت فى الصحيحين فهو إدراج وكان عليه أن يقول: يعنى من الاثم، ولم يذكر المصنف ما يميز الأربعين إلا أن البخارى ومسلما بعد أن رويا هذا الحديث قال: قال أبو النضر: لا أدرى أقال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة، ورواية البزار عن أبى جهيم أفادت أن المميز سنة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
الإثم الشديد على من مر بأن المصلى وسترته.
2 -
وعن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك عن سترة المصلى فقال: (مثل مؤخرة الرحل) أخرجه مسلم.
[البحث]
(مؤخرة الرحل) هى الخشبة تكون فى مؤخر الرحل يستند إليها الراكب وهى قدر ثلتى ذراع، والرحل: أصغر من القتب وهو الأكاف.
[البحث]
بين هذا الحديث أن السترة تكون مثل مؤخرة الرحل، وليس هذا تحديدًا للقدر الذى لا تكون السترة إلا به إذ قد ورد فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم استتر براحلته واستتر بالعنزة، وسيأتى الاستتار ولو بسهم.
[ما يفيده الحديث]
1 -
مشروعية اتخاذ السترة.
2 -
أنه يجوز الاكتفاء بمثل مؤخرة الرحل.
3
- وعن سبرة بن معبد الجهنى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ليستتر أحدكم فى صلاته ولو بسهم) أخرجه الحاكم.
[المفردات]
(سبرة بن معبد الجهنى) هو أبو ثرية سبرة بن معبد الجهنى، سكن المدينة، ويعد فى البصريين.
(ليستتر) ليتخذ سترة.
[البحث]
فى هذا الحديث أمر باتخاذ السترة، ولا خلاف بين أهل العلم فى مشروعية اتخاذ السترة إذا كان فى موضع لا يأمن المرور بين يديه.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن السترة ليست قاصرة على مثل مؤخرة الرحل.
4 -
وعن أبى ذر الغفارى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة المرء المسلم -إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل- المرأة والحمار والكلب الأسود) الحديث وفيه (الكلب الأسود شيطان) أخرجه مسلم، وله عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه نحوه دون الكلب، ولأبى داؤد والنسائى عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما نحوه دون آخره وقيد المرأة بالحائض.
[المفردات]
(يقطع صلاة المرء) أى يضرها كما صرحت به الأحاديث الصحيحة.
(المرأة) أى مرور المرأة.
(الحديث) أى أتم الحديث.
(وله عن أبى هريرة) أى ولمسلم عن أبى هريرة.
(نحوه) أى نحو حديث أبى ذر.
(الحائض) أى البالغة.
[البحث]
لفظ حديث أبى ذر عند مسلم: عن عبادة بن الصامت عن أبى ذر قال: قال رسؤل اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلى فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة
الرحل فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، قلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخى سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فقال: (الكلب الأسود شيطان) وعلى هذا يكون المصنف قد تصرف فى هذا الحديث ولم يسق لفظ مسلم، وأما حديث أبى هريرة عند مسلم فلفظه: قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقى ذلك مثل مؤخرة الرحل) وعلى هذا أيضا يكون قول المصنف (دون الكلب) فيه نظر كما رأيت فى لفظ مسلم عن أبى هريرة، وأما حديث ابن عباس الذى قيد فيه المرأة بالحائض فلفظه عند أبى داؤد حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس، رفعه شعبة: قال: يقطع الصلاة المرأة الحائض والكب) قال أبو داؤد: وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس، هذا وقد ثبت فى الصحيح ما يفيد أن السترة تكون بين يدى المصلى بينها وبين مصلاه قدر ممر الشاة وقد أفادت هذه الأحاديث أن مرور المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود بين المصلى وسترته يضر صلاته، ولا معارضة بين هذه الأحاديث الصحيحة وبين حديث ابن عباس الثابت فى الصحيحين الذى يقول فيه: أقبلت راكبًا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بمنى فمررت بين يدى بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت فى الصف فلم ينكر ذلك على أحد) إذ أن حديث ابن عباس محمول على أن الحمار قد مر بين يدى السترة لا بين المصلى وسترته، وليس فى حديث ابن عباس ما يقطع بأن الحمار بين المصلى وسترته حتى يحصل التعارض وقد ثبت فى الصحيحين عن أبى جحيفة قال: (خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-
بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ فصلى بنا الظهر والعصر وبين يديه العنزة وكان يمر من ورائها المرأة والحمار) فحديث ابن عباس محمول على هذا، وكذلك لا معارضة بين هذه الأحاديث وبين ما روى عن عائشة رضى اللَّه عنها أنها كانت تضطجع على السرير فيجئ النبى صلى الله عليه وسلم فيصلى إلى السرير؛ إذ ليس فى حديث عائشة ما يفيد أنها مرت بين يديه وهو يصلى، ونومها فى قبلته لا يقطع صلاته لأنها كانت فى الظلام كما صرحت بذلك فى الصحيحين إذ قالت بعد أن ساقت الحديث، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح، ولا معارضة أيضًا بين هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة وبين ما رواه أبو داؤد عن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه من قوله:(لا يقطع الصلاة شئ) إذ أن هذا الحديث فى سنده ضعف كما سيأتى فلا تثبت به المعارضة، هذا والكلب الأسود قد يتمثل فيه الشيطان، والمرأة يجعلها الشيطان من حبائله، واللَّه أعلم.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن مرور المرأة والحمار والكلب الأسود بين المصلى وسترته يضر الصلاة.
2 -
أن مرور هذه الثلاثة بين يدى السترة إلى جهة القبلة لا يضر الصلاة.
5 -
وعن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) متفق عليه وفى رواية: (فإن معه القرين).
[المفردات]
(يجتاز بين يديه) أى يمر أمامه.
(فليدفعه) أى ليدرأه وليرده بلطف.
(أبى) أى امتنع عن الاندفاع.
(فليقاتله) أى ليرده بعنف.
(هو شيطان) أى قرين للشيطان مطواع له.
(معه القرين) القرين: الشيطان المرافق للانسان.
[البحث]
عبارة (فإن معه القرين) ليست فى البخارى وإنما انفرد بها مسلم من رواية صدقة بن يسار عن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما، ووهم الصنعانى فى سبل السلام فذكر أنها من رواية مسلم عن أبى هريرة، وليس كذلك بل هى من رواية عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما، وهذا الحديث يفيد أن المرور بين يدى المصلى ممنوع منه الرجال كذلك وهو محمول على المرور بين يدى المصلى وبين سترته كما تقدم، وقد جاء فى رواية للبخارى ومسلم عن أبى سعيد: أن الشاب نظر فلم يجد مساغًا أى طريقًا يمر منه بعيدًا عن مصلى أبى سعيد، وهو يفيد منع المرور مطلقًا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أنه ينبغى للمصلى ألا يمكن أحدًا من المرور بين يديه.
2 -
أن يدفعه أولا باللين واللطف فإن لم يندفع رده بالشدة والعنف.
3 -
أن هذا العمل من المصلى لا يضر صلاته.
6 -
وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليخط خطًا، ثم لا يضره من بين يديه) أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حسن.
[المفردات]
(تلقاء وجهه) أى حذاءه.
(من زعم) أى الذى زعم، والمراد به ابن الصلاح.
[البحث]
هذا الحديث صححه أيضًا أحمد وابن المدينى، وضعفه سفيان ابن عيينة وإسماعيل بن أمية وأشار الشافعى إلى ضعفه.
7 -
وعن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يقطع الصلاة شئ، وادرءوا ما استطعتم) أخرجه أبو داؤد وفى سنده ضعف.
[المفردات]
(ادرءوا) أى ادفعوا المار بين يديكم.
[البحث]
هذا الحديث فى إسناده أبو سعيد مجالد بن عمير الهمدانى الكوفى وقد تكلم فيه فى واحد، وقد أخرج نحوه الدارقطنى من حديث أنس وأبى أمامة، والطبرانى من حديث جابر وفى إسنادهما ضعف، وهذا الحديث معارض بحديث أبى ذر المتقدم عند مسلم الذى يفيد
أن مرور المرأة والحمار والكلب الأسود بين المصلى وسترته يقطع الصلاة، وحديث أبى سعيد الخدرى هذا لا يقوى على معارضة حديث أبى ذر رضى اللَّه عنه، فلا يثبت بحديث أبى سعيد شئ من الأحكام.